أيُّ حرب تنتظرُ إسرائيل وجيشها؟

يُعاني الكيان الإسرائيلي من أزمة عميقة مزدوجة تتصل بالحمل الثقيل المتفاقم على كاهل قوته العسكرية المتهالكة من جهة، وبنذائر حرب أهلية تلوح في الأفق وتتربص بمجتمع هذا الكيان من جهة أخرى، بسبب الحرب المجنونة والمكلفة التي يشنها بنيامين نتنياهو على جبهات عدَّة وفي اتجهات مختلفة. أما أعمال التنكيل التي تمارسها قوّاته الجوية، بهدف "مساندة" جيشه المُتعب، فليست أكثر من استراتيجية عمياء لن تخدمه لوقت طويل.

يعتمد نتنياهو على قوة عسكرية ليست سوى نسخة عن “جيش” كان يُلقَّب بـ “الجيش الذي لا يُقهر”، ولم يتبقّ منه اليوم إلا ما يتبقى عادة من عملة تفقد قيمتها، نظراً للخسائر التي يتكبدها في صفوفه وعتاده، والاهتزازات المتفاقمة في بُنيته.

وعلى الرغم من ذلك لا يكفّ نتنياهو عن الهروب المتواصل إلى الأمام، ولا عن التلويح بفأس الحرب، مُستأنساً بتصفيق كل من وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، رمزي اليمين المتطرّف القابضين على عنق حكومته. وفي سياق اندفاعه الأرعن لا يقيم أيّ وزن لوقوف الآخرين في الداخل والخارج جميعهم تقريباً ضده، من الرئيس الأميركي جو بايدن ومئات ألوف المتظاهرين في مختلف مدن الغرب الأميركية والأوروبية، إلى المحتجين في الداخل الاسرائيلي المطالبين بإيقاف الحرب وتمرير صفقة التبادل واستعادة أسراهم، وصولاً إلى كبار الأمنيين والعديد من الضباط والقادة العسكريين والأمنيين.

الواقع أن هذا “الجيش” لا يزال، وعلى امتداد عام كامل تقريباً، يراوح مكانه، عاجزاً عن تحقيق أي من أهدافه المعلنة، ويتمرّغ منهزماً أمام بضعة آلاف من المقاتلين في جبهة لا يزيد طولها على 14 كلم في غزّة، وقد أضاف إليها جبهة جديدة في الضفة الغربية، إلى جانب جبهة الشمال مع لبنان. والأكثر إثارة للتساؤل هو اندفاع حكومة اليمين المتطرف نحو المراهنة على هذه القوة العسكرية التي تحوّلت، بحكم مُجريات الحرب وحوّلت البلد معها، إلى “كيس ملاكمة” بحسب الإعلام العبري، ووصلت إلى “صفر ردع”، كما يقول القائد السابق للقوات البرية، اللواء في الاحتياط يفتاح رونتال.

وهذا ليس بالأمر المستغرب إذا أخذنا في الاعتبار الدور السياسي الذي يعمل نتنياهو على تسخير الجيش لتأديته. وبحسب وزير الأمن الداخلي السابق عومر بارليف فلإن “كل ما يجري منذ أشهر طويلة ليس سوى قتال لأسباب سياسية حزبية فقط. الحرب انتهت عملياً إلى المراوحة المُحرجة؛ والجميع يدرك أنه من دون توقف القتال بصورة واضحة ونهائية، لن يعود الأسرى، ولن يعود المستوطنون إلى الشمال”. أضف إلى ذلك أن تسخير القوة العسكرية النظامية لخدمة الغايات السياسية والشخصية، لا يُعدُّ أكبر المشاكل. فجيش الكيان لا يعاني فقط من نقص كبير في العديد والعتاد بل وأيضاً من غياب المعنويات لدى جنوده ومجنديه.

خسائر فادحة

في هذا الخصوص، نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن مصادر عُليا في المؤسسة العسكرية، اعترافها بوجود نقص كبير في ثاني أهم سلاح لهذا الجيش بعد الطيران، وهو الدبابات والآليات المصفّحة. وهذا اعتراف غير مسبوق، ويتطابق مع الوقائع التي تُظهر أن الضرورات الميدانية أعادت إلى العمل نموذجاً قديماً من ناقلات الجند (M113) التي كانت القيادة أمرت بإخراجها من الخدمة وإبدالها بأخرى حديثة من طراز “النمر” (Panther) والتي جرى تدمير أعداد كبيرة منها في معارك غزَّة، بحيث لم يعد المتوافر منها كافياً لتلبية المهمّات.

