رأي Archives - Page 322 of 327 - 180Post

اسد.jpg

لطالما كانت العلاقة بين ضفتي الخليج العربي عنوانا سياسيا متفجرا من قبل ظهور الدعوة الإسلامية. تبلغ شظايا الانفجار ليس حدود الجوار بل حد تهديد الامن الدولي، لما تحتوي الضفتين من مكامن وحقائق، فضلا عن خبايا العلاقة الأزلية بين حاكم بلاد فارس وحاكم الجزيرة العربية. حقائق بعضها من صنع الله أو الجغرافيا أو الناس ولا يبخل عليها التاريخ بكل ما يحمله من ثقافات وحضارات. فالضفتان مركز تنافر في القوة. إما أن ينتهي الشوط بينهما بالتعادل أو بالهيمنة. لا مكان للسلم او للحرب. فقط الاشتباك السرمدي. ومياه البحر العازلة بين الضفتين ترسم بقوة الجغرافيا.. سياسة الاشتباك التي هي مزيج من التنافس والحوار.. ولا حسن جوار.

gettyimages-182840665-2048x2048-1280x960.jpg

ساد الهرْج والمرْج في بلدة عبيه الجبلية، أثناء مراسم التشييع الرمزي للشابّة إنعام حمزة عضو جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، التي استشهدت في مزارع شبعا المحتلة عام 1990 في عملية فدائية ضد الإحتلال، قطّعت جسدها أشلاءً، أعيدت رفاته، بعد تسعة وعشرين عاماً، ليوارى ثرى مسقط رأسها.

DSC_9061-1280x994.jpg

بقي لبنان، بنظامه الطوائفي، خارج مسار حركة التغيير التي تجتاح الأرض العربية على امتداد أقطارها في المشرق والمغرب، بدءاً من تونس البو عزيزي، فإلى قاهرة ميدان التحرير الذي فاض بالملايين من المصريين، وصولاً الى ليبيا التي استعاد شعبها وعيه فأنهى دكتاتورية - القائد الإله - ممثلاً بمعمر القذافي، فإلى الجزائر التي ضربها الشلل والفقر مع رئيسها العاجز عن الوقوف لإصابته بالشلل، وصولاً الى السودان والدكتاتور ذي الأوسمة وعصا التخويف: الماريشال حسن البشير.

DSC_9121-1280x1038.jpg

لم يعتد اللبنانيون على مصطلح “الأمن القومي”، فأدبيات معظم السياسيين لا تلامس في العلن أدوار ومصالح الخارج في رسم مشهد الداخل، ناهيك عن أنّ اللبنانيين يختلفون على “دور” و”هوية” بلدهم تاريخيًا.

تنسحب إشكالية الهوية هذه على الإعلام اللبناني بطبيعة الحال. ليس المقصود هنا التمويل السياسي الذي تخضع له المؤسسات الإعلامية وتتساوى في التبعية له على مستوى سياستها التحريرية، بل ما يتعدى ذلك إلى التأثير على نفس أداء الأفراد العاملين في هذه المؤسسات و”موضوعيتهم”، مع أن إدعاء “الموضوعية” بات شعارا فقد بريقه ولم تعد وسائل الإعلام الذكية في العالم “تبيعه” لمستهلكي الأخبار في الفضاء المعلوماتي الرحب، و حلّت بدلًا منه نظريات التكامل والتنوع.

وعلى الرغم من أن مخاطبة جمهور الإعلام الجديد (ومنه الإعلام الاجتماعي) باتت تطلب جهدًا أكبر، فإن وسائل الإعلام اللبنانية لا تمتلك “تَرَفَ” إنتظار “مطبخ التحرير” في الأحداث الساخنة، في ظل تنافسها على “الرايتنغ” ومقاربتها الإعلام الاجتماعي بكثير من ذهنية الإعلام التقليدي. ولعلّ هذا احد الأسباب الرئيسية في عدم تخصيص الإعلام اللبناني موارد خاصة بصناعة المحتوى للإعلام الجديد، والإكتفاء بمحاولة جلب جمهور شبكات التواصل إلى الشاشة والصحيفة عبر “تهجين” المحتوى التقليدي وإطلاق حملات متزامنة تقتصر في العادة على “هاشتاغ” عبر تويتر ومنشورات مدفوعة الثمن يروّج لها “مؤثرون” و”مؤثرات”، فضلًا عن الإعتماد على العاملين في المؤسسات نفسها للترويج لما يتناسب وسياسة المؤسسة بحسب الأحداث، لا المهنية ولا الموضوعية أو غيرها من الشعارات التي تدحضها بالكامل أموال الممولين في نهاية كل شهر.

