جائزة اللوتو الكبرى.. مدفونة في قلب أفغانستان

في بداية هذه المقالة، لا بدّ من لفت نظر القارئ(ة) العزيز(ة) أنّ التريليون يساوي ألف مليار. إقتضى الشرح والمتابعة.

أفغانستان، تلك الدولة الآسيوية التي لا تنفك تخبو وتظهر كلّ فترة من الزمن، عمرها من عمر الحضارة الانسانية مرّت فيها يومًا ما طريق الحرير الأولى ودون شك أنّها على خريطة الحزام الصيني الجديد.

أفغانستان لم تكن يومًا مستقرًا لأيّ غازٍ لأرضها بسبب طبيعة شعبها الرافض لكلّ إملاءٍ ومحتل وكذا طبيعة أرضها الصحراوية في مكان والجبلية شديدة الوعورة في أماكن أخرى، ومن طبيعة هذه الأرض سننطلق في بحثنا.

جغرافيًا، أفغانستان في قلب آسيا، تحدّها ست دول: إيران، تركمانستان، أوزبكستان، طاجكستان، الصين، وباكستان ولا تمتلك أي شواطئ بحرية.

ولكنّ الأرض الأفغانية لم تكن يومًا مشروعًا استكشافيًا طموحًا، نعم فيها بعض المناجم البدائية السّطحية ولكن لم تجرِ قبل العام 2010 أي دراسات حقيقية، حيث قامت شركات أميركية بعمليات مسح استكشافية للأراضي الأفغانية بناءً على مسودة سوفياتية مؤرّخة في ثمانينيات القرن المنصرم تتحدث عن الكنوز الأفغانية، والمفاجأة الأولى: هذه الأراضي التي ظنّ العالم أنّها فارغة من كلّ شيء إلّا الحروب، تحتوي على كميات ضخمة من المعادن المختلفة مثل: الحديد، الذهب، الفضة، البلاتين، الكروم، التيتانيوم، اليورانيوم، الألومينيوم والليثيوم، وهذا الأخير هو الأهم اليوم، حتى أنه يفوق الذهب أهميّة وسنأتي على ذكره لاحقًا.

تبلغ احتياطات أفغانستان من المعادن والنفط حوالي 30 تريليون دولار أي 30.000 مليار دولار، غير مستثمرة، وهنا يصح القول أنّها أرض عذراء وللمفارقة يمكن القول بأنّ هذه كانت من حسنات حروب العقود الأربعة المنصرمة

أمّا المفاجأة الثانية فكانت مع المسوحات الزلزالية للأراضي الأفغانية التي أثبتت وجود احتياطات نفط وغاز لا تقل قيمتها عن 220 مليار دولار، بحسب أسعار النفط في العام 2010، أي حوالي 80$/البرميل الواحد.

هذه الدولة التي يبلغ الناتج المحلي فيها 12 مليار دولار، ونصف هذا الرقم هو مساعدات من منظمات دوليّة وليس عبارة عن إنتاج حقيقي، فيها حوالي 2.2 مليار طن من الحديد الخام و60 مليون طن من النحاس الخام. إذن أفغانستان بالمقاييس الاقتصادية القديمة القائمة على المواد الأوليّة هي من الدول الغنية بل الغنية جدًا.

وقد ظهرت هذه الثروات للمرة الأولى رسميًا خلال اجتماع يتيم قام به الرئيس الأفغاني السّابق حامد كرزاي سنة 2013 مع مجموعة من شركات التعدين الهندية حيث طلب منهم الاستثمار في أفغانستان، وبحسب تصريحه في ذلك الاجتماع، تبلغ احتياطات أفغانستان من المعادن والنفط حوالي 30 تريليون دولار أي 30.000 مليار دولار، غير مستثمرة، وهنا يصح القول أنّها أرض عذراء وللمفارقة يمكن القول بأنّ هذه كانت من حسنات حروب العقود الأربعة المنصرمة، فلم يجرؤ أي رأس مال أجنبي على الاستثمار الحقيقي فيها ولم تتحوّل لأفريقيا ثانية من ناحية سرقة الثروات واستغلالها في أماكن غير أرضها الحقيقية.

أفغانستان المرتبطة بالعملاق الاقتصادي الصيني بكوريدور ضيّق نسبيًا لا يتجاوز عرضه السّبعين كيلومترًا ستكون محطّ أنظاره اليوم وسيسعى بكلّ ما أوتي من قوة لوضع اتفاقيات موضع التنفيذ تسمح له بالوصول للحديد الأفغاني كما الليثيوم، فالصين هي المستورد الأول للحديد في العالم.

أمّا الليثيوم، فيتركّز في البحيرات الجافة على شكل كلورايد الليثيوم في هيرات ونمروز غرب البلاد (على الحدود الإيرانية) والوسط الشرقي في غزني حيث تتشابه التربة والصخور فيها مع بوليفيا وتشيلي وهما من الدول المسيطرة اليوم على احتياطات الليثيوم أمّا جبال هندوكوش فتتشكل من ما نسبته 30% من الإسبودومين Spodumene وهي تركيبة معدنية تعتبر مصدرًا لليثيوم المستخرج من المناجم.

وهذا المعدن البسيط، الخفيف، الأول في جدول التركيب الدوري الكيميائي يشكل عصب الصناعات الحديثة الالكترونية اليوم، فمعظم بطاريات الهواتف، الأجهزة المحمولة، السيارات الكهربائية كما الأقمار الصناعية تحتوي على الليثيوم بسبب قدرة مركباته العالية على الاحتفاظ بالطاقة وإعادة التعبئة مئات المرّات كما أنّه خفيف جدًا مقارنة بالرصاص مثلًا، ما جعله حجز الزاوية اليوم في عالم الطاقة، وهو للتذكير المعدن الذي دفع إيلون ماسك (مالك شركة “تسلا” الأميركية المصنعة للسيارات الكهربائية) للقول بتغريدة بعد الانقلاب على الرئيس البوليفي إيفو موراليس: سننقلب على من نشاء، تعامل مع الأمر، فبوليفيا هي المنتج الرئيسي لليثيوم اليوم في العالم.

أخيرًا، هذه أفغانستان اليوم، تعوم على عشرات آلاف مليارات الدولارات غير المستثمرة في أراضيها لا يربطها حتى اللحظة مع العالم أي عقد استثماري، ماذا ستفعل وكيف ستتصرف، أسئلة متروكة للأيام الآتية على أمل أن يحمل الغد لهذه البلاد الجميلة جدًا كلّ خير وتقدّم وحريّة.

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  النظام الدولي المقبل.. هل العنف ممره الإلزامي؟
فؤاد إبراهيم بزي

كاتب متخصص في المواضيع العلمية

Download WordPress Themes Free
Download Best WordPress Themes Free Download
Free Download WordPress Themes
Download WordPress Themes
udemy course download free
إقرأ على موقع 180  اميركا بين اهتزازات الداخل ومخاطر الخارج