
مرّ التصريح الأخير لصندوق النقد الدولي عن لبنان مرور الكرام، من دون أن يكلف أحد نفسه الوقوف أمام قطبة فيه غير مخفية، وهي "ضرورة تشكيل حكومة بتفويض قوي". ما المقصود بهذا الشرط؟ ولماذا هو تعجيزي أو شبه مستحيل؟
مرّ التصريح الأخير لصندوق النقد الدولي عن لبنان مرور الكرام، من دون أن يكلف أحد نفسه الوقوف أمام قطبة فيه غير مخفية، وهي "ضرورة تشكيل حكومة بتفويض قوي". ما المقصود بهذا الشرط؟ ولماذا هو تعجيزي أو شبه مستحيل؟
بدأت تتساقط أوهام زعماء لبنان. باتوا عاجزين عن الفكاك من فخ اتفاق صارم مع صندوق النقد الدولي. عوّلوا على قروض ومساعدات يتقاسمونها مثلما فعلوا منذ التسعينيات الماضي، فسقطت أجوبة الخارج هذه المرة على رؤوسهم كالصاعقة: فسدتم وأهدرتم وفشلتم في بناء دولة. جاء وقت الحساب!
سنة مرت على اعلان لبنان توقفه عن سداد مستحقات سندات "اليوروبوندز". استحال خلالها اقرار خطة لهيكلة الديون وتوزيع الخسائر، كما تعثر التفاوض الإنقاذي مع صندوق النقد الدولي. سنة أخرى تضيع ولبنان يتدحرج الى قاع الفقر المدقع والانقسام السياسي المُهدَّد بفوضى عارمة.
يخطّط حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لإطلاق منصة تداول إلكترونية، يُحدّد فيها سعر صرف الدولار بعشرة آلاف ليرة في السوق الموازية النقدية، بمشاركة المصارف وكبار الصرّافين.
بات واضحاً ان رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون بات خارج اي سياق واقعي في الشأنين المعيشي والنقدي المتدهورين بسرعة قياسية الى قاع سحيق، فكيف في السياسة والأمن؟
تنشغل الأوساط السياسية والمالية والمصرفية في لبنان، منذ ليل أمس (الخميس)، بخبر بثته وكالة بلومبيرغ الاقتصادية العالمية توقع صدور عقوبات أميركية ضد حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة. والقليل القليل شغل باله بالتدقيق في دقة التسريبة إياها.
إنتقل التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان من الحيز الفني إلى الفخ السياسي منذ لحظة إقرار البرلمان اللبناني القانون رقم 200 بتاريخ 29 كانون الأول/ ديسمبر 2020، القاضي بتعليق العمل بقانون السرية المصرفية لمدة عام، لزوم التدقيق، في البنك المركزي، وبالتوازي، في كل إدارات ومؤسسات الدولة اللبنانية!
الإستعمار الجديد الناعم يمر أيضاً عبر المنصات الرقمية، التي تهيمن على أكبرها وأكثرها شيوعاً وإستخداماً شركات أميركية قليلة بالعدد.. هائلة بالحجم. إنها المارد الغازي لعقولنا والمحرك لغرائزنا والموجه لتصرفاتنا و"النافض" لجيوبنا على مدار الساعة.
يخرج ولي العهد السعودي من المراهقة السياسية، عله يبلغ النضوج بثمن باهظ قادر على دفعه للولايات المتحدة. واذا كان خائفاً فهو لا يرتعد معولاً على قوته الداخلية شبه المطلقة، وعلى براغماتية أميركية وغربية تغلب المصالح على القيم.
كما في السياسة رهانات من نسج خيال المتسلطين وأوهام من غرائز عصبيات الطائفيين، في الإقتصاد أيضاً.