يمكن القول أن نتائج الإنتخابات الداخلية على رئاسة حزب الليكود جاءت مطابقة للمواصفات. فقد حصل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على 72.5% من أصوات الناخبين، بينما حصل جدعون ساعر على 27.5% من الأصوات، وبلغت نسبة التصويت نحو 50% من أصحاب حق الاقتراع. نتيجة أبرزت الفارق بين “شعبية” نتنياهو ومنافسه داخل الليكود نفسه. هكذا يمضي نتنياهو إلى الإنتخابات التشريعية المقررة في الثاني من آذار/مارس المقبل من دون أن يشغل باله بأي تشويش في الانتخابات الداخلية على رئاسة الحزب.
وكان موشيه فايغلين قد حصل في العام 2012 على 23% من الأصوات، وداني دانون على 21% في العام 2014.
واعتبر المحلل السياسي في صحيفة “معاريف”، بن كسبيت، أنه “لم يكن هناك أمل لساعر”، لأنه “تم تجنيد الجهاز الحزبي لليكود ضده بكامل القوة. أنصار رئيس الحكومة، وقسم منهم موظفو دولة، هددوا أنصار ساعر بكلمات فظة. ودستور الانتخابات وجهاز التصويت جرى تغييرهما وفقا لإملاءات بلفور (منزل رئيس الحكومة). وأسماء الآلاف من مؤيدي ساعر أزيلت من سجل الناخبين “لأسباب تقنية”. كما أنه اضطر إلى مشاهدة مسيرة النفاق وحضيض قيادة الليكود، الذين رأيهم بنتنياهو أسوأ من رأيه، يتجندون بكل قوتهم ضده فقط من أجل منعه من خلافة نتنياهو، التي يتطلعون إليها… ولو قاتل نتنياهو حماس مثلما قاتل في الانتخابات الداخلية، لتهوّد (رئيس حماس في قطاع غزة يحيى) السنوار”.
وقالة المراسلة السياسية لموقع “واللا” تال شاليف، إن المنتسبين لحزب الليكود “يواصلون معانقة نتنياهو بقوة، برغم لوائح الاتهام الخطيرة ضده”، وتابعت أن “نتنياهو يستمد قوتها كلها من كونه رئيسا لليكود، زعيم الحزب الأكبر في كتلة اليمين. ومن هناك، تأتي تحالفاته مع شركائه الطبيعيين – الحريديين والمستوطنين – الذين سينشئون من أجله غلاف حماية سياسي يبقيه في الحكم، ومستعدون أن يبتلعوا من أجله الفساد والاتهامات بالرشوة”.
وقال رئيس كتلة “أزرق أبيض”، بيني غانتس، إن “حركة جابوتينسكي ومناحيم بيغن انتخبت شخصا متهما بثلاث لوائح اتهام”. وقال رئيس حزب العمل، عمير بيرتس، إن “نتائج الانتخابات الداخلية في الليكود تظهر انقطاع الليكود عن الشعب… والليكود انتهى اليوم نهائيا”. وقال رئيس حزب “يسرائيل بيتينو”، أفيغدور ليبرمان إن نتائج الانتخابات الداخلية في الليكود “لم تغيّر شيئا. علينا أن نتدارك أنفسنا وندرك أن التصويت لنتنياهو أو لغانتس في الانتخابات القريبة ستؤثر بصورة مباشرة ومؤلمة على كل واحد وواحدة منكم”.
وكتبت “هآرتس” في إفتتاحيتها أمس (الخميس) أنه بالنسبة إلى الليكود، “ما يجري هو أمر استثنائي: المرة الأخيرة التي تنافس فيها نتنياهو في الانتخابات التمهيدية على رئاسة الحزب في مواجهة مرشح يشكل تحدياً له، كانت في سنة 2014، قبيل انتخابات الكنيست العشرين، يومها فاز نتنياهو على داني دانون”، وأضافت أن الصراع على رئاسة الليكود “يكشف نوع التطرف الذي انجر إليه الحزب من الناحية الأيديولوجية: يستعد الليكود لضم المناطق المحتلة وترسيخ حكم الأبرتهايد، انطلاقاً من موقف يستهين بالقانون الدولي”، وختمت أن الانتخابات لرئاسة الليكود “هي اختيار بين بديلين سيئين، وهي دليل صارخ على الوضع المحزن لحزب السلطة ودولة إسرائيل”.
الجدير ذكره أن قرار الكنيست بحل نفسه للمرة الثانية يشكل سابقة تاريخية لأنه يعني أن الدولة العبرية اضطرت لإجراء انتخابات عامة للمرة الثالثة في غضون عام واحد، بسبب عجز حلبتها السياسية عن تشكيل أي نوع من الائتلاف الحكومي الضيق أو الواسع، ويدل ذلك على عمق الأزمة السياسية التي تواجه الكيان العبري والتي تكمن أساساً في اندفاع اليمين القومي والديني إلى محاولة حسم الخلافات الجوهرية حول بنية وطبيعة المجتمع خصوصا في مسألتي السلام مع الفلسطينيين وعلاقة الدين بالدولة.