25 أيار/مايو.. إسرائيل “تختبر” خطط المواجهة المقبلة مع حزب الله

Avatar18024/05/2020
في 25 أيار/مايو 2000، ومع إنسحاب إسرائيل من الجنوب اللبناني المحتل منذ العام 1978، تحررت أول أرض عربية بالقوة وبلا قيد أو شرط. الأكيد أن لبنان، الذي كان وما يزال ناقص المناعة، لم يستطع هضم ذلك الحدث.

اليوم، وعلى مسافة عقدين من الزمن، من إنجاز التحرير، ها هم الجنوبيون، وبرغم الوباء الكوروني، يصرون على إحياء الذكرى، وها هي إسرائيل، تحصي بكاميراتها وطائراتها وأقمارها الصناعية وأبراجها، أنفاس كل اللبنانيين. تراقب حركة القرى والمدن. تتوجس من كل ما يراكمه المقاومون من إستعدادات، منعاً لأية حرب يريدها الإسرائيليون، بالأمس قبل اليوم، لكنهم ليسوا جاهزين لها حتى الآن…

للسنة العشرين على التوالي، يقدم الإسرائيليون روايات جنود وضباط وقادة خدموا في لبنان أو كانوا في سدة القرار..

في دراسة نشرتها مجلة “مباط عال”، قدم الباحث في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي أساف أوروين، جردة لكل المواجهات التي حصلت طوال عشرين عاماً، وخلص إلى عدد من الإستنتاجات ربطا بالمواجهة المقبلة.

يقول أوروين إنه على طول الخط الأزرق، وأحياناً من خلال اجتيازه، “يقوم حزب الله بدوريات بأوقات متقاربة بواسطة مجموعات ترتدي لباساً مدنياً مجهزة بمعدات تصوير متخصصة. وتحت غطاء منظمة مدنية للتحريج “أخضر من دون حدود”، أقام حزب الله على الأقل 16 موقع مراقبة قريبة من الحدود، ومواقع كثيرة أُخرى تُشغّل من منازل خاصة. ومن منازل ومبان تُعتبر “أملاكاً خاصة”، انطلق أيضاً مشروع الأنفاق الهجومية التي كان غرضها السماح بعملية تسلل مفاجئة وسرية إلى أراضي إسرائيل. هذا المشروع كشفه الجيش الإسرائيلي، وفي نهاية سنة 2018، جرى تدمير ستة أنفاق اجتازت أراضي إسرائيل في عملية “درع شمالي”. القوات التي كانت معدّة لعبور الأنفاق ضمن إطار خطة هجوم على الجليل، هي قوات الرضوان – قوات راجلة نوعية منتشرة بالقرب من الخط الأزرق، ومتغلغلة في القرى والبيئة المدنية، تسمح لحزب الله بالقيام بعملية سريعة داخل أراضي إسرائيل بأساليب متنوعة. نشطاء حزب الله يمنعون بصورة منهجية قوات اليونيفيل من التنقل بحرية في المنطقة، وأغلبية حوادث التعديات على دوريات الأمم المتحدة تسجَّل في منطقة الحدود”.

قدرة حزب الله على القيام بهجوم بري مفاجىء في أراضي إسرائيل تزيد كثيراً من الضغط على قادة إسرائيل لاتخاذ قرار بهجوم استباقي. في ضوء الخطر الذي تشكله قوات الرضوان على المستوطنات القريبة من حدود إسرائيل

يضيف أساف أوروين:”الانتشار بالقرب من الحدود سمح لحزب الله بالمبادرة والقيام بهجوم الخطف في هار دوف (عملية مزارع شبعا) في تموز/يوليو 2000، ومحاولة الخطف الفاشلة في قرية الغجر في تشرين الثاني/نوفمبر 2005، وعملية الخطف في تموز/يوليو 2006 التي أشعلت حرب لبنان الثانية. خط التماس في لبنان هو أيضاً المنطقة التي اختارها حزب الله للرد على هجوم إسرائيل على أماكن أُخرى في لبنان أو على قواته العاملة في سوريا. منذ سنة 2006، أحياناً كرد على عمليات نُسبت إلى الجيش الإسرائيلي، زرع حزب الله عبوات ناسفة على طول خط التماس، في الأساس في مزارع شبعا. بعد الهجوم الذي شنّه الجيش الإسرائيلي في الجولان في كانون الثاني/يناير 2015، والذي قُتل فيه 7 ناشطين من حزب الله وجنرال إيراني، أطلق حزب الله 6 صواريخ كورنيت ضد دبابات من مكان قريب من الخط الأزرق، وقتل مقاتلين اثنين من الجيش على سفوح مزارع شبعا. عدد المصابين في الحادثتين استتبع رداً محدوداً للجيش الإسرائيلي. في نهاية آب/ أغسطس 2019 هاجمت إسرائيل خلية تابعة لفيلق القدس في سوريا وكان بين القتلى لبنانيان اثنان. في اليوم عينه، نُسب إلى إسرائيل هجوم في قلب بيروت قامت به مسيّرة ضد مكوّن عائد إلى مشروع الصواريخ الدقيقة. في مطلع أيلول/سبتمبر، رد حزب الله على الحادثتين بإطلاق 3 صواريخ كورنت باتجاه مبنى الجيش في أفيفيم ومركبة عسكرية بالقرب من يارون. الصواريخ أخطأت هدفها، ونظراً إلى عدم وقوع إصابات، امتنع الجيش الإسرائيلي من القيام برد فتاك أو واسع، واكتفى في الأساس بإطلاق قنابل دخانية. في ليل 17 نيسان/أبريل، جرى خرق السياج الأمني في 3 أماكن رداً على الهجوم على سيارة تابعة لحزب الله في سوريا”.

