حزب الله “التهديد المركزي” لإسرائيل.. والعقوبات الأميركية ستشتد

Avatar18007/02/2020
استضاف معهد أبحاث الأمن القومي، في جامعة تل أبيب في مؤتمره الدولي السنوي الـ 13 (نهاية كانون الثاني/يناير 2020)، خبراء وصناع قرار إسرائيليين ودوليين ناقشوا المواضيع الآتية: المنظومة الدولية، البيئة الإقليمية، تحديات إسرائيل الخارجية والأمنية ونظرة إلى داخل إسرائيل. وقد لخص أودي ديكل مدير المعهد أبرز مداولات المؤتمر في مقالة نشرها في موقع "مباط عال"، وترجمتها مؤسسة الدراسات الفلسطينية، ولا سيما ما يتصل بالجبهة الشمالية والوضع في سوريا.

الحلبة الشمالية

جرى خلال المؤتمر تنظيم لعبة حرب على الجبهة الشمالية، اتضح خلالها أن جميع اللاعبين معنيون بتجنب الحرب. تطور السيناريو من ردة فعل على عملية إسرائيلية في إطار المعركة الدائرة بين حربين ضد التمركز العسكري الإيراني في سوريا وضد مشروع تحسين الصواريخ ورفع درجة دقتها، بالتزامن مع نشاط ميليشيات عراقية محلية موالية لإيران ضد القوات الأميركية في العراق. وتبين أيضاً أنه بفضل قوى كابحة – إضافة إلى خشية جميع اللاعبين من الحرب، الحضور الروسي والأميركي المؤثرين في المنطقة – بقيت الفرصة مهيأة للمعركة بين حربين بغية لجم بناء ماكينة الحرب الإيرانية وصدّها.

إيران تطمح إلى إبعاد خطر الحرب عن حدودها وتفضل وقوع الضربات على الوكلاء الشيعة غير الإيرانيين، لا على قواتها. ساحة التصعيد المفضلة في مقابل إسرائيل، من ناحيتها، هي الحيز السوري الذي ليس فيه اليوم رأي عام ثائر ضدها، والخسائر المتوقعة لها جرّاء التصعيد، تضرر الأسلحة والوكلاء، يمكن تحمّلها واستيعابها. وستبذل إيران كل ما في وسعها كي تتجنب التورط في حرب مع الولايات المتحدة، كما ستواصل تفعيل وكلائها في العراق لضرب القوات الأميركية بغية تسريع تحقيق نية الرئيس ترامب سحب الجيش الأميركي من العراق وسوريا.

إسرائيل تعتبر سوريا الحلقة الأضعف والأكثر عرضة للتضرر في المحور الشيعي. لكن التهديد المركزي الذي يواجه إسرائيل يأتي من لبنان، من القدرات العسكرية التي يمتلكها حزب الله (آلاف عديدة من الصواريخ، بعضها دقيق، قذائف، طائرات مسيّرة هجومية وقوات كوماندوس تستطيع اختراق الحدود). ولهذا، يشكل لبنان، بالنسبة إلى إسرائيل، جبهة التهديد المركزية ومن المقدّر أن إسرائيل ستستغل حالة التصعيد لتوجيه ضربة قاسية إلى حزب الله – قدراته العسكرية وبناه التحتية الداعمة للقتال. أفضلية العملية على الجبهة اللبنانية تنبع، أيضاً، من كون حزب الله الوكيل الإيراني الأساسي ولبنان الدولة الأكثر تعرضاً للتأثير الإيراني. أمّا ضرب سوريا نفسها، فقد يشكل آلية لإنهاء معركة في الجبهة الشمالية، لأن التقديرات تشير إلى أن سوريا ستلقي بكل ثقلها من أجل إنهاء القتال بصورة سريعة بغية المحافظة على نظام الأسد وتقليل الأضرار عليها إلى الحد الأدنى.

