“فورين أفيرز”: العراق “صديقٌ” أم “حليفٌ” لأميركا؟

منى فرحمنى فرح03/10/2023
على مدى عقود طويلة تراوحت مكانة العراق بالنسبة للولايات المتحدة بين "عدو"، و"صديق" و"صديق لدود"، وذلك بحسب سياسة من يجلس على كرسي البيت الأبيض. الآن، وبعد عامين من الاستقرار النسبي في العراق، تسعى واشنطن لترسيخ علاقة ثنائية مُستدامة. والمفاوضات التي بدأت أوائل آب/أغسطس الماضي حول شراكة دفاعية طويلة الأمد تصب في هذا الإطار، لكن نجاحها يتوقف على تحديد نوع العلاقة التي يجب أن تسعى إليها واشنطن، بحسب ستيفن سيمون وآدم وينشتاين (*).

للإجابة على هذا السؤال استند صُنّاع السياسة الأميركيون إلى المكانة المختلفة التي احتلها العراق في النفسية الأميركية. ففي فترة التسعينيات من عهد الرئيس صدّام حسين، كان العراق دولة “منبوذة” تخضع لعقوبات، وعدواً “يُهدّد” باستخدام أسلحة الدمار الشامل. بعد الغزو الأميركي، في عام 2003، والإطاحة بنظام صدام، أصبح العراق “نموذجاً” للتجربة الأميركية في بناء الدولة، و”شريكاً” في الحرب على الإرهاب، وفي الوقت نفسه “لعبة” بيد إيران. حالياً، قرَّرت إدارة الرئيس جو بايدن تجاوز هذا الإرث المتغير وتطبيع العلاقات بشكل ثابت ونهائي.

تركز القوات الأميركية المتواجدة في العراق؛ وعدد أفرادها 2000 جندي تقريباً؛ مهامها على تدريب قوات الأمن العراقية وتقديم المشورة لها. وتقول إن هدفها النهائي هو أن تصبح القوات العراقية قادرة على العمل بشكل مستقل، وخاصة وحدات النُخبة، وهذا يتطلب المزيد من التنسيق. في الوقت نفسه، يشن الجيش الأميركي، من وقت لآخر، حملات ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في العراق وسوريا بالتعاون مع شركاء محليين (…).

ثمة عوامل تعيق إحراز تقدم في العلاقات الأميركية-العراقية، مثل الميليشيات التي تعمل خارج الهيكل الرسمي لقيادة الجيش العراقي؛ وبعضها يعمل بتوجيهات من الخارج. لكن من الخطأ أن تربط واشنطن رغبتها بتأسيس تعاون قوي ومُستدام مع بغداد بشرط القضاء على هذه الميليشيات أولاً، بما في ذلك تلك المصنفة ضمن النفوذ الإيراني. لا يحتاج العراق لتدخل أميركي مضلل يؤدي إلى تقويض سيادته المتذبذبة أكثر مما هي عليه. ما يحتاجه هو أن يصبح قادراً على تأمين احتياجات مواطنيه وكبح جماح الميليشيات بمفرده. إن مساعدة العراق على تعزيز قدرات مؤسساته هي الطريقة الأفضل نحو بناء علاقة ودية، طبيعية، تخدم مصالح الشعب العراقي دون المساس بأمن أميركا.

كسر الحلقة المفرغة

إن التاريخ الحديث للعلاقات الأميركية-العراقية هو قصة صراع متكرر. في العقد الذي سبق حرب الخليج الأولى (1980–1988)، كانت واشنطن تقف بجانب العراق في المقام الأول باعتباره خصم إيران. وبعد الكشف عن فضيحة “إيران كونترا” (**)، وردود الفعل السلبية التي رافقتها محلياً ودولياً، اضطرت واشنطن إلى الانفتاح على بغداد، وأصبح العراق “شريكاً تجارياً” والمُصدّر الأول للحبوب بالنسبة لأسواق الغرب برغم الشكوك بخصوص أسلحة الدمار الشامل. لكن بعد غزو صدام للكويت، في عام 1990، تحول إلى “خصم استراتيجي”. وشنَّ الرئيس جورج بوش الأب حرباً لتحرير الكويت، على أمل تدمير وحدات النُخبة التابعة لصدام وجعل نظامه عرضة لثورة داخلية. هذه الخطة لم تنجح. واصلت إدارة الرئيس بيل كلينتون سياسة تشجيع المؤامرات ضد صدام، كما فرضت عقوبات اقتصادية قاسية على المدنيين ظلَّت سارية لحين غزا الرئيس جورج بوش الإبن البلاد، في العام 2003.

