جبران تويني مؤسس “النهار”.. العروبة الصافية

تناولت ثلاث مقالات سابقة الأبعاد الفكرية والسياسية لمجموعة من المفكرين المسيحيين اللبنانيين، واحدة منها عن الرؤية الإستشرافية لشارل مالك وتحذيره اللبنانيين من مخاطر التعامل مع اسرائيل، والثانية تطرقت إلى قصائد الشاعر الكبير سعيد عقل عن مدينة القدس المحتلة ودمشق ومكة المكرمة، والثالثة جالت في كتابات النخبة المسيحية في النصف الأول من القرن العشرين وتقاطعاتها المنددة ببناء دولة يهودية في فلسطين والمحذرة منها في آن. هذه المقالة تجول في آراء وكتابات جبران تويني مؤسس صحيفة "النهار" اللبنانية الشهيرة.

بالإستناد إلى السيرة الذاتية لجبران تويني والمنشورة على موقع نقابة الصحافة اللبنانية، أنه من مواليد عام 1890 ومن وفيات سنة 1947، وحين سافر إلى باريس عام 1908 تنقل بين صحيفتي “باريز” و”نهضة العرب”، وخلال إقامته في مدينتي الإسكندرية والمنصورة المصريتين راسل صحف “الدلتا ” و”البصير” و”المقطم” و”الأهرام”، وبعد عودته الى بيروت عام 1923 عمل في صحيفة “الحرية” ثم أسهم في انشاء صحيفة “الاحرار” وليؤسس صحيفة “النهار” عام 1933.

في كتاب “في وضح النهار” الصادر عام 1939 والذي يحتوي على مجموعة مختارة من مقالاته، يُقدّم جبران تويني لكتابه بالقول “ليس الكتاب الذي بين يديك أيها القارىء كتاباً ذا موضوع واحد، إنما هو مجموعة اخترتها من مقالات سبق وكتبتها في الأحرار والنهار، فهو سجل للحوادث كنتُ أدونها يوم وقوعها مع التأثير الذي كان يخالجني أثناءها”.

وفي هذه المقالات المتدرجة بين السياسة والإقتصاد والإجتماع، لا يخفي تويني أفكاره ولا يتقمص بغير آرائه، خصوصا حيال ثلاث قضايا لا تنفك شدة حضورها وحديتها ووضوحها عن مجموع المقالات، فتويني يبدو منحازاً بتطرف نحو العروبة، ومحارباً بلا هوادة للطائفية وملحقاتها الموبوءة، وغير محايد بالمطلق إزاء إسرائيل والدولة اليهودية، وفي ذلك يقول:

أولاً؛ العروبة:

في سياق الجدل حول هوية لبنان في عشرينيات القرن الماضي، هاجم جبران تويني بشدة الفئة اللبنانية القائلة بلاعروبة لبنان وكتب في صحيفة “الأحرار” في التاسع من تموز/يوليو 1929 “تزعم صحيفة الأوريان ومن لف لفّها من المتفرنجة أن لبنان بلد غير عربي وأن حضارته نصرانية، ونحن نقول للزميلة إنه لا يوجد للبنان حضارة دينية خاصة لأنه ليس مؤلفاً من طائفة واحدة، ومن الخطأ أن يقال إنه بلد ذو حضارة نصرانية، فهو بلد عربي، وسواء كان أهله فينيقيين أم آراميين أم سريانا، فقد استعربوا وامتزجوا في هذه البوتقة العربية وأصبحوا يؤلفون مع عرب لبنان قوماً عربياً خدم اللغة وآدابها خدمات جلى فضلاً عن خدماته للنهضة العربية في مختلف نواحي الحياة”.

