هذه التحديات تحدثتُ عنها في مقالتي في الاسبوع الماضي؛ قسم منها يرتبط بالجانب الايراني الذي يقول انه لُدغ مرة عند انسحاب الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق عام 2018؛ ولا يريد ان يُلدغ مرتين. وقسم آخر يتعلق بالجانب الداخلي الامريكي، وهو معقد لارتباطه بالادارة الامريكية وبالكونغرس من جهة؛ والعلاقة التي تربط الادارة بالكونغرس من جهة ثانية.
ليس من المعلوم توفر رغبة جدية لدى الادارة والكونغرس لحل المشاكل العالقة مع ايران واحياء الاتفاق النووي من خلال الغاء العقوبات المفروضة علی ايران.
لم يتمكن دونالد ترامب من الغاء العقوبات المفروضة علی كوريا الشمالية إستناداً إلى صفقة وافق عليها الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون؛ وبالتالي باءت كافة جهوده بالفشل بعدما وقف حائراً بشأن عدم امكانية ازالة العقوبات التي فرضها الكونغرس علی بيونغ يانغ. الاعتقاد السائد ان العقوبات المفروضة علی ايران لا تقل تعقيداً عن النموذج الكوري الشمالي.
لذلك، يُشكّك بعض المراقبين في امكانية التوصل إلى حل في مفاوضات 29 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري بسبب التحديات التي اشرنا اليها؛ فيما يعتقد آخرون ان قطار الحل قد انطلق من اجل توصل هذه المفاوضات إلى نتيجة ترغب بها جميع الاطراف المعنية بهذه المفاوضات.
وسواء وصلت المفاوضات إلى نتيجة ام لم تصل، فان العلاقة بين طهران وواشنطن بحاجة الی اطار اكثر ضمانة من الاتفاق النووي نفسه.
البلدان باتا بحاجة إلى إطار آخر خارج إطار الاتفاق النووي؛ كما عبّر عن ذلك مندوب الادارة الامريكية للشأن الايراني روبرت مالي بهدف تحقيق أمرين. الاول، تعزيز تنفيذ الاتفاق النووي. والثاني، تنظيم العلاقة بين طهران وواشنطن من اجل صمود الاتفاق النووي
انسحاب الولايات المتحدة من هذا الاتفاق عكس عدم جدواه لضبط ايقاعات العلاقة بين العدوين اللدودين ايران والولايات المتحدة. ويسود تكهن ان هذه العلاقة لن تكون عادية حتی وإن تم إحياء الاتفاق النووي، لأن الدولة العميقة داخل الولايات المتحدة لم تحسم امرها بشأن ايران. واستنادا إلی ذلك، فان البلدين باتا بحاجة إلى إطار آخر خارج إطار الاتفاق النووي؛ كما عبّر عن ذلك مندوب الادارة الامريكية للشأن الايراني روبرت مالي بهدف تحقيق أمرين. الاول، تعزيز تنفيذ الاتفاق النووي. والثاني، تنظيم العلاقة بين طهران وواشنطن من اجل صمود الاتفاق النووي.
استنادا إلی ذلك أطرح تصوراً للخروج من هذه العقدة. فقد أثبتت التطورات ان الاتفاق النووي تأثر كثيرا بالسياسة الخارجية الايرانية سواء الاقليمية منها ام الدولية، ومنها العلاقة بالولايات المتحدة. ولأجل تخطي هذه العقدة، لا بد من التفكير بجدية بمعاهدة تتناول الجوانب المتعددة بين ايران والولايات المتحدة تقوم علی اساس الاحترام المتبادل والاعتراف بالنظام السياسي في ايران مقابل نتائج تتوصل إليها المفاوضات المباشرة بين البلدين التي يجب ان تستند إلی قاعدة “رابح رابح”. السؤال اين سيكون “الاتفاق النووي”؟ اعتقد ان هذا السؤال مهم جدا وهو الذي تنطلق من عنده المعاهدة الثنائية بين ايران والولايات المتحدة.
الخطوة الاولی تبدأ من تحرير الاتفاق النووي من القيود والقوانين الامريكية التي تقف حائلاً دون ازالة كافة العقوبات المفروضة علی ايران. الادارة الامريكية تستطيع اعطاء اعفاءات للاتحاد الاوربي ولبقية الدول الاخری لتنفيذ الجانب الاقتصادي من الاتفاق النووي وهو ما تطالب به ايران مقابل عودتها للاتفاق وخفض التصعيد في برنامجها النووي. في هذه الحالة، يتم احياء الاتفاق النووي في اطار مجموعة 4+1 علی ان تبدأ مفاوضات جادة وجدية مباشرة بين الادارتين الامريكية والايرانية؛ هدفها التوصل إلى معاهدة ثنائية تنال موافقة البرلمان في كلا البلدين.
في هذا التصور يتم تحقيق ثلاثة اهداف اساسية. الاول، احياء الاتفاق النووي المتعثر وتحقيق رغبة جميع الاطراف المعنية به. الثاني، تجاوز الاشكالات القانونية التي تواجه الادارة الامريكية. الثالث، التوقيع علی معاهدة ثنائية يحتاجها الجانبان الايراني والامريكي تحدد اسس العلاقة الاستراتيجية بين البلدين وتاخذ بالاعتبار الجوانب السياسية والامنية والاقتصادية.
ان التفكير بهذه التصورات من شأنه حلحلة المفاوضات المقبلة وخلق اجواء جديدة تستطيع تحقيق اهداف جميع الاطراف علی أساس “رابح رابح”.