الإنهيارات اللبنانية ستتسارع.. بلا ضوابط داخلية أو خارجية!

ربما يظن البعض ان ما نشهده من "عقم" في توليد الحلول واستقالة من "الحس الوطني" محصور فقط بصراع الاشهر الاخيرة من نهاية عهد الرئيس اللبناني العماد ميشال عون، لكن من يضمن أن تبقى الأمور قيد السيطرة؟

لم يعد من امر غير مباح، او شيء يمكن ستره بين “الحلفاء” أو “حلفاء الحلفاء” او بين “الخصوم” و”خصوم الخصوم”. كل شيء صار على المكشوف وفوق الطاولة لا بل “يجري نشره على ما تبقى من صنوبر لم يحترق بنيران الفساد الذي دمّر كل شيء”.

يقولها ميشال عون بالفم الملآن “اريد جلسة لمجلس الوزراء الامس قبل اليوم واليوم قبل الغد وبمن حضر”، هذا الكلام المباح يظن كثيرون انه موجه فقط الى غريمه المعلن منذ لحظة انتخابه الاولى وحتى ما قبلها رئيس مجلس النواب نبيه بري. هذا الظن صحيح، ولكن العارفين ببواطن الامور يعلمون علم اليقين ان المقصود الاول والمباشر هو “الشريك في تفاهم مار مخايل أي حزب الله وعلى وجه التحديد أمينه العام السيد حسن نصرالله”، لان كرسي الرئاسة التي كان يأمل عون ان تكون “جسر عبور من مرحلة الى اخرى جديدة” تحوّلت وباعتراف “التياريين” قادة وكوادر وجمهوراً الى “قفص محكم غير قابل للفتح او الافلات منه بفعل صلاحيات معدومة وتوافقات غير ممكنة وانكفاء للشريك (اي حزب الله) لان اولوياته ليست لبنانية انما استراتيجية وعابرة للحدود”.

مسارات الانهيارات الداخلية وعلى كل المستويات ستتسارع، بينما سيبقى العالم ينصح ويحذر ويؤشر الى حيث يجب ان يبدأ الحل، من دون ان يحرّك ساكناً لاستنقاذ جزئي للوضع المتهالك

من حيث لا يتوقع وجد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي نفسه يقف في المنتصف، “صحيح هو ينتهج الوسطية سلوكاً ومنطقاً وممارسة، لكن موقع المنتصف في وضعه الراهن يضعه بين مفترقات ثلاثة، اما ان ينحاز الى اصرار عون على الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء لان تكريس مراسيم الموافقات الاستثنائية في ظل حكومة دستورية وقانونية قائمة امر لا يركب “على قوس دستور”، وحينها تفتح الابواب على كل الاحتمالات، واما يبقي على محاولاته التي لن تصل الى أي نتيجة اذا لم يسبقها تطيير المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، وفي ذلك خطورة مماثلة لان التطورات المرتبطة بالانهيار المعيشي والاقتصادي والمالي والنقدي دراماتيكية، واما ان يبقي خطوط اصدقاء الخارج وتحديدا فرنسا والفاتيكان مفتوحة للتدخل الا ان هذه الخطوط طوّقت ببيانات مشتركة صوّبت على صاعق التفجير اللبناني، بدأت في الرياض خلال قمة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان وجالت مع الاخير على كل عواصم دول الخليج، وهي بيانات تعتبر مفتاح الحل بحسم حصرية السلاح في لبنان بيد الدولة واستكمال تنفيذ القرار الدولي الرقم 1559 والتعامل مع حزب الله بوصفه “منظمة ارهابية”، وهذا بحد ذاته إشعال للنار وأمرٌ لا يحتمله احد في الداخل اللبناني”.

هذه التعقيدات المتعاظمة تؤشر الى حقيقة مرّة يحاذر اي من الفرقاء في السلطة النطق بها وهي “ان القوى الاساسية في الحكومة الحالية وخارجها لا تريد اجراء الانتخابات النيابية وتتوجس من نتائجها حتى لو لم يتغير الكثير انما من مقاطعة تفضي الى فقدان المشروعية الشعبية، والتفاوض غير المعلن هو هل يكون التمديد لسنة او سنتين؟ وهل يكون تمديدا شاملاً بدءاً بالمجلس النيابي ورئاسته حكما، وصولاً الى رئاسة الجمهورية وبينهما بالتأكيد الرئاسة الثالثة (رئاسة الحكومة) مع الحفاظ على تركيبة الحكومة الحالية ولكن بعد ادخال تعديلات عليها اذا امكن ومن باب التنويع، ام يذهب الجميع الى فراغ يعشعش في كل المواقع الدستورية من خلال تحلل كل المؤسسات بحيث يصبح الجلوس الى طاولة المؤتمر الوطني (التأسيسي) امراً محتوماً لا مفر منه من أجل التوصل إلى صيغة سياسية جديدة تؤمن استمرارية للكيان الذي عادت لتتقاذفه طروحات الفيدرالية والكونفيدرالية؟”.

“متغير وحيد قد يقلب الموازين، وهو نار عابرة للحدود وفي اكثر من اتجاه”، يقول الزائر اللبناني للعاصمة الأميركية

بين اصرار عون على عودة مجلس الوزراء للانعقاد، ورفض ثنائي “امل” و”حزب الله” تسهيل الامور قبل “تطيير” طارق البيطار وكل مفاعيل قراراته التي يرتابون منها، واصرار ميقاتي على تدوير الزوايا لمنع جعله طرفاً مع جهة ضد جهة أخرى، فان مسارات الانهيارات الداخلية وعلى كل المستويات ستتسارع، بينما سيبقى العالم ينصح ويحذر ويؤشر الى حيث يجب ان يبدأ الحل، من دون ان يحرّك ساكناً لاستنقاذ جزئي للوضع المتهالك”.

“لقد وفى اللبنانيون وكفوا بحق بلدهم. دمروا إقتصادهم ووظيفة بلدهم وعاثوا فساداً كما لم يشهد نظامهم الطائفي من قبل”، يقول مرجع لبناني، ولا ضير عند بعض دول القرار الكبرى “ان ينتهي الوضع في لبنان الى دمار شامل من دون إطلاق طلقة نار واحدة، بعد اكتشاف السلاح الامضى وهو الحصار والعقوبات وتدمير الاقتصاد والنقد الوطني”، وما يُدلّل على ذلك هو ما تُردده شخصية لبنانية زارت واشنطن مؤخراً وخلاصته، “اولوية الأولويات هي الصين والضغط المباشر على روسيا عبر الجبهة الاوكرانية لتقديم تنازلات في ملفات استراتيجية، اما لبنان فليس في خارطة الاهتمام الأميركي، من الآن والى ما بعد التسويات على مستوى الاقليم. بالامكان ان تنتظروا على البارد او على الحامي، وفي كلا الحالين مشهدية الانهيار اللبناني الشامل لن تتبدل او تتوقف”.

إقرأ على موقع 180  استقالة لافروف تنتظر حل معضلة البديل

“متغير وحيد قد يقلب الموازين، وهو نار عابرة للحدود وفي اكثر من اتجاه”، يقول الزائر نفسه!

Print Friendly, PDF & Email
داود رمال

صحافي لبناني

Download Nulled WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
Download Best WordPress Themes Free Download
Download WordPress Themes Free
udemy course download free
إقرأ على موقع 180  15 عاماً على حرب لبنان الثانية.. لا هدف إستراتيجياً واضحاً