وحول غربة واستغراب الفئة الشبابية كتب تويني في عدد “النهار” في الثامن والعشرين من آب/أغسطس 1935 “يجتاز الشباب اللبناني المثقف أزمة نفسية تتطور إلى جانب الأزمة المادية فتزيد في حيرة الشباب، ونحن لا نعجب من هذه الحيرة، فهي نتيجة التكوين المدرسي المختلف الألوان والأنواع، لأن المدارس الثانوية والعُليا ما فتئت منذ عشرات السنين تخرج أجيالاً من الشباب ضربوا من ثقافة الغرب وعلومه بنصيب وافر، ولم يحصلوا إلا على النزر اليسير من ثقافة الشرق وعلومه، وهم يكادون يجهلون لغتهم العربية، ولا نغالي إذا قلنا إن هذا التكوين المدرسي قد اقتلع هؤلاء الشباب من محيطهم وسلخهم عن بيئتهم فأصبحوا غرباء في تفكيرهم عن السواد الأعظم من قومهم”.

وتمتد الرؤية العروبية لجبران تويني إلى الرسل والأنبياء، وعلى هذه الحال يعطي للمولد النبوي الشريف بُعداً قومياً عربياً مضافاً إلى البُعد الرسالي الديني، وكتب (“الأحرار” ـ 17 ـ 8 ـ 1929) في ذكرى المولد “نحن وإن لم نكن من المسلمين إلا أننا نرى في عيد مولد ـ النبي ـ محمد بن عبدالله عيداً عربياً عاماً، وإذا كان المسلمون يحتفلون بذكرى مولده كرسول من الله لينشر دينه في الخافقين، فنحن نرى فيه رسولاً عربياً نهض بالعرب ووحًد منهم الصفوف، وجعل لغتهم لغة الشعوب التي مشت إليها فرسان العرب وخفقت عليها رايتهم”.

جبران تويني: لئن كان المدفع قد شق في ميسلون طريق الجيوش الفرنسية إلى دمشق، فقد شقت طرق الجيوش الإنكليزية إلى غير دمشق من البلاد العربية، فإذا مشت سوريا إلى ميسلون تحج إلى مزار الشهيد (يوسف بك العظمة)، فهناك ميسلونات يجب على العرب ان يقيموا لها الذكريات وأن يحجوا إليها بالأرواح إن لم يحجوا بالأجساد

وحول السيد المسيح كتب مقالة لافتة ومثيرة أظهر فيها الفارق بين انتداب العرب وانتدابات الغرب (“الأحرار” ـ 9ـ 1 ـ 1930) جاء فيها “وضع المرحوم ويلسون ـ الرئيس الأميركي ـ مبدأ الإنتداب ولم يتمكن من تحديده قانوناً، فطبقه الإنكليز والفرنسيون بإسم الحلفاء واستعملوا أحيانا في تطبيقه المدافع والطيارات والدبابات وما إليها من وسائل الإقناع، ولو عادت أوروبا أو أميركا الى نفسها لوجدت ان انتداب الشرق العربي عليها اقدم جداً من انتدابها عليه، فقد قام السيد المسيح في القدس منذ ألف وتسعمئة وثلاثين سنة بنشر دينه، وما لبثت أوروبا أن اعتنقت هذا الدين، وهو دين سمح راق التعليم، إن انتداب الشرق على الغرب قام بالروح لا المادة لأنه انتداب نشأ عن رسالة سلام نشرها الحواريون في الأقطار، فهل يستطيع الغرب أن يقول إن ـ حوارييه ـ  ينشرون انتدابهم بالروح كما نشره الشرقيون”؟

