بعد تاريخ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، تحوّلت غزة إلى مسرح صغير لجمهور واسع على مدى الكرة الأرضية، في مشهدية من البطش المتواصل الموجه ضد شعب عاش مرارة النزوح والمجازر مراراً وذاق مُرّها تكرارّاً.
بعد تاريخ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، تحوّلت غزة إلى مسرح صغير لجمهور واسع على مدى الكرة الأرضية، في مشهدية من البطش المتواصل الموجه ضد شعب عاش مرارة النزوح والمجازر مراراً وذاق مُرّها تكرارّاً.
غداة "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، تبيَّن لنا أن كمائن إشغال الجيل الجديد وصولاً إلى رميه في الزنازين الإفتراضية، لم تحجب حقيقة مشاعر هؤلاء الناس، بل بالعكس، شكّلت محاولات طمس جريمة الإبادة المتمادية على أرض غزة، حافزاً لكسر محاولات التزوير المنظمة لوعي الشعوب عبر شيطنة المقاومة الفلسطينية من جهة وإبراز صورة "إسرائيل" الحضارية من جهة ثانية!
منذ العام 48، تاريخ النكبة الفلسطينية، تُنتهك حقوق شعب عربي بفعل احتلال أرضه وتهجيره وصولًا إلى محاولة إبادته كما يجري منذ أكثر من شهرين على أرض غزة، في مشهد تاريخي، لم نشهد مثيلًا له في عالمنا العربي.
برغم ثمانية عقود من احتلال فلسطين، بينها سبعة عشر عامًا من حصار غزة والتي تخللتها سلسلة حروب متواصلة ضد القطاع، إلا أن ما تشهده غزة في هذه الأيام لا يُمكن للعقل البشري تحمّله لجهة حجم الدمار وعدد الشهداء واستباحة المدارس والمستشفيات وأماكن العبادة والتجمعات التي يفترض أن تكون آمنة.
لا تُظهر محاولة التحرش التي حصلت منذ أيام في منطقة البيال في بيروت بعداً يقتصر على الاعتداء الجسدي على الضحية، بل يثير سيرورة متكاملة قديمة العهد في محاولة الاعتداء على أجساد الضحايا، ولكن ما يثير القلق اليوم هو انتقال معظم حالات التحرش من "حلبة الواقع" إلى "حلبة الافتراضي" وهذا ما يظهر بشكل ملموس في ممارستي العيادية.
دخول عالم المرأة وفك طلاسم هذا اللغز، كما إدراك كلياته أمر صعب، إذ أنه من غير اليسير إيجاد تصورٍ دقيقٍ لخصائص المرأة وما تختلجه في نفسها، كما من الصعب التعرف على تلك الإنسانة بكل نشاطها الدؤوب وسعيها نحو التقدم والتحكم بالمحيط المتأرجح من حولها.
تماشيًا مع أُسطورة قتل "الأب الرمزي"، التي قالها عالم النفس "سيغموند فرويد" في كتابه "الطوطم والمحرَّم"، تلك الأسطورة الافتراضيّة في أساس ونشأة المجتمع البشري، والتي لم تزل البشرية تحمل مأساة تلك الأسطورة المغروسة بشكلها الخفيّ، وقد توارثتها الأجيال على المستوى النفسي - الجمعي - اللاواعي.
احتضن الشعب اللبناني القضيّة الفلسطينية بكل ما حملتّه من مظلومية، ومن معانٍ أخرى. لم يكن ذلك التبني بدوافع سياسيّة أو إيديولوجية فقط. ثمة خفايا لهذه العلاقة قد يراها الإختصاصي النفسي بمنظار آخر، فيقارب فيها التحليل النفسي ـ السياسي.