المفاوضات الأميركية الإيرانية بخطر.. تخصيب اليورانيوم عقدة العقد!

بلغت المفاوضات الأميركية الإيرانية، مع جولتها الرابعة في مسقط مرحلة حاسمة. إذا أسقط الأميركيون على جدول الأعمال بنداً يدعو إيران إلى وقف تخصيب اليورانيوم نهائياً، فإن ذلك يشي بمأزق كبير، إذ يصعب على المفاوض الإيراني بعد طول سنوات من المواجهات والعقوبات القبول بتفكيك البرنامج النووي الإيراني على "الطريقة الليبية".

من السابق لأوانه إصدار أحكام حاسمة أو تبنّي توقعات إعلامية، سواء أكانت متفائلة أم متشائمة، بشأن آفاق المفاوضات النووية. لكن يُمكن القول إن المفاوضات لم تصل بعد إلى طريق مسدود، بل تسير في مسارها الصحيح، حيث تستمر المناقشات حول العناوين الأساسية الحصرية بالملف النووي وليس بأي ملف آخر سواء ما يتصل بالنفوذ الإقليمي أو الصواريخ الباليستية وغيرها.

وبحسب التصريحات الرسمية الإيرانية، فإن المفاوضات ما تزال تدور حول الملف النووي، والعقدة الرئيسية فيها هي مسألة تخصيب اليورانيوم داخل الأراضي الإيرانية. وكان لافتاً للانتباه عشية الجولة الرابعة ما صرّح به رئيس الوفد الأميركي المفاوض ستيف ويتكوف مؤخرًا في مقابلة مع موقع إخباري أميركي، إذ قال إنه على إيران ألا تمتلك أي برنامج لتخصيب اليورانيوم داخل أراضيها. وضرب مثالًا على ذلك محطة بوشهر للطاقة النووية التي تُستخدم لتوليد الكهرباء ولا تحتوي على منشآت للتخصيب، كدليل على إمكانية التعاون من دون تخصيب محلي. ويُعدّ هذا الطرح بالتأكيد نقطة خلافية كبيرة بين الجانبين الإيراني والأميركي.

وقال ويتكوف حرفياً: «إذا لم تكن مفاوضات الأحد (اليوم) مع إيران مثمرة، فلن تستمر وسنتجه إلى خيار بديل. يجب تفكيك منشآت التخصيب الإيرانية. نحن لن نقبل باتفاق ضعيف مع إيران، وإذا لم يكن الاتفاق المقترح قويًا، فسننسحب منه». وأضاف: «خطنا الأحمر واضح: تخصيب صفر. هذا يعني تفكيك كامل للمنشآت النووية، وضمان عدم تحويلها إلى منشآت لأغراض عسكرية. المقصود هنا هو تفكيك ثلاث منشآت تخصيب رئيسية: نطنز، فوردو وأصفهان. هذه هي المنشآت الثلاث التي نطالب بإزالتها».

هذه التصريحات المثيرة للجدل من قبل ويتكوف، تُعدّ تجاوزًا واضحًا للخطوط الحمراء الإيرانية في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة. والمفارقة هنا أن الإعلام الأميركي والغربي لم يوضح، حتى الآن، ما الذي ستحصل عليه إيران في حال وافقت على هذا التراجع الكبير؟ هل ستُرفع العقوبات المفروضة عليها مقابل ذلك بشكل كامل؟

من جهته، سارع عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، للرد على المطالب الأميركية بالقول: «إيران، بصفتها من الدول المؤسسة لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، تملك كامل الحق في امتلاك دورة الوقود النووي الكاملة. وهناك عدة دول أعضاء في الـNPT تقوم بتخصيب اليورانيوم دون أن تسعى لامتلاك أسلحة نووية، بل ترفضها صراحة».

ما الذي يعنيه المطلب الأميركي المستجد بالنسبة لإيران؟

ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” في تقرير لها أن ويتكوف قدّم عرضًا لإيران يقضي بأن تتخلى عن برنامجها النووي بالكامل مقابل رفع العقوبات، وأن تقوم بشراء الوقود النووي من الولايات المتحدة. وهي مزاعم قد تبدو قريبة من الواقع إذا ما أُخذت تصريحات ويتكوف حول مفاعل بوشهر بالاعتبار، حيث قال: «لدى إيران مفاعل مدني يُدعى بوشهر، لا يحتوي على أي قدرات تخصيب أو أجهزة طرد مركزي، ويُستخدم فقط لأغراض مدنية كإنتاج الكهرباء. إذا كانت إيران تؤمن بهذا النموذج، فلماذا لا تجعل بقية منشآتها شبيهة ببوشهر؟».

من الواضح هنا في طهران أنه إذا دخلت الولايات المتحدة مفاوضات الجولة الرابعة بنيّة فرض هذا السيناريو، فإن المفاوضات ستصل إلى طريق مسدود، ذلك أن الطلب الأميركي أشبه بمطالبة إيران بتفكيك خط إنتاج مشروع سلمي بالكامل!

تشرح مصادر إيرانية ذلك بالقول: “هذه القصة كأن الولايات المتحدة تطلب من إيران تفكيك أحد أفضل خطوط إنتاج السيارات لديها داخل البلاد، برغم أن هذه السيارات تُستخدم من قبل المواطنين الإيرانيين لأغراض سلمية بحتة. وكأن الأميركيين يقولون للإيرانيين: “قد تُستخدم سرعة هذه السيارات أو قدرتها على المناورة في يوم ما لأهداف عسكرية. في المقابل، كان الرد الإيراني بأننا مستعدون لقبول أي نوع من الرقابة، بما في ذلك زيادة عدد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وزيادة عدد الكاميرات التابعة للوكالة، وجميع الأساليب المتعارف عليها والمعقولة للإشراف على إنتاج هذه “السيارات” داخل إيران”.

ومع ذلك، تصر الولايات المتحدة على موقفها وتقول للإيرانيين: “لا نقبل بأي خيار سوى الإزالة الكاملة والجذرية لهذا الخط المتطور من الإنتاج”. وهذا المطلب الأميركي يُعتبر، من وجهة نظر إيران، “نوعًا من الابتزاز والمبالغة في المطالب، وعندها يُمكن القول إنه لا أفق لهذه المفاوضات سوى حتمية الفشل”.

وفي هذا السياق، يقول أميرعلي أبوالفتح، الخبير في الشأن الأميركي: «إذا أصرت إيران على أن التخصيب داخل البلاد هو خط أحمر، وأصرت الولايات المتحدة على أن خطها الأحمر هو رفض التخصيب، فلن يكون هناك أي اتفاق. إلا أنه من الممكن التوصل إلى حل وسط من خلال تحديد مستويات وحدود التخصيب المسموح بها».

أما رحمان قهرمانبور، المحلل البارز في السياسة الخارجية، فيقول: «عدم تراجع الولايات المتحدة عن موقفها المتشدد حيال التخصيب داخل إيران سيؤدي مجددًا إلى توقف المفاوضات، وقد يكون التوقف هذه المرة أطول من سابقاته».

إقرأ على موقع 180  فريدمان العائد من إسرائيل: استمرار الحرب كارثة!

Print Friendly, PDF & Email
طهران ـ علي منتظري

كاتب وصحافي ايراني مقيم في طهران

Download Best WordPress Themes Free Download
Download Best WordPress Themes Free Download
Download WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
free download udemy course
إقرأ على موقع 180  مايكل داندريا: "آية الله" الإستخبارات الأميركية.. وخصم سليماني