مخاطر اندلاع حرب أهلية باتت تهدد إسرائيل بالفعل، وأسبابها أعمق من أن يتم ربطها بالحرب على غزَّة أو الصراع مع حزب الله

وهذا ليس كل شيء. فالخسائر بالآليات يمكن تعويضها، أما المشكلة الأخطر فتتمثل بالعنصر البشري الذي يتعسّر تعويضه عندما ينقص… وقد نقص كثيراً. والجدير بالذكر هنا أنه، خلال الأشهر الأولى من الحرب، نشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” تقريراً غريباً عن خسائر جيش الاحتلال في الحرب، وذكرت أن عدد الجنود الجرحى بلغ نحو 5 آلاف، بينهم ألفان على الأقل أصبحوا في عداد المعوّقين… لكن الصحيفة ما لبثت أن سحبت التقرير، لتُعيد نشره مع أعداد للمصابين أقل بكثير.

في المقابل، كشفت صحيفة “هآرتس”، في الفترة ذاتها، أن ثمة فجوة كبيرة بين عدد الجنود الجرحى الذي يعلن عنهم الجيش، وما تُظهره سجلات المستشفيات. فالعدد الذي أعلنه الجيش (في حينه) كان 1600 جريح، لكن المستشفيات تؤكد أنها استقبلت 4591 جريحاً خلال الفترة ذاتها. وهنا تُسأل الرقابة العسكرية.

ثم تأتي قضية حاجة “الجيش” الى مزيد من المتطوعين… وهذا ما اضطر القيادات إلى العمل على إطالة مدة الخدمة العسكرية الإجبارية لمجندي الاحتياط، ثم المغامرة فوق ذلك بمواجهة معضلة تجنيد الحريديم، والتي لم تنتهِ فصولها بعد. كل هذا أدّى إلى اهتزاز ثقة الإسرائيليين بجيشهم.
فخلال الأسبوع الثالث من تموز/يوليو الماضي، صدر تقرير عن معهد “سياسة الشعب اليهودي” أظهر أن الثقة بالجيش الإسرائيلي تراجعت بشكل كبير. فقد أعرب 55 % منهم عن “ثقة ضعيفة”، بينما أبدى 80% من الإسرائيليين اليمينيين “عدم الثقة”.

تلك عينة من الحقائق المريرة التي تكشف عن واقع جيش الكيان، وتُثقل كاهله، وتجعله عاجزاً عن تأدية المهمّات التي يعلن عنها. هذا من دون الإتيان على ذكر الذين أصيبوا بإعاقات خلال المعارك، والفارين من الخدمة، والمنتحرين، والمصابين بأمراض وصدمات نفسية وسلوكية تحول دون جدارتهم على حمل السلاح.

وفيما يشتدّ الخناق على الداخل الإسرائيلي، يخرج عضو الكنيست، عوديد فورير، من حزب “إسرائيل بيتنا” لوضع النقاط على الحروف في مقابلة مع “القناة الـ 14″، قائلاً بمرارة المهزوم، إن “إسرائيل خسرت الجليل في خمسة أشهر، وظهر حزام أمني داخل الأراضي الإسرائيلية، بدلاً من أن يكون هذا الحزام الأمني داخل الأراضي اللبنانية”. في الوقت نفسه، ترتفع أصوات مصادر رفيعة المستوى من داخل المؤسّسة الأمنية، لتقول “إذا كان ممكناً التوصُّل إلى تسوية قبل شنّ الحرب على لبنان، فمن الأفضل التوصُّل إلى هذه التسوية من دون حرب”.

وهذا على غرابته يبدو منطقياً من الناحية العملية، ذلك أنّ شنّ الحرب الواسعة في غمرة الأوضاع الراهنة يعني أن “الجيش”، وبعد أشهر دموية طويلة عجز خلالها عن ابتلاع جمرة غزَّة، سيكون مُلزماً بخوض ثلاثة حروب في وقت واحد: في غزة والضفة الغربية وعلى الحدود الشمالية. وهذه وضع خطير لم يحصل منذ حربي 1967 و1973. وهو ما أعاد إلى الواجهة تهديد أنفاق حزب الله التي يعتقد القادة الأمنيون أنها أكثر خطورة وتعقيداً من أنفاق غزَّة ومفاجآتها القاتلة.

