اغتيال القحطاني.. طي صفحة “جهادي” متعدد الولاءات!

Avatarخاص 18007/04/2024
سمة التنظيمات الجهادية على أرض سوريا ـ وربما في ساحات أخرى ـ أنها فعلت بنفسها أكثر مما فعلت بها الدولة السورية، بسبب صراعاتها التي تختلط فيها العقيدة بالمصالح المادية بالعلاقات الإستخباراتية.. وخير مثال على ذلك سيرة العراقي ميسر الجبوري المعروف باسم "أبو ماريا القحطاني".

لم يكن خبر مقتل ابو ماريا القحطاني، القيادي في “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً) مفاجئاً للمحللين المتابعين للحركات الجهادية على أرض سوريا. وفي التفاصيل، أن أبو ماريا قتل مع عدد من رفاقه بانفجار لم تتضح ظروفه داخل فيلا يقيم فيها في مدينة سرمدا بريف إدلب، ليل الخميس ـ الجمعة الماضي. ومن بين الجرحى القيادي يوسف الهجر المعروف بـ”أبو البراء الشامي”، الذي صادف وجوده في مقر إقامة القحطاني، حيث يعتقد أنه كان يقوم بمهمة تتصل بالدور الذي لعبه سابقاً لرأب الصدع بين أبو محمد الجولاني زعيم التنظيم وبين القحطاني على خلفية ملف الصيف الماضي المعروف بـ”ملف العمالة”، وهو ملف أدى إلى توقيف القحطاني من شهر أيلول/سبتمبر 2023 إلى مطلع هذه السنة، حيث خرج بلا دور ولا صلاحيات، على عكس ما كان حاله طوال أكثر من عقد من الزمن، وبلغ به الأمر تولي مسؤولية التنسيق بين “النصرة” و”التحالف الدولي”!

وفي مقالة نشرها موقع 180post في الثاني من أيلول/سبتمبر 2023، للكاتب السوري عبدالله سليمان علي المتخصص برصد الحركات الجهادية، أنه تم توقيف القحطاني في أحد سجون “الهيئة” بأمر من الجولاني (صديقه القديم من أيام الجهاد في العراق)، وذلك على خلفية اعترافات لعناصر في “الجبهة” بتهمة التعامل مع جهات خارجية، تحدثوا عن دور قيادي للقحطاني في إدارة هذه المجموعات.

وثمة اعتقاد منذ أكثر من عقد من الزمن أن الجبوري “هو أخطر من نسبوا أنفسهم إلى الجهادية، سواء بالسعي إلى تفريق صفوف المجموعات أو بالتواصل الدائم مع مُشغليه في الخارج، حيث يُعتقد أنه كان يتم تشغيله من قبل جهات استخباراتية غربية”. ويُعتقد أن أبو ماريا إجتمع بضباط أميركيين بالتنسيق مع المخابرات التركية في قاعدة أنجرليك على الأرض التركية في مطلع الصيف الماضي. وتم اتهام ابن شقيق يوسف الهجر بالادلاء بالمعلومات التي أدت إلى توقيف القحطاني بسبب قربه منه (من ضمن فريق المرافقين).

ثمة خشية أن يكون مسلسل الإغتيالات والتصفيات قد فُتح على مصراعيه سواء داخل بعض التنظيمات ولا سيما هيئة تحرير الشام أو بينها وبين تنظيمات أخرى. ولا يُمكن إخراج الإحتجاجات التي شهدتها إدلب في الآونة الأخيرة عن هذا السياق الذي يُرتقب أن يتخذ طابعاً أكثر دموية في المرحلة المقبلة

من هو القحطاني؟

أحد ضباط الجيش العراقي السابق، وأحد أبرز ضباط “فدائيي صدام”. له ألقاب كثيرة، منها أبو ماريا “الهراري” و”البقال”. بعد الغزو الأميركي للعراق (2003) وحل الجيش العراقي، انضم أبو ماريا إلى تنظيم “القاعدة في بلاد الرافدين” في عام 2004، تحت قيادة أبو مصعب الزرقاوي، وتم تعيينه بعد إعلان “دولة العراق الإسلامية” في العام 2006، في منصب “شرعي الموصل”. تقلد مناصب عدة في “تنظيم الدولة” (أبرزها العلاقة مع العشائر والأمور المالية). اعتقله الجيش العراقي في أواخر العام 2008 لمدة سنتين. بعد خروجه من السجن، بدأت مشاكله مع “تنظيم الدولة” قبل أن ينتقل من العراق إلى سوريا (دير الزور حيث اتخذ من محل بقالة واجهة له) مع بدء أزمتها في ربيع العام 2011، وسارعت وزارة الخزانة الأميركية إلى وضعه على قوائمها السوداء منذ العام 2012 بذريعة “العمل نيابة عن تنظيم القاعدة في سوريا”. إتهمه “التنظيم” بالخيانة و”التأمر” والسعي إلى تفريخ مجموعات جهادية وراح البعض يسميه “البقال الخائن”!

