18019/08/2024“في جلستي مناقشات جرتا الأربعاء الماضي، إحداهما بعد الظهر في هيئة مصغرة، والأخرى في مؤتمر فيديو عبر الهاتف ليلاً، قضى (بنيامين) نتنياهو على فرصة التقدم في المفاوضات.
انتهى الحفل، على الأقل في هذه المرحلة. كان من المفترض أن يتوجه اللواء إليعيزر توليدانو، رئيس القسم الإستراتيجي في هيئة الأركان العامة، إلى القاهرة ليلاً مع كبار مسؤولي الشاباك لإجراء محادثات مع المصريين. وأن يتوجه أيضاً منسق شؤون المناطق (المحتلة)، اللواء غسان عليان.
إنهما زيارتان عبثيتان، هذا ما قاله أمس (الأحد) مصدر مشارك بشكل كبير في المفاوضات. هكذا أيضًا سيكون اللقاء اليوم (الإثنين) بين وزير الخارجية الأمريكي (أنتوني) بلينكن ورئيس الحكومة نتنياهو.
القمة، التي كان من المقرر عقدها في القاهرة نهاية الأسبوع الحالي، بحضور الفريق الاسرائيلي المفاوض وممثلي الوسطاء، قد يتم إلغاؤها أو تأجيلها أو عقدها لأغراض الاستعراض فقط. إن التفاؤل الذي ظهر من تقارير وسائل الإعلام الأجنبية في الأيام الأخيرة كان مجرد فذلكة وتلاعب.
في الجانب الأميركي ثمة من آمن بحصول سحر: إذا قالوا إن الاتفاق قادم، فسيحصل فعلاً.
تراجع نتنياهو عن الاتفاق مع الأميركيين بشأن ممر نتساريم، كما ورد في خطة بايدن-نتنياهو في 27 أيار/مايو الماضي. وبحسب أحد المصادر، فإن مسألة انتقال الفلسطينيين من وسط قطاع غزة إلى الشمال، وهل سيكون هناك تفتيش إسرائيلي أم لا، لم تطرح على الإطلاق في الجولة الأخيرة في الدوحة
لا مفر من العودة وقول الحقيقة: (يحيى) السنوار ونتنياهو غير معنييْن بدفع أثمان الاتفاق؛ وفي هذه الأثناء يمكنهما أن يسمحا لنفسيهما بذلك.
قال نتنياهو في بداية جلسة الحكومة: “نحن نتفاوض، نأخذ ونعطي، لا نعطي ونعطي”. والحقيقة مختلفة بعض الشيء: لا نعطي ونعطي ولا نأخذ ونعطي.. هذه نقاشات لا جدوى منها.. سُدىً.
حصل تفجر المفاوضات حول محور فيلادلفيا، ولكن كان من الممكن أن يحدث حول عدد من القضايا الأخرى.. يبدو أن حماس توافق على وجود اسرائيلي هناك.. لكن هذا هو التفصيل الذي فجر الاتصالات: نتنياهو يصر على وجود عسكري إسرائيلي على طول المحور؛ وتصرّ حماس على الانسحاب الإسرائيلي.
ويبرر نتنياهو الفيتو بفرض شرط استراتيجي: يجب على إسرائيل أن تحاصر غزة دائريًا، 360 درجة..
نتنياهو مصرّ: إذا لم يكن وجود الجيش الإسرائيلي مضمونا على طول المحور بأكمله، فلن يكون هناك اتفاق.
كان من الممكن أن يكون هذا النقاش معقولا لو لم يكن 115 إسرائيليا، نساء ورجالا، مدنيين وجنود، أحياء وأموات، يعانون في أنفاق غزة. هؤلاء الذي تخلى عنهم نتنياهو والمنظومة التي يرأسها مرتين: مرة في 7 أكتوبر؛ والمرة الثانية في المفاوضات التي لم تتم بالمكاشفة الصحيحة، وبأيدٍ نظيفة.
يريد نتنياهو أن يرى الرهائن وقد أطلق سراحهم، لكنه غير مستعد للتخلي عن وهم “الانتصار الكامل”، وهو عالق في أوهامه.
الخلاف بينه وبين (يؤاف) غالانت (وزير دفاعه) لا يقتصر على مجرد الضربات الكلامية المتبادلة: فقد فتحت هوة استراتيجية بينهما. ويرى غالانت أن اتفاق الرهائن ـ ولو بمرحلة واحدة ـ يشكل مدخلاً لتحالف إقليمي ضد إيران، تدعمه القوة الأميركية؛ بينما يرى نتنياهو في الاتفاق استسلاماً للعدو وتفككاً للائتلاف وهزيمة شخصية. وطلب غالانت من نتنياهو ان يقدم تفاصيل الاتصالات إلى الحكومة. ويصف المعضلة بأنها مفترق طرق على شكل حرف T: الاختيار هو بين واقع إقليمي جديد وحرب إقليمية. رفض نتنياهو ذلك.
في هذه الأثناء، تراجع نتنياهو عن الاتفاق مع الأميركيين بشأن ممر نتساريم، كما ورد في خطة بايدن-نتنياهو في 27 أيار/مايو الماضي. وبحسب أحد المصادر، فإن مسألة انتقال الفلسطينيين من وسط قطاع غزة إلى الشمال، وهل سيكون هناك تفتيش إسرائيلي أم لا، لم تطرح على الإطلاق في الجولة الأخيرة في الدوحة. قرّر رئيس وكالة المخابرات المركزية (بيل) بيرنز التركيز على محور فيلادلفيا: إذا لم يكن هناك اتفاق بشأن فيلادلفيا فلن يكون هناك اتفاق وخسارة إضاعة الوقت في بنود أخرى.
وفي موازاة الأزمة، هناك ما يبدو أنه قرار إيراني بعدم الرد في هذه المرحلة على اغتيال إسماعيل هنية في طهران. لا تنوي إيران التورط في حرب إقليمية بسبب ضيف فلسطيني. والخبر السار هو أن التهديد العسكري من الشرق قد زال في الوقت الحاضر؛ والخبر الأقل سرورًا هو أن إيران أعطت الضوء الأخضر لحزب الله للتصرف بقواه الذاتية.
إن أي هجوم صاروخي من الشمال، حتى لو كان مضبوطًا، سيضيف حادثة إلى حادثة. ولا عجب أنه تمت دعوة سكان الشمال للبقاء بالقرب من المناطق المحمية (الملاجىء)”.