وفيما يضرب حزب الله، وبشكل يومي، “الخاصرة الرخوة لإسرائيل”، بحسب “معاريف”، وفيما يبدو جيش الكيان عاجزاً عن التعامل مع مسيّرات الحزب أو اعتراضها كما تقول صحيفة “إسرائيل هيوم”، تصبح التهديدات ضدّ حزب الله من قبل وزير الأمن يوآف غالانت (أقاله نتنياهو)، ورئيس الأركان هرتسي هليفي (المتوقّعة استقالته بعد استقالة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان” أهارون هاليفا)، موضوع سخرية وتندّر.

هذا وينتقد خبراء ومُعلّقون من أسموهم بـ “الدجالين” من غربان الكيان الذين ما انفكّوا يُحرّضون على الحرب. ومشكلة هؤلاء “إمّا أن لا فكرة لديهم عما يتحدّثون عنه، وإمّا ــ وهذا أكثر خطورة ــ أنهم يعرفون (الواقع)، ومع ذلك يحرّضون على الحرب”.

وسط ذلك كله، يصرّح وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، قائلاً “إذا لم ينسحب حزب الله من الحدود فإننا نقترب من حرب شاملة”. وهنا تجيبه “هآرتس” بعنوان عريض: “ممنوع أن نستهين بالضرر الناجم عن غباء وزير الخارجية”.

ماذا عن الحرب الأهلية؟

منذ انطلاق عملية “طوفان الأقصى”، التي شنّتها فصائل المقاومة الفلسطينية ضد الكيان الإسرائيلي، تضاعف صعود النزعة اليمينية العنصرية داخل المجتمعات الصهيونية في إسرائيل بشكل حاد وراح يتفاقم مع انخراط حكومة نتنياهو اليمينية الفاشيّة في الحرب الوحشية المتواصلة ضد الفلسطينيين.
ومع مضي المقاومة بعيداً في صمودها وتصدّيها من جهة، وتدمير الحرب دورة حياة الإسرائيليين الاجتماعية والأمنية والاقتصادية، تتزايد خسائر الجيش عدداً وعدة، بينما تنجح المقاومة الفلسطينية في الاحتفاظ بعدد كبير من الأسرى الإسرائيليين، الذين تتعمد حكومة نتنياهو استهدافهم بالقتل بغية التخلّص منهم لإعتبارهم يشكلون نقطة ضعف لاستراتيجية الإبادة التي تتبعها.

لم يتبقّ من “الجيش” الذي كان يُلقَّب بـ “الذي لا يُقهر” إلا ما يتبقى عادة من عملة تفقد قيمتها، نظراً للخسائر التي يتكبدها في صفوفه وعتاده والاهتزازات المتفاقمة في بُنيته

ومع تواصل التدمير المنهجي الوحشي، بدأت مجتمعات الكيان تتململ من الداخل، وظهرت حالة تمزّق واسعة وغير مسبوقة تطالب بإيقاف الحرب وإنجاز “صفقة لإعادة الأسرى أحياء وليس جثثاً”، قادها أهالي الأسرى في البداية، وانضمّت إليهم جماهير واسعة من الإسرائيليين (أكثر من نصف مليون) يتظاهرون في مختلف مناطق الكيان ولا سيما في “غوش دان”، القلب الحيّ للكيان، مروراً بمختلف المدن الكبيرة ولا سيما تل أبيب، ووصولاً إلى بيت نتياهو نفسه في قيساريا، مع تزايد انخراط الإسرائيليين بمختلف تلاوينهم في المظاهرات التي عجزت “شرطة بن غفير وسموتريش” عن قمعها.