تقديم “القصة” الإعلامية هو السلاح الذي يخترق به هذا الإعلام الحواجز الجغرافية واللغوية والقومية

قد يناقش البعض في أن الحال نفسه في الإعلام العالمي الذي لا يحيد عن أجندة مموليه، ولكنهم يغفلون في أنّ تقديم “القصة” الإعلامية هو السلاح الذي يخترق به هذا الإعلام الحواجز الجغرافية واللغوية والقومية، وهو ما اختبرته بعض وسائل الإعلام اللبنانية في فترات قصيرة (تجربة الزميل خالد صاغية في إدارة أخبار المؤسسة اللبنانية للإرسال تستحق الدرس والتعميم)، فنجحت في مخاطبة “المجتمعات” اللبنانية كافة قبل أن تتحكم بأدائها مجددا حسابات مختلفة.

في الحراك الشعبي الراهن، لم يخرج المشهد الإعلامي اللبناني عن واقعه المحدود، بل يمكن القول إنه غرق أكثر في وحل الإستقطاب الحاد وبات أكثر إنكشافًا أمام الجمهور، وإن كان بطبيعة الحال لا يزال يحظى بتأثيره النابع من “سيكولوجيا الجماهير”.

من هنا يمكن تفسير حملات الشتم لوجوه إعلامية كثيرة خلال الحراك، والمغالاة في محاولات تهشيم حضورها، وهي محاولات كانت تحصل مسبقا بطبيعة الحال ولكنها صارت هذه المرة أكثر حدة.

ومن الواضح بحسب أدوات تحليل متخصصة أن الكثير من الوسوم (هاشتاغ) عبر تويتر تنطلق من حملات منظمة لا يمكن لأفراد قيادتها او التخطيط لها، بل هي صناعة “جيوش الكترونية” تابعة للأحزاب والسياسيين.

ويمكن الإستدلال على هذه المسألة حتى من دون أدنى معرفة بأدوات التحليل اللازمة عبر مراقبة المضمون واللغة والمفردات المستخدمة في هذه الحملات ليتبين الجهة التي تقف وراءها.

التغيير والإصلاح في الإعلام اللبناني هو أولوية لا تقل أهمية عن الاقتصاد، إذا ما كانت هناك رغبة حقيقية بالإصلاح

أمام هذا المشهد، تصح عبارة “كلّن يعني كلّن” في معرض وصف مشاركة جميع المكوّنات السياسية اللبنانية في ما يجري من توجيه أو تحريض أو تزييف.

وبالحديث عن التزييف، فإن “التايملاين” اللبناني – كما نظيره “العراقي”- بات موضع دراسة للمتخصصين في كشف “الأخبار الزائفة”، مع وفرة هذا النوع من الأخبار إلى حد طغيانه على الوقائع تمامًا، حتى بات كل خبر مشكوك بأمره حتى تثبت صحته!

ولكن هل هي مسؤولية الإعلام والإعلاميين فقط؟ وهل المطلوب من الجمهور أن يرقى إلى مستوى الإحتراف في مكافحة الأخبار وفهم خلفيات نشرها؟

تتحمل المنظومة اللبنانية المسؤولية الأساس في الواقع الإعلامي الذي وصلنا إليه، فلا استراتيجية ولا رؤية عصرية، وكل المحاولات السابقة من مشاريع قوانين أو قوانين تم إقرارها انما جاءت متأخرة أصلًا عن سرعة التطور الذي يسير به الإعلام والفضاء الإلكتروني.

وقبل ذلك كله، يضيع الخيط الدقيق الفاصل بين “حرية التعبير” و”المسؤولية”، فتنقلب المفاهيم ويصير معها الشتم أداة التعبير لجماعة يقودها الدين، ويصير معها العنف اللفظي سلاحًا لجماعة تدعو إلى السلم.

وبإنتظار جلاء المشهد الذي سيسفر عن مطالب الحراك، فإن التغيير والإصلاح في الإعلام اللبناني هو أولوية لا تقل أهمية عن الاقتصاد، إذا ما كانت هناك رغبة حقيقية بالإصلاح.

حلمي-التوني-1280x884.jpg

“اشتهيتُ بشوقٍ أن آكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألّم. الحقُّ أقول لكَ: إنّك اليوم، وفي هذه الليلة، وقبل أن يصيح الديك مرّتيْن، تكون قد أنكرتني ثلاث مرّات”. هذا ما تنبّأ به المسيح ابن مريم موجِّهاً كلامه إلى بطرس، خلال عشائه الأخير مع تلاميذه في ليلة فصح اليهود، لينطلق وإيّاهم بعدئذٍ إلى جبل الزيتون.

