منذ عملية “طوفان الأقصى”، في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وإسرائيل تواجه العديد من الخصوم، في ما أصبح بالفعل أحد أطول الحروب التي تخوضها منذ تأسيسها: فإلى جانب حربها “الطاحنة” في غزَّة حيث تواجه مقاومة استثنائية وتتعرض لضربات موجعة، تواجه إسرائيل مقاومة متصاعدة في الضفة الغربية أيضاً، حيث تواصل فصائل المقاومة الفلسطينية تعزيز إمكانياتها وتزداد قدراتها الهجومية والقتالية.
يحدث هذا فيما التوتر والتصعيد لا يفارقان حدودها الشمالية، حيث حزب الله يفتح “جبهة إسناد” منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ويعلن أن هجماته ضد إسرائيل لن تتوقف حتى تتوقف الحرب على غزَّة. وقد انضمت جماعة أنصار الله في اليمن (الحوثيون) أيضاً لمساندة غزَّة، وأنصارها يشنون هجمات متواصلة على الشحن الدولي في البحر الأحمر وبحر العرب، وأطلقوا صواريخ وطائرات حربية مسيَّرة على مناطق إسرائيلية عدة، ووصلت إلى تل أبيب.
في الوقت نفسه، يُطلق أنصار “الحشد الشعبي” في العراق، وفي بعض الأحيان في سوريا، هجمات ضد إسرائيل بالصواريخ والمُسيَّرات الحربية. وفي سابقة جديدة في المواجهة بين البلدين، أطلقت إيران، في نيسان/أبريل الماضي، أكثر من 350 صاروخاً (“باليستي” و”كروز”) ومسيَّرات حربية على إسرائيل رداً على تعرض سفارتها في دمشق لغارة إسرائيلية (…).
حتى الآن، لا تزال المواجهات على كل هذه الجبهات السبعة محدودة. لكن أي تصعيد غير مدروس؛ إن من جانب إسرائيل أو الأطراف الأخرى؛ سيكون له عواقب عميقة على أمن إسرائيل واستراتيجيتها قبل غيرها. فهذه هي المرة الأولى؛ منذ العام 1973؛ التي تخوض فيها حرباً على جبهات متعددة وفي وقت واحد، وعلى “أرضها” (يقوم مفهوم الأمن الإسرائيلي؛ منذ تأسيس الكيان في عام 1948؛ على الحروب القصيرة التي تقوم على أراضي العدو فقط). والأهم من ذلك كله أنه لم يسبق لإسرائيل أن واجهت هجوماً كبيراً من قوة إقليمية (…).
من أجل هزيمة محور المقاومة، يحتاج الجيش الإسرائيلي لاستراتيجية جديدة ودولة موحدة، وقدرة على الصمود في حرب طويلة، وقيادة سياسية وعسكرية تكون على إستعداد لمواجهة تحديات مستقبلية صعبة وخطرة
أما الآن، ومنذ 11 شهراً، تخوض إسرائيل حرباً صعبة وغير عادية على “أراضيها”، وعلى أكثر من جبهة في وقت واحد (…). وهذا حصل ويحصل بعد سنوات طويلة من الاضطرابات السياسية الداخلية التي عرَّضت قوة الدولة للخطر. ومن أجل تحقيق “نصر” في حرب متعددة الجبهات، سيتعين على إسرائيل الجمع بين أدوات قوتها السياسية والعسكرية والاقتصادية والتكنولوجية والمعلوماتية والدبلوماسية وبين المساعدة التي تتلقاها من حلفائها، ولا سيما أميركا. تحتاج لطرق جديدة لتضمن الصمود في حرب طويلة غير مُعتادة عليها، وإلى قيادة سياسية وعسكرية تكون على إستعداد لمواجهة تحديات مستقبلية صعبة وخطرة (…).
