حادثة نطنز ومحادثات فيينا.. و”بيض التخصيب الإيراني”!
ISFAHAN, IRAN - MARCH 30: The inside of a uranium conversion facility producing unit is seen March 30, 2005 just outside the city of Isfahan, about 254 miles (410 kilometers), south of capital Tehran, Iran. The cities of Isfahan and Natanz in central Iran are home to the heart of Iran's nuclear program. The facility in Isfahan makes hexaflouride gas, which is then enriched by feeding it into centrifuges at a facility in Natanz, Iran. Iran's President Mohammad Khatami and the head of Iran's Atomic Energy Organisation Gholamreza Aghazadeh visited the facilities. (Photo by Getty Images)

قبيل أيام من الجولة الثالثة من إجتماعات فيينا، حصل تطوران بارزان، أولهما إستهداف موقع نطنز النووي في إيران والثاني قرار صادر عن الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على ثمانية مسؤولين أمنيين إيرانيين لدورهم في الرد العنيف على تظاهرات تشرين الثاني/نوفمبر 2019. قراران لا يصبّان في مصلحة إنجاح مسار العودة إلى الإتفاق النووي!

لنقارب ما جرى في موقع نطنز:

أولًا، كانت هناك عملية تخريبية طالت شبكة الكهرباء في موقع نطنز، مما تسبب في توقف أجهزة الطرد المركزي عن العمل. قد يتسبب انقطاع التيار الكهربائي في الموقع في حدوث انفجار وانبعاث إشعاع نووي، ولهذا وصف وزير الخارجية محمد جواد ظريف الحادث بأنه “إرهاب نووي”. لكن مسؤولي الموقع قالوا في بيان رسمي إن هذا الحادث دمر عددًا من أجهزة الطرد المركزي من الجيل الأول.

ثانيًا، قيل إن انقطاع شبكة الكهرباء في الموقع كان بسبب هجوم إلكتروني، لكن المعلومات الفنية تُظهر إنتفاء احتمال الهجوم الإلكتروني (السيبراني) على منشآت الكهرباء في موقع نطنز. تتقدم فرضية وقوع هجوم إلكتروني من خلال وجود شخص ما قام من داخل الموقع بإنشاء اتصال بين شبكة الكهرباء في الموقع وبين نظام إلكتروني ما خارج الموقع، وعند ذلك يمكن أن تصح فرضية الهجوم الإلكتروني. واللافت للإنتباه في هذا السياق ما أوردته وزارة الأمن الإيرانية بأنها حدّدت هوية الشخص المتورط في الحادث. قد يكون هذا الشخص هو الذي وفر الاتصال بين شبكة الكهرباء في الموقع وبين هجوم إسرائيل السيبراني.

ثالثًا، من الناحية الفنية، أعلنت إيران أن عدد أجهزة الطرد المركزي المتضررة (من الجيل الأول) سيتم استبدالها بأجيال جديدة أسرع بنسبة 50٪، ما يعني ضمنًا أن تخصيب اليورانيوم بنسبة نحو 5٪ لن يتوقف إيرانيًا بل سيتسارع في المرحلة المقبلة. يذكر أن هناك 5040 جهاز طرد مركزي نشط في منشأة نطنز وقسم كبير منها من الجيل الأول.

رابعًا، هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إلقاء الاتهام الرسمي المباشر على إسرائيل وحدها بأنها تقف وراء حادث نطنز من دون أية إشارة إلى إسم الولايات المتحدة، وفي ذلك تفهم إيراني ضمني إلى إشارة واشنطن إلى أنها لم تكن متورطة في الحادث، وهذا الامر يشير الى أن حكومة الرئيس حسن روحاني تراقب بدقة مجريات الأمور في مفاوضات فيينا.

وقالت إيران إن الهدف من حادث نطنز محاولة التأثير سلبًا على محادثات فيينا وأكدت أنها لن تنخدع بهذه اللعبة وتصر على أنها لن تستدرج إلى الملعب الإسرائيلي، لذلك ستشارك إيران في محادثات فيينا يوم الأربعاء المقبل، أي أنها لم ولن تتأثر سياسيًا بالحادث، وهذا تطور غير مألوف في الخطاب الإيراني، ولا يتضمن ردًا فقط على المتضررين الخارجيين، بل أيضًا على الداخل، خاصة مع بروز أصوات محافظة تدعو إلى الإنسحاب من محادثات فيينا.