إنّها “قصة الإنكار” الشهيرة التي دارت رحاها في قصر قيافا (في القدس المحتلة) حيث جرت محاكمة يسوع، وشُيِّدت في المكان، في ما بعد، “كنيسة صياح الديك” أو “كنيسة بطرس” الذي كُرِّس قدّيساً بعدما أدّى فعل الندامة بكاءً مُرّاً على معلِّمه، وتوبةً عميقة إلى الربّ. ومغزى قصة الإنكار هذه، شكّل، لقرون طويلة، أحد المواضيع المفضَّلة لرسّامي العالم، وحفره التقليد المسيحي في وجدان المؤمنين “مَعْلماً” مركزياً للّيتورجيا، وأولاه علم النفس الحديث، أيضاً وأيضاً، اهتماماً منظَّماً. فرأت أدوات وتقنيات التحليل النفسي إلى الإنكار، كإستراتيجية أساسيّة اجترحتها الإنسانية للتأقلم مع الشيء الذي يهدّد النفس البشرية، من هنا أسماه سيغموند فرويد “آلية الدفاع”. ولكن لماذا الحديث الآن عن الإنكار وقصته؟

خلال الأربعين يوماً الماضية، أي الفترة التي تفصلنا عن الليلة التشرينية المجيدة، لم نسمع كلمةً تجسِّد الحالة التي تعيشها السلطة اللبنانية برموزها المستهدَفة شعبياً، أفضل من كلمة “الإنكار” لكلّ صيحات الألم التي رافقت مخاض ولادة روح وكرامة شعب لبنان، بعد حمْلٍ دام قرابة نصف قرن. آخر المتشدّقين بهذه الكلمة السحريّة (الإنكار) كان رئيس الحكومة المستقيلة (المخلوعة؟) سعد الحريري، الذي نطق في الساعات الماضية بعد طول صوْم عن الكلام. كاشف الحريري اللبنانيات واللبنانيّين “بأنّ ما يمنع البدء بالمعالجة الجدية للأزمة الوطنية الكبيرة والأزمة الاقتصادية الحادّة التي يمرّ بهما بلدنا، هو أمرٌ أخطر من الأزمتيْن معاً: الإنكار المزمن للسلطة”. قالها الحريري إذاً، في ما يشبه بيان التنحّي المسبق عن قبوله تولّي رئاسة حكومةٍ تنتظرها ساحات الإنتفاضة وطرقاتٌ باتت مرتعاً لقطّاع طرق، قيل إنّ الشقيق التوأم لسعد الحريري وشَبَهَه “المخْلَق منْطَق” هو مَنْ يسيِّرهم بالريموت كونترول، لعلّ نيران الدواليب الطائفية المشتعلة تلتهم، في طريقها، إسم كلّ مَن تسوّل له نفسه التجرُّؤ على أخْذ مقعد شقيقه في السراي الكبير.

إنكاركم يا سادة، يُسمّى في حالتكم، أيضاً، فنّ “تلفيق” الواقع وتحويل الحقائق الصعبة إلى صور غامضة وضبابية

ظنّ رئيس حكومتنا المخلوعة، بأنّه حين يُضمِّن بيانه الوداعي تهمة “الإنكار”، سيرمي بذلك الحُرْم على السلطة التي يُعتَبَر، شاء مَن شاء وأبى مَن أبى، أحد أركانها الأقحاح. تقول العصفورة، إنّ الحريري، وبعد هذا البيان-الاتهام، حاول متذاكياً التنصِّل من مسؤوليته في ارتكاب جريمةٍ موصوفة، ضبطه فيها الثوار اللبنانيون بالميليشياوية المشهودة، يراقص البلد على حبلٍ رفيع فوق وادٍ سحيق، هو ومجموعة من صفوة زعماء الصفّ الأول للسلطة اللبنانية، على وقْع أنغام طبول وصنّاجات النوبة. أردفت تغريدة العصفورة في ما يشبه الهمس، بأنّ حالة هستيريا حقيقية يعيشها حكّام لبنان بصمتٍ مؤلم جعلتهم يتّفقون، وفي عزّ خلافاتهم على تناتش جيفة الدولة، على زيارة أهمّ طبيب عرفه الطبّ العصبي، البروفسور سيغموند فرويد المشهور بعلاجه عن طريق الحوار بين المريض والمحلّل النفسي.

