بن كسبيت: نتنياهو مقامر منذ صغره.. هكذا يتصرف مع بايدن!

Avatar18026/03/2024
بن كسبيت، الكاتب الإسرائيلي المعروف، يُحاول في هذه المقالة التي نشرتها صحيفة "معاريف" أن يكشف الأهداف الحقيقية التي جعلت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يذهب إلى هذا الحد في افتعال أزمة مع الولايات المتحدة: إنّه  قانون التهرُب من الخدمة العسكرية الكارثي.

“إن قرار رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو (معاقبة الإدارة الأميركية وعدم إرسال الوفد الذي كان يجب أن يذهب إلى واشنطن من أجل بحث مسألة رفح) هو دليل ثابت يشير إلى أن الرجل لم يعد صالحاً للحكم، وحتى لو كان على حق تماماً وبصورة موضوعية (وهذا ليس هو الوضع)، فإن رد نتنياهو مأخوذ من مسرحيات العبث. وهناك انطباع بأن الوضع يبدو وكأن ابنه يائير نتنياهو وزوجته ساره قد حلاّ محله. إن نتنياهو يهين الإدارة الأميركية، وهو يفعل ذلك لأنه يشعر بذلك.

والهدف الحقيقي للأزمة التي لا حاجة إليها والمفتعلة، والتي بادر إليها أمس إزاء الإدارة الأميركية، هو تغيير جدول الأعمال في وسائل الإعلام، وتحويل النقاش إلى النزاع بينه وبين بايدن، وصرفه عن قانون التهرُب من الخدمة العسكرية الكارثي الذي سيُطرح اليوم (أرجىء إلى موعد لاحق) على الحكومة لمناقشته، وهو مستعد للتضحية بالعلاقات مع الولايات المتحدة في مقابل قسيمة إعلامية- سياسية قصيرة الأمد. إن كل يوم يمر وهذا الرجل في الحكم يشكّل ضرراً استراتيجياً على مستقبل دولة إسرائيل.

لكن ليس نتنياهو وحده المسؤول؛ فقد كنتُ من الذين قدّروا كثيراً دخول بني غانتس، وغادي أيزنكوت، وجدعون ساعر إلى حكومة نتنياهو في الأيام الأولى للحرب، لكن هذه الخطوة استنفدت نفسها منذ وقت طويل، ومع كل الاحترام لاستطلاعات الرأي والمقاعد التي تنبأت بها لغانتس، فهو لا يستطيع أن يعفي نفسه من تحمّل مسؤولية حملة التدمير المجنونة التي يقوم بها رئيس الحكومة. وكما لا يستطيع نتنياهو أن يغير حقيقة أنه كان رئيساً للحكومة في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وبالتالي يتحمل المسؤولية الكاملة والشاملة، فإن غانتس وأيزنكوت أيضاً لا يمكنهما التهرب من حقيقة أنه في اليوم الذي قرر فيه نتنياهو “معاقبة” الولايات المتحدة وإهانة الرئيس بايدن مرة أُخرى، كانا في الحكومة وصفّقا.

وقد قال لي، هذا الأسبوع، شخص عمل مع نتنياهو لسنوات طويلة جداً في مناصب رفيعة المستوى: “لقد كان نتنياهو مقامراً على الدوام وسيبقى مقامراً؛ ففي سنواته الأولى كان مقامراً صغيراً، وحرص دائماً على أن يبقى له ما يكفي من المال للمضي قُدُماً، حتى عندما يوشك على الخسارة، وكان دائماً يضاعف المبلغ على أمل أن يتغير حظه. لكنه في هذه المرحلة يضع كل ما لديه؛ المال والبيت والأملاك والمستقبل.”

والجدير بالذكر أن هذا الشخص كان معجباً بنتنياهو وعمل لديه، وآمن به وكان يقسم باسمه، وهو الآن لا ينام الليل منذ وقت طويل لأنه يعرف نتنياهو، ويعلم أن الوضع لن يتغير، إنما سيزداد خطورة.

نتنياهو يعلم أن قانون التجنيد الفاسد يُمكن أن يصبح قبره السياسي، لذلك، فهو يفضل استخدام ممارسته القديمة من أجل تحويل الانتباه الإعلامي إلى الأزمة مع واشنطن. والمشكلة هي أن الأميركيين لا يسيرون فعلاً مع الدور الذي أعطاهم إياه نتنياهو، فكل من يفهم الولايات المتحدة يعلم أن الأميركيين لا يحبون أن يكونوا كيس ملاكمة

خلال ولاية نتنياهو الأولى في التسعينيات، كان في الولايات المتحدة رئيس ديمقراطي مؤيد لإسرائيل، اسمه بيل كلينتون، وقد كان كبايدن، لكن أكثر شباباً. وفي نهاية لقائهما الأول في البيت الأبيض، قال كلينتون للمقربين منه إنه خلال لحظات في الاجتماع بينهما، خُيل له أن نتنياهو هو رئيس أقوى دولة في العالم. وفي ذلك الوقت، كان هذا الكلام مثيراً للضحك، لكنه الآن مخيف.