صحيح أن أبو محمد الجولاني إنتقل من العراق إلى سوريا بأمر من أبو بكر البغدادي، إلا أن الأمور سرعان ما اتخذت طابعاً تنافسياً بين الإثنين، ولعب القحطاني دوراً أساسياً في هذا السياق، وحاول أن يُجير شبكة علاقاته سواء في السجن أو في العراق لمصلحة الجولاني الذي عيَنه “شرعياً عاماً”، وسرعان ما أصبح “الرجل الثاني” في “النصرة”. وقد عُرف عن القحطاني أنه كان شخصية “مكروهة” من قبل قيادة “تنظيم الدولة الإسلامية” في العراق، واتهم في أكثر من مناسبة بتأليب أبو محمد الجولاني على أبو بكر البغدادي، وبأنه “هندس” العلاقة بين الجولاني وأيمن الظواهري، وأخرج الجولاني من عباءة التبعية لـ “تنظيم دولة العراق الإسلامية” وربطه بقيادة تنظيم “القاعدة”.

ويتردد أن القيادي في الجناح الأمني لهيئة تحرير الشام “أبو أحمد حدود”، هو من تعمد تحجيم القحطاني لا سيما في الكتلة الشرقية، بعد اتهامه باعطاء إحداثيات لقوات “التحالف” أدت إلى تصفية عدد من قيادات “تنظيم الدولة” في شرق الفرات.

وحسب المتداول، فإن القحطاني إما قتل بحزام ناسف فجّره أحد عناصر “تنظيم الدولة” (داعش) في مقر إقامته أو بعبوة زرعت في علبة وضع فيها سيفٌ مذهبٌ وصله هدية.

وحسب الزميل عبدالله سليمان علي فإن مقتل القحطاني “تزامن مع إعلان “تجمع الشهباء” (تبنى التفجير الدموي الأخير في مدنة حلب وذهب ضحيته عدد كبير من المواطنين) عن حلّ نفسه والاندماج ضمن صفوف “الجيش الوطني السوري”. وكان يُنظر إلى التجمع على أنه الذراع العسكري لهيئة تحرير الشام في تعزيز نفوذها في مناطق سيطرة “الجيش الوطني السوري”، وكان من أبرز إنجازاته سيطرته على معبر حمرين مع مناطق سيطرة قوات سوريا الديموقراطية (قسد)”.

إقرأ على موقع 180  الجولاني للإمساك بـ"معبر الحمران".. نفط ومال وخيارات!

من المسؤول عن مقتل القحطاني؟

تتجه أصابع الإتهام نحو أربع جهات: أولاً، الأميركيون الذين أرادوا التخلص منه، بعدما أدى مهمات قذرة طوال سنوات الأزمة السورية. ثانياً، المخابرات التركية للأسباب نفسها فضلاً عن اتهامه في مرحلة معينة بالمسؤولية عن استهداف القوات التركية. ثالثاً، أبو محمد الجولاني بتحريض من فريق وازن لطالما كان يطمح إلى إزاحة القحطاني، ولا سيما أنه أصبح عبئاً على التنظيم بفعل أدواره الداخلية والخارجية. رابعاً، تنظيم الدولة (داعش) الذي بدأ يستعيد حضوره في مناطق عدة في سوريا والعراق.

ماذا بعد اغتيال القحطاني؟

ثمة خشية أن يكون مسلسل الإغتيالات والتصفيات قد فُتح على مصراعيه سواء داخل بعض التنظيمات ولا سيما هيئة تحرير الشام أو بينها وبين تنظيمات أخرى. ولا يُمكن إخراج الإحتجاجات التي شهدتها إدلب في الآونة الأخيرة عن هذا السياق الذي يُرتقب أن يتخذ طابعاً أكثر دموية في المرحلة المقبلة. (المصادر: النهار العربي والدولي، موقع 180 بوست).

Print Friendly, PDF & Email
Download Premium WordPress Themes Free
Download Nulled WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
Download WordPress Themes Free
udemy paid course free download
إقرأ على موقع 180  ملاحظات على الاتفاق السعودي الإيراني.. و"المفاجأة الصينية"