نفق الناقورة اللبناني.. ورقة قوة في “لحظة حاسمة”

ثمة لحظة لبنانية لا تُقدر بثمن. لحظة كفيلة بالتعويض عن إرتجال لبناني عمره من عمر ملف الغاز والحدود البحرية. أمن الطاقة هو ملف حيوي أميركياً ربطاً بحرب أوكرانيا. كل مصادر الطاقة البديلة للغاز الروسي تندرج ضمن هذه الأولوية الأميركية. في هذه اللحظة، دخلت المقاومة ورسمت خطوطها وطلبت من المفاوض اللبناني أن يستثمر في عنصر القوة اللبنانية الوحيد واليتيم!

في هذه اللحظة، ومن على مقربة من نقطة رأس الناقورة (التقاء البحر بالبر بين لبنان وفلسطين المحتلة)، سلّط وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني علي حمية يوم السبت في 16 تموز/يوليو الجاري الضوء مجدداً على بقعة جغرافية لبنانية محتلة تضاف إلى تلك المحتلة (مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من بلدة الغجر).

هذا الحيّز الجغرافي هو نفق سكة القطار الذي يربط لبنان بفلسطين المحتلة، والذي أنشىء، وفق حميّة، بإشراف الجيش الإنجليزي في أربعينيّات القرن الماضي، يبلغ طوله قرابة الـ695 متراً، تعرّض للقصف سابقاً، وقسّم على أثره إلى ثلاثة أجزاء، أحد هذه الأجزاء يبلغ طوله قرابة الـ70 متراً ويقع ضمن الأراضي اللبنانية شمال نقطة الـB1 المحتلة أيضاّ (جرى تثبيتها عام 1923 واعتمد على أساسها في ترسيم خط الهدنة (1949)، والخط الأزرق بعد تحرير العام 2000).

بالضرورات الأمنية يتذرع العدو الإسرائيلي مبرراً سيطرته على النفق ومحيطه، وتتفرّع هذه السيطرة إلى شقّين:

1- وضع العدو سياجاً فاصلاً على رأس تلة، متجاوزاً باتجاه الشمال، الخط الأزرق المرسوم على الورق، وبالتالي يصبح هذا السياج شمال نقطة الـB1 أي داخل الأراضي اللبنانية.

2- شيّد العدو جداراً إسمنتياً صلباً على المدخل الشمالي للنفق في وقت سابق (خلال عدوان تموز/يوليو 2006، حيث كان الدخول إلى جزء من النفق متاحاً قبل ذلك مع تحرير العام 2000)، وبالتالي فإنه يسيطر على كامل النفق بما فيه الجزء اللبناني.

وبالرغم من واقع احتلال هذه البقعة الحسّاسة، يشدّد الوزير حميّة على أن النفق المحتل بكونه مرفقاً عاماً هو حق سياديّ لبناني، وهو ملك لوزارة الأشغال والنقل ولمصلحة سكك الحديد تحديداً، وإن استعادته هي حق مشروع للبنان، ومن حق الوزارة أن تطلق مناقصات لاستثماره سياحياً على غرار ما هو حاصل في الجانب الإسرائيلي، بغية ضخ إيرادات مالية لخزينة الدولة المأزومة.

يرى الوزير علي حمية أن نفق الناقورة يشكل “عاموداً فقرياً” لحفظ حقوق لبنان البريّة والبحريّة عند الحدود مع العدو بالاستناد إلى الموقع الفعلي للنقطة B1 ورأس الناقورة

ونظراً لقرب النفق من نقطة الـB1 ورأس الناقورة التي تشكل مرتكزاً في حفظ ورسم حدود لبنان البريّة والبحريّة، وهي النقطة المحتلة التي لا ينقطع العدو عن السعي لتحريكها 30 متراً شمالاً، وبالتالي يخسر لبنان مساحة من الأراضي تُقدر بمئات الكيلومترات المربعة من منطقته الاقتصادية الخالصة بما تحتوي من غاز، وثانياً يُشكّل تحريكها سابقة ويُكرّس عرفاً يفتح الباب أمام تحريك أية نقطة حدودية متوافق أو غير متوافق عليها على امتداد الحدود.

يرى الوزير حمية أن نفق الناقورة يشكل “عاموداً فقرياً” لحفظ حقوق لبنان البريّة والبحريّة عند الحدود مع العدو بالاستناد إلى الموقع الفعلي للنقطة B1 ورأس الناقورة. وتقترن هذه الرؤية مع تأكيد “مصادر معنية” على العلاقة التكامليّة بين النفق والـB1، وبالتالي رأس الناقورة وارتباطه بالقضيّة الأكثر جدلاً وحساسيّة اليوم وهي التفاوض على ترسيم الحدود البحريّة بين لبنان والعدو، وهي أسس يخدم كل منها الآخر على النحو التالي:

1- نقطة الـB1 تُحدّد حدود النفق وتحافظ عليه ضمن الأراضي اللبنانية، وتدل على نقطة رأس الناقورة.

2- نقطة رأس الناقورة تعطينا انطلاقة صحيحة لخط الحدود البحريّة، وهي التي استند إليها الجيش اللبناني في رسم الخط 29.

3- الخط 29 هو الذي جعل حقل قانا بكامله مطلباً للدولة اللبنانية، ووضع حقل كاريش في خانة المتنازع عليه، مما ساهم بتكريس معادلة الاستخراج من كاريش يقابله استخراج من الحقول اللبنانية.

4- نفق سكة القطار وشواهد ملكيته عقارياً من قبل الدولة اللبنانية، يدعّم ثبات نقطة الـB1 في مكانها وبالتالي رأس الناقورة، ويدحض أية مخططات لتحريكها من قبل العدو.

في الأيام والأسابيع وليس الأشهر الفاصلة عن مسعى العدو لاستخراج الغاز من حقل كاريش، وأمام المعادلة الأخيرة التي خطّها الأمين العام لحزب الله “ما بعد بعد كاريش”، وعود على الذكرى السادسة عشرة لعدوان تموز/يوليو 2006، نسأل. هل ستنتصر الجهود السياسية والدبلوماسية مستفيدةً من عوامل القوة في تثبيت حقوق الوطن السياديّة، أم أن الأمر يحتاج إلى جولة صراع جديدة؟

ثمة شعرة بسيطة بين الحرب والتسوية لننتظر ونرَ.

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  ترسيم الحدود البحرية اللبنانية.. أسير النزاع التركي القبرصي (2/1)
علي دقماق

كاتب لبناني

Download Best WordPress Themes Free Download
Premium WordPress Themes Download
Download WordPress Themes Free
Download WordPress Themes
free download udemy paid course
إقرأ على موقع 180  مجلس صيانة الدستور أم صيانة السلطة؟ (1)