بالنسبة إلى المراقبين الخليجيين في الرياض، فإن زيارة خالد بن سلمان تعبر عن مخاوف خليجية واضحة “من قيام طهران بمهاجمة اراضيها بالصواريخ والطائرات المسيرة بحجة ضرب القواعد ومراكز التواجد العسكري الاميركي المنتشرة في المنطقة”. ولا يستبعد هؤلاء ان تقوم طهران بمهاجمة حقول نفطية على غرار الهجمات التي حصلت في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وإستهدفت خلالها حقول منطقتي بقيق وخريص.
وبرغم المخاوف السعودية مما أسماه مسؤول خليجي “أي تهور ايراني”، الا أن المسؤولين السعوديين الرسميين يوحون للمتحدثين معهم بأنهم “ليسوا قلقين” من أية هجمات ايرانية، غير أن زيارة نائب وزير الدفاع تعطي إشارة معاكسة، علما أنه سبقها بيان رسمي سعودي يدعو الى “الهدوء وضبط النفس وعدم التصعيد”، وهي دعوة “موجهة إلى الإيرانيين، أكثر منها للأميركيين”، حسب مصادر خليجية.
ووفق معلومات توافرت في الرياض، فان المملكة تبدو غير قلقة من هجمات ايرانية عليها، وهي حصلت قبل زيارة نائب وزير الدفاع على تطمينات اميركية بان واشنطن ستتصدى لأية محاولات ايرانية لتوجيه ضربات عسكرية تستهدف السعودية وحلفائها في دول مجلس التعاون الخليجي.
ولم تحصل السعودية على هذه التطمينات فقط عبر الاتصال الهاتفي الذي اجراه وزير الخارجية الاميركي جورج بومبيو بمحمد بن سلمان يوم الجمعة الماضي، بل قبل ذلك، والدليل أن الرياض تبدو “مطمئنة” للكثير من الإجراءات الدفاعية العسكرية التي قام بها الأميركيون لحماية المملكة بعد الضربة الصاروخية التي تعرضت لها المنشآت النفطية في حقلي بقيق وخريص.
ووفق معلومات عسكرية يتداولها ديبلوماسيون هنا في الرياض فان الولايات المتحدة اعادت النظر بنظام حماية المملكة من الصواريخ، فارسلت – كما هو معروف – 1500 عسكري اميركي، وهؤلاء باتوا يديرون حالياً منصات اطلاق صواريخ الباتريوت المضادة للصواريخ في المملكة، كما ارسلت الولايات المتحدة إلى السعودية 60 بطارية من بطاريات باتريوت التي تنتمي إلى الجيل الجديد و23 بطارية لدولة الامارات و10 للبحرين، وعملت واشنطن ايضا على تحريك نحو 63 قطعة بحرية عسكرية نحو منطقة الخليج العربي وبحر عمان، وهذه القطع محملة بأنظمة مضادة للصواريخ.
تفيد المعلومات ان واشنطن، وبعد إنتهاء التحقيق بالهجمات الصاروخية التي إستهدفت حقلي بقيق وخريص، وجدت ان سبب نجاح ايران وحليفها الحوثي، هو تمكنهم من اختراق “الامن السيبراني” لنظام الانذار والمراقبة المربوط بانظمة الدفاع الصاروخي السعودية
وتفيد المعلومات ان واشنطن، وبعد إنتهاء التحقيق بالهجمات الصاروخية التي إستهدفت حقلي بقيق وخريص، وجدت ان سبب نجاح ايران وحليفها الحوثي، هو تمكنهم من اختراق “الامن السيبراني” لنظام الانذار والمراقبة المربوط بانظمة الدفاع الصاروخي السعودية، وهذا الخلل عملت واشنطن على اصلاحه، حيث يمكن للمراقبين ملاحظة ان الهجمات الصاروخية وهجمات الطائرات المسيرة “الدرون” على السعودية تراجعت عن وتيرتها السابقة بسبب الإجراءات الأميركية.
وإلى جانب التحشيد العسكري الأميركي في كل دول الخليج، جواً وبراً وبحراً، إلى جانب الإجراءات التي تم تعزيزها في محيط السفارات والمصالح الأميركية في كل دول الخليج، كان لافتاً للإنتباه في البيان السعودي، إثر إغتيال سليماني، “دعوة المجتمع الدولي الى الاضطلاع بمسؤولياته لاتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان أمن واستقرار هذه المنطقة الحيوية للعالم أجمع”.
وليس مستبعداً ان يكون الهدف الرئيسي لزيارة وزبر الخارجية القطرية إلى طهران، يوم السبت الماضي، وسط سيل التهديدات الايرانية بالانتقام، هو “نصح” ايران بتهدئة الوضع وعدم التصعيد عسكريا في العراق او في باقي دول المنطقة، ناقلاً إليهم معلومات عن الاستعدادات العسكرية الاميركية “للرد بقسوة على اية هجمات ايرانية”.
الجدير ذكره أن رئيس حكومة تصريف الأعمال العراقية عادل عبد المهدي كشف في كلمته أمام البرلمان العراقي، أمس (الأحد) أنّ اللواء قاسم سليماني كان يحمل معه إلى بغداد رسالة إيرانية مكتوبة إلى السعوديين، وقال خلال الجلسة التي خصصت لمناقشة إخراج القوات الأميركية من العراق، أن الرسالة كانت تتضمن رد الجانب الإيراني على رسالة أخرى من السعودية أوصلتها بغداد إلى طهران سابقا “بهدف تحقيق انفراج في الأوضاع بالمنطقة”. وأشار إلى أنه كان على موعد مع سليماني في الساعة الثامنة والنصف من صباح الجمعة، حتى يسلمه “الرد الإيراني”. وتلقى عبد المهدي أمس (الأحد) إتصالا من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، فيما كان الملك سلمان يخابر هاتفيا الرئيس العراقي برهم صالح، في سياق الدعوات السعودية إلى الهدوء وضبط النفس.