حرب على سبع جبهات
للمرة الأولى منذ 50 عاماً، إسرائيل تُعلن الحرب بشكل رسمي. كان ذلك في اليوم التالي لـ”عملية طوفان الأقصى”. وكان واضحاً، منذ البداية، أنها ستكون حرباً مختلفة كلياً عن كل العمليات العسكرية السابقة التي نفذتها، ضد الفلسطينيين وغير الفلسطينيين، مع الأهداف الصعبة التي وضعتها: القضاء على “حماس” وإنهاء سيطرتها على القطاع، منع تكرار مثل عملية “طوفان الأقصى” وإزالة كل ما يمكن أن يُشكل تهديداً لأمن إسرائيل في المستقبل (بالإضافة إلى مطلب إطلاق سراح الأسرى).
لتحقيق مثل هذه الأهداف، يتطلب من إسرائيل تفكيك وحدات “حماس” القتالية وأجهزتها الحاكمة، وتدمير أسلحتها ومواقع إنتاجها وأنفاقها ومراكز قيادتها.. كما يتعين عليها حماية حدود غزَّة في الأمد البعيد. وهذا كله ليس بالأمر البسيط وربما لن يكون بالمستطاع. لقد كان لزاماً على إسرائيل، أولاً، أن تمنع أي قوة في “محور المقاومة”، مثل حزب الله و”الحوثيين”، من الانضمام إلى هذه الحرب، لكنها الآن عالقة في مواجهات وتحديات صعبة من سبع جبهات من مختلف أنحاء الشرق الأوسط، وفي وقت واحد (غزَّة، الضفة، لبنان، اليمن، العراق، سوريا وإيران) (…).
وبالرغم من القتل والتدمير الذي ألحقته بقطاع غزَّة وأهلها، تكبدت إسرائيل، وتتكبد كل يوم، أثماناً باهظة جراء استمرارها في الحرب: بشرية (مقتل 700 جندي وإصابة الآلاف، أغلبهم أصبحوا معوقين)، واقتصادية (خسائر بمليارات الدولارات، انهيار قطاعات بحالها، تخفيض التصنيف الائتماني، انقطاع سلسلة التوريد.. وغير ذلك) وسياسية (انقسامات واضطرابات داخلية). فبعد ما يقرب من عام من القتال، تحتاج إسرائيل إلى المزيد من الأسلحة والذخائر وقطع الغيار. وهذا يعني في الأمد القريب الاعتماد بشكل أكبر على الولايات المتحدة؛ وفي الأمدين المتوسط والبعيد، سوف يتطلب الأمر استثمارات أكبر بكثير في مجال الدفاع. والواقع أن العبء الواقع على عاتق قوات الاحتياط ثقيل بالفعل. وعلى هذه الخلفية، هناك دعوات متزايدة لتجنيد قطاعات إضافية من المجتمع الإسرائيلي في الجيش، بمن فيهم المتدينين المتشددين (الحريديم)، الذين يعارضون بشدة التجنيد وبالعادة يتم إعفاءهم. والإصرار على تجنيدهم يعني المزيد من الانقسامات في المجتمع الإسرائيلي (…).
نظرت إسرائيل ، قبيل 7 أكتوبر/تشرين الأول، إلى الجبهة البرية الأساسية على أنها جنوب لبنان، حيث يتمركز حزب الله. واعتبرت “حماس” في غزَّة حالة ثانوية. وكان الافتراض العملي للمخططين الاستراتيجيين الإسرائيليين هو أنه عندما تأتي الحرب، يمكن تأجيل التعامل مع “حماس” حتى تحقيق نصر حاسم في لبنان أولاً
الردع والانذار والنصر الحاسم
ثمة تهديد بتحول الحرب في غزَّة إلى صراع إقليمي يُعيد إسرائيل إلى ما واجهته في سنوات تأسيسها، عندما حاربت تحالفاً من جيوش نظامية تابعة لدول عربية أكبر منها حجماً (…). وبرغم التفاوت في الإمكانات البشرية والعسكرية آنذاك، كان مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي يميل إلى “التأكيد على الحروب القصيرة والحاسمة، التي تُخاض في أراضي العدو” (…)
ولتمكين هذه الاستراتيجية، بُني مفهوم الأمن الإسرائيلي على ثلاث ركائز: الردع، الإنذار المُبكر، والنصر الحاسم. ثم أضيفت إلى هذه الركائز ركيزتان إضافيتان: الحماية/الدفاع، وضرورة السعي للحصول على دعم من قوى عُظمى (…).