نتنياهو الآن لا يراهن على منزله وأملاكه، إنما يراهن على منازلنا وأملاكنا، وعلى الرصيد الإسرائيلي الوحيد الذي لا بديل منه؛ الولايات المتحدة الأميركية. وهو يفعل ذلك وهو يعرف الأهمية الهائلة للتحالف الإسرائيلي – الأميركي بالنسبة إلى أمننا القومي، ويعرف أن أحد أهم العوامل التي كانت تردع أعداءنا على مر السنوات هو أن الولايات المتحدة كانت دائماً تقف إلى جانبنا، وستبقى كذلك في المستقبل، والجيش الإسرائيلي غير قادر على القيام بأي عملية في الجنوب أو في الشمال من دون أن يعرف أنه سيكون محمياً بمظلة جوية أميركية، وبالسلاح والعتاد وقطع الغيار والقنابل وغيرها. كما أنه يفعل ذلك على الرغم من معرفته بأنه، بعكس الائتلاف الحكومي الذي يمكنه استبداله وتغييره، فإنه لا يوجد بديل أمام إسرائيل من الولايات المتحدة، ولو بصورة جزئية، فهناك الولايات المتحدة في جانب، وفي الجانب الآخر نجد الصين وروسيا بمشاعر واضحة موالية للإسلام والفلسطينيين، ومعادية لإسرائيل.

إن هذا الرجل خطر علينا كلنا، وعلى مستقبلنا ومستقبل أولادنا، وعلى الحلف الاستراتيجي الذي يشكّل الدعامة الأولى للأمن القومي الإسرائيلي. ونتنياهو لا يفعل كل هذا من أجل منع قيام الدولة الفلسطينية، أو القضاء على المشروع النووي الإيراني، إنما يفعل ذلك من أجل ترميم صورته كزعيم قوي، ومن أجل تحويل الانتباه عن الخضوع المطلق لإرادة الحريديم عبر “قانون التهرب” الذي يُطرح اليوم على الحكومة. إنه لا يبيعنا كلنا وحسب، بل أيضاً يفعل ذلك في مقابل شيء لا قيمة له.

إقرأ على موقع 180  MBZ في موسكو.. "كُرهاً ببايدن وليس حباً ببوتين"!

ولماذا كل هذه الضجة؟ بسبب قرار مجلس الأمن التصريحي فقط، والذي لن ينتج منه أي عمل أو عقوبات، إنما هو قرار يضمن بندَين: وقف إطلاق النار من جهة، وإطلاق كل المخطوفين الإسرائيليين من جهة ثانية. وهذه تحديداً هي السياسة الأميركية، وهذا هو مضمون القرار الأميركي، والذي تأجل في الأسبوع الماضي بسبب فيتو الصين وروسيا، أمّا نتنياهو، فقد اخترع أزمة مصطنعة فقط من أجل إثارة شجار مع بايدن، والحصول على إعجاب القاعدة المسيانية، وعلى “لايكات” لأسلوبه كزعيم قوي.

إنه يعلم أن قانون التجنيد الفاسد يمكن أن يصبح قبره السياسي، لذلك، فهو يفضل استخدام ممارسته القديمة من أجل تحويل الانتباه الإعلامي إلى الأزمة مع واشنطن. والمشكلة هي أن الأميركيين لا يسيرون فعلاً مع الدور الذي أعطاهم إياه نتنياهو، فكل من يفهم الولايات المتحدة يعلم أن الأميركيين لا يحبون أن يكونوا كيس ملاكمة، والمقابر ملأى بزعماء ودول حاولوا أن يحوّلوا الولايات المتحدة إلى كيس ملاكمة.

ففي سنة 2015، عندما قرر نتنياهو إهانة الرئيس أوباما من أجل الفوز على هرتسوغ في الانتخابات، ذهب وخطب في مجلس النواب ومجلس الشيوخ، وقد جرى تحذيره بأنه يلعب بالنار، وقال له عشرات الأشخاص حينها شفهياً وكتابياً إنه يضع الأساس لتدمير التأييد التقليدي للحزبَين الكبيرَين في الولايات المتحدة لإسرائيل، وقد تحققت جميع هذه التحذيرات؛ فبعد مرور 9 سنوات، غير الحزب الديمقراطي توجهه، وبدأ الابتعاد عن إسرائيل. ونحن الآن في مرحلة يمكننا أن نغير هذا التوجه، لكن نتنياهو لا يحاول أن يفعل ذلك، إنما بعكس ذلك، يحاول بكل قوته إبعاد الحزب الديمقراطي عنا.

لم يسبق أن حصلت إسرائيل على مساعدات بهذه الأحجام الهائلة التي قدّمها الرئيس بايدن منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، ويُذكر يومها أنه جرى الحديث عن حرّية للعمل العسكري “حتى نهاية العام”، ومن بعدها، طُرح إمكان قبول الأميركيين استمرار الجيش الإسرائيلي في عمليته في غزة خلال كانون الثاني/يناير. وفي هذه الأثناء، مر شباط/فبراير، وها قد كاد شهر آذار/مارس ينتهي، والصبر الأميركي استمر وطال، وكل ما طُلب من نتنياهو أن يفعله كرد لجميل الرئيس بايدن على تأييده الكبير بكل الوسائل هو السماح بدخول المساعدة الإنسانية، والحديث عن “اليوم التالي”.

هذان الموضوعان غير المعقدين خربهما نتنياهو، وماطل، وتحدّث بلغة مزدوجة؛ فوافق على دخول شاحنات مساعدات إلى غزة، لكنه لم يمنع المتظاهرين الذين أوقفوا مرور هذه الشاحنات عند السياج الحدودي، وحينها نفد صبر الأميركيين. والآن، بدلاً من بذل كل شيء للتصالح معهم، فهو يتصرف كطفل في نوبة غضب، والمشكلة أن هذا الطفل ليس لديه أهل، وإذا كان أهله بالتبنّي يئسوا منه، فهو سيبقى وحيداً مع نفسه، ومع نوبة غضبه. وهذا ما نحن فيه الآن”. (المصدر: مؤسسة الدراسات الفلسطينية)

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Free Download WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
Premium WordPress Themes Download
Premium WordPress Themes Download
free download udemy paid course
إقرأ على موقع 180  خطوط الترسيم تتعدد: لبنان يقاتل خلف خطوط العدو