وهذا الموقف من طائرات الغرب ودباباته، كان جبران تويني قد تطرق إليه في الذكرى التاسعة لمعركة ميسلون (“الأحرار” ـ 26 ـ 7 ـ 1929) فقال “في الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم الأربعاء 24 تموز/يوليو انطلقت السيارات من دمشق، تحمل وفود البلاد السورية قاصدة ميسلون، إلى حيث يرقد البطل المجاهد يوسف بك العظمة شهيد بطولته وتفانيه في الدفاع عن وطنه، وثمة ذكريات في غير هذه البقعة من البقاع العربية لا تقل أثرا في النفوس، ولئن كان المدفع قد شق في ميسلون طريق الجيوش الفرنسية إلى دمشق، فقد شقت طرق الجيوش الإنكليزية إلى غير دمشق من البلاد العربية، فإذا مشت سوريا إلى ميسلون تحج إلى مزار الشهيد، فهناك ميسلونات يجب على العرب ان يقيموا لها الذكريات وأن يحجوا إليها بالأرواح إن لم يحجوا بالأجساد”.

وإذ تتصل معركة ميسلون بسقوط الحلم العربي بإقامة دولة مستقلة وقادرة ومقتدرة، ولم تقم للعرب قائمة بعدها، فإن وفاة رمز الثورة العربية الكبرى فيصل بن الحسين تركت أثرها الكئيب على جبران تويني فكتب (“النهار” 12 ـ 9 ـ 1933) ناعياً هذا الرمز ومشيداً بمزاياه الإستثنائية “طوى الموت بوفاة المغفور له فيصل الأول كتاباً كاملاً من تاريخ النهضة العربية الحديثة كتب فيها إبن الحسين مرحلة من أروع المراحل التي قطعها العرب في طريق الإستقلال، وقد بدأت هذه المرحلة بالثورة على الترك وانتهت بتحرر العراق من الإنتداب الإنكليزي، ولا نغالي إذا قلنا إن الخسارة بفقده لا تعوض، رحم الله فيصلا، وصان استقلال العراق وحقق للعرب الآمال”.

 وبعد رحيل الملك فيصل، نشأت في العراق “حالة عرقنة” انعزالية أطلق عليها جبران تويني توصيف “الحركة الإقليمية” فكتب (24 ـ 2 ـ 1934) في “النهار” قائلا “في بعض الأوساط العراقية حركة إقليمية تريد أن يكون العراق للعراقيين وأن يخرج من وظائف الحكومة كل الذين لا يمتون إلى العراق بصلة المولد والنشأة ولو كانوا من العرب الخلص، نحن نعرض للموضوع من ناحية التأثير السيء الذي تؤثره هذه الحركة الإقليمية في الأقطار العربية الشقيقة، ففي بغداد جريدة ما فتئت تحمل على السوريين واللبنانيين وتطالب بإخراجهم من البلاد، نعم إن أكثرية الصحف في بغداد استنكرت هذه الحملة الخاطئة، ولكن الجدل الذي ثار لا بد أن يترك في النفوس آثاراً غير مستحبة، فهل من مصلحة العرب إثارة هذه النعرات الإقليمية”؟

إقرأ على موقع 180  عزة طويل في حكايتها الأولى.. نوفيلا، سينوغرافيا، ورائحة كلمات

ثانياً؛ مكافحة الطائفية:

في مجمل المقالات المنشورة في كتاب “في وضح النهار” يمتشق تويني سلاح الكلمة في محاربة الطائفية معتبراً إياها نقيض الهوية الوطنية الجامعة، فالطريق نحو تأسيس الأوطان تمر بلا جدال أو نقاش من مدخل نبذ العصبويات القاتلة والمتقاتلة. وعلى هذا الأساس، كتب (“الاحرار” ـ 9 تموز/يوليو 1929) قائلاً “إنه لمن المستغرب ان يقوم في القرن العشرين من يريد أن يخلق قومية دينية، وإذا نحن حاربنا فكرة الوطن القومي الصهيوني في فلسطين لأنها قومية دينية، فلا نسلّم بأن يكون لبنان وطناً قومياً مسيحياً بل هو بلد عربي الجنس واللسان، والقول إن لبنان غربي ولا يمت إلى العروبة بنسب إنما هو إنكار للحقائق”.