الردع يعني استخدام سجل إسرائيل الهائل من “الانتصارات” لردع أي طرف عن تهديد أمنها. ومكَّن الإنذار المبكر من استدعاء قوات الاحتياط بسرعة، وبالتالي السماح لمجموعة كبيرة من الجنود المواطنين في إسرائيل بمواصلة المساهمة في الاقتصاد والمجتمع حتى يتم تعبئتهم للخدمة الفعلية. وعلى المستوى العسكري، أعطى ذلك الجيش الإسرائيلي القدرة على زيادة تشكيلاته القتالية بسرعة. وكان “النصر الحاسم” يهدف إلى إزالة أي تهديد قائم وتعزيز الردع بشكل أكبر (…).
في الوقت نفسه، طوَّرت إسرائيل قدراتها العسكرية والحربية، وبنت ترسانة ضخمة من الأسلحة الباليستية وأنظمة دفاع صاروخية متعددة المستويات (القبة الحديدية، و”مقلاع داوود”، وأنظمة السهم) وأنظمة الليزر والرادارات المتطورة.. واستخدمت أنظمة الإنذار المبكر في كثير من الأحيان.
على مستوى الاستراتيجية العسكرية، نظرت إسرائيل ، قبيل 7 أكتوبر/تشرين الأول، إلى الجبهة البرّية الأساسية على أنها جنوب لبنان، حيث يتمركز حزب الله. واعتبرت “حماس” في قطاع غزَّة حالة ثانوية، في حين كانت إيران، التي لا تشترك في حدود مع إسرائيل، مسرحاً فريداً. وكان الافتراض العملي للمخططين الاستراتيجيين الإسرائيليين هو أنه عندما تأتي الحرب، يمكن تأجيل التعامل مع “حماس” حتى تحقيق نصر حاسم في لبنان أولاً.
نهاية الحروب القصيرة
في الحرب الحالية في غزَّة، أصبح عدم كفاية الإطار الأمني القائم واضحاً. أولاً، في 7 تشرين الأول/أكتوبر، فشلت إسرائيل في تنفيذ ثلاثة من الركائز الأربع: ثَبُتَ أن ردعها غير فعَّال، وكذلك أنظمتها للإنذار المبكر، إنهار دفاعها الأرضي أمام المقاوميين الفلسطينيين، تناقضت العديد من المبادئ والافتراضات التي تقوم عليها العقيدة الأمنية والتخطيط القائم. فهذه الحرب بدأت على “أراضها”، وتسببت بتشريد مجتمعاتها الحدودية في الشمال والجنوب. وكانت الجبهة الأساسية في غزَّة، ضد “حماس”، وليس حزب الله الأكثر قوة. واختارت حرباً طويلة وليست قصيرة. واستطاعت قوى محور المقاومة، ومعهم إيران نفسها، فتح جبهات مساندة لغزَّة.
لا تزال إسرائيل بعيدة كل البعد عن تحقيق أهداف الحرب التي أعلنتها بشكل رسمي. فبرغم كل ما حققته في قتل وتدمير في غزَّة، لم تنجح في القضاء على المقاومة الفلسطينية، وخصوصاً “حماس” التي أظهرت وتُظهر بالفعل علامات على انتعاشها. فالحركة لا تزال قادرة على تجنيد أعضاء جُدد في صفوفها كل يوم، وتحافظ بعناد على قبضتها على الأرض، رغم 11 شهراً من القتال والحصار والتجويع (…).
إذا اتسع نطاق هذه الحرب، أو طال أمدها أكثر، فسوف تتعرض الافتراضات الأمنية الإسرائيلية القائمة لمزيد من التحديات. اندلاع حرب إقليمية شاملة يعني أن إسرائيل ستكون في مواجهة مباشرة مع كل قوى محور المقاومة، بمن فيهم إيران نفسها، وفي وقت واحد، إلى جانب التحديات الجمَّة التي تواجهها في غزَّة والضفة الغربية (…). وإذا ما أرادت حقاً الدخول في هكذا حرب فعليها أن تتحضر لصراع طويل وقاسٍ.