إن المراوغة التي تعاملت بها واشنطن في مواجهة “داعش” أعطت الميليشيات الشيعية فرصة لفرض قواتها وتعزيز موقعها، خصوصاً بعد تمكنها من التصدي للجماعات الإرهابية

الإطاحة بنظام صدام أدّت إلى اندلاع حرب أهلية أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف. فخلال الاحتلال الأميركي، عانت إدارة بوش كثيراً لتشكيل قيادة عراقية جديدة تنسجم مع أهداف واشنطن. لم يكن أمامها الكثير من الخيارات، فاستقرت على نوري المالكي رئيساً للوزراء. لكن العديد من السُنة رفضوا التعامل معه، ما أدَّى إلى حالة من عدم الاستقرار السياسي استمرت إلى ما بعد وصول باراك أوباما إلى البيت الأبيض وقراره سحب القوات الأميركية في عام 2011. حالة العراق غير المستقر شجَّعت إيران على استمالة الميليشيات الشيعية. كما شجعت السُنة على المشاركة في المعارك التي شنَّها مقاتلو “داعش” للاستيلاء على مساحات واسعة من الأراضي العراقية. إن المراوغة التي تعاملت بها واشنطن في مواجهة “داعش” أعطت الميليشيات الشيعية فرصة لفرض قواتها وتعزيز موقعها، خصوصاً بعد تمكنها من التصدي للجماعات الإرهابية.

ظَّلت العلاقة الأميركية-العراقية مشحونة حتى في عهد إدارة الرئيس دونالد ترامب الذي كان ينظر إلى بغداد على أنها “لعبة” بيد إيران وتعامل معها بريبة وازدراء ترجمهما باغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، وقائد قوات الحشد الشعبي العراقية أبو مهدي المهندس. أما إدارة بايدن فقد ركَّزت على التعاون الاقتصادي مع العراق والتقليل من أهمية العلاقات العسكرية؛ وهو التحول الذي أصبح ممكناً بفضل التحلل التدريجي لـ”داعش” في السنوات الأخيرة.

مؤخراً، بدأت إدارة بايدن تحول اهتمامها إلى العنصر العسكري في العلاقة مع بغداد. ففي آب/أغسطس الماضي، وعقب الاجتماع الافتتاحي لمفاوضات الدفاع الثنائية، صدر بيان تناول في المقام الأول الجهود الجارية لاحتواء “داعش” وتدريب قوات الأمن العراقية. وقد تسفر المحادثات أيضاً عن إطار أوسع لعلاقة أمنية مُستدامة، ووضع أُسس لانسحاب القوات الأميركية بشكل نهائي (…).

لا توجد معاهدة تُلزم واشنطن بالدفاع عن العراق.. وبغداد لن تسعى للحصول على أي التزام من هذا القبيل لأنها لا ترغب في إستعداء جيرانها

هناك طرق لإنجاح هذه الجهود المنشودة. على واشنطن عدم تقديم إلتزامات مفتوحة للجيش العراقي، والتركيز على العناصر الأكثر فعالية، مثل جهاز مكافحة الإرهاب ووكالة الاستخبارات والتحقيقات الفيدرالية، وتشجيع التنسيق وجمع وتبادل المعلومات الاستخبارية (…). كما ينبغي على المستشارين الأميركيين أن يكونوا واقعيين بشأن نوع التدريب الذي يقدمونه (…).

تأسيس علاقات دبلوماسية طبيعية يجب أن يستتبع بسحب القوات الأميركية بشكل نهائي. لن يكون من السهل الحفاظ على المساعدات بعد الإنسحاب (…). الحل في أن تستبدل الإدارة الأميركية عملية “العزم الصلب”، التي أطلقتها ضد “داعش” في عام 2014، بمهمة أضيق نطاقاً، تشمل مجموعة صغيرة من المستشارين العاملين في إطار “مكتب التعاون الأمني في العراق (OSC-I)”. فهذا “المكتب” تابع لوزارة الدفاع الأميركية ولكنه يقدم تقاريره إلى البعثة الدبلوماسية في بغداد، وعمله يفرض بعض القيود على الدعم الذي يمكن أن يقدمه للجيش العراقي. وبالتالي، يمكن استكمال المستشارين الخاضعين لسلطته بمهمة ثانية أكثر مرونة تديرها القيادة المركزية الأميركية. وهذا النشر الصغير لجنود العمليات الخاصة، ذوي التدريب العالي في مجال مكافحة الإرهاب، يمكن أن يساعد في عمليات التدريب والاستخبارات. هكذا، يمكن للوجود العسكري المنخفض العديد أن يُوفر مساراً سلساً نحو التطبيع.

