المحافظون الإيرانيون “وصفة إنقاذية”.. أم عقوبة إضافية؟

في إنتظار الإعلان عن الحكومة الايرانية الجديدة، غداة دخول الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى قصر باستور في الخامس من الشهر المقبل، يمر المشهد السياسي الايراني بمرحلة إنتقالية سمتها الأبرز غياب الإصلاحيين من جهة وإمساك المحافظين بكل مقاليد السلطة من جهة ثانية.

تعيش إيران فترة انتقالية يتخللها إنتقال السلطة السياسية من تيار سياسي إلى تيار آخر. وفي الأثناء، يبرز السؤال الآتي: هل حكومة رئيسي ستختلف عن سابقاتها وهل يمكن أن تأتي بالمن والسلوى للشعب الإيراني؟

عندما يقدّم المرشحون للإنتخابات الرئاسية الايرانية برامجهم، يتعهدون بإيجاد حلول آنية للأزمات السياسية والإقتصادية والإجتماعية، ولكن بمجرد جلوسهم على كرسي الرئاسة يحيلون تقصيرهم بالكامل إلى من سبقهم من رؤساء وحكومات ويدّعون أن أيديهم كانت مغلولة لأن الحكومة السابقة سلّمتهم “أرضاً محروقة”!

وكما هو معروف، فإن حكومة ابراهيم رئيسي ستتسلم زمام الأمور رسمياً في أوائل شهر آب/أغسطس المقبل، ويحاول المحافظون في البرلمان منذ الآن تحميل مسؤولية أي فشل محتمل للحكومة المقبلة برئاستهم إلى حكومة الرئيس حسن روحاني، برغم أنهم ومنذ بضعة شهور يُقدمون مُرشحهم رئيسي بوصفه “الأمل الإنقاذي الوحيد” من الأزمات الإقتصادية.

وفي مؤشر إلى ماهية الخطاب المتوقع للمحافظين في المرحلة المقبلة، رفض مجتبى ذو النوري أحد النواب المحافظين وعضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الايراني ما ذكره أحد المحللين السياسيين بأن حكومة روحاني سوف تسلم الحكومة المقبلة أرضاً محروقة، وقال ذو النوري إن مصطلح الأرض المحروقة “يمكن إن نطلقه عندما يحترق كل شيء فوق الأرض ونسلم الأجيال المقبلة أرضاً مدمرة، ولكن أنا أعتقد أن الرئيس روحاني لم يترك أرضاً في الأساس لكي يسلمها للحكومة المقبلة”!.

هذه العينة من مواقف المحافظين عبّر عنها أيضاً رئيس اللجنة الإقتصادية في البرلمان الايراني بور ابراهيمي بقوله إن العجز في الموازنة وصل إلى 350 ألف مليار تومان، وبالتالي على الحكومة الجديدة برئاسة رئيسي العمل لمدة عامين لكي تتمكن فقط من تعويض العجز الذي ترثه من الحكومة الحالية برئاسة روحاني.

بدوره، يقول رئيس تحرير صحيفة “كيهان” المحافظة الصحافي المعروف حسين شريعتمداري إن الأرقام التي ترثها حكومة ابراهيم رئيسي لا تشي بأوضاع إقتصادية جيدة، وتوقع أن تنشغل الحكومة المقبلة خلال أول سنتين أو أكثر “في ترميم الدمار فقط”.

هذه التصريحات تأتي في وقت أعلن فيه المحافظون عدة مرات أنه مع توحيد التوجهات في مركز صناعة القرار في إيران، لا يبقى هناك مجال للذرائع بل على على الجميع شحذ الهمم لإيجاد حلول آنية للمشاكل الإقتصادية، لكن ما الذي حلَّ حتى بدأ المحافظون يسوّقون لإحتمالات الفشل ورمي المسؤوليات مسبقاً على غيرهم، وهذا السؤال يطرح نفسه بقوة في الشارع الايراني في يومنا هذا.

لعل الصدمة الأولى التي ينتظرها الإيرانيون تتصل بهوية الأشخاص الذين سيستقطبهم الرئيس ابراهيم رئيسي ويعتمد عليهم في حكومته الأولى، ولعل التركيز الأكبر على الفريق المعني بالسياسة الخارجية وأيضاً الفريق الإقتصادي الذي سيدير البلاد، وهل يمكن لهذه الحكومة حقاً أن تكون بمثابة المنقذ للإقتصاد الايراني

وعلى سبيل المثال لا الحصر، وعد إبراهيم رئيسي بتشييد أربعة ملايين شقة سكنية خلال سني ولايته الرئاسية، أي 2740 شقة سكنية يومياً، وبحسب الخبراء، يتطلب ذلك من الحكومة المقبلة تخصيص 62 مليار دولار لتنفيذ هذا الوعد الإنتخابي، لكن في ظل العقوبات التي تواجهها ايران وتراجع مدخراتها اللازمة لمثل هذه المشاريع الاستثمارية الضخمة، هل يمكن تنفيذ هذا المشروع ـ الوعد الإنتخابي، وفي ظل تراجع عائدات بيع النفط إلى تسعة مليارات دولار خلال العام الماضي، هل يمكن للحكومة بناء أربعة ملايين شقة سكنية في أربع سنوات؟

وإذا صح القول إن حكومة روحاني سوف تسلم ابراهيم رئيسي “أرضاً محروقة” و”خزينة خالية من الأموال”، إذاً كيف يمكن للحكومة المقبلة إيجاد حلول آنية لأزمات السكن والتضخم والبطالة وغيرها من الأوضاع المعيشية التي يعاني منها الشعب؟

يعتقد المحلل السياسي المحافظ ناصر ايماني أن حكومة رئيسي يجب أن تكسب ثقة الشعب الايراني من خلال الإلتزام بالوعود والشعارات الإنتخابية التي أتت على أساسها، وأضاف “إيماني بأن العقوبات يجب أن تُلغى بكل تأكيد، وأن حكومة رئيسي أو أي حكومة أخرى تستلم زمام الأمور في ايران عليها أن تضع رفع العقوبات الظالمة على رأس أولوياتها”.

لكن ماذا إذا فشلت مفاوضات فيينا وتعذر التوصل إلى تفاهم نووي وبالتالي قرر الأميركيون المضي في العقوبات، وربما تشديدها في المرحلة المقبلة، كيف ستتصرف حكومة إبراهيم رئيسي وهل تملك تصوراً متكاملاً لتلك الإحتمالات؟

لعل الصدمة الأولى التي ينتظرها الإيرانيون تتصل بهوية الأشخاص الذين سيستقطبهم الرئيس ابراهيم رئيسي ويعتمد عليهم في حكومته الأولى، ولعل التركيز الأكبر على الفريق المعني بالسياسة الخارجية وأيضاً الفريق الإقتصادي الذي سيدير البلاد، وهل يمكن لهذه الحكومة حقاً أن تكون بمثابة المنقذ للإقتصاد الايراني، وهل لديها الوصفة المناسبة لتحدي العقوبات الإقتصادية وإحتمالات رفعها أو تصاعدها؟ وهل يمكنها أن تزيح عن كاهل المواطن الايراني الأثمان الباهظة لسياسة ايران الخارجية؟

إقرأ على موقع 180  رئيس إيران المقبل.. جليلي أم بزشكيان؟

 

Print Friendly, PDF & Email
طهران ـ علي منتظري

كاتب وصحافي ايراني مقيم في طهران

Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
Download WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
udemy course download free
إقرأ على موقع 180  تقدير عسكري إسرائيلي: نصرالله يرد قبل 18 أيلول