إقرأ على موقع 180  فيروز.. قوة لبنان الناعمة والخالدة

ووسط ذلك كله، تتوالى جهود نتنياهو لترسيخ هيمنته الشاملة على الحالة السياسية والعامة في الكيان، وتثبيت دعائم اليمين الصهيوني “الجديد” متمثلاً باليهودية المحافظة، في مواجهة الفلسطينيين، والعمل على حسم المسألة الفلسطينية من خلال سحقها. والملاحظ أن حكومة نتنياهو باتت تجسّد حقيقة الأزمة العاصفة، سواء بتركيبتها اليمينية الخالصة أو بحركة الاحتجاجات غير المسبوقة التي اجتاحت الشوارع منذ إعلان خطة “الإصلاح القضائي”، واستمراراً بمواجهاتها الصريحة لتوجهات الحكومة. فكانت تلك لحظة تحوّل عميق في المشروع الصهيوني ومخاض انتقاله من مشروع “دولة إسرائيل” إلى مشروع “أرض إسرائيل” الذي يوظّف “الدولة” من أجل حسم الصراع مع الفلسطينيين وتحقيق مشاريعه القومية والساسية والاجتماعية، على حساب أهل الأرض وأصحابها التاريخيين، وبناء التحالفات الدولية لنزع الشرعية عن النضال الفلسطيني من خلال وصمه بـ”الإرهاب” ومعاداة السامية في سبيل ربطه بصراع “العالم الحرّ”، وتحويله إلى مركّب إضافي في مواجهة “الإرهاب الإسلامي”.

هكذا تحوّلت مؤسسات “الدولة” والميليشيات الاستيطانية المسلّحة العاملة تحت غطاء “شرعي” من “الدولة” وأحزاب اليمين المتطرّف، ولا سيما الحريديين المليئين بالأوهام التوراتية، إلى تشكيل واحد متماسك في مواجهة الفلسطينيين ومقاومتهم. ويوماً بعد يوم راحت القِيم الدولاتية التي زعمتها إسرائيل تتآكل، وتعمّقت حالة الصراع والاستقطاب الداخلي مع بروز هيمنة حكومة نتنياهو السادسة (مطلع العام 2023) من أقصى اليمين الجديد الاستيطاني والكهاني والحريدي.

أمام كل ذلك لم يكن أمام فصائل المقاومة الفلسطينية أيّ سبيل سوى المضي في مقاومتها على طريق تثبيت حقوق الفلسطينيين القومية على أرضهم، في مواجهة من حرب الإبادة الإسرائيلية المتوحشة التي تسببت بإزهاق أرواح أكثر من أربعين ألف مواطن جلّهم من النساء والعُجّز والأطفال، وحوالى مائة ألف من الجرحى والمعاقين، فضلاً عن مئات ألوف المشرّدين من دمار بيوتهم، في مقتلة لم يعرف المجتمع البشري مثيلاً لها، وهي تتواصل تحت سمع وبصر العالم أجمع.

توافق ذلك مع مواصلة عملية تشكّل اليمين الجديد وتطوّره في سياق الصهيونية التي انطوت على بذور التطرّف والأصولية وتحويل الخرافات التوراتية إلى خطة عمل. وكان من اللافت اعتماد التطرّف اليميني أسلوب التوفيق بين خطابيه الديني والسياسي، بما جعل مواقفه تتطابق إلى حد بعيدٍ مع المصالح الأميركية في المنطقة، الأمر الذي منحه بطاقة القوة والدعم للاستمرار.

الأكثر إثارة للتساؤل هو اندفاع حكومة اليمين المتطرف نحو المراهنة على قوة عسكرية تحوّلت بحكم مُجريات الحرب، وحوّلت البلد معها، إلى “كيس ملاكمة”.. ووصلت إلى “صفر ردع”

إلا أن المعارضة الإسرائيلية الداخلية المتنامية ضد هذه السياسة المتطرّفة والجرائم المتمادية التي ترتكبها، وصلت إلى حدّ زلزلة دعائم المجتمع الإسرائيلي الساعي إلى إنقاذ أسراه واستعادة دورة حياته على مختلف المستويات. وتجرّأت هذه المعارضة على رفع الصوت ضد راس الأفعى نتنياهو وحكومته، الأمر الذي دفع شخصيات فاعلة من وزن وزير الأمن، يوآف غالانت، ومعه وزير الحرب السابق، بيني غانتس، إلى اتهام رئيس الحكومة صراحة بأنه يفضل بقاء حكومته على “حماية الإسرائيليين”، ورأيا أنّ “القيادة تقسم الشعب، وتسمّم البئر التي يشرب منها الجميع”، بينما وصف غانتس أحاديث نتنياهو عن انتصار مطلق بأنها “هراء محض”.

