سلعاتا يهدّد شهر العسل بين عون ودياب!

Avatarخاص 18018/05/2020
عندما أسقطت الحكومة اللبنانية، قبل أقل من أسبوع، مشروع إقامة معمل كهربائي، في سلعاتا، قال مرجع لبناني كبير "هذه أولى الحسنات السياسية لحكومة التكنوقراط. لقد سقطت كل المعسكرات السياسية وصوّت مجلس الوزراء، لما يعتقد أنه يصب في خانة المصلحة العليا للبنان".

لم يتمكن أحد من إعطاء تفسير سياسي لذلك السقوط المفاجىء لبند معمل سلعاتا، من جدول أعمال الخطة الكهربائية التي حملها وزير الطاقة ريمون غجر، إلى مجلس الوزراء يوم الخميس الماضي. كان كافياً إعتراض وزير واحد حتى تلمع صورة حكومة التكنوقراط للمرة الأولى منذ تأليفها، وعند التصويت الذي شهدته القاعة البيضاوية في السراي الكبير، رفع رئيس الحكومة حسان دياب يده بالتصويت ضد المشروع، وكرت سبحة المعترضين، فسقط مشروع سلعاتا، بأغلبية أصوات الحكومة، ولم يؤيده إلا خمسة وزراء وهم: راوول نعمة، ريمون غجر، غادة شريم، ناصيف حتي وزينة عكر عدرا، قبل أن تتراجع الأخيرة، عندما أحرجها رئيس الحكومة بقوله لها علناً: “زينة أنت قلت لي سابقاً انّ الحل ان نبدأ من معمل الزهراني”، فقررت، حينذاك، التصويت ضد المشروع.

أحرج ريمون غجر من النتيجة المخيبة، وكالت له الوزير الفعلية للطاقة، ندى البستاني الكثير من اللوم. قال لها، حسب بعض المقربين منه، إن إستقالته جاهزة في حقيبته، وأنه قام بما يجب أن يقوم به، وفي النهاية، صدر القرار الحكومي.

هذا الكلام لم يمر مرور الكرام عند رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وعبّر عن ذلك في مؤتمره الصحافي الأخير، سواء بتنصله من الحكومة، وتحديدا بقوله إنه غير مشارك وممثل فيها وأن منحها الثقة من نواب “لبنان القوي” شكّل “تضحية سياسية”، أو بإعتباره أن إسقاط مشروع سلعاتا “هو إنتصار لمافيا النفط”، وبالتالي، صارت حكومة حسان دياب، بقرارها الأخير شريكة كاملة لمنظومة الفساد التي تحارب الخطة الإصلاحية للتيار الوطني الحر في قطاع الكهرباء، من وجهة نظر وزير الخارجية السابق.

لذلك، صار لزاماً على حكومة دياب أن تعيد تبييض صفحتها، لكن بأية طريقة؟

سيمارس رئيس الجمهورية ميشال عون صلاحياته الدستورية، في جلسة يوم غدٍ (الثلثاء) ويعيد طرح قضية معمل سلعاتا على جدول الأعمال، بالمضمون نفسه الذي طرحه باسيل في مؤتمره الصحافي، وبالتالي سيطلب من مجلس الوزراء إعادة التصويت عليه، وعندها، سيتم إختبار كل من صوّتوا ضد المشروع عما إذا كانوا سيرفعون أيديهم مجدداً ضده..

أحرج حسان دياب عندما تبلغ من دوائر القصر الجمهوري بالسيناريو الذي ينتظره هو والحكومة. إستنجد بمن يمكن أن يمون على رئيس الجمهورية لتعديل موقفه، لا سيما وأن الجلسة ستعقد برئاسة عون، كما أن دياب صارح بعض المقربين منه بأن الأمر سيشكل فضيحة سياسية للحكومة، من جهة، وسيترك إنعكاسات سلبية في الشارع، من جهة ثانية، وربما يرتد على سمعة لبنان الدولية، من جهة ثالثة.