لذلك، تأمل حكومة الشيخ حسن روحاني أن تكون محادثات فيينا مثمرة لكن معارضي روحاني في البرلمان بدوا متشائمين للغاية بشأن نتيجة المحادثات وذلك بحجة أن الولايات المتحدة تحاول إهدار الوقت.

خامسًا، ثمة سؤال مطروح في طهران عن أثر هذه الرسائل الإسرائيلية على طاولة محادثات فيينا؟ وهل سنشهد تراجع الولايات المتحدة عن موقفها البناء في الجولتين الأولى والثانية من المحادثات، أم أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ستمضي بالإصرار نفسه في مسار يجب أن يؤدي إلى العودة الى الاتفاق النووي؟

سادسًا، يتفق التيار المحافظ في إيران على أن الولايات المتحدة تحاول التوصل إلى اتفاق جديد مع إدارة روحاني قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في حزيران/ يونيو المقبل من أجل التأثير على نتيجة الانتخابات الإيرانية. إذا تم رفع العقوبات الأمريكية قبل الانتخابات، يمكن لإدارة روحاني إطلاق مناورة سياسية جديدة في إيران في هذه الحالة، وسيكون للإصلاحيين والمعتدلين فرصة أفضل للتنافس مع المحافظين ومع ذلك، تظهر معظم الإحصائيات حتى الآن أن المحافظين سيفوزون في الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة.

سابعًا، من المعروف أن إيران تقوم بتخزين اليورانيوم المخصب في الداخل بعدما قررت خفض التزاماتها المقررة ضمن الاتفاق النووي بصورة تدريجية. وهذه الأداة الإيرانية (تخصيب اليورانيوم) تلعب دورا مهما في محادثات فيينا وأيضًا في عودة الولايات المتحدة إلى طاولة المفاوضات، لذلك يجزم المسؤولون الإيرانيون أن هذا الحادث “لن يوقف التخصيب”.

في المقابل، تصر إسرائيل على تأجيل برنامج إيران النووي وتخصيب اليورانيوم لمدة تسعة أشهر (حديث إسرائيلي نقلته الصحافة الأميركية في الساعات الأخيرة)، اي أن إسرائيل تريد إرسال رسالة إلى الولايات المتحدة بعدم التسرع في العودة إلى الاتفاق النووي وعدم اجراء المحادثات مع إيران تحت ضغط التخصيب، لا سيما في ضوء حادثة نطنز التي “أشعلت النار في ورقة إيرانية رابحة”، كما تعتقد إسرائيل التي تقول إنها تمكنت بالفعل من وقف التخصيب في منشأة نطنز وسحبت عامل القوة الإيرانية في محادثات فيينا، وهذا الأمر لن تثبته إلا وقائع يكشفها الإيرانيون في المرحلة المقبلة، خاصة وأن طهران قررت أن لا تضع بيضها النووي في سلة نطنز وحدها.

إقرأ على موقع 180  "خطٌ أحمرٌ" بين بايدن ونتنياهو.. مَن يسقُط أولاً؟ 

أما بخصوص العقوبات الأوروبية، فإن طهران تدرس الخطوات التي حصلت، وتحديدًا ما إذا كانت تندرج في سياق مقرر قبل محادثات فيينا أم أنها خطوات جديدة، وبالتالي من هو صاحب المصلحة أوروبيًا في عرقلة مسار العودة إلى الإتفاق النووي؟

Print Friendly, PDF & Email
طهران ـ علي منتظري

كاتب وصحافي ايراني مقيم في طهران

Download WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
Download Nulled WordPress Themes
Download WordPress Themes
udemy paid course free download
إقرأ على موقع 180  "معاريف": الإستفتاء لإقرار الترسيم.. هدية إسرائيل لـ"حزب الله"!