وبعد دلعٍ طويل لابنها الأصغر الذي أصرّ على “أنّه هو ولا أحد غيره” سيبادر إلى شرح عوارض مشكلتهم للدكتور فرويد، دخلت السلطة، أخيراً، عيادة مؤسّس علم التحليل النفسي وصاحب كتاب “العوامل النفسية للهستيريا”؛ صافحهم فرويد، الواحد تلو الآخر، وقال لهم “أنتظركم منذ زمنٍ طويل! أينكم يا جماعة وماذا تفعلون ببلدكم؟ تلعبون لعبة الموت على المكشوف؟! ولكن كيف استطعتم الوصول إلى عيادتي في هذه الأجواء الصعبة!”، ربّت طبيبنا على كتف أحدهم وقال، “نعم فهمت. خفافيش الليل منكن وفيكن، فلنبدأ على الفور”. وبدأت جلسة العلاج الحوارية، فشرح فرويد لمرضاه كيف أنّ الإنكار (الذي تولّى الأصغر سناً منهم أن يفسِّر للبروفسور أنّ عوارضه تلمُّ بهم منذ أربعين يوماً وأكثر) يُعتَبَر مرضاً نفسياً من بين القائمة الطويلة لأمراضٍ تحطّ، عادةً، من قدْر وكرامة النفس البشرية، مثل القلق المدمِّر والاكتئاب والإدمان والساديّة، لكنّنا، أردف لهم فرويد، نصنّف الإنكار بين أكثر هذه الأمراض إثارةً للحيرة، كونه يبدو أقلّها ضرراً وأسمّيه أنا “آلية الدفاع عن النفس”. كيف؟ سأل أحدهم، فأجابه سيّد نظريات العقل الباطن، أنّ الإنكار هو استراتيجية أساسية للتأقلم مع الشيء الذي يهدّد نفسنا وفهمنا لوضعنا في العالم، فعندها نختار هذا الإنكار، أي محو كلّ معلومة في هذا الإطار من ذاكرتنا ووعينا. أنتَ مثلاً، يوجّه كلامه لسائل السؤال، تتبّع مع ناسك وشعبك اليوم، استراتيجية شبه واعية ومتعمَّدة لتجاهل ما لا ترغب في رؤيته في داخلك وفي العالم؛ وأنتم جميعكم، يا حكّام لبنان، لو كنتم تعلمون، تمارسون ما نسمّيه في التحليل النفسي “محو الذكريات”، أي وكأنّ أمراً ما، غضبة الشعب ونبذه لكم على سبيل المثال، لم يحدث نهائياً. أنتم، يردف فرويد والكلّ شاغر فمه منصتاً، تدرّبون أنفسكم على طريقة فلّاحي بولندا وأوكرانيا الذين كانوا يعيشون بالقرب من معسكرات الاعتقال النازية، فدرّبوا أعينهم وعقولهم على عدم رؤية أو شمّ أو سماع أيّ شيء. تقلّلون من أهمية ما يحصل أمامكم وتردّدون في سرِّكم “نحن لا نرى شيئاً ولا نعلم شيئاً”، ورؤية الأشياء دون إدراكها أو تسميتها، هي، ما نسمّيه في علم النفس، استراتيجية العين التي ترى الأشياء دون أن ترى حقيقتها. بمعنى أنّه الرؤية مع عدم الرؤية، ولكنّه تكتيك لا يخلو من السخرية، وهو ما يجعلكم أقلّ شرعية في نظر شعبكم ومحيطكم والعالم المستنير، إنكاركم يا سادة، يُسمّى في حالتكم، أيضاً، فنّ “تلفيق” الواقع وتحويل الحقائق الصعبة إلى صور غامضة وضبابية.

لم أقع طوال حياتي المهنية على مرضٍ شبيهٍ لمرض إنكاركم المستمرّ، يقول فرويد هازّاً رأسه بتأسّف، فحالتكم صعبةُ العلاج

لم أقع طوال حياتي المهنية على مرضٍ شبيهٍ لمرض إنكاركم المستمرّ، يقول فرويد هازّاً رأسه بتأسّف، فحالتكم صعبةُ العلاج، وهي من النوع الثالث للمرض، أي ذاك الذي يتضمّن نظرة محدَّدة جداً بالحاضر، فيرى المرء شيئاً ولكنّه يفشل في إدراك معناه وأهميته. مثلما يحدث في أسطورة الفودو(Voodoo)، أي عندما يكون الزومبي حيّاً وميتاً في الوقت نفسه، فيصبح الإنكار هو شكل المعرفة “الزومبيائي” أو المعرفة الحيّة والميتة، أي شيء نعرفه ولا نعرفه (فكرة سينمائية تشير إلى الشخص الميّت الذي يحيا من جديد ويخرج من القبر). يرتجف بعض الحاضرين غضباً، ويقول مقاطعاً الطبيب: تقصدني أنا بالتشخيص؟ نعم للأسف، يجيب فرويد، الإنكار ليس سمة يتّصف بها الأشخاص فحسب، بل مجموعات مثل العائلات والشعوب والأحزاب. يستطيع بعضها بناء الولاء المتبادل، فقط، من خلال إنكار أمراضها العاطفية وعنفها، وعلى المنوال ذاته، يتمّ بناء النفس لماضٍ عظيم وهويات معصومة من الخطأ من خلال إنكار أفعال العنف التي ارتكبتها. وكما يقول نيتشه، يشرح لهم، إنّ السياسة هي فنّ معرفة الحدّ الذي يجب عنده نسيان الماضي إذا لم يقم بحفر قبور الحاضر، فما نتذكرّه أو ننساه هو أمر بالغ الأهمية في أنظمتنا السياسية الحديثة، ونظامكم اللبناني واحدٌ منها، إذْ هو يمارس الإنكار كسياسة ممنهجة. وبعبارة أخرى، الأمر الفريد من نوعه، بالنسبة لحالتكم كأناس مولجين بحماية ناسكم، هو أنّكم لا تنكرون فقط العنف الذي تدفعون زعرانكم وشبّيحتكم، لممارسته ضدّ إخوتهم في الهوية والحاجة والظلم والقهر قمعاً لانتفاضة قضّت مضجعكم وهزّت نفوذكم وأخافتكم أهدافها، بل تعتبرون أنّ الشعب الغاضب والناقم عليكم هو المعتدي. هذا الاستبدال الغريب لدوريْ الضحية والمعتدي، يتململ فرويد مؤذِناً بأنّ الجلسة طالت، هو مثالٌ واضح وكلاسيكي للإنكار الذي يمحو أخطاء الجاني ويتّهم المُعتَدى عليه بالقيام بها، فالإنكار في هذه الحالة ليس خللاً معرفياً، بل إنّه قصور أخلاقي مثير للقلق. كونه قصوراً لا يسمح بمشاركة الواقع مع الآخرين، مثله مثل المقامر الذي يراهن على البيت الذي يعيش فيه أبناؤه، لأنّه مقتنع تماماً أنّه سيفوز، بلا ريب، على مرتادي الكازينو.