إن العلاقة غير العسكرية هي هدف نهائي واقعي. ففي نهاية المطاف، الوجود الأميركي في العراق مستمر في التراجع منذ سنوات، لا سيما مع استبعاد نشوب أي حرب مع إيران أو احتمالية عودة “داعش”. أضف إلى ذلك أنه لا توجد معاهدة تُلزم الولايات المتحدة بالدفاع عن العراق. كما ان الحكومة العراقية لن تسعى للحصول على أي التزام من هذا القبيل لأنها لا ترغب في إستعداء جيرانها (…). بدلاً من ذلك، يتصور الجانبان شكلاً بسيطاً من التعاون يقلل من التركيز على احتمال قيام القوات الأميركية بعمليات قتالية داخل العراق. لا تزال واشنطن بحاجة لخطة لسحب قواتها المتبقية في العراق خلال السنوات القليلة المقبلة، والتركيز حالياً على القضايا الاقتصادية والتنسيق والمساعدات العسكرية المتواضعة يشير إلى أن المستقبل المنشود للعراق هو أن يكون “صديقاً” وليس “حليفاً” للولايات المتحدة.

معضلة الميليشيات

هذا التوجه كشفت عنه أطراف عديدة داخل الحكومة الأميركية (…). فالمتشككون يردون من بايدن اتخاذ إجراءات صارمة ضد الميليشيات (الشيعية على وجه الخصوص) أو جعل أي مساعدة أميركية مستقبلية مشروطة بهذه الخطوة، وعدم فعل ذلك دليل على العجز الأميركي. من هذا المنطلق فإن العراق هو في أحسن الأحوال “شريك متناقض”، وفي أسوئها “عدو ضمني”، ولا يمكن أن يكون شريكاً إقليمياً مستقلاً بسبب النفوذ الإيراني.

لا شك أن الولاءات المتنافسة داخل الجيش العراقي تُعتبر مشكلة. لكن الجيوش الهجينة أصبحت واقعاً ملموساً في القرن الحادي والعشرين (…). لقد أصبحت الحكومات اليوم تعتمد، وبشكل متزايد، على قوة جهات فاعلة غير حكومية. على سبيل المثال، في الحرب السورية قاتلت مجموعات من المقاتلين، تُعرف باسم “الشبيحة”، إلى جانب نظام بشار الأسد. وفي روسيا، لعبت مجموعة “فاغنر” العسكرية الخاصة دوراً بارزاً في الحرب الأوكرانية (…). وفي السودان، حولت “قوات الدعم السريع” شبه العسكرية الدولة إلى أشلاء.

الفوضى التي خلقها الاحتلال الأميركي هي السبب الرئيسي والمباشر لظهور الميليشيات التي وُجدَتْ لتبقى طالما أنها تساهم في حل مشاكل مثل نقص الأمن والبطالة وغيرها

لكن الميليشيات العراقية (الشيعية) ليس لديها مصلحة في إزاحة الدولة التي تدعمها، ولا القدرة على القيام بذلك. كانت الفوضى التي خلقها الاحتلال الأميركي هي السبب الرئيسي والمباشر لظهورها. فأولى إنجازات الغزو كان تفكيك الجيش العراقي وكافة المؤسسات العسكرية، وكسر إرادة الدولة، وسلبها قوتها في الحفاظ على النظام وتقديم الخدمات للمواطنين. استغل أمراء الحرب الوضع. وعبر “تعويض النقص” استطاعوا تثبيت سلطتهم وشرعيتهم، مستخدمين الهوية العرقية والدينية. كذلك استغلت القوى الخارجية الظروف أيضاً: إيران وفرت الموارد والمشورة للميليشيات الشيعية، والولايات المتحدة دعمت الميليشيات السنية. وبينما كان العراقيون يناضلون من أجل إعادة بناء دولتهم، لم يكن لدى أي جهة فاعلة القوة أو الحافز لحل تلك الجماعات أو إجبارها على الانضمام إلى جيش وطني غير طائفي. قوات “الحشد الشعبي” الشيعية نجحت في الإنتصار على “داعش”، فكان ذلك فرصة ذهبية بالنسبة لها لكي تفرض نفسها على الساحة العراقية كـ”عنصر فاعل لا غنى عنه”. حتى عندما فجّر الزعيم الشيعي مقتدى الصدر أزمة سياسية عنيفة؛ عقب الانتخابات البرلمانية عام 2022؛ كان “الحشد الشعبي” وليس الجيش العراقي من تصدى لأنصاره.

