حركة “لا ملوك” عابرة سبيل أم تيار أميركي جارف؟

"No Kings" أو "لا ملوك"، هل تكون مجرد حركة عابرة ومحدودة التأثير في المجتمع الأميركي أم سيكون لها تأثيرها العميق والبعيد المدى؟

نظّم ناشطون وجماعات أميركية مناهضة لسياسات الرئيس دونالد ترامب احتجاجات في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأميركية، ردًا على ما يصفونه بإساءة استخدام السلطة من قِبل ترامب وإدارته، بما في ذلك حملته على الهجرة وإرساله قوات إلى مدن وولايات أميركية يحكمها ديمقراطيون.

وقد شملت التحركات نحو 2700 مدينة وبلدة أميركية، وشارك فيها أكثر من سبعة ملايين نسمة في أكبر تجمع احتجاجي في يوم واحد في الولايات المتحدة، تميز بمشاركة نشطاء ومشاهير مثل جين فوندا، كيري واشنطن، جون ليجند، آلان كامينغ، وجون ليجويزامو، وفقًا لما صدر عن لجنة العمل السياسي (حملة التغيير التقدمي)، إحدى الجهات المشرفة على تنظيم تلك الاحتجاجات. وقالت اللجنة في رسالتها “سنكون في الشوارع من أجل العائلات المهاجرة التي تتعرض للهجوم، ومن أجل الناخبين الذين تُكتم أصواتهم، ومن أجل المجتمعات التي تُرعبها الشرطة العسكرية، ومن أجل العائلات التي على وشك فقدان تأمينها الصحي ومن أجل كل شخص تُهدّد هذه الإدارة القاسية حقوقه”.

تُعدّ تلك الاحتجاجات، استكمالاً للاحتجاجات التي نُظمت في منتصف يونيو/حزيران 2025، ويُديرها تحالف منظمات، بينها “الاتحاد الأميركي للحريات المدنية”، “منظمة 50501″، حركة “إنديفيزيبل” (Indivisible) وبابليك سيتيز (public citizen) كما أعلنت اتحادات ونقابات بارزة دعمها للحراك، بينها اتحاد المعلمين الأميركيين، اتحاد عمال الاتصالات، والاتحاد الأميركي للحريات المدنية، وهي كيانات ذات ثقل تنظيمي كبير تعمل على تعبئة أعضائها في المدن الكبرى، ويقول المنظمون إن التحرك غطّى أكثر من 2700 نقطة تجمع في مدن رئيسية مثل نيويورك وواشنطن العاصمة وشيكاغو ولوس أنجلوس وغيرها من المدن والبلدات الأميركية، وقال المنظمون إن عدد المشاركين في الاحتجاجات تجاوز السبعة ملايين نسمة.

ورفع المحتجون شعارات أبرزها “لا للملوك، نعم للمقترح 50” (No Kings Yes on 50)، في إشارة إلى مقترح قانون في ولاية كاليفورنيا يهدف إلى إعادة ترسيم حدود الدوائر الانتخابية.

وانتشرت خلال الاحتجاجات صور لترامب في هيئة ديكتاتور أو زعيم استبدادي يرتدي تاجاً، في تعبير واضح عن رفضهم حكمه كملك مطلق أو دكتاتور يفرض سلطته على الشعب الأميركي.

وعلّق ناشطون على فيديو عمّمه ترامب في يوم الاحتجاجات قائلين، إنه يستهزئ بالمظاهرات ويُصوّر نفسه في فيديو (أنيميشن) يقود طائرة حربية مكتوب عليها “الملك ترامب” ويقصف المتظاهرين في نيويورك بالقذارة.

في المقابل، يرفع منظمو تلك الاحتجاجات وحلفاؤهم الحقوقيون والمدنيون حزمة مطالب يتصدرها وقف توسيع حضور القوات الفدرالية والعسكرية داخل المدن، مستندين إلى أحكام قضائية قيّدت نشر الحرس الوطني، واعتبرت الاحتجاج السياسي لا يرقى إلى “تمرّد” يبرر التدخل العسكري، ويطالب المنظمون أيضا بإنهاء الممارسات البوليسية المقنّعة.

وفي ملف الهجرة، تدعو المنظمات المشاركة مثل “الاتحاد الأميركي للحريات المدنية” إلى كبح المداهمات والترحيل واسع النطاق ووقف الانتهاكات المنسوبة لوكالات اتحادية، بينما يرى محللون أن هذا الحراك يأتي لمواجهة ما يسميها المحتجون “الأجندة الاستبدادية” للرئيس الأميركي ضد سيادة القانون وحرية التظاهر السلمي وحرية الصحافة.

من جانب آخر، يحاول مناصرو ترامب وأنصار الحزب الجمهوري منع تلك الاحتجاجات والتقليل من شأنها ويصفونها بأنها مسيرات “كراهية لأميركا”، ويزعمون أنها تُطيل أمد إغلاق الحكومة الفيدرالية، ومن بينهم رئيس مجلس النوب الأميركي مايك جونسون الذي وصف تلك الاحتجاجات بأنها “احتجاج كراهية”، وربطها بـ”تيارات أنتيفا” و”المناصرين لحركة حماس”، كما صرّح النائب الجمهوري توم إمر بأن المنظمين يسعون لتصدير أجندة أيديولوجية معادية للنظام، زاعماً أن الفعالية جزء من مشروع راديكالي يعادي البنية السياسية الأميركية، وانتقد السيناتور تيد كروز احتجاجات “لا ملوك” في مقابلة إعلامية، واتهمها بأنها مدعومة من جهات خارجية تقدمية مثل جورج سوروس، محذراً من أن هذا الدعم قد يستخدم لتصعيد الشغب في البلاد.

صحيح أن الحشد قياسي لكن هل يمكن أن تترك الحركة أثراً عميقاً؟

الأمر منوط بعدد من العوامل؛ أبرزها أن لا تكتفي الحركة بالشعارات بل أن تمتلك أجندة سياسية واضحة (مشروع سياسي)، فإذا تمكنت من تجسيد رفض واسع للسلطوية السياسية أو لهيمنة النخب الحاكمة، قد تجد صدى لدى الشباب الأميركي، كما حدث مع حركات مثل Occupy Wall Street وBlack Lives Matter.

كذلك إذا نجحت في بناء شبكة تحالفات فكرية أو حزبية، فقد تتحول إلى تيار ثقافي مناهض للنظام القائم. ومن شأن الإعلام والسوشيل ميديا مساعدتها في حال اكتسبت رموزًا مؤثرة أو لحظة سياسية حاسمة (فضيحة أو أزمة وطنية)، عندها، قد تنتقل سريعًا من الهامش إلى مركز الجدل العام.

ما عدا ذلك ستكون حدثاً عابراً جداً ولو شارك فيها سبعة ملايين أو عشرة ملايين أو مئة مليون (المصادر: chatgpt، وكالات أجنبية؛ موقع الجزيرة).

إقرأ على موقع 180  إعمار غزة.. ومطحنة الدماء العربية

Print Friendly, PDF & Email
حسين الديك

كاتب وباحث أكاديمي فلسطيني

Download WordPress Themes Free
Download Premium WordPress Themes Free
Premium WordPress Themes Download
Download Best WordPress Themes Free Download
udemy paid course free download
إقرأ على موقع 180  أميركا 2021.. العودة إلى حاملة الطائرات (2/2)