الغاز اللبناني لا أثر له في الـ 4 ولا إستكشاف جنوباً في 2021!

 إذا كان لبنان يُعوّل، ولو بعد حين، على النفط والغاز لحل أزماته الاقتصادية والمالية المتناسلة، فإن شركة "توتال" الفرنسية رفعت إلى السلطات اللبنانية المعنية تأكيداً رسمياً نهائياً بعدم وجود احتياطات او مكامن تجارية في البلوك البحري رقم 4 قبالة جبيل-البترون.

بعد أخذ ورد طويلين، وتكهنات حول النتيجة الأولية التي أعلنتها “توتال” أواخر نيسان/أبريل الماضي، وذهب بموجبها البعض الى تركيب نظرية المؤامرة ليرضي نفسه بعكس الواقع، تبين أن التقرير النهائي لشركة “توتال” بشأن أعمال الحفر الإستكشافي التي قامت بها في البلوك رقم 4 يقطع الشك باليقين الصاعق لكل الرهانات وربما الترهات التي ساقها مؤملو النفس ممن شكّكوا بالنتيجة الأولية للشركة الفرنسية التي تقود تحالفاً مع شركتي “إيني” الإيطالية و”نوفاتك” الروسية فاز بعمليات الاستكشاف والتنقيب والانتاج في البلوكين 4 و9 في الدورة الأولى للتراخيص التي اطلقت في 2017.

والأنكى أن التنقيب الإستكشافي في البلوك الجنوبي الرقم 9 لم يعد قريباً على الإطلاق، بالنظر الى العوامل الجيوسياسية المحفوفة بالمخاطر بنظر الكونسورتيوم الثلاثي، سواء بسبب تمديد مهل المشاريع في لبنان، غداة إنفجار مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس الماضي أو بذريعة تعثر التفاهم على أسس ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة.

 فلبنان متمسك بأساس الخط الذي ينطلق براً من رأس الناقورة استناداً الى الخط الوسطي كما هو محدد بموجب اتفاق 1923 ويمتد باتجاه البحر. وبالتالي تتوسع المنطقة المتنازع عليها، والتي يطالب بها لبنان، الى حوالى 2165 كيلومتراً مربعاً وليس 860 كيلومتراً مربعاً متنازعاً عليها، كما كانت تجري المفاوضات سابقاً على قاعدة خط فريدريك هوف.

واذا كانت اسرائيل اعلنت نيتها بدء الاستكشاف والتنقيب ثم الانتاج في امتداد ذلك البلوك من جهتها، وفتحت تراخيص البحث عن الغاز في ما تسميه البلوك 72 (ألون دي سابقاً) وغيره من البلوكات القريبة من الحدود مع لبنان، بما فيها حقل كاريش، فإنها ستتعدى حتماً على حقوق لبنان في مياهه الاقليمية إذا تشبثت برفض خط الترسيم الذي يصر عليه لبنان في المفاوضات التي إنطلقت قبل حوالي الشهرين في الناقورة.

لا يمكن لشركة تأمين تغطية الأعمال في ظل امكان نشوب حرب في لحظة دفاعية ما، اذا تجاوزت اسرائيل بشكل عدائي  سافر على الحقوق اللبنانية، وأيضا في ظل تهديدات إسرائيلية تلقتها هذه الشركات مؤخراً

وما يزيد الوضع تعقيداً أن شركة “توتال”، التي كان يفترض أن تبدأ في الاشهر الأولى من 2021 في أعمال الحفر الإستكشافي لمصلحة لبنان في البلوك الجنوبي الرقم 9، تجد لنفسها المبرر بعدم الشروع في الاستكشاف لأن منحنى النزاع يتصاعد، ولا يمكن لشركة تأمين تغطية الأعمال في ظل امكان نشوب حرب في لحظة دفاعية ما، اذا تجاوزت اسرائيل بشكل عدائي  سافر على الحقوق اللبنانية، وأيضا في ظل تهديدات إسرائيلية تلقتها هذه الشركات مؤخراً.

يذكر أن معظم معدات شركة “توتال” تدمرت بإنفجار 4 آب/أغسطس (كانت مخزنة بالقرب من العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت)، وتنتظر الشركة ما ستقرره شركات التأمين لجهة التعويض من عدمه في ضوء نتائج التحقيق في ذلك الانفجار الرهيب. ولوحظ أن “توتال” نقلت الى مصر معدات كانت موجودة في مرفأ بيروت، قبيل الإنفجار، في اشارة اضافية الى انها لن تبدأ قريبا العمل في البلوك 9، كما كان مقرراً في وقت سابق من العام الحالي.

وهكذا تطير المهل وتتأجل مرة بعد أخرى. فبعدما كانت الدورة الثانية للحصول على تراخيص الاستكشاف يفترض ان تنتهي في آخر كانون الاول/ ديسمبر 2019 تأجلت الى 30 نيسان/ أبريل 2020، ثم تأجلت الى أول حزيران/يونيو الماضي، ثم عُلقت المهل الى أجل غير مسمى، ليبتعد معها الحلم ويقترب السراب.

ومن نكد الدهر التذكير بأن التنقيب في البلوك رقم 9 كان يفترض اطلاقه قبل البلوك 4، أقله من وجهة نظر الفرنسيين (توتال)، الا ان فريقاً سياسياً وازناً أصر على العكس، فأتت النتيجة مخيبة لآماله وآمال كل اللبنانيين معه بأن لا نفط ولا غاز قبالة جبيل-البترون (البلوك رقم 4)، لتبقى الحقيقة شبه اليتيمة ان البلوك 9 هو مرتع الثروة البترولية اللبنانية الأكثر ترجيحاً، بفعل محاذاته للمنطقة الاقتصادية الواقعة جنوبه وفيها احتياطات مؤكدة.

وكانت جولة المفاوضات الخامسة بين لبنان وإسرائيل مقررة في الثاني من كانون الأول/ديسمبر الحالي قبل أن يتم تعليقها إلى موعد غير محدد، لكن الفريق التفاوضي الأميركي الذي زار بيروت وإلتقى عددا من المسؤولين اللبنانيين أوحى بأن هذا الملف بات ينتظر تسلم الإدارة الأميركية الجديدة مهامها في 20 كانون الثاني/يناير المقبل، لا سيما في ضوء الورشة التي ستشهدها وزارة الخارجية الأميركية وإدارات أخرى، والتي من شأنها وضع ملف الترسيم بيد فريق أميركي جديد.

وقال المحلل السياسي الإسرائيلي عاموس هرئيل في مقالة نشرتها “هآرتس” إن الجمود في المفاوضات اللبنانية الإسرائيلية “يعيق بدء التنقيب عن الغاز، خصوصاً وأن لبنان وقع عقوداً مع شركات فرنسية (توتال) وإيطالية (إيني) وروسية (نوفاتيك). وهذه الشركات لن تبدأ بالتنقيب طالما لا توافق عليه إسرائيل. وهذه هي أيضاً الرسالة التي نقلت من القدس إلى الشركات المذكورة”.

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  التفريط بحقوق صغار المودعين = إسقاط إعادة هيكلة المصارف
منير يونس

صحافي وكاتب لبناني

Download Best WordPress Themes Free Download
Download Nulled WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
Premium WordPress Themes Download
free download udemy course
إقرأ على موقع 180  إسرائيل تعود إلى الخيام... بمرور الزمن