أجدني كفرتُ.. بالعروبة!

برغم أن والدي، رحمه الله، كان من مؤسسي حزب البعث العربي، ومن مؤسسي المؤتمر القومي العربي، وبرغم أنه ربّاني على حب العروبة والإيمان بها، وبرغم أني عضو في المؤتمر القومي العربي، وكنت عضواً في أمانته العامة سابقاً، إلا أني، بعد 7 أكتوبر 2023، وبعد كل ما جرى ويجري، في فلسطين ولبنان، أجدني كفرت بالعروبة!

لقد مضى زمن الخطابات الطويلة وبيانات الاستنكار التي لا يزال القوميون العرب يستخدمونها، ظناً منهم أنها أداة فاعلة! كان من المنتظر من المؤتمر القومي العربي، من هذا التجمع الكبير بقيادة مصرية منتخبة، أن يقوم، على الأقل، بحشد ملايين المصريين العروبيين عند معبر رفح، مع أحرار العالم الجاهزين لمساندة قضيتنا العادلة، كي يقوموا بإجبار السلطة هناك على فتح المعبر لإنقاذ أهلنا في قطاع غزة من المجاعة والأمراض والأوبئة، وهذا أضعف الإيمان!

كان من المفترض بهذا التجمع العروبي في مصر أن يُوقف الجسر البحري المصري المغذي للكيان عبر شحنات بحرية يومية لمقومات الحياة، بينما أهلنا في غزة يُقتلون ويتضورون جوعاً!

كان من المفترض بهذا التجمع العروبي في الأردن أن يُوقف الجسر البري المغذي للكيان، بتنظيم دروع بشرية تقطع عليه الطريق إلى الكيان الغاصب القاتل!

لم يحدث أي شيء من هذه الأمور للتصدي لغطرسة الكيان! أيُعقل هذا؟ لِم إذن هذا التجمع، إن كان لا يستطيع عون أهلنا في فلسطين وفي لبنان، ونحن في عز حرب عنوانها: “نكون أو لا نكون”.. بصراحة، لم أعد أدري!

العرب متهمون بالتقصير والتخاذل، ولا حل لنا، نحن في بلاد الشام، إلا بكسر سايكس-بيكو نهائياً وإقرار عودة بلاد الشام واحدة مع العراق

في الواقع، لم يعد الصراع ضد العدو الصهيوني صراعاً عربياً، كما تعلمنا.. بل أضحى صراعاً بين معسكرين: معسكر يقف مع الصهيوني والأميركي والغربي والناتو، وفيه العربي وغير العربي، ومعسكر ضد هذا كله، وفيه العربي وغيره! الواقع يقول: إن احتلال فلسطين قضية تخص، بشكل رئيسي، بلاد الشام.. هذا ما أثبته التاريخ، ولا يزال! فمن يتحمل هذا الصراع وتوابعه هي بلاد الشام والعراق وبعض من اليمن، بدعم من إيران.

لا أنكر طبعاً تعاطف الشعب العربي وفرض معظمه المقاطعة على المصالح الصهيو-أميركية، وقد كان فاعلاً جداً في هذا المجال، لكن هذا التعاطف بقي قاصراً على المستوى الإنساني، إذ أن شعوب الكرة الارضية، في معظمها، خرجت بالملايين، في أوروبا وأميركا ومعظم بلاد العالم، كما أنها فعّلت المقاطعة بشكل عظيم.. أما الشعب العربي، فلم يخرج بالملايين، اللهم إلا في اليمن وفي بعض الدول المغاربية! لكن الملايين العربية لم تستطع فرض إيقاف التطبيع على الحكومات العربية.. ولسان حالهم يُردّد مع فيروز في مسرحية “يعيش يعيش”:

“الرعيان في وادي والقطعان في وادي.. حاجة تصرخ يا منادي، من وادي لوادي”!

لذلك.. أقول إن العرب متهمون بالتقصير والتخاذل، ولا حل لنا، نحن في بلاد الشام، إلا بكسر سايكس-بيكو نهائياً وإقرار عودة بلاد الشام واحدة مع العراق.

فلنُقر أن مصيرنا في بلاد الشام واحد وأن عدونا واحد وأن صراعنا هو صراع إرادات: فنحن ملح هذه الأرض، وليس لنا وطن غيرها. إذن، لا بد من جمع شتات بلاد الشام والعراق من أجل هزيمة المشروع الصهيوني والأميركي والناتوي، وإلا لن تقوم لنا قائمة بعد اليوم. فما هو خياركم يا أهلي في بلاد الشام والعراق؟

أما العرب، فلا أمل منهم إلا باستفاقة شعبية حقيقية ليختاروا، إن أرادوا، حياة الكرامة والعزة والسؤدد.

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  قٌضي الأمر.. إدارة الإنهيار وصدمة سياسية كبيرة
ريم منصور الأطرش

كاتبة عربية، دمشق

Download Nulled WordPress Themes
Download WordPress Themes Free
Download Nulled WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
udemy course download free
إقرأ على موقع 180  متى يُعلنونَ وفاة لبنان؟