إقرأ على موقع 180  كمال الصليبي.. غواية الصواب المنقوص (2)

لا خلاف حول أن الميليشيات تُعيق قدرة الدولة على تعزيز سلطتها وفرضها بشكل كامل، حتى عندما تتدخل أحياناً لمعالجة بعض القصور في المؤسسات الحكومية. علاوة على ذلك، تستوعب الميليشيات الشباب العاطلين عن العمل المستعدين للإنخراط في أي أنشطة من أجل الحفاظ على دخل مادي. قد تكون الرواتب التي تقدمها الميليشيات هزيلة، لكنها؛ على الأقل؛ تُساعد في إبقاء الاقتصاد العراقي الضعيف على قيد الحياة، وفي الوقت نفسه تُبقي عناصرها بعيدين عن المشاكل. وكما هو الحال في البلدان الأخرى، التي لديها جيوش هجينة، بَنَت الميليشيات في العراق لنفسها مصالح تجارية تحقق لها أرباحاً تجعلها مكتفية جزئياً، وفي الوقت نفسه تساهم في خفض التكلفة التي تحتاجها الحكومة لفرض الأمن. ومع ذلك، فإن توغل الميليشيات في مجال الأعمال التجارية على المدى البعيد سيزيد من تقويض النمو الاقتصادي للبلاد من خلال الفساد والتنمية التي تعتمد على شراكة مُنهكة وغير فعَّالة بين القطاعين العام والخاص.

من وجهة نظر واشنطن، تشكل الميليشيات المدعومة من إيران تهديداً. وبعضها (حزب الله والنجباء وكتائب حزب الله على وجه الخصوص) خاض معارك مع الأميركيين. ومع استثناءات قليلة، استفادت الميليشيات من غطاء الحكومة العراقية، وهي الحكومة نفسها التي سمحت بالوجود العسكري الأميركي على الأراضي العراقية. ولا شك أن هذا أمر مزعج بالنسبة لواشنطن، ومصدر محتمل للتصعيد مع إيران طالما بقيت القوات الأميركية في العراق. لكن الحل لهذه المعضلة لا يكمن في محاربة الميليشيات بشكل مباشر أو إرغام الحكومة العراقية على محاربتها. فهذا لن يؤدي إلا إلى تقويض سيادة الدولة أكثر (…).

يتمثل النهج البديل، الذي يجب أن تتبعه واشنطن، في تعزيز امكانات الدولة العراقية من خلال وسائل أكثر استدامة، مثل الدبلوماسية التقليدية، والتعاون الاقتصادي وتقديم المساعدات اللازمة. إن الميليشيات في العراق وُجدت لكي تبقى، وأي تحدٍ مباشر لها لن يؤدي إلا إلى تعظيم نفوذها وزيادة أهمية وجودها (…). إن العمل الجاد والصحيح مع حكومة بغداد واعدٌ. كما أن بعض الفصائل السياسية والميليشيات التابعة لها تؤيد موقف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بخصوص استمرار وجود أفراد عسكريين أميركيين لمساعدة القوات المسلحة العراقية. ويبدو أن عملية دمج تدريجية للميليشيات في هيكل القيادة العسكرية قد بدأت بالفعل.

بماذا تُدين أميركا للعراق؟

لا ينبغي أن تتخذ واشنطن من وجود الميليشيات الموالية لإيران حجة لعدم تقديم الدعم لبغداد، ولا ينبغي أن يمنع ذلك أيضاً المشكلة الأكثر تعقيداً المتمثلة في البنية العسكرية الهجينة في العراق. لقد حوّلت الدبلوماسية الأميركية اهتمامها بالفعل إلى مشاكل أخرى يعاني منها العراق، وصار النهج العام المتبع اليوم هو تجاوز المخاوف الأمنية وإعطاء الأولوية للمسائل الاقتصادية والإنسانية الملحة.