التهديد المركزي الذي يواجه إسرائيل يأتي من لبنان، من القدرات العسكرية التي يمتلكها حزب الله (آلاف عديدة من الصواريخ، بعضها دقيق، قذائف، طائرات مسيّرة هجومية وقوات كوماندوس تستطيع اختراق الحدود)

حزب الله غير معني بالحرب في هذه الفترة. إيران أيضاً، ولي أمر هذا التنظيم، معنية بالاستمرار في صيانة وحفظ قدرات التنظيم ليوم الحسم – الصراع على قدراتها النووية. لهذا، من المتوقع أن تقود إيران سيناريو التصعيد المضبوط الذي سينتهي بتعزيز صورة حزب الله الردعية واعتبار (السيد) حسن نصرالله وريثاً لقاسم سليماني. وسيختار حزب الله خطوة/خطوات تستطيع إسرائيل تحملها واحتواءها ـ مهاجمة أهداف عسكرية فقط في عمق المناطق الإسرائيلية يسعى من خلالها لقول الكلمة الأخيرة: رسالة فحواها أن أي عمل عسكري إسرائيلي سيقابَل بردة فعل بالضرورة.

الولايات المتحدة لا تريد الحرب، لكنها لا تهرب منها أيضاً. لذلك، من المتوقع أن يكون ردها قاسياً على أي عمل تقوم به الميليشيات العراقية ضد جنودها وأن تقدم دعماً مطلقاً لإسرائيل، على الرغم من أنها قد تمنع الجيش الإسرائيلي من العمل في داخل الأراضي العراقية. كذلك، من المتوقع أن تبذل الولايات المتحدة قصارى جهدها من أجل إبقاء إيران خارج دائرة الحرب، لأنها غير معنية بمواجهة عسكرية مباشرة مع إيران، تخوفاً من إسقاطات مثل هذه المواجهة وانعكاساتها على الدول الصديقة لها في الخليج الفارسي.

روسيا ستجني القدر الأكبر من الأرباح المتأتية من التصعيد المحسوب، بفضل مكانتها كوسيط بين الأطراف المتنازعة. ومع ذلك، من المفترض أن تخسر روسيا كثيراً جرّاء حرب تدور رحاها على الحلبة السوريا، وخصوصاً حيال الخطر الجدي الذي قد ينشأ على نظام الأسد بسبب ذلك.

الوضع في سوريا

خلافاً للفكرة السائدة، لم تنته الحرب بعد. يستمر التراجع في قوة أجهزة الدولة السورية وتماسكها، وليس ثمة قوة مركزية قادرة على فرض القانون والنظام والأمن الداخلي والاستقرار؛ يبدو، ظاهرياً، أن نظام الأسد قد استعاد سيطرته على نحو 70% من المناطق السورية، لكن الخدمات الأساسية معدومة في مختلف أنحاء الدولة، وخصوصاً الكهرباء والغاز؛ تعرّض اقتصاد الدولة للانهيار وليس ثمة من يستطيع ترميمه وإصلاحه؛ اتفاقيات الاستسلام التي تم التوصل إليها مع الثوار والتسويات التي بلورتها روسيا – تلاشت؛ العناصر الجهادية ترمم نفسها وتعود إلى تنفيذ أعمال إرهابية؛ روسيا تطمح إلى إرساء نموذج تحكم مركزي، بينما تبني إيران وتفعّل ميليشيات مناطقية ومحلية أقوى من الجيش السوري، يتمتع المقاتلون في صفوفها بشروط محسنة أفضل بكثير من تلك التي يمنحها الجيش لمقاتليه.

نظام الأسد قد استعاد سيطرته على نحو 70% من المناطق السورية، لكن الخدمات الأساسية معدومة في مختلف أنحاء الدولة، وخصوصاً الكهرباء والغاز؛ تعرّض اقتصاد الدولة للانهيار وليس ثمة من يستطيع ترميمه وإصلاحه

ستواصل إيران اعتماد سياسة عدوانية للحفاظ على تأثيرها الإقليمي الذي حققته خلال السنوات الخمس الأخيرة، كأساس، وكذلك للرد على الضغط المكثف الذي تمارسه عليها الولايات المتحدة، والذي تعتبر طهران أنه يستهدف إسقاط النظام. بالنسبة إلى إيران، ترك اغتيال قاسم سليماني حساباً مفتوحاً بينها وبين الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن يكون ردها مركّزاً في محاولة لتنغيص حياة القوات الأميركية الموجودة في العراق والدفع نحو إجلائها ـ وهو السلوك الذي يدفع بالرئيس ترامب، حتى الآن، إلى تأجيل خروج هذه القوات، بالذات.

