“هآرتس”: نتنياهو يصوّب على إيران.. والهدف بايدن!
A picture taken on September 28, 2013 in Tehran shows Iranian newspapers with pictures depicting Iranian President Hassan Rouhani, US President Barack Obama, Iranian Foreign Minister Mohammad Javad Zarif and his American counterpart John Kerry. Iranian newspapers hailed the first contact between presidents Rouhani and Obama but warned that opponents like arch-foe Israel would seek to torpedo the historic opening to Washington. AFP PHOTO/BEHROUZ MEHRI (Photo credit should read BEHROUZ MEHRI/AFP via Getty Images)

Avatar18013/04/2021
لإسرائيل "مصلحة في التصعيد"، حسب المحلل السياسي في "هآرتس" ألون بانكس. مسار يشي "بإحتمال إحتكاك سياسي مع الولايات المتحدة"، ربطاً بمحادثات فيينا، حسب بانكس. هذا المقال نُشِر قبيل ساعات من إستهداف سفينة إسرائيلية بالقرب من ميناء الفجيرة في سواحل الإمارات. ماذا تضمن المقال؟

“مؤخراً ترسخت حكمة سائدة بشأن التصعيد المقصود ضد إيران، هي أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يتحرك بدافعين: دافع سياسي – لخلق جو طوارىء أمنية من أجل تحسين المناخ السياسي الإشكالي الذي يغرق فيه ومحاولته تأليف حكومة. دافع خارجي – عرقلة وإحباط المفاوضات غير المباشرة الدائرة في فيينا بين الولايات المتحدة وإيران بشأن العودة المتبادلة إلى مخطط وإطار الاتفاق النووي، وبهذه الطريقة سيساعده افتعال مواجهة مع إدارة جو بايدن في الساحة السياسية، بحسب هذه النظرية. حتى لو كان هناك مبالغة في تشخيص الدافعين، فإن احتكاكاً لا مفر منه بالولايات المتحدة هو أمر مؤكد تقريباً.

كانت إيران على الدوام الموضوع الأساسي والتأسيسي بالنسبة إلى نتنياهو، وبعد أن تبدد سحر “أنا وحدي جلبت اللقاحات” وعشرات الأحاديث الودية مع اليهودي ألبرت بورلا المدير العام لشركة فايزر، من الطبيعي في محنته أن يتوجه نتنياهو مجدداً نحو إيران. لديه مصلحة جوهرية في المحافظة على مستوى من العداء والتوتر إزاء إيران، سواء لأنه يؤمن بذلك أو لأن ذلك يخدمه.

بالنسبة إلى نتنياهو، السنة هي دائماً سنة 1938، وإيران هي ألمانيا النازية، وهو نسخة جديدة عن ونستون تشرشل. في مقابل هذا الخط لم تظهر تقريباً معارضة في إسرائيل باستثناء القليل في أجهزة الاستخبارات وفي الجيش على مر السنين. يعتبر نتنياهو إيران تهديداً وجودياً، وهو يعتبر خطواته لمنع هذا الخطر وإحباطه تاريخية. أي انتقاد أو موقف مختلف لسياسته إزاء إيران هو في الأساس نكران وعدم وطنية.

هذه الحكمة السائدة تستند إلى فكرة بسيطة: حجم الثرثرة، التباهي بالنفس، الغطرسة مع الإيحاءات، وخصوصاً تحمّل المسؤولية عن عمليات ضد السفينة الإيرانية “سافيز” في البحر الأحمر، مقابل ساحل أريتريا؛ تفجير منظومة الكهرباء في منشأة تخصيب اليورانيوم في نطنز؛ الحديث عن تسريب مسبق لعملية ثالثة، الهدف منها هو جر إيران إلى الرد.

ما يجري بين إسرائيل وإيران لم يعد حرب ظلال ولا معركة بين الحروب، بل أصبح حرباً متعددة الأبعاد، بقوة منخفضة نسبياً

طالما كانت إسرائيل تتحرك بصمت وبصورة خفية، ومن دون أي إقرار أو تطرُّق إلى الموضوع، كان في إمكان إيران امتصاص الضربة، وفي إمكان الولايات المتحدة التجاهل. ومن اللحظة التي بدأت فيها إسرائيل تتفاخر وتتباهى بإنجازاتها العملانية الناجحة، لكن المحدودة في حجمها وزمنها، وتضخيمها حجم الضرر – “سيستغرق إصلاح الضرر في نطنز 9 أشهر”، قال “الكهربائيون الإسرائيليون” – ستضطر إيران إلى الرد، والتصعيد الإضافي سيخلق واقعاً سياسياً مريحاً أكثر لنتنياهو وأقل راحة للولايات المتحدة في المفاوضات بشأن تجديد الاتفاق النووي.

