هذه الزيارة التي يقوم بها الملياردير البالغ من العمر ٧٩ عاماً لها أهمية كبرى للأرخبيل. في الواقع نجت اليابان نسبيًا من حملة ترامب الحمائية الكبيرة، التي فرضت رسومًا جمركية على حلفاء الولايات المتحدة التاريخيين، بقدر ما فرضته على منافسيهم، إن لم يكن أكثر. وخلال أول مكالمة هاتفية بينهما يوم السبت الماضي، أكدت رئيسة الوزراء اليابانية للرئيس الأمريكي أنها وضعت «على رأس أولويات حكومتها» تعزيز العلاقات الثنائية، لا سيما في المجال الأمني. وأعلنت أن اليابان ستزيد ميزانيتها الدفاعية إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي ابتداءً من السنة المالية الحالية، التي تنتهي في 31 آذار/مارس، أي قبل عامين من الموعد المتفق عليه سابقًا.
وينسجم ذلك مع توجه الرئيس الأمريكي الذي يريد أن يجعل الحماية العسكرية الأمريكية للحلفاء، وبينهم اليابان، مشروطة بشراكة هؤلاء المالية مع بلاده وخصوصاً عبر شراء الأسلحة الأمريكية.
ومن المعروف أن حوالي 60 ألف جندي أمريكي يتمركزون في اليابان، وسيقوم ترامب بزيارة هؤلاء على متن حاملة الطائرات (يو إس إس جورج واشنطن)، الراسية قبالة سواحل يوكوسوكا، جنوب طوكيو. وتُخطط ساناي تاكايشي لطمأنة ترامب، بإعلانها أن اليابان ستواصل تعزيز قدراتها الدفاعية، مع إعطاء الأولوية لجودة وطبيعة الإنفاق بدلاً من مجرد زيادة حجم ميزانيتها. وهي بالتالي تضع حدوداً لمسألة تلبية التوقعات الأمريكية من دون المساس بالأولويات الوطنية اليابانية.
وبرغم أن واشنطن وطوكيو توصلتا بالفعل إلى اتفاق في تموز/يوليو، إلا أن بعض القضايا ما زالت معلقة وأبرزها الاستثمارات اليابانية المخطط لها في الولايات المتحدة، حسب وعد رئيس الوزراء السابق شينزو آبي والبالغة قيمتها 550 مليار دولار.
وفي إطار الجهود الدبلوماسية لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ذكرت الصحف اليابانية قبل الزيارة أن تاكايشي تعتزم اقتراح حزمة من الإجراءات على البيت الأبيض لتخفيف التوترات التجارية، بما في ذلك التزامات بشأن واردات الشاحنات الأمريكية الصغيرة والمنتجات الزراعية مثل فول الصويا.
الاجتماع بين ترامب وتاكايشي، وهو الأول بين زعيمي البلدين بعد عودة الملياردير الأميركي إلى البيت الأبيض، سيكون بمثابة نقطة تحول في العلاقات اليابانية الأمريكية، حيث أثارت عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة الأمريكية مخاوف طوكيو بشأن سياسات واشنطن الحمائية.
وتأمل اليابان تجنب أي تصعيد في ما تسمى “حرب الرسوم الجمركية” على غرار ما فعلته إدارة ترامب في الولاية الأولى لجهة فرض رسوم جمركية عقابية على العديد من المنتجات الأجنبية. ووفقًا لمصادر مقربة من الحكومة اليابانية، يوجد إصرار ياباني على الحفاظ على التوازن التجاري العادل. كما أفادت التقارير أن اليابان ستُقدّم قائمةً باستثماراتٍ محتملةٍ للشركات الأمريكية على أراضيها، بهدف تعزيز التجارة الثنائية.
من هي ساناي تاكايشي أول رئيسة وزراء في اليابان؟
هي سياسية محافظة ونيوليبرالية؛ أستاذة في علم الاقتصاد. يُقال إنها معجبة بشدة بمارغريت تاتشر سيدة بريطانيا الحديدية، وقد صعدت تدريجيًا في صفوف السياسيين اليابانيين وظلت مُتمسكةً بأصولها الريفية.
مولودة في 7 آذار/مارس 1961 في نارا العاصمة القديمة، وانتمت منذ دخلت السياسة إلى الحزب الديموقراطي الليبرالي، وسبق لها أن احتلت منصب وزيرة الدولة لاستراتيجية «اليابان الهادئة» (٢٠٢٣-٢٠٢٤) · متزوجة من تاكو ياماموتو (رجل أعمال).
(*) راجع كتابي تاريخ اليابان، الجزء الأول والثاني للكاتب نفسه.
(**) بالتزامن مع “أخبار بووم“