وفي السادس والعشرين من شباط/فبراير1930 وعبر صحيفة “الأحرار”، هاجم تويني صحيفة “الأوريان” لدعوتها إلى إنشاء كتلة مسيحية تقابل الكتلة الإسلامية فقال “نحن نستنكر هذه النغمة الشاذة التي ينقرها غلمان الأوريان ونعتبرها جريمة من الجرائم، ماذا يريد هؤلاء القوم؟ أيريدون أن يحمل المسلمون راية الهلال والمسيحيون راية الصليب ويقف كل فريق بالمرصاد؟ وماذا ستكون نتيجة هذا العمل الجنوني الذي ينفخ في ناره بعض المتهوسين”.

وهذا السجال حول مخاطر العزف الطائفي سينقله تويني من “الأحرار” إلى “النهار” ملتزماً بمقارعة “الأوريان” ومتوسعاً بنبذ الطائفية من لبنان إلى سوريا، وحول ذلك كتب (14 ـ 9 ـ 1933) عن “المستعمرون والأقليات” فقال:

“نشرت الأوريان مقالاً عن مسألة الأقليات في الشرق بمناسبة عقد المعاهدة بين سوريا وفرنسا، وقد مهّدت الأوريان للمقالة بكلمة يقطر منها التعصب المسموم، فحذرت فرنسا من عقد المعاهدة لئلا يؤدي استقلال سوريا إلى تذبيح الأقليات، نحن لا نجادل أبواق المستعمرين في هذا الموضوع، لأننا لا نحاول أن نقنع قوماً ليس من مصلحتهم أن يقتنعوا، الأقلية والأكثرية سواء في نظر المستعمر، لأنه لم يأت لحماية الأقلية كما يزعم، بل أتى ليستثمر البلاد وينشر فيها نفوذه وسيطرته وسلطانه، وما غيرته على الأقليات سوى غيرة مصطنعة وتقوم ما دامت مصلحته قائمة”.

ما يعتبره تويني “أبواق المستعمرين” في الجانب الطائفي، متمثلاً في صحيفة “الأوريان” كما يتضح في سجالاته معها، يُوسّع رقعته نحو صحيفة “البشير” فيتهمها بالدفاع عن المصالح الأجنبية في لبنان، ففي مقالة له في “النهار” منشورة بتاريخ 14 ـ 9 ـ 1935 قال:

“انفردت جريدة البشير بوضع تمهيد طويل لمقال ـ نشرته مجلة الإستعماري المصور ـ عرضت فيه لموقف الصحف من الشركات الأجنبية، وحاولت أن تصبغ كتابات الصحف الوطنية عن هذه الشركات بصبغة التعصب ضد الأجنبي، نحن لا نستغرب تطوع البشير للدفاع عن الشركات الأجنبية دفاعاً أعمى، ولا نعجب من إقدامها على تشويه ما تكتبه الصحف الوطنية عن هذه الشركات، فإن البشير ديدبان المصالح الأجنبية في هذه البلاد وخصم لكل نهضة قومية، ومما يبعث على الأسف أن الأجانب وأبواقهم يحاولون أن يصبغوا كل مطلب تطلبه البلاد بصبغة التعصب، كأنه لا يجوز لنا أن ندافع عن مصالحنا الإقتصادية كما يدافع عنها الناس في بلاد الناس”.

جبران تويني: يزعم الصهيونيون أن فلسطين كانت وطناً لإسرائيل، هذا زعم يكذبه التاريخ، فقد هبط اليهود أرض فلسطين فاتحين، ثم فتحها شعب سواهم، فانجلوا عنها بالسيف كما فتحوها بالسيف، فإذا جاز لكل أبناء مذهب فتحوا بلاداً ثم تركوها، أن يطالبوا بها، لكان للمسلمين أن يطالبوا بالأندلس وجنوبي إيطاليا وفرنسا وشرقي أوروبا

ثالثاً؛ اسرائيل المنبوذة:

