“هل تسير العلاقات الروسية – الأميركية نحو انفجار كبير في الأشهر المقبلة؟
بعد تبادل رسائل عدائية بواسطة وسائل الإعلام، وفرض عقوبات إضافية على موسكو، ونشر التقرير الاستخباراتي الخاص بشأن التدخل الروسي في انتخابات 2020، واستدعاء السفير الروسي في الولايات المتحدة – يبدو أنه لا مفر من الأمر. الإدارة الأميركية الجديدة وصلت إلى الحكم وهي مصرة على العمل ضد النفوذ الروسي على عدة مستويات ومجالات، بدءاً من التدخل في الانتخابات وفي المجال السيبراني، وصولاً إلى انتهاك حقوق الإنسان (في روسيا)!
تطوران مهمان يمكنهما تأجيج اللهب، أولهما تدهور الوضع الصحي للزعيم (..) الروسي المعارض المسجون أليكسي نافالني فور عودته من علاج صحي في ألمانيا. يواصل نافالني الإضراب عن الطعام الذي أعلنه قبل أسبوعين، وهناك خطر على حياته. النظام الروسي اليوم أمام مأزق، سواء أطلق سراح نافالني أو حسّن شروط اعتقاله، فإن الأمر سيبدو تنازلاً جرى تحت ضغط الولايات المتحدة وأوروبا. إذا مرض نافالني أو توفي، فإن روسيا ستضطر من دون شك إلى مواجهة عقوبات إضافية مؤلمة أكثر من الحالية وستقوى شعبية نافالني أكثر.
التطور المهم الثاني هو المتعلق بالتوتر الجديد بين روسيا وأوكرانيا. تواصل روسيا حشد قواتها على حدود أوكرانيا وتهدد بحرب ستؤدي إلى “نهاية أوكرانيا”، بينما ترسل الولايات المتحدة سفناً حربية إلى البحر الأسود، وتطالب أوكرانيا بالعضوية في حلف الناتو.
هل تنوي روسيا خوض حرب أم تحاول نقل رسالة إلى الإدارة الأميركية؟
من المحتمل أن بوتين عندما يحرك قواته على الحدود الأوكرانية هو فعلاً يحاول إجبار الرئيس الأوكراني زيلينسكي على قبول شروط روسيا لاتفاق سلام معناه خضوع أوكرانيا الكامل، وذلك قبل أن ينهي بايدن بلورة سياسة أميركية في هذا الشأن. ثمة شك كبير في أن روسيا مهتمة بحرب في هذه الفترة، لكن خطوتها العدائية تهدف إلى ردع وتخويف، ليس فقط أوكرانيا، بل أيضاً دول أُخرى في المنطقة كانت في الماضي تابعة للاتحاد السوفياتي، وتلمّح إلى الغرب أنها إذا شاءت تستطيع مفاقمة الوضع على جبهات كثيرة. ويجب على إسرائيل، التي حافظت على علاقات جيدة ووثيقة مع روسيا في السنوات الأخيرة، أن تستعد لذلك.
روسيا لا ترى في لبنان عمقاً استراتيجياً فقط لسوريا، بل أيضاً دولة استراتيجية على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وتستغل ضعفه كي تنشر وصايتها عليه. في السنوات الأخيرة، زادت روسيا نشاطها في الأوساط المسيحية وهي تحاول موضعة نفسها كمدافعة عن المسيحيين في المنطقة
الاتفاق الجديد بين إيران والصين
أثنى الكرملين على الاتفاق الجديد للشراكة الاقتصادية والأمنية بين الصين وإيران (لمدة 25 سنة)، والذي سيمهد الطريق أمام استثمارات صينية في إيران بمليارات الدولارات (حوالي 400 مليار دولار)، وأعلن “بداية عهد جديد”، لكن تُسمع في موسكو أصوات تعبّر عن القلق حيال الاتفاق الجديد، الذي يمكن أن يُحيي من جديد الاقتصاد الإيراني المدمر. وبينما يكتب كثيرون في الغرب عن “مثلث القوة الجديد” الذي سيتحدى الولايات المتحدة ويشكل مشكلة لإسرائيل، ترى فيه روسيا جوانب سلبية محتملة. الاتفاق الجديد بين الصين وإيران، الذي يشمل أيضاً ركناً عسكرياً، ربما سيسمح للصين بتوسيع نشاطها في الأراضي الإيرانية. روسيا أيضاً تنوي استخدام موانىء إيرانية في بندر بوشهر وتشابهار كقواعد متقدمة لها. نشاطات صينية في هذه المناطق يمكن أن تشكل سبباً للخلاف بين الدولتين، وتحدياً للعلاقات بين موسكو وطهران.
ازدياد القوة الاقتصادية لإيران يمكن أن يؤثر في طبيعة النشاطات الإيرانية في سوريا. كما هو معروف إيران وروسيا تختلفان في نظرتيهما إلى مستقبل سوريا، وتتنافسان على مجالات النفوذ في هذه الدولة. صحيح أن الحلف بين الصين وإيران يمكن أن تربح منه روسيا، لكن علاقاتها بهاتين الدولتين معقدة للغاية وتمتاز بالشكوك والحذر. وعلى الرغم من أن العقوبات الغربية تدفع هاتين الدولتين إلى أحضان بعضهما البعض، فإن النزاعات والمنافسة القائمة بين الشركاء الجدد في المحور الروسي – الصيني – الإيراني في الشرق الأوسط لن تختفي في وقت قريب.
حزب الله في موسكو
قبل عدة أسابيع، زار وفد من حزب الله برئاسة محمد رعد العاصمة الروسية والتقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. حدثت الزيارة بالتوازي مع زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي، من المعقول الافتراض أن تقارب الزيارتين لم يكن صدفة. لموسكو علاقات جيدة بإسرائيل وأيضاً بحزب الله، وهي لا ترى تعارضاً في ذلك.
عندما أصدر حزب الله بياناً بشأن نيته فتح ممثلية مستقلة له في موسكو (لم يصدر الحزب بياناً عن فتح هذه الممثلية)، لم يصدر أي تكذيب روسي للموضوع. روسيا قاتلت مع حزب الله لإنقاذ بشار الأسد في سوريا، وهي الآن تعتبر التنظيم اللبناني مفتاحاً مهماً في توسيع نفوذها في بلد الأرز. وتبدي الشركات الروسية اهتماماً بمخزون الغاز اللبناني في البحر المتوسط، ويقوم الدبلوماسيون الروس بزيارات متكررة إلى بيروت، وفي السنة الأخيرة دخلوا أيضاً في خضم ما يجري، ويقترحون التوسط بين مختلف الأفرقاء اللبنانيين. روسيا لا ترى في لبنان عمقاً استراتيجياً فقط لسوريا، بل أيضاً دولة استراتيجية على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وتستغل ضعفه كي تنشر وصايتها عليه. في السنوات الأخيرة، زادت روسيا نشاطها في الأوساط المسيحية وهي تحاول موضعة نفسها كمدافعة عن المسيحيين في المنطقة، لكن في المقابل، وثّقت علاقاتها أيضاً بحزب الله. مما لا شك فيه أنه إذا تجددت التوترات بين حزب الله وإسرائيل، ستقود روسيا مساعي وساطة بين الطرفين، سواء فُتحت سفارة حزب الله في موسكو أم لم تُفتح” (المصدر: “مؤسسة الدراسات الفلسطينية” بتصرف).