تبدأ النصوص الدستورية ذات العلاقة برئيس الجمهورية في إيران من المادة السادسة التي تنص على أن شؤون البلاد “يجب أن تدار بالإعتماد على رأي الأمة الذي يتجلى بانتخاب رئيس الجمهورية وأعضاء مجلس الشورى الإسلامي وأعضاء سائر مجالس الشورى ونظائرها، أو عن طريق الإستفتاء العام”.
ويُعتبر رئيس الجمهورية “أعلى سلطة رسمية في البلاد بعد مقام القيادة (المرشد) وهو المسؤول عن تنفيذ الدستور، كما أنه يرأس السلطة التنفيذية إلا في المجالات التي ترتبط مباشرة بالقيادة” بحسب المادة 113.
ويُحظّر الدستور الإيراني على رئيس الجمهورية أن يكون له “أكثر من عمل حكومي واحد أو أي عمل آخر في المؤسسات العامة، وكذلك ممارسة النيابة في مجلس الشورى، أو المحاماة أو الإستشارة القانونية، ولا يجوز ان يكون رئيسا أو مديرا تنفيذيا أو عضوا في مجلس إدارة الأنواع المختلفة من الشركات الخاصة، ويُستثنى من ذلك العمل التعليمي في الجامعات أو مراكز الأبحاث”، مثلما تنطق المادة 141.
وبما يختص بأموال الرئيس ومداخيله يتولى رئيس السلطة القضائية التحقيق في أموال رئيس الجمهورية وزوجته وأولاده قبل تحمل المسؤولية وبعدها “لئلا تكون ـ الأموال ـ قد ازدادت بطريق غير مشروع” كما توضح المادة 142 و”يجري التحقيق في التهم الموجهة لرئيس الجمهورية، بالنسبة للجرائم العادية، في المحاكم العامة لوزارة العدل” ـ م 140 ـ ولكن بعد إعلام مجلس الشورى بذلك.
ويُنتخب رئيس الجمهورية “مباشرة من قبل الشعب لمدة أربع سنوات ولا يجوز انتخابه لأكثر من دورتين متواليتين” ويجب أن يكون “من بين المتدينين السياسيين ويحمل الجنسية الإيرانية وقديرا في مجالس الإدارة والتدبير، ذا ماض جيد، تتوفر فيه الأمانة والتقوى، مؤمنا ومعتقدا بمبادئ جمهورية إيران الإسلامية “، وفق المادتين 114 و115.
أما موعد الإنتخابات فـ”يجب أن يتم قبل شهر واحد على الأقل من نهاية دروة رئاسة الجمهورية السابقة”، وإذ توفي مرشح رئاسي ثبتت صلاحيته وأهلية ترشيحه قبل الإنتخابات بعشرة أيام “يؤجل موعد الإنتخابات لمدة أسبوعين، وإذا توفي بين الدورتين الأولى والثانية من الإنتخابات أحد الشخصين الحائزين على الأكثرية في الدورة الأولى يؤجل موعد الدورة الثانية لأسبوعين”، استناداً إلى المادتين الدستوريتين 119 و120.
ولعملية الإنتخابات الرئاسية آليات يُفترض أن يعبرها المرشحون الرئاسيون، تبدأ بتسجيل الأسماء ثم البحث في أهلية المرشحين من قبل مجلس صيانة الدستور ويليه نشر وزارة الداخلية للأسماء المؤهلة، فالحملات الإنتخابية ويعقبها الصمت الإنتخابي وأخيراً العملية الانتخابية.
ودور مجلس صيانة الدستور، وفق المواد من 91 إلى 99، يهدف إلى ضمان “مطابقة ما يصادق عليه مجلس الشورى مع الأحكام الإسلامية والدستور” كما يتولى “لإشراف على انتخابات مجلس خبراء القيادة (المعني بإنتخاب المرشد ـ م 107) ورئيس الجمهورية وأعضاء مجلس الشورى والإستفتاء العام”.
