“هآرتس”: حرب أخرى خاسرة.. يجب وقفها الآن!

Avatar18019/05/2021
مع مرور عشرة أيام على حرب غزة، تتعالى يومياً الأصوات الإسرائيلية الداعية إلى إعتراف تل أبيب بأن ما حقّقه جيشها هو أقصى ما يمكن تحقيقه في هذه "الحرب الخاسرة"، وبالتالي عليها أن تبادر إلى وقف الحرب من جانب واحد!

في إفتتاحية “هآرتس“، اليوم (الأربعاء)، إختارت إدارة تحرير الصحيفة العنوان الآتي: “كفى”، وتضمنت الآتي:

“لدى كتابة هذه السطور، بلغ عدّاد دماء ضحايا عملية “حارس الأسوار” 212 قتيلاً في غزة، بينهم 61 طفلاً وولداً وشاباً و36 امرأة. في إسرائيل، قُتل منذ بداية العملية 13 شخصاً، بينهم طفل في الخامسة من عمره. 1400 شخص جُرحوا في غزة، نصفهم من النساء والأولاد و50 منهم حالتهم حرجة. في إسرائيل تعطلت الحياة بصورة مطلقة، على الأقل في نصف البلد، بينما يعيش كثيرون في ظل خوف دائم. (…)

إذا كان لهذه العملية من إنجازات بالنسبة إلى إسرائيل – وهي في أحسن الأحوال في المدى القصير – فإنها استنفدت نفسها منذ وقت. الآن تتواصل العملية بقوة الاستمرار، فقط لأن إسرائيل قادرة على مواصلتها بـ”ثمن ضئيل” نسبياً، في الأساس من أجل إثارة إعجاب مواطنيها بقدرات الجيش الإسرائيلي والشاباك، الذين يقاتلون في مواجهة كيان عسكري أدنى منهم بما لا يقارَن. إذا استمرت العملية أياماً أُخرى فإنها ستؤدي فقط إلى المزيد من القتل والدمار غير الضروريين. وهي بالتأكيد لن تسفر عن أي فائدة بالنسبة إلى إسرائيل. هي فقط ستزرع المزيد من الخوف والكراهية والمهانة والرغبة في الانتقام.

في الوضع الحالي ليس أمامنا سوى وقف العملية فوراً، من دون تأخير أو ذرائع، حتى قبل أن يضع المجتمع الدولي نهاية لها. يجب وقف “حارس الأسوار” فقط بسبب المعاناة والألم الهائلين اللذين تسببت بهما لمليوني شخص، وليس لأن الولايات المتحدة تطلب ذلك من إسرائيل- هذه العملية يجب أن تتوقف أيضاً لأنها لا تساعد إسرائيل.

هذه حرب أخرى خاسرة من بين حروب كثيرة. سبقتها كل الأخطاء الممكنة: استفزازات عنيفة لا ضرورة لها في القدس الشرقية، وفي حي الشيخ جرّاح، وفي بوابة نابلس، وفي المسجد الأقصى. صحيح أن هذا لا يبرر إطلاق “حماس” الصواريخ العشوائية على السكان المدنيين، لكن كان من الأفضل لو أن إسرائيل سعت للمحافظة على الهدوء في فترة التوتر هذه بدلاً من خلق الاستفزازات.

على الرغم من الكلام المتغطرس الصادر عن المستويين السياسي والعسكري، فإن هجمات إسرائيل الآن لا فائدة منها. قادة “حماس” و”الجهاد الإسلامي” الذين اغتالتهم سيُستبدَلون بآخرين، والقدرات العسكرية للتنظيمين سيُعاد بناؤها بسرعة، وستكون أكثر تطوراً وخطورة من السابق، كما جرى بعد العمليات السابقة.

لا يوجد حل عسكري لغزة، وعملية “حارس الأسوار” لن تغير هذا الواقع أيضاً. لذا، يجب وقفها فوراً”.

