عيّن آية الله السيد علي خامنئي إسماعيل قاآني خلفاً لقاسم سليماني، وهو نائب الأخير في فيلق القدس، ولديه خبرة كبيرة في الحروب العشوائية والمنظمة، وهو من الوجوه المعروفة بالنسبة لفصائل المقاومة الحليفة لإيران في لبنان والعراق وفلسطين وسوريا وكذلك أفغانستان. له صلات جيدة مع قادة حزب الله في لبنان وحماس وحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وأنصار الله في اليمن. كما يتربط بعلاقات وثيقة بعدد من القادة السوريين ومنهم الرئيس السوري بشار الأسد.
صحيح أن قاآني قائد ميداني لا يطل كثيراً على وسائل الإعلام ولكن لديه خبرة طويلة في التعامل مع الملفات الأمنية والعسكرية والاستخباراتية، ما أهّله ليكون نائباً لسليماني قبل سنة، علماً أنه على معرفة وثيقة بسليماني منذ أربعين سنة وتوطدت علاقتهما بعد العام 2011 حتى الآن.
قاآني من مواليد العام 1958 في بجنورد (مشهد) الواقعة في محافظة خراسان شمالي في شمال شرقي إيران. متزوج وله عدة أولاد. يصفه المقربون منه بأنه متشدد وصاحب وجهة نظر جذرية في المواجهة المفتوحة بين إيران من جهة والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة ثانية.
بعد تعيينه قائداً لفيلق القدس، من المتوقع أن تكون المهمة الأولى له هي ترتيب الصفوف تمهيداً للإنتقام من قتلة قاسم سليماني. “إنتقام ربما يكون قوياً وقاسياً إلى درجة أن يجبر أميركا على سحب قواتها من العراق وسوريا” على حد تعبير أحد الخبراء الإيرانيين. على هذا الأساس، أعلنت حالة التأهب القصوى في صفوف كل فصائل المقاومة في جميع الدول المذكورة، وفي المقابل، قرر الأميركيون تعزيز إجراءاتهم الوقائية بما يشمل كل سفاراتهم ومصالحهم في المنطقة والعالم. وترافق إستنفار الأميركيين مع حركة إستعراضية للطائرات الحربية الأميركية (يمكن ترقب حساب intelsky عبر تويتر) وكذلك للبوارج الأميركية في المنطقة.
وفق مواقع أميركية، فإن إسماعيل قاآني لعب أدواراً في تزويد عدد من فصائل المقاومة في لبنان وسوريا وفلسطين واليمن والعراق بمنظومات صاروخية نوعية، بينها الصواريخ البالستية التي يستخدمها الحوثيون في اليمن والصواريخ الدقيقة
ووفق رسالة السيد خامنئي إلى القوات المسلحة الايرانية، فإن العميد اسماعيل قاآني “هو من أبرز قادة الحرس الثوري في مرحلة الدفاع المقدس”، أي حرب السنوات الثماني التي شنها النظام العراقي في زمن صدام حسين على ايران في ثمانينيات القرن الماضي، وكان الى جانب قاسم سليماني في تلك الحرب (قائد فيلق النصر الخامس، ثم لواء الإمام الرضا 21 وهما من بين أبرز الألوية العسكرية التي شاركت في الحرب العراقية الإيرانية). كما شغل منصب نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة لاستخبارات حرس الثورة خلال العامين 2007-2008، وأصبح نائب قائد فيلق القدس منذ العام 2019.
ووفق مواقع أميركية، فإن إسماعيل قاآني لعب أدواراً في تزويد عدد من فصائل المقاومة في لبنان وسوريا وفلسطين واليمن والعراق بمنظومات صاروخية نوعية، بينها الصواريخ البالستية التي يستخدمها الحوثيون في اليمن والصواريخ الدقيقة التي تقول إسرائيل والولايات المتحدة إن حزب الله صار يمتلك ترسانة كبيرة منها.
الجدير ذكره أن قاآني هو من أعلن، قبل حوالي السنة، أن فيلق القدس هو من تولى التحضير للزيارة المفاجئة التي قام بها الرئيس السوري بشار الأسد إلى طهران، والتي أدت إلى استقالة وزير الخارجية محمد جواد ظريف، على خلفية عدم التنسيق بين الحرس الثوري ووزارة الخارجية، وصرح قآانى حينها بأن “الزيارة تمت بسرية وبتنسيق من سليماني، وعَلِم بها مَنْ كان يجب أن يعرف بها حصرًا”.
وكان قاآني قد ألقى خطاباً في مراسم تشييع جثمان القائد العسكري البارز في الحرس الثوري محمد علي الله دادي (قتل في سوريا) وهدد فيه بدور أكبر لحزب الله والحرس الثوري قائلا إنهما سيسلبان راحة الأعداء.
وتتماهى سيرة قاآني مع سليماني الذي وبسبب دوره في الحرب العراقية ـ الايرانية في ثمانينيات القرن الماضي، وكذلك في قيادة الحرب ضد تنظيم “داعش”، وبسبب “الكاريزما” التي يتمتع بها، ولا سيما حياته البسيطة المتواضعة، أمكن له أن يتمتع بشعبية كبيرة جداً في ايران، حتى ان بعض الأوساط الايرانية كانت تطالبه بالترشح إلى منصب رئاسة الجمهورية في إنتخابات العام 2021، وذلك تعبيراً عن ثقة الشعب الايراني بكفاءة رجل نجح في التعامل مع العديد من الأزمات وبقي لسنوات طويلة متأهباً، ولذلك، من المتوقع أن يشارك مئات الآلاف وربما الملايين من الايرانيين في مراسم تشييع جنازة سليماني، في مشهد سيذكر العالم بأسره بمسيرة تشييع الإمام الخميني في حزيران/يناير 1989 التي شارك فيها نحو عشرة ملايين إيراني وتعتبر من بين أكثر الجنازات إحتشاداً في القرن العشرين.