صلاحيات وأدوار رئيس الجمهورية:
بحسب نصوص الدستور الإيراني يُعيّن “رئيس الجمهورية الوزراء ويطلب من مجلس الشورى منحهم الثقة” وتُسند “رئاسة مجلس الوزراء إلى رئيس الجمهورية الذي يُشرف على عمل الوزراء ويقوم بالتنسيق بين قرارات الوزراء ومجلس الوزراء” على ما تنص المادتان 133 و134.
ويُخوّل الدستور الإيراني رئيس الجمهورية عزل الوزراء ـ م 136 ـ وفي هذه الحالة يطلب الرئيس من مجلس الشورى منح الثقة للوزير الجديد أو الوزراء الجدد، وأما عند تغيير نصف الوزراء فعلى رئيس الجمهورية أن يطلب من مجلس الشورى منح الثقة لمجلس الوزراء من جديد، والوزراء مسؤولون تجاه رئيس الجمهورية ومجلس الشورى وفقا للمادة 137.
والمسؤوليات والصلاحيات الدستورية الموكلة إلى رئيس الجمهورية في إيران، يمكن إجمالها على الوجه الآتي:
ـ م 122 “رئيس الجمهورية مسؤول أمام الشعب والقائد ومجلس الشورى”.
ـ م 123 “على رئيس الجمهورية ان يوقع على مقررات مجلس الشورى وعلى نتيجة الإستفتاء العام”.
ـ م 124 “يستطيع أن يعين معاونين له ويقوم المعاون الأول بمهمة إدارة مجلس الوزراء والتنسيق بين سائر المعاونيات”.
ـ م 125 “يوقع بعد مصادقة مجلس الشورى على المعاهدات والعقود والإتفاقيات والمواثيق التي تُبرم بين الحكومة الإيرانية وسائر الدول، وكذلك سائر المعاهدات المتعلقة بالإتحادات الدولية”.
ـ م 126 “يتولى مسؤولية أمور التخطيط والميزانية والأمور الإدارية والتوظيفية للبلاد بشكل مباشر، ويمكن أن يوكل شخصا آخر لإدارتها”.
ـ م 127 “في حالات خاصة وبمصادقة مجلس الوزراء يحق لرئيس الجمهورية تعيين ممثل خاص او عدة ممثلين وتحديد صلاحياتهم”.
ـ م 128 “يتم تعيين السفراء بإقتراح من وزير الخارجية ومصادقة رئيس الجمهورية، ويقوم رئيس الجمهورية بالتوقيع على أوراق اعتماد السفراء ويتسلم أوراق اعتماد سفراء الدول الأخرى”.
ـ م 129 “يتولى رئيس الجمهورية منح الأوسمة الحكومية”.
ـ م 130 “يقدم رئيس الجمهورية استقالته إلى القائد ويستمر في القيام بوظائفه إلى ان تتم الموافقة على استقالته”.
لا تقتصر مهام ومسؤوليات رئيس الجمهورية في إيران على الجوانب المذكورة آنفا، فصناعة القرار في إيران وفقا لأحكام الدستور، تخضع لما يُعرف بـ”نظام تعدد المجالس” حتى لا يطغى أحدها على الآخر، ورئاسة الجمهورية واحدة من تلك المجالس، وبهذا المعنى فرئيس الجمهورية يترأس أو يكون عضوا في المجالس أو فاعلا أساسيا في الإدارات التالية:
أولاً؛ وقف الدستور الإيراني عند لحظة غياب المرشد أو القائد بحسب النص الدستوري، فنظر في احتمالات الغياب لأسباب شتى ونصت المادة 111 على التالي، “في حالة وفاة القائد أو استقالته أو عزله، فإن الخبراء (مجلس قيادة الخبراء) مكلفون بالقيام بأسرع وقت بتعيين القائد الجديد وحتى يتم إعلان القائد فإن مجلس شورى مؤلف من رئيس الجمهورية ورئيس السلطة القضائية وأحد فقهاء مجلس صيانة الدستور ـ منتخب من قبل مجلس تشخيص مصلحة النظام ـ يتحمل جميع مسؤوليات القيادة بشكل مؤقت”.