دينامية التصعيد معروفة من خلال تجربة حرب لبنان الثانية، وأيضاً من خلال الأحداث التي وقعت في قطاع غزة قبيل عملية “الجرف الصامد”: على الرغم من رغبة الطرفين في الامتناع من مواجهة واسعة، كل طرف يقرر “فقط” عملية/ هجوم أو رد محدود، لكنه فعلياً ينتقل إلى مرحلة أُخرى في سلم التصعيد، يتضح لاحقاً أنها أدت إلى حرب، على حد تعبير المحلل الإسرائيلي.

عشية حرب يوم الغفران (حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973)، يقول الكاتب الإسرائيلي أساف أوروين، “اختلف القادة بشأن مسألة هجوم استباقي على القوات المصرية قبل بدء العبور، وامتنعوا من القيام بذلك كي لا تصوَّر إسرائيل كمعتدية. من المحتمل أن يقف قادة إسرائيل أمام مفترق قرار مشابه: الامتناع من عملية استباقية أو تصعيدية رغبة في العودة إلى الهدوء، أو بدلاً من ذلك، وعلى افتراض أن تصعيداً مؤكداً سيحدث، توجيه ضربة استباقية إلى حزب الله واستنفاد ميزة المبادرة والمفاجأة. قدرة حزب الله على القيام بهجوم بري مفاجىء في أراضي إسرائيل تزيد كثيراً من الضغط على قادة إسرائيل لاتخاذ قرار بهجوم استباقي. في ضوء الخطر الذي تشكله قوات الرضوان على المستوطنات القريبة من حدود إسرائيل، وعدم وجود عمق بين التهديد وأهدافه، تزداد أهمية الاعتبارات التي تضغط نحو قرار مسبق بمهاجمة التهديد قبل تحققه”.

إقرأ على موقع 180  السوداني في طهران.. "الصواريخ" لا تُفسد في الود قضية!

تنطلق القراءة الإسرائيلية من الكتاب نفسه “المعركة بين الحروب” ويقول الكاتب:”انتشار حزب الله بالقرب من خط الحدود، والمتزايد مع مرور الزمن، ينطوي على أخطار جسيمة، سواء لتصعيد أو خلال القتال إذا نشبت الحرب. المطلوب من سياسة إسرائيل “معركة بين الحروب” الجمع بين الاستعداد لحرب محتملة وعرقلة تعاظم قوة الخصم وإبطائها، وبين تقليل التهديدات على إسرائيل إذا نشبت، لكن ما لا يقل أهمية عن ذلك تكريس جهود كبيرة لمنعها. في موازاة الجهود المبذولة ضد مشروع الصواريخ الدقيقة، يتعين على إسرائيل العمل على تخفيف التهديد القريب من الحدود الشمالية. على المستوى العملاني، على إسرائيل أن توثق وتكشف بالتفصيل الانتشار والعمليات العسكرية لحزب الله بالقرب من الخط الأزرق، واستخدام هذا الكشف للضغط على الحزب، وعلى نشطائه، وعلى الذين يقدمون له الحماية، سواء في القرى أم في صفوف الجيش اللبناني والحكومة. على المستوى السياسي، من الصحيح المطالبة بتركيز عمل قوات الأمم المتحدة ضمن إطار أمني محدد بعمق يتراوح بين 3-5 كيلومترات على طول الخط الأزرق، واشتراط المحافظة على حجم قوات اليونيفيل (أكثر من 10 آلاف عنصر) وميزانيتها (نصف مليار دولار)، بحرية وصولها إلى أي مكان ضمن هذا الإطار. والمطلوب أيضاً بذل جهد لتفكيك مواقع الرقابة العملانية للحزب التابعة لمنظمة “أخضر من دون حدود” كذريعة لمنع وصول قوات الأمم المتحدة، أولاً إلى طرق ومناطق مفتوحة، ولاحقاً أيضاً إلى مبان.

يختم أساف أوروين بالقول :”الأزمة الاقتصادية العميقة في لبنان تزيد من حاجة حكومة بيروت وحزب الله إلى مساعدة دولية، وتزيد من ضغط المجتمع الدولي للمطالبة بواسطتها، وبناء على قرار مجلس الأمن، باتخاذ خطوات تبعد الحرب. في المقابل، يجب السعي لتصنيف أصحاب مناصب في الحكومة اللبنانية، وفي الجيش، وفي أجهزة الأمن، وفي السلطات المحلية كمؤيدين للإرهاب وفرض عقوبات عليهم ما داموا يساهمون في استمرار النشاط العسكري الممنوع لحزب الله على طول الخط الأزرق”.