مخاوف مجتمعية

في حين اندفع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى إغراق الكيان في أزمة إصراره المتواصل على “الحرب والنصر”، راحت القوى السياسية خارج تحالف اليمين المتطرّف تتخبط في هموم حرب أهلية يرونها قادمة لا محال، ويتساءلون عبر وسائل الإعلام العبرية ذاتها عن الكيفية التي سوف تندلع بها هذه الحرب، وإلى أي جانب سينحاز الجيش وأجهزة إنفاذ القانون والأجهزة الأمنية، إلى ما هنالك من عواقب كارثية لا بد من أن تترتب عليها.

وكتب الصحافي أنشيل بفيفر (مؤلف السيرة الذاتية لنتنياهو)، في صحيفة “هآرتس”، عن لسان يديديا ستيرن، رئيس “معهد سياسة الشعب اليهودي”، قائلاً إن “إسرائيل اليوم باتت أقرب إلى الحرب الأهلية مقارنة بالوقت الذي أعقب مقتل إسحق رابين”. مُضيفاً أن جماعة اليمين المتطرف “تشعر بأن هذه هي لحظتها الحاسمة للفوز بالبلاد أو خسارتها”. بينما كشف صحافي آخر يُدعى داني كوشمارو، وهو مقدم البرامج السياسية في القناة 13، عن أن 46″% من الإسرائيليين باتوا يشعرون بالقلق من احتمال الحرب الأهلية”، نشرت القناة نتيجة استطلاع للرأي جاء فيه أن “نصف الإسرائيليين تقريبا باتوا يخشون اندلاع حرب أهلية”، بينما رأى الكاتب في “هآرتس”، “بي مايكل”، أن “إسرائيل تدخل عملياً مرحلة الدمار والخراب”… هذا في حين نقل الصحافي “آميت سيغال” عن غانتس قوله إن “رئيس الحكومة لن يكون مثل مناحيم بيغن الذي قال لا للحرب الأهلية في أصعب لحظاته… ولن يضحّي بحكومته من أجل حماية الإسرائيليين… ولن يفعل ما هو ضروري من أجل منع الحرب الأهلية”. ثم اختتم قائلاً: “نحن تجاوزنا الآن عتبة العنف، لفظياً وجسدياً، والأمر سينتهي بالقتل… فنحن لم نتعلم الدرس من الـ 7 من أكتوبر، ولا من خراب الهيكل”.

وفي حين عنونت صحيفة “هآرتس” بأن الحرب الأهلية في “إسرائيل” أصبحت أقرب من أي وقت مضى، أقرّت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية بأن حروب “إسرائيل” ضدّ قوات غير تقليدية لم تنتهِ أبداً بانتصار حاسم، منذ ثمانينات القرن الماضي، إذ تضاءلت قدرتها على ردع أعدائها”. هذا في حين أكّد موقع “كاونتر بانش” الأميركي أن “مخاطر اندلاع حرب أهلية باتت تهدد إسرائيل بالفعل، وأن أسبابها أعمق من أن تُربط بالحرب على غزة أو الصراع مع حزب الله…. فالانقسام داخل إسرائيل لا يمكن النظر إليه مثل الاستقطابات الجارية في الديموقراطيات الغربية، ليس فقط لأن إسرائيل ليست دولة ديمقراطية في جوهرها، بل أيضاً لأن التكوين السياسي في إسرائيل فريد من نوعه. وبالتالي، فإن أسباب الصراع ترتبط برغبة اليمين الجديد (نتنياهو وحلفائه) في إعادة تشكيل الطبيعة السياسية لإسرائيل”.

السؤال الكبير ما انفك يلوح للإسرائيليين من خلف المقتلة الرهيبة الجارية وغبار الأبنية المدمرة على رؤوس أصحابها. وهو لم يعد يدور حول احتمالات انفجار حرب أهلية، بل يتركز على توقيت انفجارها، في حين يغرق نتنياهو الذي أشعل الضفة الغربية، بالاعلان (الفولكلوري) عن إصدار تعليماته للجيش بالاستعداد لتغيير الوضع في الشمال.

بموجب كلّ ذلك وعلى أساسه، فالحرب تلوح فعلاً في الأفق. ليست الحرب الشاملة ضد لبنان والمنطقة،… لكنها الحرب الأهلية في “إسرائيل”.
هذا ما كتبه أنشيل أبفيفر في “هآرتس”.

Print Friendly, PDF & Email
محمود محمد بري

كاتب لبناني

Download Best WordPress Themes Free Download
Free Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
free online course
إقرأ على موقع 180  "توب كاميرا".. فضاء السرد والأرض لفاديا بزي