فالحكومة العراقية غير قادرة على تأمين إمدادات كهرباء ثابتة على مدار الساعة، وهذا يعيق الإنتاج في البلاد. وقطاع الزراعة، الذي يعمل فيه نحو 18% من السكان، تعرض لضربة شديدة بسبب الجفاف وسوء إدارة المياه ودرجات الحرارة التي تصل إلى 53 درجة مئوية في الصيف. وبحسب مسح أجرته منظمة العمل الدولية، في عام 2021، يبلغ معدل البطالة 17% (…). إن مراكز التسوق البراقة والأسواق المزدهرة في بغداد، والواجهة النهرية المتجددة في الموصل، والانتعاش الاقتصادي في محافظة الأنبار، كلها عوامل صور جذَّابة تصاحبها قصص حول تعافي العراق في مرحلة ما بعد “داعش”. لكن الحقيقة هي أن معظم العراقيين يكافحون من أجل سد نفقات معيشتهم اليومية. يشكل شباب العراق ملفاً ديموغرافياً يرتبط بمستويات عالية من العنف. ولكن تداعيات فشل الحكومة في توفير احتياجات مواطنيها على مستقبل البلاد أكثر خطراً من الإرهاب. كما أن تقصير الحكومة في واجباتها هو ما يغذي التهديد الإرهابي أكثر من أي شيء آخر.

تتحمل واشنطن مسؤولية أخلاقية كبيرة لمساعدة العراقيين على تصحيح هذا الوضع، فهي، وعلى مدى 30 عاماً، ألحقت أضراراً جسيمة ببلدهم (…). إن مساعدة العراق على التعافي من عقود من الصراع، بدلاً معاقبته بسبب الميليشيات الشيعية؛ التي هي نتاج الغزو الأميركي ذاته؛ من شأنه أن يجعل موقف أميركا الإقليمي أكثر أماناً ويعزز سمعتها وموثوقيتها.

تمتلك أميركا الأدوات التي تحتاجها لمساعدة العراق. وينبغي عليها تسهيل الاستثمار، وتوفير المساعدة الفنية لجهود التكيف مع تغير المناخ، وتمكين أجهزة الأمن العراقية من العمل بشكل مستقل. وتمتلك واشنطن النفوذ أيضاً. فهي الشريك الأكثر أهمية لقوات الأمن العراقية وأكبر مقدم للمساعدات الإنسانية. ومع ذلك، ينبغي لها أن تكون واضحة الرؤية بشأن ما يمكنها وما لا يمكنها تحقيقه في العراق. وسوف تؤدي المصالح الأميركية في بعض الأحيان إلى تعارضها مع بغداد، ولن يتمكن الدبلوماسيون والمسؤولون العسكريون الأميركيون دائماً من مراقبة شركائهم العراقيين أو التأثير عليهم. لكن يجب على واشنطن وبغداد العمل معاً نحو مستقبل لا تعتمد فيه الدولة العراقية على القوات الأميركية لضمان أمنها وتماسكها. والبديل هو إبقاء العراق في حالة دائمة من الاعتماد على الولايات المتحدة، التي لديها أولويات وسياسات داخلية متنافسة للتعامل معها. إن التحديات الأكثر إلحاحاً التي يواجهها العراق وأميركا لا يمكن حلها بالإعتماد فقط على 2000 جندي أميركي إلى أجل غير مسمى.

– ترجمة بتصرف عن “فورين أفيرز“.

(*) ستيفن سيمون، أستاذ جامعي، ومحلل أبحاث أول في معهد “كوينسي”. وكان عضواً في مجلس الأمن القومي في إدارتي الرئيسين كلينتون وأوباما.

آدم وينشتاين، نائب مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد “كوينسي”، شارك في حرب أفغانستان كجندي مارينز.

(**) الرئيس رونالد ريغان باع أسلحة إلى إيران مقابل استخدام نفوذها في إطلاق سراح مواطنين أميركيين خطفوا كرهائن في لبنان، واستخدم الأموال التي قبضها بالمقابل لدعم قوات “الكونترا” التي كانت تحارب حكومة حركة ساندينيستا اليسارية الحاكمة في نيكاراغوا..

Print Friendly, PDF & Email
منى فرح

صحافية لبنانية

Download WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
Download Premium WordPress Themes Free
Download WordPress Themes
online free course
إقرأ على موقع 180  لبنان: "الشورى" يُكرّس المحاسبة.. ويُهشّم "الإمتيازات" الوزارية