مفاوضات فيينا تقارب “خطة ثالثة”.. بـ 12 نقطة خلافية!

على الرغم من أن الجولة الثامنة من مفاوضات فيينا في الأسبوعين الماضيين، "كانت جادة وجيدة للغاية"، حسب الوفد الإيراني، إلا أن المفاوضات تواجه عقداً جدية يمكن حصرها بإثنتي عشرة نقطة، قد يتفرع بعضها ويصبح أكثر من نقطة واحدة.

بحسب مسؤول إيراني، فإن محادثات فيينا في جولتها الثامنة، “تتواصل بوتيرة بطيئة لكنها تمضي قدماً”، ويستدرك بالقول “التوصل إلى اتفاق جيد للجميع يحتاج إلى الإرادة والنوايا البناءة للأطراف الغربية في المحادثات”. وقد اعترف ممثلو روسيا والولايات المتحدة ببطء المحادثات، فيما قال الفرنسيون إن تباطؤ المحادثات “يمثل تهديدًا خطيرًا لمبدأ المفاوضات نفسها”.

وحسب المعلومات الأولية في طهران، فإن المفاوضات تتمحور حول نص مشترك موجود بين أيدي الإيرانيين والأميركيين وباقي أطراف المفاوضات “يحتوي على 12 سطراً بين مزدوجين (أو بين هلالين)، وكل واحد من هذه الأسطر يُجسد نقاط الخلاف الجدية بين إيران والولايات المتحدة طوال ست جولات من المحادثات سواء عندما كان الوفد الإيراني برئاسة عباس عراقتشي أو كما هو حالياً برئاسة علي باقري كني”.

ووفق المعلومات، فإن نقاط الخلاف تتمحور حول الإجراءات النووية الإيرانية؛ رفع العقوبات الأميركية؛ متابعة الإجراءات المتوافق عليها. في النقطتين الأولى والثانية، يُقدّم الإيرانيون والأميركيون إقتراحاتهم كتابة و”بين هلالين” على النص الأساسي، فيصار إلى التمحيص والتدقيق في الإقتراحات للتوصل من خلالها إلى نص صار يُشار إليه في الإعلام الإيراني بإسم “الخطة الثالثة”، فكلما قلّ عدد الأسطر “بين مزدوجين”، إرتفعت فرص التوصل إلى نص نهائي مقبول من الجميع.

وثمة تقديرات أن المفاوضات مرشحة للإستمرار لمدة أربعة أسابيع على الأقل، أي حتى منتصف شباط/فبراير المقبل، علماً أن الولايات المتحدة تمارس ضغوطا نفسية على الإيرانيين والوفود الغربية من أجل تقريب الموعد الأخير لنهاية التفاوض!

ما هي أبرز النقاط الخلافية؟

أولًا؛ إحدى أكثر النقاط جدلاً تلك المتصلة بالجيل الجديد من أجهزة الطرد المركزي. فبموجب الاتفاق النووي للعام 2015 سُمح لإيران بالإحتفاظ بـ 10 أجهزة طرد مركزية من الجيل IR6 بدون حقن غاز للتخصيب لغرض البحث العلمي فقط، لكن إيران الآن تستخدم عددًا كبيرًا منها لتخصيب اليورانيوم لأغراض 20٪ أو أكثر، رداً على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق.

وفي الوقت نفسه، تحث الولايات المتحدة طهران ليس فقط على فصل أجهزة الطرد المركزي الـ IR6 من شلالات اجهزة الطرد المركزي بل على إزالتها تمامًا.

في المقابل، وافقت ايران على الإكتفاء بالحفاظ على عشرة من أجهزة الطرد المركزي هذه على أن تحتفظ بباقي الأجهزة في مستودع تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حين تقول أمريكا إن احتفاظ ايران بهذا الجيل من أجهزة الطرد المركزي سوف يمكنها من الإلتفاف على تعهداتها النووية وانتاج اول قنبلة نووية بسرعة فائقة في حال أرادت ذلك، وهذا الأمر من وجهة النظر الأميركية “يتناقض وجوهر الإتفاق النووي المبرم عام 2015 والذي يقوّض البرنامج النووي الايراني”.

لكن إيران تقول إن هذه الخطوة لا تتعارض مع الاتفاق النووي بل هي تصب في خانة دعم تنفيذ الاتفاق لأنه إذا انسحبت الولايات المتحدة، فإن إيران ستعيد النظر في خياراتها وإجراءاتها من جديد. وإذا وفى الجميع بالتزاماتهم، ستبقى أجهزة الطرد المركزي هذه في المخازن، وسيتحقق منها مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ثانيًا؛ يشير الوفد الايراني المفاوض إلى أن ايران وحتى قبل خروج أميركا من الإتفاق النووي لم تحصد إلا القليل من الثمار الإقتصادية التي وُعدت بها بموجب الإتفاق النووي. بعبارة أخرى، كان الإتفاق على الورق ينص على أشياء ولكن هذه الأشياء لم تتحقق على أرض الواقع لأسباب متعددة وهذا الأمر تطالب ايران بتعديله.