تدمير الأنفاق بالقصف الثقيل كشف قدرة عملانية استراتيجية، من دون المسّ فعلاً بالقدرة القتالية للعدو. من المحتمل وقوع قتلى في الأنفاق، ربما 100 أو 200، وربما 300 من مقاتلي “حماس”، لكن هل هذا يؤدي إلى سقوط حكمها وسقوط منظومتها للسيطرة والتحكم وقدرتها على إطلاق الصواريخ

وفي إفتتاحية موازية، كتب رئيس تحرير “هآرتس” ألوف بن معتبراً أن عملية غزة هي الحرب الإسرائيلية الأكثر فشلاً ولا ضرورة لها، وقال: “نحن أمام فشل عسكري وسياسي خطر كشف خللاً في استعدادات الجيش وأدائه، وفي قيادة الحكومة المتعثرة والضعيفة. وبدلاً من تضييع الوقت والسعي غير المجدي لـ”صورة انتصار” من خلال القتل والدماء في غزة وتعطيل الحياة في إسرائيل، يتعين على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وقفها الآن، والموافقة على وقف إطلاق النار، على أمل أن يستوعب الجمهور بسرعة التقصير كما في كارثة ميرون. في عالم طبيعي كان يجب أن نضيف هنا “المطالبة بفحص داخلي جذري في الجيش الإسرائيلي”، لكن بالنسبة إلى المتهم الجنائي نتنياهو الذي يدافع عن بيته في شارع بلفور، فليس لديه صلاحيات ولا قوة سياسية لقيادة مثل هذا التغيير الضروري”.

وعدّد رئيس تحرير “هآرتس” الثغرات التي أبرزتها الحرب، إدارة وإعداداً:

أولاً، فوجئت إسرائيل مفاجأة كبيرة باتخاذ “حماس” المبادرة، وبالجرأة والقدرة على القتال اللتين أظهرتهما من خلال إطلاق آلاف الصواريخ على الجبهة الداخلية الإسرائيلية.

ثانياً، تركز الاهتمام الأمني في إسرائيل في العقد الأخير على “المعركة بين الحروب” في الشمال، وعلى الصراع ضد إيران.

ثالثاً، إعتُبرت غزة ساحة ثانوية يمكن احتواؤها بتضافر وسائل اقتصادية وتسهيلات معينة في ظل الحصار، مثل إدخال مواد بناء؛ وفي توظيفات عسكرية كبيرة (ومحقة) في وسائل الدفاع، وعلى رأسها القبة الحديدية والعائق تحت الأرض على الحدود مع غزة، التي أثبتت قدرتها على إحباط عمليات تسلل بري وقلصت المسّ بالجبهة الداخلية (…). إلى جانب الإخفاق الاستخباراتي الاستراتيجي والاستخفاف بنيات “حماس” وقدراتها، برز أيضاً الفشل الاستخباراتي التكتيكي: لم يجمع الجيش الإسرائيلي ما يكفي من الأهداف النوعية في غزة، والتي يمكن أن يؤدي المسّ بها إلى انهيار الحافز وقدرة “حماس” على مهاجمة الجبهة الداخلية الإسرائيلية. صحيح أن سلاح الجو ضرب أهدافاً كثيرة ستضطر “حماس” إلى العمل على إعادة بنائها، لكن هذا لم يكن كافياً. أيضاً ساعات الطيران والسلاح للجيش لهما ثمن اقتصادي، مثل حفر الأنفاق والصواريخ لدى “حماس”. وكما كتب ذات يوم اللواء يسرائيل طال: “عندما نستمد الاستراتيجيا من التكتيكات ننتصر في معارك ونخسر حروباً”.

إقرأ على موقع 180  موجة جديدة من الانتفاضات الطلابية.. المستقبل لا يُهزم

يمكننا أن نقنع الجمهور بكل النشرات الإخبارية وبالكلام المتغطرس بشأن “ضربات مؤلمة تلقتها حماس”، ونعرض إلى ما لا نهاية الطيار الذي قتل ضابطاً في “الجهاد الإسلامي” – يجب ألّا ننسى موازين القوة بين طائرة حربية متطورة مع سلاح دقيق ضد مبنى سكني. كل هذه الطبقات من المساحيق لا تستطيع أن تخفي الحقيقة: ليس لدى الجيش الإسرائيلي أي فكرة عن كيفية إسكات “حماس” وإخراجها من المعادلة. تدمير الأنفاق بالقصف الثقيل كشف قدرة عملانية استراتيجية، من دون المسّ فعلاً بالقدرة القتالية للعدو. من المحتمل وقوع قتلى في الأنفاق، ربما 100 أو 200، وربما 300 من مقاتلي “حماس”، لكن هل هذا يؤدي إلى سقوط حكمها وسقوط منظومتها للسيطرة والتحكم وقدرتها على إطلاق الصواريخ على إسرائيل (…)؟