النقطة الأخيرة (السمعة الدولية) من وجهة نظر دياب هي الأهم، لماذا؟

حسب مصادر دبلوماسية أوروبية واسعة الإطلاع ومعنية بتنفيذ مقررات “مؤتمر سيدر”، فإن قرار الحكومة اللبنانية بإسقاط مشروع سلعاتا، ينسجم والتصور الذي قدمته شركة الكهرباء الفرنسية إلى الجانب اللبناني من أجل إصلاح قطاع الكهرباء، وبالتالي، سيشكل التراجع عن القرار “رسالة بالغة السلبية لكل المانحين الدوليين، وسيؤثر أيضاً على سمعة لبنان خلال مفاوصاته مع صندوق النقد الدولي”.

ما هو التصور الذي وضعه الجانب الفرنسي لقطاع الكهرباء بالتعاون مع شركاء أوروبيين آخرين؟

تقول المصادر نفسها لموقع 180 بوست إن قطاع الكهرباء “يشكل أولوية في رزمة الإصلاحات المطلوبة من الحكومة اللبنانية، ولا بد من المباشرة، ودون اي إبطاء، في تسمية الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، من دون أي تذرع بتعديل قانون الكهرباء، ونحن نعلم أن البعض في لبنان إتخذ قراراً بعدم تشكيل هذه الهيئة، بذريعة عدم النيل من صلاحيات الوزارة المعنية (الطاقة)”.

وتتابع المصادر الأوروبية أن المطلوب من الحكومة اللبنانية هو الآتي:

أولاً، تطبيق القانون 462 الصادر في العام 2002 لتنظيم قطاع الكهرباء من دون تعديله وإخضاع المناقصات لمراقبة شفافة (أشار الفرنسيون إلى أن مشروع قانون المناقصات العمويمة جاهز يوجب بوضعه موضع التنفيذ).

ثانياً، تشكيل الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، من أجل طمأنة المستثمرين حول إستقلالية هذا القطاع الحيوي.

ثالثاً، تعيين مجلس إدارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان، من ذوي الكفاءات.

رابعاً، رفع تعرفة الكهرباء وحصرها في مرحلة أولى بالطبقات الثرية، خصوصا في ضوء التدهور المعيشي الذي أصاب الفئات الفقيرة والمتوسطة الحال، بعد تاريخ 17 تشرين الأول/أكتوبر.

خامساً، التخلي عن خيار اللجوء إلى البواخر.

سادساً، إعتماد قانون التشركة بين القطاعين العام والخاص الذي أقر في آب/أغسطس 2017  (Partenariat public – privé (ppp

سابعاً: وضع المراسيم التنفيذية لقانون التشركة المذكور أعلاه.

ثامناً، العدول نهائياً عن مشروع الإستملاكات في منطقة سلعاتا لإنشاء محطة إنتاج كهربائية جديدة.

وتضيف المصادر أن وزير المالية غازي وزني أبلغ في الآونة الأخيرة، وفد صندوق النقد الدولي المفاوض وعدداً من السفراء الأوروبيين أن الحكومة ماضية في تنفيذ جميع هذه البنود، وأولها تعيين مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان.

إقرأ على موقع 180  روسيا و«الهجمة الايديولوجية»… بين الـ«رينبو» والـ«رادوغا»

هل يشهد مجلس الوزراء في بعبدا غداً (الثلثاء)، إنقلاباً على قرارته التي إتخذها فقط قبل أيام قليلة، وهل تشكل هذه الخطوة إشعارا بإنتهاء شهر العسل بين حسان دياب من جهة وميشال عون وجبران باسيل من جهة ثانية؟

الجواب يستدعي التدقيق في هوية الوزراء الذين سيتراجعون عن تصويتهم في الجلسة السابقة، ولو إقتضى الأمر أن يسرّب محضر الجلسة كاملاً إلى أهل الحراك، وفق الوعد الذي تلقاه ناشطون حراكيون من جهة سياسية مشاركة في الحكومة، من أجل التشهير بالوزراء الذين يبدلون مواقفهم، “غب الطلب السياسي”.

Print Friendly, PDF & Email
Free Download WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
Download Premium WordPress Themes Free
Download Premium WordPress Themes Free
udemy course download free
إقرأ على موقع 180  غزة إلى عام دموي جديد.. وعقارب الساعة لن تعود إلى الوراء