طلبت إيران من الولايات المتحدة تغيير القانون الخاص بقواعد المعاملات المالية الإيرانية وتمكين إيران من العمل بالدولار لكن الأميركيين رفضوا رفع هذا الحظر على أساس أنه جزء من العقوبات الأولية ولا علاقة له بعقوبات البرنامج النووي الإيراني

ثالثَا؛ ثمة عقوبات متعارف عليها باسم “يوتيرن” (U-Turn). البنوك الايرانية كانت تستخدم الدولار في مبادلاتها التجارية قبل العام 2008 وذلك عن طريق استخدام البنوك الخارجية (السويسرية على سبيل المثال) كوسيط، وهذه العملية في النظام المصرفي كانت تُعرف باسم (U-Turn) وبموجبها كان بإمكان البنوك الايرانية اجراء تعاملاتها بالدولار الأميركي من دون أن تقيم علاقة مباشرة مع النظام المصرفي في الولايات المتحدة وذلك عن طريق أحد البنوك الخارجية المراسلة الذي كان يلعب دور الوسيط.

بموجب هذا النظام، كان بإمكان ايران إجراء تبادلاتها التجارية مثل تصدير النفط الخام باستخدام الدولار وكان بإمكانها أيضاً استخدام الدولار في وارداتها. القوانين المتعلقة بالتبادلات المالية الايرانية (the Iranian Transactions Regulations) كانت تسمح لايران باستخدام عملية (U-Turn). ولكن هذه القوانين تغيرت في العاشر من تشرين الثاني/نوفمبر عام 2008 وأصدرت وزارة الخزانة الأميركية قانوناً يمنع البنوك الايرانية من استخدام هذه الخدمة أو الآلية المصرفية.

إقرأ على موقع 180  الشوط الثاني لحرب غزة يقترب.. وأيضاً وقف النار!

هذا الأمر منع ايران من الحصول على أموالها الناتجة عن بيع النفط لأن أي دولة أو مؤسسة دولية خاصة أو رسمية تريد أن تسدد لايران ثمن النفط الذي اشترته منها بالدولار وبمجرد أن ترسل طلب نقل الأموال إلى حسابات مصرفية تابعة للحكومة الايرانية تواجه بالرفض من قبل النظام المصرفي الأميركي (الرقيب) فيتم حجز الأموال العائدة لإيران.

طلبت إيران من الولايات المتحدة تغيير القانون الخاص بقواعد المعاملات المالية الإيرانية وتمكين إيران من العمل بالدولار لكن الأميركيين رفضوا رفع هذا الحظر على أساس أنه جزء من العقوبات الأولية ولا علاقة له بعقوبات البرنامج النووي الإيراني! وقد سارعت إيران للرد أن بقاء هذا القانون يمنع استفادتها من الفوائد الاقتصادية للاتفاق النووي، وبهذا القانون ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ يواجه بيع النفط الإيراني عقبات شديدة عمليًا.

رابعًا؛ قانون “كاتسا” (Countering America’s Adversaries Through Sanctions Act): تعتقد إيران أن قانون “كاتسا” يُشكل إنتهاكاً واضحًا للاتفاق النووي ولا يسمح لإيران بقطف ثمار الاتفاق النووي، وإذا تعذر إزالة “كاتسا” بالكامل، على اميركا إلغاء النصوص التي تتعارض ومضمون الاتفاق النووي، لكن الولايات المتحدة ردّت بأن “كاتسا” قانون صادر عن الكونغرس في قضايا متصلة بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب ولا يمكن للحكومة الاميريكية أن تلغي قانونًا بقرار سواء له علاقة بالعقوبات النووية أو لا علاقة له.

هل من عناصر أخرى تؤدي إلى إبطاء المفاوضات؟

أولًا؛ يستخدم الوفد الإيراني مترجمين في المفاوضات (من الفارسي إلى اللغة الإنكليزية والعكس) الأمر الذي يطيل أمد المفاوضات.

ثانيًا؛ يؤدي التفاوض غير المباشر بين إيران والولايات المتحدة إلى إطالة أمد المفاوضات. هذا الأمر جعل وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين يدعو خلال زيارته الأخيرة إلى طهران إلى تفاوض أميركي إيراني مباشر في ضوء المرحلة الحساسة والمهمة التي بلغتها محادثات فيينا. فهل آن أوان تلبية النداء العراقي؟

Print Friendly, PDF & Email
طهران ـ علي منتظري

كاتب وصحافي ايراني مقيم في طهران

Download WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
Download Nulled WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
free online course
إقرأ على موقع 180  "هآرتس" عن قمة طهران: أردوغان يُدير علاقاته بين بايدن وبوتين!