القوات البرية في الجيش الإسرائيلي تراجعت، لعبت دوراً هزيلاً كقوة خداع مهمتها إرباك العدو وجرّه إلى فخ الهجمات الجوية. من الجيد أن أحداً لم يفكر في عملية برية تنطوي على خسائر كثيرة في قطاع غزة. ليس لإسرائيل هدف يبرر مثل هذه العملية. مع ذلك يتسلل الخوف إلى القلب من أن سلاح البر غير مستعد للقتال

رابعاً، بعد عام الكورونا، اعتاد الجمهور الإسرائيلي إغلاق المدارس، والشوارع الخالية، ومطاراً مشلول الحركة، وهو يُظهر قدرة على الصمود أيضاً عندما تُفرَض عليه القيود بسبب صواريخ غزة أو الفيروس من الصين. الخوف العام يتركز على انهيار الحياة المشتركة بين العرب واليهود داخل إسرائيل أكثر من المواجهة الخارجية. ومع ذلك، تسببت “حماس” بالمسّ بقوة بنسيج الحياة العادية في تل أبيب، وفي الجنوب، ولا يبدو أن الجيش الإسرائيلي مؤهل لمنع أو وقف ذلك حتى بعد أسبوع ونصف الأسبوع من تبادل إطلاق النار.

خامساً، القوات البرية في الجيش الإسرائيلي تراجعت، لعبت دوراً هزيلاً كقوة خداع مهمتها إرباك العدو وجرّه إلى فخ الهجمات الجوية. من الجيد أن أحداً لم يفكر في عملية برية تنطوي على خسائر كثيرة في قطاع غزة. ليس لإسرائيل هدف يبرر مثل هذه العملية. مع ذلك يتسلل الخوف إلى القلب من أن سلاح البر غير مستعد للقتال.

سادساً، من المفيد العودة إلى التنبؤات الغاضبة للواء في الاحتياط يتسحاق بريك الذي انتقد الجيش بشدة في الأعوام الأخيرة، وعاد وكرر تحذيره من الحرب المقبلة التي ستدور في الجبهة الداخلية، إذ ليس لدى إسرائيل رد على آلاف الصواريخ، والقوات البرية ليست مستعدة للقتال. لقد تطرق بريك إلى الحرب المقبلة مع حزب الله، الذي لديه قوة نار أقوى بكثير مما لدى “حماس”، لكن المواجهة الحالية يجب أن يُنظَر إليها كتدريب على الاختبار الحقيقي والنتيجة ليست جيدة.

سابعاً، لقد اعترضت القبة الحديدية الأغلبية الساحقة من الصواريخ وأنقذت حياة الكثيرين، لكنها لاقت صعوبة في الوقوف في وجه الصليات المركزة التي أغرقت المنظومة الدفاعية الإسرائيلية. لم يسبق للجبهة الداخلية أن تعرضت لهذا الكم من السلاح. عسقلان تحولت إلى مدينة أشباح، والمنازل التي لا يوجد فيها ملاجىء باتت مهجورة. وكل هذا يتضاءل أمام قدرات حزب الله الهجومية.

ثامناً، إزاء الإنجازات الضئيلة هذه، حسناً يفعل نتنياهو إذا أوقف العملية الآن، أو على الأقل أن يمنح جو بايدن إنجازاً صغيراً يطلبه منه: وقف إطلاق نار فوري.

وختم رئيس تحرير “هآرتس”: “ليس هناك أي فائدة من الاستمرار في التخبط في رمال غزة وشل الحياة في الجنوب وفي وسط البلد. وعلى ما يبدو إصلاح الجيش سينتظر صعود زعامة أُخرى في إسرائيل” (المصادر بالعربية: مؤسسة الدراسات الفلسطينية).

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Premium WordPress Themes Download
Download Premium WordPress Themes Free
Premium WordPress Themes Download
Premium WordPress Themes Download
free download udemy paid course
إقرأ على موقع 180  موجة جديدة من الانتفاضات الطلابية.. المستقبل لا يُهزم