العاصفة الآتية
إن اندلاع حرب إقليمية ستكون أكثر تدميراً من أي شيء شهدناه حتى الآن. ومن المرجح أن تتصرف إيران وقوى محور المقاومة بقدر أعظم بكثير من التنسيق العملياتي. ومن المرجح أيضاً أن تهاجم قوات “المحور” القوات الأميركية في المنطقة، وكذلك في الأردن ودول الخليج (…).
وفي هذه الحرب المفترضة سيتم إستخدام أسلحة لم تُستخدم من قبل (…). وستفوق وتيرة الهجمات التي سنشهدها في أيام قليلة كل ما شاهدناه خلال الـ 11 شهراً الماضية (…). فإلى جانب آلاف الصواريخ الباليستية والصواريخ المُجنحة والمُسيَّرات الحربية التي ستطلقها إيران، فإن ترسانة حزب الله الضخمة من شأنها أن تتحدى بشكل كبير الدفاعات الجوية الإسرائيلية. بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن تشن إسرائيل هجوماً برياً على الأراضي اللبنانية، وسيحاول حزب الله القيام بعمليات عبر الحدود إلى داخل إسرائيل. ومن المتوقع أن تهاجم قوى محور المقاومة إسرائيل من لبنان وسوريا، وربما من الأردن أيضاً. كما من المرجح أن تكون الخسائر البشرية في صفوف جميع الأطراف كارثية (…).
يحتاج الجيش الإسرائيلي إلى 15 كتيبة إضافية، أي نحو عشرة آلاف جندي إضافي، للتعامل مع المهام الحالية والمعلقة
في كل هذا، سيكون الحفاظ على الموارد العسكرية والاقتصادية أمراً حيوياً. ففي ظل التهديدات المتعددة على طول الحدود، قد يضطر الجيش الإسرائيلي إلى العمل في لبنان وغزَّة والضفة الغربية، وربما سوريا. وفي الوقت نفسه عليه تأمين حدوده مع مصر والأردن. وسوف يزداد الطلب على القوى العسكرية العاملة، فيما الاستنكارات والانتقادات تتعالى داخل إسرائيل ضد الحكومة بسبب اخفاقاتها وسنوات العجزفي الميزانية العامة. وهو العجز نفسه الذي أدى أيضاً إلى تخفيض ميزانية الدفاع بشكل كبير وإغلاق ألوية الدبابات ووحدات تابعة للأسراب الجوية وغيرها. والآن يقول القادة العسكريون الإسرائيليون إن جيشهم يحتاج إلى خمس عشرة كتيبة إضافية، أو نحو عشرة آلاف جندي إضافي، ليتمكن من التعامل مع المهام الحالية والمعلقة والمرتقبة، وأهمها التصدي لهجمات متزامنة من عدَّة جبهات. ومن التحديات الصعبة أيضاً أنه اعتباراً من الآن، ستكون هناك حاجة إلى قوات برّية لتنتشر في لبنان مثل تلك المنتشرة حالياً في غزَّة، وسوف يُطلب من جنود الاحتياط، الذين يتعرضون لضغوط شديدة، أن يتحملوا المزيد من الأعباء الثقيلة (…).
رؤية ضيقة
حتى الآن، تواصل الحكومة الإسرائيلية التركيز على أهدافها في غزَّة: هزيمة “حماس” وما إلى ذلك (…). لكنها، وبرغم تصاعد الهجمات من جبهات متعددة، لم تضع بعد أي استراتيجية واضحة للتعامل مع التحديات التي يحملها سيناريو الحرب الإقليمية. لنأخذ الحدود الشمالية على سبيل المثال: برغم أن القادة الإسرائيليين تشدقوا بتأمين المنطقة وإعادة المدنيين النازحين إلى ديارهم، إلا أن الحكومة لم تتبن هذه الوعود كهدف رسمي للحرب.