ثانياً؛ مجلس تشخيص مصلحة النظام ــ م 112: هذا المجلس وظيفته تشخيص المصلحة في الحالات التي يرى فيها مجلس صيانة الدستور أن قرار مجلس الشورى يخالف موازين الشريعة والدستور، في حين لم يقبل مجلس الشورى رأي مجلس صيانة الدستور، أي أن وظيفة هذا المجلس الفصل في النزاع القائم بين مجلسي الشورى وصيانة الدستور “وكذلك للتشاور في الأمور التي يوكلها القائد إليه” ورئيس الجمهورية يغدو تلقائيا عضوا في هذا المجلس بعد انتخابه والحال نفسها مع رئيسي السلطتين التشريعية والقضائية، بعد انتخاب الأول وتعيين الثاني، بالإضافة إلى شخصيات أخرى.
ثالثاً؛ مجلس الأمن القومي ـ م 176: يترأس رئيس الجمهورية الإيرانية مجلس الأمن القومي وغرضه “تأمين المصالح الوطنية وحراسة الثورة ووحدة أراضي البلاد والسيادة الوطنية”.
ومن مهام هذا المجلس “تعيين السياسات الأمنية والدفاعية للبلاد في إطار سياسات عامة يحددها القائد، وتنسيق النشاطات السياسية والأمنية والإجتماعية والثقافية والإقتصادية ذات العلاقة بالخطط الدفاعية ـ الأمنية، والإستفادة من الإمكانيات المادية والمعنوية للبلاد لمواجهة التهديدات الداخلية والخارجية”.
هذا المجلس يتشكل “من رؤساء السلطات الثلاث ورئيس هيئة أركان القوات المسلحة ومسؤول شؤون التخطيط والميزانية، ومن مندوبين يعينهما القائد ووزارء الخارجية والداخلية والأمن والوزير ذي العلاقة وأعلى مسؤولين في الجيش وحرس الثورة”.
عودة إلى المقدمة:
منذ لحظة الإعلان الرسمي عن رحيل الرئيس ابراهيم رئيسي آلت الصلاحيات الدستورية إلى نائبه محمد مخبر، والمادة الدستورية 132 صريحة في هذا المجال، إذ تقول “في حال وفاة رئيس الجمهورية أو عزله او استقالته أو مرضه لأكثر من شهرين، أو في حالة انتهاء فترة رئاسة الجمهورية وعدم انتخاب رئيس جديد نتيجة وجود بعض العقبات أو لأمور أخرى، يتولى المعاون الأول لرئيس الجمهورية أداء وظائف رئيس الجمهورية ويتمتع بصلاحياته بموافقة القيادة”.
وفي هذه الحالة أيضا تتشكل هيئة ثلاثية “مؤلفة من رئيس مجلس الشورى ورئيس السلطة القضائية والمعاون الأول لرئيس الجمهورية” ويتوجب عليها “أن تعد الأمور ليتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال فترة خمسين يوما على الأكثر، وفي حالة وفاة المعاون الأول لرئيس الجمهورية أو لوجود امور اخرى تحول دون قيامه بواجباته، وكذلك إذا لم يكن لرئيس الجمهورية معاون أول، تعين القيادة شخصا آخر مكانه”.
وخلال هذه الفترة التي يمكن توصيفها بالإنتقالية “لا يمكن استيضاح الوزراء أو حجب الثقة عنهم، ولا يمكن القيام بإعادة النظر بالدستور أو إصدار الأمر بإجراء الإستفتاء العام”.
تقول قصيدة فارسية:
الدمعة سِر
والبسمة سِر
والهوى سِر
دمعة ذاك المساء، بسمة الهوى كانت
لستُ روايةً ترويني
لستُ نغمةً تُغنيني
لستُ صوتاً تسمعيني
أو شيئاً تريني أو تعرفيني
إني الألم المشترك
اصرخيني.