ينهض الجميع للانصراف، فينده عليهم فرويد قائلاً: سأعلِّمكم هذا القَسَم قبل مغادرتكم. قولوا معي، “أُقْسِم في هذه الليلة المباركة الهادئة وتحت ضوء النجوم وروعة القمر وأشكال السلسلة المقدّسة، أنّني سأحمي جميع أخوتي، وأنّني على استعدادٍ لأن أذلّ نفسي في سبيل تكوين المجتمع المقدّس. أُقْسِم بأن أتخلّى عن كلّ شيء في حياتي، حتى يصبح الجيل الآتي هو مجتمعي وأسرتي الوحيدة”. ما هذا! أتعلِّمنا قَسَم الولاء الذي يردّده الجندي لدى انخراطه في الجيش؟ استنكر أحد حكّامنا ساخراً، فأجابه فرويد “كلا يا عزيزي، هذا قَسَم الإنضمام إلى المافيا الإيطالية”.

(*) أستاذة في الجامعة اللبنانية

زاهي-1-1280x855.jpg

بعيداً من الهتافات البذيئة والأغنيات المسيئة، وبعيداً من محاولات أخذ الانتفاضة الشعبية اللبنانية إلى مسار آخر خدمةً لأجندات سياسية محلية وإقليمية ودولية معروفة، ولا صلة لها بحقوق اللبنانيين الذين خرجوا وثاروا لاستعادتها من سارقيها، وأيضاً بعيداً من الأفعال الغوغائية التي مارسها البعض ضد المعتصمين هنا أو هناك، أو من بعض السلوكيات  المسيئة عند حواجز قطع الطرقات. بعيداً من كل التصرفات السلبية التي ترافق غضب الشعوب في كل بلدان العالم، والتي يسلط الاعلام الضوء عليها أكثر من سواها، يمكننا التوقف عند حالة وعيٍّ لافتة للإنتباه لدى الجيل الجديد من اللبنانيين.

مَن استمع وأصغى إلى ما يقوله الشباب اللبناني، ومنهم مَن لم يتجاوز بعد العشرين من عمره، سوف يُصاب بالدهشة، لا لانعدام ثقته بالجيل الجديد، بل بفعل صورة نمطية تكرّست طوال سنوات، فحواها أنه جيل هامشي لا يبالي بشيء ولا يهتم لأوضاع بلده، أو أنه جيل يائس محبط، لا همّ له سوى الحصول على جواز سفر وتأشيرة دخول إلى هذه الدولة أو تلك من دول العالم هرباً من دولته التي ظلمته وخذلته وحطمت أحلامه بسبب سوء إدارتها على يد حفنة من اللصوص المتسترين بطوائفهم واللاعبين على الغرائز والعصبيات المذهبية والمناطقية والفئوية.

يستطيع المتابع لوقائع غضبة الشعب اللبناني وثورته على سارقيه بعد نفاد صبره الطويل، تلّمس ملامح الوعي لدى هؤلاء الشابات والشبان الذين تركوا أعمالهم وجامعاتهم ومدارسهم، أو أولئك العاطلين عن العمل أساساً، وذلك خلال ردودهم على أسئلة مراسلي وسائل الاعلام المختلفة (وبعضها كما أسلفنا لعب للأسف دوراً نافراً في أخذ الحراك إلى أمكنة خطرة وبعيدة من هموم الناس وحقوقهم)، أو من خلال الإصغاء إليهم في بعض البرامج التلفزيونية التي اضطرت لتخصيص مساحة لهم بعد أن كانت على مدى عقود منبراً حصرياً للساسة إياهم الذين ثار عليهم هؤلاء الشباب، والأهم دورهم البارز في حلقات النقاش التي تدور في خيم الاعتصامات، وتُطرَح على بساط بحثها مختلف العناوين والقضايا الشائكة التي تعني اللبنانيين عموماً والأجيال الجديدة خصوصاً.