يوآف زيتون: حزب الله “سيعمد لاستخدام الأنفاق، مما سيجعل مقاتلي “ناحال”، “الهندسة القتالية”، و”اللواء 401” يخوضون معركة قتالية داخل إسرائيل أمام العدو المتمثل بـ”كتائب الرضوان”، الساعية لغزو الجليل، ولو لعدة ساعات، والتقاط صورة لعلم حزب الله على سطح أحد المباني الإسرائيلية

بدوره، يقول الخبير العسكري الإسرائيلي يوآف زيتون في مقالة نشرها في “يديعوت أحرونوت”، إن “قيادة المنطقة الشمالية للجيش الإسرائيلي أمام اختبار جديد حول الحرب القادمة مع حزب الله، التي سيتخللها المزيد من أسرى الحرب والمعارك، وسيكون الجيش أقل دهشة فيها، لأن الحزب سيأخذ المزيد من الأسرى الإسرائيليين، ويقوم بعمليات مطاردة في الشوارع بالصواريخ العملاقة، ويعمل على تعمية الدبابات في الحرب الإلكترونية”.

ويضيف: “حزب الله اكتسب الشجاعة والخبرة التي يمتلكها قادة الجيش الإسرائيلي، لكن ضابطا كبيرا أكد أن إسرائيل ستدفع ضريبة دخول الحرب، ومهمة الجيش تخفيض هذه الضريبة، لأن الحزب يخطط لبعض المفاجآت في الحرب، فيما يتجهز الجيش لها بشكل مكثف لمنع ما حدث في الجرف الصامد بغزة خلال حرب 2014”.

ويتحدث يوآف زيتون عن “عدة تهديدات يجب معالجتها من الآن فصاعدا، لأن نتائجها قد تعطي حزب الله نجاحات تكتيكية صعبة، وأهم هذه التهديدات هي الصواريخ العملاقة، وسيحاول الحزب الحصول على صورة تثير الخوف والشعور بالخسارة لدى الجمهور الإسرائيلي، ويحتمل أن تنجح، وفي الحرب القادمة قد نرى قواعد انتشار بعشرات الجنود الجرحى، وشوارع محطمة في كيبوتسات ومستوطنات الشمال”.

ويشير إلى أننا “قد نرى مشاهد صادمة لفوهات صواريخ بعمق وقطر 10-15 متراً في قلب حي سكني نتيجة لضربة صاروخية، حتى لو تم إجلاء المستوطنين في الوقت المحدد، فسيكون لهذه الصور تأثير شديد على الوعي الإسرائيلي، لأن الحزب يحمل صواريخ ثقيلة الوزن تحتوي على مئات الكيلوغرامات من المتفجرات، وحاولت المنظمات المسلحة في غزة التي تسعى بنفس الاتجاه تفعيل ذات الصواريخ في مواجهة تشرين الثاني/نوفمبر 2019”.

ويوضح أن حزب الله “سيعمد لاستخدام الأنفاق، مما سيجعل مقاتلي “ناحال”، “الهندسة القتالية”، و”اللواء 401″ يخوضون معركة قتالية داخل إسرائيل أمام العدو المتمثل بـ”كتائب الرضوان”، الساعية لغزو الجليل، ولو لعدة ساعات، والتقاط صورة لعلم حزب الله على سطح أحد المباني الإسرائيلية، برغم أن قوات الجيش تلقت دروسا واستخلاصات من حرب غزة الأخيرة من خلال أنفاق حماس، التي فشلت بالاستيلاء على بقعة إسرائيلية”.

ويرى أن المعركة الدفاعية ليست مفهومًا شائعا في الجيش الإسرائيلي، “لكن تنفيذها في المواجهة التالية قد يؤدي لإحساس الضعف داخل الجمهور الإسرائيلي، كما يتم تدريب قوات النخبة، واستعدادها للحد من عمل وحدات الرضوان، بجانب تكامل القوات الجوية في هذه المهمة”. ويختم بالقول أن الكتائب الهندسية الإسرائيلية “ستدمر البنى التحتية القتالية للحزب، الذي يحوز المئات من الطائرات المسيرة وطائرات بدون طيار، وسيواجه الجيش عنصرين جديدين بساحة المعركة غير مسبوقين أثناء المناورة، أحدهما تشغيل نظام حرب إلكتروني متطور يمتلكه الحزب (…) ونشر آلاف المسلحين لجمع المعلومات الاستخبارية، وممارسة التهديد على نطاق واسع” (مباط عال، يديعون أحرونوت، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 180).

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Download Premium WordPress Themes Free
Download Nulled WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
Download Premium WordPress Themes Free
online free course
إقرأ على موقع 180  كورونا والنصوص المقدسة: تديينُ الدنيويّ!