لا بد من ترقب المشهدية البحرية جنوباً. من جهة تبدأ شركة "إنرجيان" بتصدير الغاز من حقل كاريش جنوب الخط 23. من جهة ثانية، تُنجز شركة "توتال" أعمال المسح البيئي في نقطة تقع في جنوب البلوك رقم 9 شمال الخط 23. ماذا بعد؟
لا بد من ترقب المشهدية البحرية جنوباً. من جهة تبدأ شركة "إنرجيان" بتصدير الغاز من حقل كاريش جنوب الخط 23. من جهة ثانية، تُنجز شركة "توتال" أعمال المسح البيئي في نقطة تقع في جنوب البلوك رقم 9 شمال الخط 23. ماذا بعد؟
اكثر ما يحيّر المتابع، هو تحديد مكامن خطر في ملف النفط والغاز في البحر اللبناني بمياهه الاقليمية وفي المنطقة الاقتصادية الخاصةمن دون ان يرف جفن أهل السلطة، ذلك على أنهم، على جاري عادتهم، في التعامل مع ملفات عديدة، ينتظرون وقوع المحظور حتى تبدأ عملية الترقيع التي تزيد الخسائر وتدخلنا في مسارات اكثر خطورة.
توصلت أمريكا عبر قيصرها الشرق-متوسطي عاموس هوكشتاين، إلى اتفاق بخصوص تقسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، ليذهب حقل كاريش بالكامل لإسرائيل، ويتقاسم الإثنان حقل قانا باحتياطاته غير المؤكدة وبالطرق المالية الملتوية بين إسرائيل والشركات المُشغلة للحقل.
يحمل الاستقرار الأمني ـ النسبي الذي ولّدته اتفاقية ترسيم الحدود البحريّة بين لبنان وإسرائيل بوساطة الولايات المتّحدة أهميّة ملموسة للبنانيين المنهكين بعقود من العنف والتهديدات القامعة لأي محاولة لكسر الولاءات الطائفية-الزعاماتية. لكن لا بدّ من التأكيد أنّ هذا الاستقرار هو نتيجة ترتيبات وتسويات نظّمتها قوى إقليمية ـ دوليّة تتخطى الدولة اللبنانية التي أكّدت مراراً فشلها وافتقارها الى الإمكانيات.
إذا كان طريقك نحو عدوك مفروشاً حتماً بالنوايا السيئة، فإن الطريق إلى اتفاق، سواء أكان مباشراً أو غير مباشر، مع العدو الاسرائيلي، يستدعي تلقائيا تفكيك ألغام وقنابل وطرح اسئلة وهواجس والبحث في الخلفيات والنتائج والأهداف.
مع اقتراب التوصل إلى اتفاق حول ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة في البحر بين لبنان وإسرائيل، ودائما حسب التسريبات والتصريحات اللبنانية والاسرائيلية المتفائلة، تبرز جملة اسئلة حول مضمون الاتفاق وما سيجري بعد تنفيذه؟
أسفرت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر عن قراءات وتأمّلات عديدة، لا سيما حول إمكانية تعويض الغاز الروسي بالغاز الجزائري. لكنّ هوّة كبيرة تفصل بين الحلم والحقيقة. هذه القضية يقاربها الصحافي الفرنسي المخضرم جان بيار سيريني في مقالة نشرها موقع "أوريان 21" بالفرنسية وترجمتها إلى العربية الزميلة سارة قريرة من أسرة الموقع نفسه.
لولا إسرائيل، وجوداً وجيشاً ومشروعاً وغازاً وأطماعاً، لكان لبنان محذوفاً من أدنى سلم الإهتمام الأميركي والروسي والصيني و"الشرقي" و"الغربي" وما بينهما. هكذا إستنتاج قد يبدو مُتسرعاً بالنسبة إلى البعض لكن مهمة الوسيط الأميركي عاموس هوكستين الأخيرة تشي بأن إستنتاجاً من هذا النوع حتماً في محله. لماذا؟
إذا كان لبنان يُعوّل، ولو بعد حين، على النفط والغاز لحل أزماته الاقتصادية والمالية المتناسلة، فإن شركة "توتال" الفرنسية رفعت إلى السلطات اللبنانية المعنية تأكيداً رسمياً نهائياً بعدم وجود احتياطات او مكامن تجارية في البلوك البحري رقم 4 قبالة جبيل-البترون.
خلال الأسابيع الماضية، تقاطعت عوامل عديدة لعرقلة تطوّر ملف التنقيب عن الغاز اللبناني على المدى القصير. فمن النتائج الأوّليّة التي بدأت بالظهور لأعمال حفر البئر الإستكشافيّة الأولى، إلى تأجيل دورة التراخيص الثانيّة، وإنعكاسات هبوط أسعار النفط على كل تطوّرات الملف، ثمّة ما يكفي من مؤشّرات للإعتقاد بأن هذا المسار سيشهد المزيد من الجمود خلال الفترة المقبلة.