صحيح، ثمة كثيرون لا يزالون أسرى عصبياتهم الطائفية والمناطقية والحزبية، ثمة دهماء وغوغاء تطلق الكلام على عواهنه، لكن هذا لا يتناقض مع ما ذهبنا إليه. فالخلاص من تركة الماضي الثقيلة ومن إرث الطائفية العمياء لا يتحقق بين ليلة وضحاها. المهم أن ثمة محظوراً تم تجاوزه، ومحرمات تم تخطيها. فالشباب اللبناني كسر حاجز الخوف، ونهض من حالة الخنوع والتردد، وبيّنت له الأحداث أنه قادر على إحداث فارق، وفتح فجوة في جدار التعصب والانغلاق، وملاقاة المختلفين معه أو عنه لأجل حلمه الجميل بوطن طبيعي ودولة عادلة.

كم مرة سمعنا جملة: لا نريد أن نعيش كما عاش أهلنا في الذل والهوان، أو لا نريد الوقوع مرة أخرى في الحرب الأهلية، أو نحن لم نخرج ضد جهة بعينها بل ضد الفاسدين والمفسدين أياً كانوا، فضلاً عن تشخيصهم السليم الواضح الجلي للمعضلة اللبنانية المستعصية على الحل منذ عقود، ورفضهم لمحاولات وضع ثورتهم في وجه المقاومة التي واجهت الاحتلال والإرهاب على السواء، ولا غرابة في ذلك.

لمخاطبة جيل اليوم والتحاور معه، تلزم لغة جديدة غير متكلّسة، تنفذ إلى باطن وعيه وتلامس وجدانه عِوَضَ تلك اللغة المحنطة التي دأب السياسيون على تردادها في كل مناسبة

جيل اليوم بات أكثر وعياً وإدراكاً، لأسباب كثيرة منها الانفتاح الهائل الذي وفرته التكنولوجيا الحديثة والميديا البديلة بحيث صار عارفاً ومدركاً لكل ما يدور من حوله في هذا العالم. إنه يشاهد بأمّ العين، أو بأمّ الموبايل (!) كل ما يحدث على وجه البسيطة. يرى كيف تحيا الشعوب وتدار الدول وتتقدم المجتمعات، لذا لم تعد تجدي معه المسكنات والمهدئات والوعود العرقوبية، والشعارات الفضفاضة التي يطلقها المسؤولون ولا تعدو كونها حبراً على ورق أو كلاماً في الهواء.

لمخاطبة جيل اليوم والتحاور معه، تلزم لغة جديدة غير متكلّسة، تنفذ إلى باطن وعيه وتلامس وجدانه عِوَضَ تلك اللغة المحنطة التي دأب السياسيون على تردادها في كل مناسبة، وهي لا تُسمِن ولا تغني من جوع. لغة جديدة أساسها الصدق والشفافية وعدم اللعب على الغرائز والعصبيات، أو محاولة التعمية على جوهر الأزمة التي يعيشها لبنان، وأخذ حماسة الشباب واندفاعهم إلى مطارح لا علاقة لها بوجعهم وبأحلامهم الجميلة النبيلة، بل على العكس تماماً الذهاب معهم إلى حيث أحلامهم وإشراكهم في إدارة الدولة والحكم كي يحققوا تلك الأحلام. بغير ذلك، ستبقى الهوة واسعة بينهم وبين كل مَن يحكمهم أو يخاطبهم ويسعى لجذبهم إلى ناحيته.

ولئن كان جيل الأباء قد أصيب بالإحباط والانكسار والخيبة بعد أن خاض حروباً وعاش أهوالاً، وضاعت تضحياته في أزقة الطائفية وزواريب المذهبية، وعلى مذبح الصراعات الإقليمية والدولية التي جعلت وطنه ساحة لتصفية الحسابات، فإن على الجيل الجديد، الذي لا تزال أحلامه حيةً حُرَّة نضرة، التعلّم جيداً من تجارب أسلافه، وعدم السماح لأحد بتمييع ثورته وتضييع حقوقه في متاهات المذهبية والطائفية، ولا بحرقها في أتون الصراع الإقليمي والدولي المدمر، وأن يبقى يقِظاً كي يفوِّت الفرصة على محاولي سرقة أحلامه كي لا يُصاب بما أصيب أسلافه به.