يأخذ الموقف من اسرائيل مأخذاً لا يعرف الحياد في مقالات جبران تويني، وإلى مستوى يقترب فيه من العقيدة، وهذه نماذج منها:

 بعنوان “همجية لا توصف” كتب تويني (15 ـ 9 ـ 1929) في “الأحرار” ناقداً ومهاجماً جون تشانسلور المفوض السامي البريطاني في فلسطين فقال “ما كاد السر شانسلو يصل إلى فلسطين حتى أذاع منشورا، وقفنا نتساءل ونحن نقرأ سطوره، عما إذا كنا نقرأ منشوراً رسمياً أذاعه مفوض سام، أم إذا كنا نقرأ مقالاً عنيف اللهجة كتبه صحافي متشيع للصهيونيين”؟

في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر 1929، كتب تويني في صحيفة “الأحرار” أيضاً “يزعم الصهيونيون أن فلسطين كانت وطناً لإسرائيل، هذا زعم يكذبه التاريخ، فقد هبط اليهود أرض فلسطين فاتحين، ثم فتحها شعب سواهم، فانجلوا عنها بالسيف كما فتحوها بالسيف، فإذا جاز لكل أبناء مذهب فتحوا بلاداً ثم تركوها، أن يطالبوا بها، لكان للمسلمين أن يطالبوا بالأندلس وجنوبي إيطاليا وفرنسا وشرقي أوروبا”.

وفي الواحد والثلاثين من تشرين الأول/اكتوبر 1933 نشرت “النهار” مقالة بعنوان “بين القوة والحق في فلسطين” قال فيها مؤسسها جبران تويني “وهذه صدمة جديدة تصدم القوة بها الحق في فلسطين، فتسفك برصاصها دماء العرب وتخطف أرواحهم لأنهم يحتجون على سياسة الإنكليز، ويطلبون إيقاف ـ مرض ـ السل الذي طفا عليهم من الآفاق لتوطيد الوطن الصهيوني، فتحت إنكلترا أبواب فلسطين لليهود، فوفدوا عليها بالألوف من مختلف أنحاء العالم وأصبحوا فيها أسياداً، فهل تريد السياسة الإنكليزية أن يصفق العرب للخطر الذي يتهددهم وأن يستقبلوه بالرضى والسرور”؟

إلا أن مقالة من أكثر المقالات عنفاً (28 ـ 12 ـ 1933) كتبها تويني في “النهار” وابتغى تصويبها نحو الغرب قال فيها “في منتصف ليل الأحد 25 كانون الأول/ديسمبر احتفلت أمم الغرب بذكرى مولد السيد المسيح له المجد، وتناقلت أمواج الأثير صلوات الكهنة من بيت المقدس وهم يقولون وعلى الأرض السلام، وأي سلام هذا الذي يتغنون به في ذكرى الميلاد، إنهم يذكرون السلام وهم غارقون في السلاح إلى ما فوق الآذان، إن الأمم التي تحتفل بمولد المسيح تسلِم أرض المسيح وقبر المسيح إلى أحفاد الذين اضطهدوا المسيح وصلبوه، إن أمم الغرب التي تحتفل بمولد المسيح ليس لها من المسيحية غير الإسم والصفة، فهي مسيحية بالقول، وغير مسيحية بالفعل”.

في الختام بعض الأقوال لجبران تويني:

ـ لبنان سيظل عربياً ولو كره المتفرنجون. 

ـ لا تُدخلوا جراثيم الطائفية في القضايا الوطنية.

ـ نقول للإنكليز: هل العرب في فلسطين تقتلهم سهام العيون ونبال الجفون؟

رحم الله جبران تويني.

Print Friendly, PDF & Email
Download Premium WordPress Themes Free
Download Best WordPress Themes Free Download
Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
download udemy paid course for free
إقرأ على موقع 180  "الإيكونوميست": إستعدوا لعودة ترامب!