إقرأ على موقع 180  "الماسونية العربية" و"الجهادية الإسلامية".. خيبة مشتركة

آلية العقوبات كأداة استراتيجية مجدية

لدى فحص مفهوم الضغط الأقصى على إيران، وبصورة خاصة فاعلية العقوبات الأميركية على طهران لإبعادها عن تحقيق قدرات نووية وامتلاك سلاح نووي، يبدو أن ما يحدث هو العكس. فالعقوبات تسبب أزمة اقتصادية حادة وتخلق حالة من اليأس العام في إيران، لكنها ليست كافية لإرغامها على التصرف كـ”دولة طبيعية”. مساعد وزير الخارجية الأميركي للتهديدات المالية والعقوبات، ديفيد فايمان، أوضح: “نحن الآن في درجة الضغط القصوى على إيران وفي سنة 2020 سننتقل إلى الضغط ما فوق الحد الأقصى. الهدف من العقوبات هو منع المداخيل عن النظام، والتي يمكنه بواسطتها تنفيذ أعمال تآمرية في المنطقة. والضغط يهدف إلى وضع القادة الإيرانيين أمام أحد خيارين: إمّا وقف كل الأعمال العدوانية وإمّا انهيار الاقتصاد”. وأضاف فايمان أن العقوبات فعالة جداً: إيران معزولة واقتصادها قد تقلص بأكثر من 9%. وفي إثر هذا كله، تم تقليص ميزانية الميليشيات الشيعية في العراق، وطرأ انخفاض حاد في تدفق الأموال إلى تنظيمات إرهابية في أنحاء العالم وأصبحت منظمات مثل حزب الله تبحث عن مصادر دخل أُخرى بديلة. وفي نظرة إلى المستقبل، قال ديفيد فايمان إن الولايات المتحدة لن تتخلى عن العقوبات حتى تتصرف إيران مثل دولة عادية في المنظومة الدولية.

أنت مع إيران أم مع إسرائيل؟

في إطار المؤتمر، عُرض حوار يجريه معهد أبحاث الأمن القومي مع المحيط العربي بواسطة نشر نتاجات بحثية متعددة على الشبكات الاجتماعية. وتحظى هذه المنشورات باطلاع نحو مليون إنسان عليها وبردود وتعقيبات آلاف منهم. هذه المعطيات تشير إلى أن الجمهور العربي يعيش في فضاء مفتوح على المعلومات والتبصرات، راغب في الاستماع إلى رأي من إسرائيل والانكشاف على وجهة نظر مغايرة. الشباب، بوجه خاص، في العالم العربي متشوقون إلى معلومات مختلفة عن تلك التي تزودهم بها وسائل الإعلام والأنظمة في دولهم. وقد تبين من نتائج استطلاع للرأي العام في العالم العربي أجراه المعهد بواسطة الشبكات الاجتماعية أن الجمهور العربي يرى أن العامل الأكثر سلبية في الشرق الأوسط هو إيران، أكثر بضعفين من الذين يعتبرون إسرائيل العامل الأكثر سلبية. أغلبية الذين شملهم الاستطلاع رأت أن احتمال نشوب حرب بين إسرائيل وإيران ضئيل، لكن إذا ما نشبت حرب كهذه فإن الثلث ـ كما قالوا ـ سيؤيدون إسرائيل، بينما قال أقل من الثلث إنهم سيدعمون إيران. القضايا التي تؤرق الجمهور في العالم العربي هي: الفساد، أولاً، ثم البطالة وغياب الحوكمة (غداً الجزء الثاني والأخير من تقرير أودي ديكل).

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Download WordPress Themes
Download WordPress Themes
Download WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
download udemy paid course for free
إقرأ على موقع 180  باسيل ينصب كميناً لنفسه.. والشارع يُرعب الجميع والحريري يتفرج