وحدة المطالب الشعبية هي الأساس الصلب الجامع لكل اللبنانيين. وبما أن البداهة تقول إن الجيل الجديد (وكل جيل) ليس كتلة صمّاء ولا جماعة واحدة متجانسة، من الطبيعي أن لكل مجموعة منه آراءً وأفكاراً وأيديولوجيات مختلفة ومتباينة، لذا تبدو وحدة المطالب (وهي أصلاً حقوق بديهية) صمام الأمان لوحدة الناس الذين هبّوا وثاروا، وضمانة استعادة الحقوق من سارقيها. أما القضايا والعناوين الخلافية الكبرى بين اللبنانيين فيمكن طرحها على بساط حوار حريص وواعٍ يكون عنصر الشباب جزء محوري منه.

بغير وحدة المطالب (الحقوق) يُخشى أن يبقى الشعب اللبناني عالقاً بين فكّي سارقي ثروته وسارقي ثورته!

WhatsApp-Image-2019-11-17-at-12.28.11.jpeg

كغيري من عشرات الاف الشباب اللبناني الكافر بالطبقة السياسية والخائب أمله بالأداء الحكومي للأحزاب اللبنانية، كان من الطبيعي أن أقف منذ اليوم الأول إلى جانب الحراك المطلبي الصادق من دون أي تردد. لا يمكنك في بلد كلبنان أن تجد نفسك إلى جانب نظام يتغذى على الطائفية ويمتص موارد البلاد ليستمر في العيش وإعادة توليد نفسه بالتوريث والإقطاعية والتأطير.

وفي بلد كلبنان، ليس مستغربًا أبدًا أن تحاول جهات محلية وخارجية ركوب موجة المطالب الشعبية المحقة. لم يكن هذا غائبًا عن بال كثيرين ممن نزلوا إلى الساحات منذ اليوم الأول. في الواقع، إنّ التدخل الخارجي هو أيضًا أحد مآسي هذا الوطن الذي لم ينجح يومًا في تقديم “هوية” جامعة لأبنائه والإجابة على هواجسهم، وتوفير انتماء يضع حدًا لبحثهم الدائم عن مدد من وراء البحار والحدود.

وكمواطن من جنوب لبنان دمرت إسرائيل منزله مرتين، واستجوبته عدة مرات حين كان فتًى ينتظر أيامًا أمام حاجزي الذلّ في “باتر” و”بيت ياحون” ليعبر مع أهله إلى قريته الحدودية، فإنّ موقفي من عدوانية إسرائيل لا ينبع من خلفية عقائدية أو سياسية، بل هو ببساطة قضية حقوق إنسان يرفض المهانة والإستكبار وإعتباره بشرًا من الفئة الدنيا.

وبالحديث عن الهوية والإنتماء، قُيّض لي قبل سنوات أن أعود إلى المقاعد الجامعية لدراسة التاريخ، باعتبار أن فهم الماضي يتيح للعقل البشري استشراف المستقبل وأخذ العِبَر من سنن التاريخ وقواعده.

وأذكر أنه في الدرس الأول في مادة “الحضارة الفينيقية”، أخبرنا الأستاذ أن ملك “بيبلوس” (مدينة “جبيل”) أرسل رسالة إلى فرعون مصر عارضًا عليه “رشوة” من خشب الأرز والسنديان، مقابل أن يقود حاكم مصر حملة عسكرية لتأديب ملك “أحيرام” (مدينة “صور”). من يقرأ تاريخ الفينيقيين يُدرك أنهم لم يكونوا يومًا قلبًا واحدًا، ولم يتفقوا على أمر جامع، وكانوا يستمدون دائمًا العون من الخارج على الداخل، في حين كانت الهجرة بالغ آمالهم.

إدارة مكافحة الفساد تتطلب في لبنان إدارة للشارع، قبل كل شيء، ودراية سياسية وأمنية

وبالعودة إلى أيامنا، فقد كنت، حتى اليوم الخامس من الحراك الشعبي، منخرطًا بالكامل مع المطالب الشعبية التي لا يمكن لعاقل أن يعارضها أو يرفضها، لكن ثلاثة تحولات دفعتني إلى التريّث:

– تصدّي شخصيات إعلامية وناشطين لا أثق بحياديتهم للتحدث باسم الحراك، من دون أن يعني ذلك التشكيك أبدًا بمصداقية الفئات الشعبية الصادقة والمتضررة من الفساد، ولكن المشهد يتحول يومًا بعد يوم إلى “بوسطة” غير معلوم من يقودها، بل قد يقرر أفراد – لا أثق بكفاءاتهم وأشكّ في نزاهتهم – التأثير في مسارها، بحسب ما رأيت بأم العين.