لكن نظرة واسعة النطاق والزمن تدل على أن هذا التصعيد جرى بناؤه خلال عامين ونصف العام، منذ الانسحاب الأحادي الجانب للولايات المتحدة والرئيس السابق دونالد ترامب من الاتفاق في أيار/مايو 2018 حتى اليوم. دينامية التصعيد لا تنفي الدوافع السياسية والخارجية لنتنياهو، وبالتأكيد لا تحميه من الانتقادات، لكن نطاقها أوسع بكثير من صعوبات المفاوضات الائتلافية. خلال هذه الفترة وسعت إسرائيل معركتها بين الحروب، من الساحة الجوية والبرية والسيبرانية إلى الساحة البحرية، وبحسب التقارير، زادت حجم عملياتها ضد سفن وخطوط التجارة البحرية الإيرانية.

وزير الدفاع الإسرائيلي السابق نفتالي بينت وصف ذلك بـ”عقيدة الأخطبوط”، وخلال تلك الفترة حدث انفجار في نطنز، واغتالت الولايات المتحدة في كانون الثاني/ يناير 2020 قائد فيلق القدس قاسم سليماني، وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2020 قُتل محسن فخري زادة، العالِم الملقب بـ”أبو البرنامج النووي الإيراني”. الرئيس الإيراني حسن روحاني اتهم إسرائيل باغتيال فخري زادة وتعهد الانتقام. من هذه الناحية، ما يجري بين إسرائيل وإيران لم يعد حرب ظلال ولا معركة بين الحروب، بل أصبح حرباً متعددة الأبعاد، بقوة منخفضة نسبياً.

هل أجرت إسرائيل حساباً للتكلفة والفائدة، وهما في أساس استراتيجية التصعيد؟ من الصعب معرفة ذلك، لأنه لم يجرِ نقاش في المجلس الوزاري المصغر، وليس هناك جلسات للحكومة، ولا توجد لجنة خارجية وأمن، ولا توجد معارضة، هناك فقط نتنياهو

مَن له مصلحة في التصعيد؟

إذا جمعنا بين النطاق الواسع وبين أحداث الأيام الأخيرة، يبدو واضحاً أن لإسرائيل مصلحة في التصعيد. استخدام تعبيرات تحليلية جميلة “تصعيد متدرج” أو “سيطرة على التصعيد” مكانها في الدروس النظرية للعلاقات الدولية أو التاريخ العسكري. لا وجود تقريباً لمثل هذه السيطرة على أرض الواقع. من هنا يُطرح السؤال: هل أجرت إسرائيل حساباً للتكلفة والفائدة، وهما في أساس استراتيجية التصعيد؟ من الصعب معرفة ذلك، لأنه لم يجرِ نقاش في المجلس الوزاري المصغر، وليس هناك جلسات للحكومة، ولا توجد لجنة خارجية وأمن، ولا توجد معارضة، هناك فقط نتنياهو.

إقرأ على موقع 180  الرواية الأميركية لسلاح الطاقة الروسي "قاتل الجواسيس"

من مصلحة نتنياهو أن تفشل المفاوضات الأميركية – الإيرانية. الخلافات في محادثات فيينا لا تقتصر فقط على مسألتيْ التزامن والتبادلية في عمليات الولايات المتحدة وإيران، وهذا أمر يمكن حله بواسطة صيغ متفق عليها – بل هي أيضاً تتعلق بموضوعين جوهريين: الأول، مطالبة إيران بالرفع الفوري – مع تطبيق تدريجي- لـ “العقوبات غيرالنووية”. وهناك أكثر من 1200 عقوبة لا علاقة مباشرة لها بالموضوع النووي. والمقصود عقوبات ضد شركات وخطوط تجارة وحسابات مصارف وعمليات مالية وأفراد. هذه العقوبات فرضتها الولايات المتحدة بموجب قوانين محاربة الإرهاب وضد مَن يحمي الإرهاب، وليس كجزء من منظومة عقوبات موجهة تحديداً ضد البرنامج النووي الإيراني. بناء على ذلك، يتطلب إبطال هذه العقوبات عملية طويلة أكثر ويفرض موافقة الكونغرس عليها، الأمر الذي تريد إدارة بايدن تجنبه في هذه المرحلة المبكرة كي لا تضع الاتفاق كله في مركز مواجهة سياسية تستنفد طاقتها.

