السعودية تُريد مخرجاً من “ورطة اليمن”.. وتشجّع عُمان على الوساطة

لا أحد من الدول الكبرى، بما فيها روسيا، له مصلحة بانهاء تورط السعودية في حرب اليمن.. فالكل مستفيد من استمرار حرب تستنزف الرياض ماليا وسياسيا، غير أن ذلك لا يمنع من محاولة الإستعانة بدولة مثل سلطنة عُمان للبحث عن مخرج.

تبحث السعودية عن مخرج لها من تورطها في حرب اليمن منذ اكثر من اربع سنوات ونصف السنة، من دون ان تحقق “الحزم” بانتصار عسكري كانت ترى انها ستحققه على الحوثيين، ولا ان تعيد الحكومة الشرعية الى صنعاء.

باتت السعودية تدرك الان – ولا تجاهر بالإعلان عن ذلك – ان حرب اليمن اصبحت حرب استنزاف طويلة الامد لا بل مستنقعا تغوص كل يوم في اوحاله دون ان ترى في الافق اي حل يخرجها منه، برغم مضي أربع سنوات على تورطها في اليمن.

وقد أصبحت حرب اليمن الشغل الشاغل للسعودية منذ شهور عديدة ان لم نقل منذ ان اعلنت عن هذه الحرب “لاعادة الشرعية الى صنعاء”.

وإذا كانت الرياض غير قادرة على حسم الحرب أو وضع حد لها، فإن حلفائها الغربيين، ولا سيما الولايات المتحدة وبريطانيا، لا يريدون انقاذها من حرب تكلف السعودية الكثير من الاموال، فضلا عن الكلفة السياسية العالية.

فكيف للولايات المتحدة وبريطانيا ان تعملا على انقاذ السعودية من حرب اليمن وهما مستفيدتان من استمرارها بعقد مزيد من صفقات الاسلحة مع الرياض بعشرات ومئات المليارت من الدولارات التي تستنزف موارد المملكة المالية؟

والولايات المتحدة – التي اصبحت منتجا كبيرا للنفط الصخري في السنوات الأخيرة ـــ لم تعد بحاجة الى نفط السعودية ودول الخليج الاخرى، بل هي بحاجة الى الموارد المالية لنفط هذه الدول. لذلك، من مصلحة واشنطن ولندن ان تبقى السعودية متورطة في حرب اليمن وحتى في العداء مع ايران.

وذكر لي سفير عربي من دول التحالف العربي في الرياض ان ضغوطا مورست من دول غربية على السعودية من اجل عدم دخول مدينة الحديدة ومينائها في شمال غرب اليمن بعد ان وصلت قوات التحالف العربي (التي تضم قوات سعودية واماراتية ويمنية) الى مشارف الحديدة واحتلت مطارها وحاصرت مينائها في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر في العام الماضي، وكشف السفير العربي ان بريطانيا حذرت السعودية من دخول مدينة الحديدة واحتلال مينائها – الذي يهرّب منه الحوثيون معظم الاسلحة الواردة اليهم من ايران، ويضيف السفير أن هذه الضغوط “انقذت الحوثيين من خسارة الحديدة”.

كشف مصدر ديبلوماسي خليجي لموقع 180 ان الامير خالد بن سلمان حمل رسالة سعودية من شقيقه ولي العهد الامير محمد بن سلمان تتضمن ردا على رسالة ذكرت طهران انها ارسلتها الى الرياض عبر طرف ثالث

ويشعر بعض المسؤولين في السعودية ان روسيا ايضا لا تريد انتهاء تورط السعودية في حرب اليمن، لأن موسكو أيضا مستفيدة من ذلك باستنزاف الرياض سياسيا، واوضح لي ديبلوماسي روسي يعمل في عاصمة خليجية، ان السعودية غير قادرة على ابداء اي موقف – حتى ولو على الصعيد الاعلامي – ينتقد التدخل الروسي في سوريا (تدخل انقذ النظام السوري من الانهيار في العام 2015) لأن الرياض لا تريد ان ان ترى موقفا روسيا مناهضا لها سياسيا – لا سيما في مجلس الامن الدولي – بشان الحرب في اليمن.

غير أن محاولة السعودية البحث عن مخرج من حرب اليمن لا يعني ان الرياض موافقة او ستوافق على الدخول في مفاوضات معلنة اوغير معلنة مع الطرف الحوثي لوقف الحرب وايجاد حل سياسي لها، “ليس لان ذلك سيعطي الحوثيين  الشعور بالنصر السياسي فقط، بل لأن الرياض متيقنة  ان قرار الحوثيين هو بيد ايران التي دعمتهم حتى يكون اليمن شوكة في خاصرة السعودية تلهيها عن مواجهة المشروع الايراني”.

ويبدو ان الرياض لا تمانع عودة المفاوضات بين حكومة عبد ربه منصور هادي وبين الحوثيين في اي مكان، وسبق ان جرت مفاوضات مباشرة عديدة بين الطرفين في جنيف والكويت واستوكهولم.

ومن الممكن للرياض أن تتفاوض مع الحوثيين “في حال اعلنوا صراحة استقلالهم عن ايران واستعدادهم للالتزام بقرار مجلس الامن 2216 ضمن مشروع لحل سياسي كامل في اليمن”.

ومن الواضح أن الرياض وفي سياق بحثها عن مخرج لها من ورطة حرب اليمن، تتقبل حاليا خيار إجراء اتصالات مع ايران عبر طرف ثالث – وهي تفضل أن تتولى سلطنة عمان دور الوسيط – ولكن تريد من ايران ابداء حسن نوايا للبدء بذلك واولها “وقف دعم الحوثيين في اليمن”، وكذلك “وقف تهديداتها لأمن الخليج وممرات ناقلات النفط الخليجية للعالم”.

ولعل زيارة نائب وزير الدفاع السعودي الامير خالد بن سلمان الى مسقط الاثنين الماضي لها علاقة بتشجيع سلطنة عمان على القيام بدور الوسيط بين الرياض وطهران، حيث كشف مصدر ديبلوماسي خليجي لموقع 180 ان الامير خالد بن سلمان حمل رسالة سعودية من شقيقه ولي العهد الامير محمد بن سلمان تتضمن ردا على رسالة ذكرت طهران انها ارسلتها الى الرياض عبر طرف ثالث (على الأرجح عبر دولة الكويت).

إقرأ على موقع 180  مُحرّكات الشراكة الصينية ـ العربية.. الطاقة أولاً (2/2)

Print Friendly, PDF & Email
سليمان نمر

كاتب عربي متخصص بالشؤون الخليجية

Download Nulled WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
Download Best WordPress Themes Free Download
Download Premium WordPress Themes Free
udemy paid course free download
إقرأ على موقع 180  الفاتيكان لبكركي: الأولوية لبقاء الشعب قبل تحييد الأرض