نتنياهو يبحث عن ائتلاف صعب على عتبة المقصلة السياسية
A campaign poster for Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu is seen in Bnei Brak, Israel, Tuesday, Sept. 17, 2019. Israelis began voting Tuesday in an unprecedented repeat election that will decide whether longtime Prime Minister Benjamin Netanyahu stays in power despite a looming indictment on corruption charges. .(AP Photo/Oded Balilty)

Avatar18030/09/2019
لم تكن صورة المصافحة بين بنيامين نتنياهو وبيني غانتس، والتي فرضتها التقاليد البروتوكولية في الرئاسة الإسرائيلية، لتعني شيئاً في أزمة التشكيل الحكومي التي أفرزتها انتخابات الكنيست الأخيرة، والتي ما زالت سيناريوهاتها متباينة، برغم الإجماع الظاهري على ضرورة تشكيل "حكومة وحدة وطنية"، ليبقى الخلاف مختزلاً بسؤال جوهري: أيّة حكومة وحدة؟

الصورة البروتوكولية التي جمعت الخصمين المتناقضين في حضرة رؤوفين ريفلين، أذّنت إلى بدء مرحلة جديدة من مراحل التسوية الحكومية، خصوصاً أنها أتت تتويجاً للمشاورات التي أجراها الرئيس الإسرائيلي مع ممثلي الكتل البرلمانية، وأدت إلى تكليف بنيامين نتنياهو بتشكيل حكومة ائتلافية جديدة.

على هذا الأساس، تبدو المفاوضات الحكومية أقرب إلى سباق مع الوقت، يسعى نتنياهو لكسبه بأقصى سرعة ممكنة، وإن كانت حركته مكبّلة بالتناقضات السياسية بين ما يطالب به خصومه من جهة، وما يطالب به حلفاؤه من جهة أخرى.

ولعلّ غانتس يدرك جيّداً نقاط الضعف عند خصمه، ولذلك يحاول تسخير عامل السرعة التي يريدها نتنياهو لصالحه، عبر انتزاع ما أمكن من تنازلات، مدركاً بأنّ نتنياهو لن يتمكن من تشكيل الحكومة من دون تقديمها.

في ظل هذا السباق، يلقي ريفلين بثقله للوصول إلى تسوية، يقرّ الجميع أنها صعبة ومؤكدة، ومن شأنها أن تجنّب إسرائيل سيناريو “التصويت الثالث”، خصوصاً إذا قاد المسار القضائي بنيامين نتنياهو إلى ما لا يحمد عقباه، حيث من المتوقع أن يستمع إليه المدعي العام في الأول من تشرين الأول/اكتوبر المقبل، تمهيداً لاتخاذ القرار المناسب في التهم المنسوبة إليه قبل نهاية السنة الحالية.

حتى الآن، لا يزال غانتس، زعيم تحالف “ازرق أبيض” الذي احتل المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية (33 مقعداً من أصل 120)، متمسكاً بالتعهد الذي أطلقه خلال حملته الانتخابية بعدم الجلوس حول طاولة حكومية واحدة بجانب نتنياهو، إذا انتهى الأمر بتثبيت تهمة الفساد على الأخير.

في المقابل، لا يزال نتنياهو مصراً على تعهده بوقوف حزب “الليكود” إلى جانب حلفائه من اليمين الديني والمتطرف (55 مقعداً في المجموع)، وهو ما أعاد التأكيد عليه، قبل يومين، حين أبلغهم أنه لا يزال يتفاوض باسمهم، ليبدو “مثل العروس التي تريد جلب شقيقها وابن عمها والجار والحاخام إلى حفل الزواج”، على حد تعبير المحلل في صحيفة “يديعوت أحرونوت” ناحوم برناع، الذي توقع، وسط هذا المسار، عدم النجاح في تشكيل الحكومة.

أما أفيغدور ليبرمان، الذي بات “بيضة القبان” أو “صانع الملوك” كما يحلو لكثيرين تسميته، أقفل الباب، ولو مرحلياً أمام طموحات نتنياهو بالحصول على أصوات النواب الثمانية الذين ظفر بهم “إسرائيل بيتنا”، خصوصاً أنه لا يزال ثابتاً عند مقاربته بتشكيل “حكومة وحدة وطنية” من “الليكود” و”أزرق أبيض” و”إسرائيل بيتنا”، وبالتالي استبعاد الأحزاب الدينية.

وعلى خط موازٍ، فإنّ الأحزاب العربية المنضوية ضمن “القائمة الموحدة” (13 مقعداً)، والتي اقتبس رئيسها أيمن عودة لتوصيفها من العهد القديم ما ورد في سفر المزامير “الحجر الذي رفضه البناؤون أصبح حجر الزاوية”، لم تمنح اكسير الحياة الحكومي بالكامل لغانتس، لا سيما بعدما اختار حزب “التجمع” (ثلاثة مقاعد) عدم تفويض تحالف “أزرق ابيض” ما يعني أن الأصوات التي قد يحصل عليها الأخير في إطار تحالف حكومة أقلية مع أحزاب اليسار (44 مقعداً) والأحزاب العربية ستبقى أقل من تلك التي سيحصل عليها “الليكود” مع الأحزاب القومية والدينية، وهو ما يعكس المخاطر التي بدأ يستشعرها غانتس بشأن التكتيك الذي يتبعه وهو مجرّد الرهان على السماح لنتنياهو بالفشل.