في المقابل، تدّعي إيران أنه مع كل الاحترام للقانون الأميركي فإن هذه العقوبات هي خرق فاضح وواضح للاتفاق النووي، لأن الدول الموقّعة للاتفاق في سنة 2015 – الولايات المتحدة، والصين، وروسيا، وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا – تعهدت “الامتناع من أي سياسة تمس بعملية تطبيع العلاقات وصِلات إيران التجارية مع دول أُخرى”، الأمر الذي تسببت به العقوبات.

الموضوع الثاني المختلَف عليه بين الطرفين في محادثات فيينا هو المطالبة الأميركية بتحسين الاتفاق الأصلي وإضافة أبعاد غير نووية إليه، مثل: تطوير إيران صواريخ باليستية، وتأييدها لتنظيمات إرهابية في سوريا. وعلى ما يبدو كان هذا الموضوع في مركز انتقادات إسرائيل للاتفاق الأصلي في سنة 2015، ولإسرائيل مصلحة واضحة وأساسية في استمرار الولايات المتحدة في مطالبتها هذه وإصرارها عليها.

منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في أيار/ مايو 2018 وحتى كانون الثاني/ يناير 2021، تحركت إسرائيل ضمن فراغ سياسي. ترامب ونتنياهو لم يقدما قط “اتفاقاً أفضل” كما أقسما ووعدا. استراتيجية واشنطن “الضغط الأقصى” على إيران فشلت – العقوبات القاسية أثّرت، لكنها لم تؤد إلى انهيار الاقتصاد الإيراني، وبالتأكيد لم تؤد إلى انهيار النظام في طهران.

ليس واضحاً ما هو هدف استراتيجية إسرائيل من هذا التصعيد – إلّا إذا قبلنا الحكمة البسيطة السائدة وهي أن هذا الأمر يخدم نتنياهو وليس بالضرورة إسرائيل

بدأت إيران بخرق الاتفاق وتخصيب اليورانيوم أكثر بنحو 12 مرة من الكميات التي كانت لديها قبل الاتفاق، وفي الأيام الأخيرة بدأت بضخ غاز اليورانيوم إلى 164 جهاز طرد مركزي من طراز IR-6 في منشأة نطنز، ووقّعت اتفاق تعاون مع الصين. أيضاً محاولة عزلها عن العالم فشلت – فقط أمس (الاثنين) زار طهران رئيس حكومة كوريا الجنوبية (أعلنت إيران اليوم (الثلثاء) رفع نسبة التخصيب اليورانيوم إلى ستين في المائة).

مع ذلك يحدث التصعيد الحالي بينما تجري الولايات المتحدة مفاوضات للعودة إلى الاتفاق النووي (غداً الأربعاء الحولة الثالثة من محادثات فيينا). وسواء نجحت بذلك أم لم تنجح وبأية شروط، تدور إسرائيل في حلقة تلامس عن قرب المصالح الأميركية. إذا بقي نتنياهو رئيساً للحكومة، فإن الأحداث الأخيرة ستكون جزءاً من مسار تصادم ومواجهة حتمية ومقصودة مع إدارة بايدن. وفق كل المؤشرات، ينوي نتنياهو العودة إلى تكرار ما قام به في محاولته غير الناجحة لإفشال ونسف الاتفاق النووي 2015: مواجهة مع الرئيس الأميركي، واتهام الولايات المتحدة بالتساهل والضعف وعدم فهم الخطر الإيراني، والذهاب إلى الكونغرس، حيث ستُسرّ الجمهوريين معالجة أي موضوع يمكّنهم من فتح جبهة ضد الرئيس الديمقراطي.

لكن الظروف في سنة 2021 لا تشبه إطلاقاً تلك التي كانت في سنة 2015. عملياً لا يوجد حلف إسرائيلي – سعودي – إماراتي. السعودية معزولة في واشنطن، بينما الإمارات تلعب لعبة مزدوجة ومنطقية، تتشدد تجاه إيران خارجياً وتتحاور معها بصمت. في البيت الأبيض يجلس رئيس ديمقراطي بعيد كل البعد عن الإعجاب بنتنياهو. حتى تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 على الأقل الديمقراطيون يسيطرون على مجلسيْ الكونغرس، لذا ليس واضحاً ما هو هدف استراتيجية إسرائيل من هذا التصعيد – إلّا إذا قبلنا الحكمة البسيطة السائدة وهي أن هذا الأمر يخدم نتنياهو وليس بالضرورة إسرائيل”. (المصدر: مؤسسة الدراسات الفلسطينية).

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Premium WordPress Themes Download
Premium WordPress Themes Download
Download Premium WordPress Themes Free
Download WordPress Themes Free
download udemy paid course for free
إقرأ على موقع 180  حكام ليبيا الجدد الآتون من زمن القذافي: الدبيبة نموذجاً!