– الإطلاع على “مبادرات” لتنظيم “الثورة” لا يمكن أن تصدر عن فرد أو إثنين، أو حتى جماعة لبنانية واحدة. ولست أتحدث هنا بمنطق أولئك الذين يشككّون بسذاجة بشعار “القبضة” أو يتناقلون أخبارًا زائفة عبر شبكات التواصل و”واتسآب” لتشويه الحراك وشيطنته، بل أنا أتحدث من منظور مهني خالص عارف بالجهد والوقت والموارد اللازمة لإطلاق مثل تلك “المبادرات” التي توقفت عندها. علمًا أني سأترك التفصيل في هذه النقطة إلى وقت لاحق، كون فعل البحث عن الحقيقة في بيئة متوترة يبدو ضربًا من الجنون الذي لا يفضي إلى أي نتيجة، وعلينا إنتظار مرور الوقت وهدوء الأنفس والعقول قبل التصريح عما بجعبتنا أحيانًا.

– بدء صدور المواقف الدولية، من هنا وهناك، حول حراك الشعب اللبناني، وعدم قدرة المحتجين الصادقين على التعامل بطبيعة الحال مع هذه المواقف بالشكل الصحيح كونهم ببساطة لا يمتلكون رؤية متكاملة تجيب على الهواجس “السياسية” لدى شريحة واسعة من اللبنانيين ممن يحملون مطالبهم نفسها ويعانون أضرار الفساد وتبعاته، ولكنهم معبئون سياسيًا ولهم قناعاتهم التي لا يمكن اختزالها أو تجاهلها.

ولأن “النظام” بمعنى System وOrder هو حاجة طبيعية كالغذاء لتحقيق الأمان، تصير مكافحة الفساد، في بلد هشّ التركيبة، حقًا يحتاج إلى قوة سياسية ليصبح قابلا للتنفيذ. ولعلّ هذه المسألة هي “مربط الخيل” في معظم النقاشات التي انخرط فيها أكاديميون وإعلاميون وصحافيون وشخصيات محترمة ورصينة في معرض لومهم حزب الله لعدم ملئه الفراغ في الشارع إلى جانب المتظاهرين المحقين، وإغتنام الفرصة لـ”قطف” فرصة مكافحة الفساد.

من المفارقات أن الجواب على هذه المسألة – المعضلة من السذاجة بمكان أنه يبدو غير قابل للتصديق للوهلة الأولى: تخيلوا لو تعرضت سيدة واحدة محجبة في أيام الحراك لإهانة من “مندس” أو لإعتداء من “دخيل” او لـ”خطأ” في التعامل من عنصر أمني رسمي؟ من كان بمقدوره عندها أن يضبط الشارع في لبنان؟ من يُقنع عندها بيئة مستنفرة بالكامل وشديدة الحذر وتشعر بالإستهداف صباحًا ومساء (بغض النظر عن أي نقاش في صحة ودقة الإستهداف) بأن ما يجري ليس مقدمة لحرب عليها؟

أقول أن الإجابة شديدة السذاجة لأن الناس لا تلتفت عادة إلى الإحتمالات البسيطة عند تحليلها الأحداث، كما أن العقل البشري يقع في فخ “تحليل الأحداث” عندما يتعرض للدفق الإخباري ويظنّ ذلك “تحليل سيناريوهات”.. وشتّان ما بين الإثنين.

هل يعني هذا المنطق الانسحاب من الشارع والكف عن المطالب الشعبية؟ الجواب بوضوح: كلا. لكن إدارة مكافحة الفساد تتطلب في لبنان إدارة للشارع، قبل كل شيء، ودراية سياسية وأمنية.

قد لا ينال كلامي هذا قبول الكثيرين، لكني أنصح من يعارضني الرأي أن يقرأ مقالتي هذه بعد أن يتأكد أن ذهنه غير منجرف مع تيار العاطفة، وأن من يفكر هو عقله لا حماسته.

(*) اللوحة المرفقة بريشة الفنانة اللبنانية Elodie Sonbol

IMG-20191105-WA0050.jpg

إنّ إحدى أصعب المسائل في الساحة اللبنانية، في لحظة الحراك الشعبي المستمرة منذ أكثر من شهر، هي أحجية مواقف حزب الله. فالحزب لا يعرف أنّ رصيده كبيرٌ، حتّى في الأوساط المعروفة بمعارضتها لسلاحه. المسألة ليست عاطفية، إنما هي قياسات مصالح. فالمواطن اللبناني غير منزعج من سلاح حزب الله الذي يدافع عن لبنان، إذ أنّه أثبت نجاحه، وتمكّن من ردع النزق العدواني الإسرائيلي على الوطن.

IMG-20191031-WA0065.jpg

علينا أن نتذكّر أن الأزمة الاقتصادية اللبنانية ومعها مشكلة الدولار كانت قد وصلت إلى أوجها في منتصف شهر تشرين الأول/أكتوبر، وأنّ الثورة انفجرت بعد أن أطلقت شرارتها السلطةُ نفسُها، بتماديها في غبائها السياسي ومحاولتها الإمعان في الإحتيال على الشعب بالمزيد من الضرائب.