في العموم، تبدو الحكومة الإسرائيلية أمام أربعة سيناريوهات:

السيناريو الأول، هو تمسك غانتس بعدم المشاركة في أية حكومة يترأسها نتنياهو، أملاً في أن يثبت أقدامه في السياسة الإسرائيلية بوصفه الشخص الذي أنهى المستقبل السياسي للأخير، بمعنى آخر الذهاب نحو خيار القضاء على نتنياهو بالضربة القاضية.

المعادلة التصويتية لهذا السيناريو متوافرة نظرياً، وهي ائتلاف حكومي يضم “أزرق أبيض (33 مقعداً)، وحزب “العمل” (6 مقاعد) والاتحاد الديموقراطى (5 مقاعد)، بتأييد من حزب “إسرائيل بيتنا” (8 مقاعد) والقائمة المشتركة (10 من أصل 13 مقعداً)، بما يؤمن لهذا الائتلاف 62 صوتاً.

مع ذلك، فإنّ ثمة صعوبات تحول دون هذا الخيار، بالنظر إلى التناقضات القائمة بين مكوّنات الائتلاف المحتمل، الذي سيكون عاجزاً عن الاستجابة لابتزازات ليبرمان وتلبية الحقوق المشروعة لفلسطينيي العام 1948، علاوة على أنّ أياً من الأحزاب الإسرائيلية لن يستسيغ فكرة أن تتحوّل الأحزاب العربية إلى ما يسمى بـ”الكتلة المانعة” في الكنيست.

السيناريو الثاني، هو نجاح نتنياهو في تشكيل الحكومة مجدداً، وهي احتمالية قائمة، لا سيما أن الأخير يخوض معركة سياسية وجودية تجعله مستعداً للذهاب إلى أبعد ما يكون من أجل تجنّب مصير السجن.

المعادلة التصويتية لهذا السيناريو تنطلق من قاعدة ثابتة قوامها 55 مقعداً، استطاع نتنياهو ضمانها لصالحه في الانتخابات الأخيرة ضمن تحالف حزب “الليكود” (31 مقعداً) وحزب “شاس” (9 مقاعد)، و”يهودوت هتوراه” (8 مقاعد)، وحزب “يمينا” (7)، ويمكن البناء عليها للحصول على المقاعد الستة المتبقية لتأمين الغالبية من خلال تقديم بعض التنازلات لافيغدور ليبرمان (مع العلم أن ثمة حاجة في هذه الحالة لحل معضلة التناقض بين ليبرمان والأحزاب الدينية)، أو ربما شق صفوف “أزرق ابيض” باستمالة عدد من نوابه.

إقرأ على موقع 180  "فورين بوليسي".. هذه توقعات 2024 من غزة إلى البيت الأبيض!

السيناريو الثالث، هو ذهاب نتنياهو وغانتس نحو “حكومة وحدة وطنية” تحظى بدعم 64 نائباً، وينضم إليها حزب “إسرائيل بيتنا” وربما حزب يميني آخر، بما يحقق غالبية هائلة تلامس ثلثي مقاعد الكنيست، بما يسمح لها بتمرير أي قانون، والتحرر بالتالي من ابتزازات الأحزاب الصغيرة، ومطالب الأقلية العربية.

هذا السيناريو يعتبر نموذجياً بالنسبة إلى كثيرين في إسرائيل. الخبير في “نادي فالداي”، السفير الإسرائيلي السابق لدى روسيا تسفي ماغين، على سبيل المثال، أعرب عن اعتقاده بأن “بنيامين نتنياهو سيُمنح بالدرجة الأولى الحق في تشكيل حكومة. إذا نجح، فسيعيد تشكيل الكنيست من اليمين، كما كان من قبل. وإذا لم ينجح، فسوف ينقل هذا الحق إلى غانتس. أما إذا شكل الليكود أزرق أبيض تحالفاً في ما بينهما، وتجنّبا الأحزاب الهامشية الأخرى – القوى الدينية المتشددة واليسار المتطرف – فسيكون هذا الخيار الأفضل لإسرائيل…. ولكنني لست متأكدا مما إذا كان ذلك سيتحقق”، حسبما نقلت عنه صحيفة “إيزفستيا” الروسية.

أما السيناريو الرابع، فيتمثل في فشل كل الخيارات السابقة، والذهاب نحو انتخابات جديدة. وبالرغم من أنّ الكل في إسرائيل يقول إن ثمة حاجة للقيام بكل ما يلزم لتجنّب “التصويت الثالث”، إلا أن هذا الخيار يبقى قائماً، لا بل أن أحزاباً إسرائيلية ربما تكون قد بدأت الاستعداد له بالفعل.

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Download Best WordPress Themes Free Download
Download WordPress Themes
Download WordPress Themes Free
Download WordPress Themes
udemy paid course free download
إقرأ على موقع 180  "معاداة السامية".. وصعود القومية الشوفينية المتطرفة