وما يزيد المشكلة تعقيداً هو أن الحكومة الإسرائيلية فشلت إلى حد كبير في معالجة الأبعاد القانونية والسياسية للحرب. وكلما طالت هذه الحرب، كلما واجهت إسرائيل عزلة سياسية وتساؤلات حول شرعية عملياتها. أحد أسباب ذلك رفض الحكومة الإسرائيلية تقديم أي رؤية إيجابية لليوم التالي بعد الحرب. وفي صراع إقليمي محتمل، قد تمتد هذه المشكلة إلى ساحات أخرى وبخاصة في لبنان، حيث سيكون من الأهمية بمكان أن يكون لدى إسرائيل هدف نهائي واضح وأن تشرح كيف ستشكل العلاقات والهياكل الأمنية في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، مع أخذ التهديدات الإيرانية بالاعتبار.
الجبهة الداخلية هي الجبهة الثامنة التي يتعين على إسرائيل مواجهتها، إن هي أرادت المحافظة على أمنها القومي. وما لم تتمكن من لملمة شتات البيت المنقسم واستعادة الوحدة الداخلية، فسوف يكون من المستحيل استعادة الأمن والسلام في إسرائيل والمنطقة
من الضروري أن تعترف إسرائيل بالتحدي الاستراتيجي الذي تواجهه. فحتى لو كان صحيحاً أن “حماس” فاجأت شركاءها في المحور بتوقيت عملية “طوفان الأقصى”، فإن الحرب الحالية، والحرب الإقليمية الوشيكة، لا بد وأن يُنظر إليها في إطار المشروع الإيراني الأوسع نطاقاً والأطول أمداً والذي يتلخص في استنزاف إسرائيل وتدميرها. وقد أظهرت إيران وحلفاؤها بالفعل أن لديهم قدرات تشكل تهديداً خطيراً لإسرائيل (…).
وبما أن إيران تشكل جوهر محور المقاومة، وحزب الله يشكل التهديد العسكري الأكثر خطورة (…)، فإنه عاجلاً أم آجلاً، ستضطر إسرائيل للتعامل مع التهديد الذي يُشكّله حزب الله من خلال الدبلوماسية (…). وسيتعين عليها أيضاً أن تواصل تعطيل جهود إيران لتسليح أذرعتها بالوكالة وسعيها إلى الحصول على الأسلحة النووية. وهذا يتطلب منها تعاوناً أقوى مع شركائها، واشنطن على وجه الخصوص. ولإنهاء التهديد الذي يُشكّله “الحوثيون” للمصالح الدولية سوف يتطلب نهجاً جماعياً يُعالج المشكلة في مصدرها: من خلال معالجة سلسلة التوريد التي تنقل الدعم الإيراني وتكنولوجيا الأسلحة إلى الحوثيين وإضعاف قوة الحوثيين في اليمن من خلال تعزيز منافسيهم.
لكي تكسب إسرائيل حرباً طويلة الأمد تجري على جبهات متعددة، لا بد وأن تزيد من ميزانيات الدفاع؛ وتفتح خطوط إنتاج جديدة للذخائر؛ وتُعزّز بنيتها الأساسية الحيوية، مثل الطاقة والاتصالات؛ وتُوسّع قاعدة التجنيد لتشمل فئات المجتمع. ولكن الأمر الأكثر أهمية هو أنه يتعين عليها حل الأزمة السياسية الداخلية.. فالجبهة الداخلية هي الجبهة الثامنة التي يتعين على إسرائيل مواجهتها، إن هي أرادت المحافظة على أمنها القومي. وما لم تتمكن من لملمة شتات البيت المنقسم واستعادة الوحدة الداخلية، فسوف يكون من المستحيل استعادة الأمن والسلام في إسرائيل والمنطقة.
– ترجمة بتصرف عن مجلة “فورين أفيرز“.
(*) أسّاف أوريون، باحث أول في معهد دراسات الأمن القومي في إسرائيل؛ الرئيس السابق لـ”الاستراتيجية” في الجيش الإسرائيلي (2010 – 2015).