اهتزت صورة إسرائيل التى لا تقهر، وتحديدا سمعة الأجهزة الاستخباراتية والعسكرية والأمنية منذ نجاح "حماس" فى تحقيق عملية الاختراق العسكرية التى قامت بها في السابع من تشرين الأول/أكتوبر بعنوان "طوفان الأقصى".
اهتزت صورة إسرائيل التى لا تقهر، وتحديدا سمعة الأجهزة الاستخباراتية والعسكرية والأمنية منذ نجاح "حماس" فى تحقيق عملية الاختراق العسكرية التى قامت بها في السابع من تشرين الأول/أكتوبر بعنوان "طوفان الأقصى".
لا بد من الوقوف على طريقة الغضب الأميركية والغربية حيال يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر ومدى تشابهها مع الحملة التي خِيضت ضد روسيا مع بدء الأزمة الأوكرانية، ذلك أن الحدثين، وإن تباعدت المسافة بينهما، جغرافيًا وزمنيًا، لكنهما على رقعة الشطرنج ذاتها: مبارزة بين أحادية قطبية يأفل نجمها وتعددية قطبية تتبلور تدريجياً.
هذا السؤال يطرح نفسه على اللاعبين الكبار الدوليين المنخرطين بالحرب الأوكرانية. بقوة تداعيات ورسائل حرب غزة يتبدى فى هذه اللحظة تغيير جوهرى على سلم الأولويات وحسابات المصالح والاستراتيجيات الدولية المتصادمة.
ما أصاب "إسرائيل" وأغلب أعدائها على السّواء مع "طوفان الأقصى"، هو، برأيي، وعلى حدّ تعبير فيلسوف عدم التّيقّن اللّبناني الأصل، نسيم نيكولاس طالب.. "بجعة سوداء" (Black Swan) وبامتياز.
لا بدّ من استخدام تعابير مثل العنصرية، واليمين المتطرّف، والفاشية، والأصولية الدينية، لوصف الغرب عموماً في موقفه من قضية فلسطين. ولا بدّ من التساؤل حول ظهور المكبوت فجأة بعد عملية "حماس" في غزة. كما لا بدّ من ملاحظة الفجاجة في إظهار هذا المكبوت، فكأن الغرب ضاق ذرعاً بالعرب، وضاق ذرعاً بالفلسطينيين لمثابرتهم على المطالبة بحقوقهم، حتى ولو كانت العمليات العسكرية موضع تساؤل.
في تل أبيب، صرّح الرئيس الأميركي جو بايدن قائلاً: "صُدمتُ مما حصل أمس في مستشفى الأهلي، ويبدو أن الخسائر البشرية جاءت نتيجة خطأ من غزة".
كان يوم سبت. سبتٌ تلوّن في الكتابات والتعليقات بألوان شتى. للبعض كان سبتاً أبيض ولأعدائهم كان سبتاً أسود ولآخرين كان سبتاً أحمر اللون.
هذه ليست معركة سياسية أو عسكرية أو أمنية وحسب. إنها معركة الوعي أولاً بهدف فضح زيف "حضارة" العدو. عدوٌ هزمَ الوعي والإرادة والروح في شعوبنا قبل أن يهزم الأنظمة العربية المتهالكة.
تَعلَّمت أنّ الصورة بألف كلمة، وأنّه لا حاجة لشرح ما تحكيه الصورة، لكنّ ما شاهدته أنا وغيري من إبادة جماعية في غزة، دفعني إلى أن أنظر في مُقبل الأيام، لأرى ما سيكون عليه العالم بعد اغلاق عينيه عمداً عن الضحية والوقوف مع القاتل، قلباً وقالباً.
ما أن إنتهيت من كتابة هذه المقالة، حتى بدأت تتوالى الأنباء عن المجزرة الوحشية المروعة التي ارتكبها العدو الإسرائيلي، ليل أمس، في المستشفى المعمداني في غزة وذهب ضحيتها مئات الشهداء؛ وأول تعليق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان كان هذا: "قصف مسشفى فيه نساء وأطفال ومدنيون أبرياء هو آخر مثال على الهجمات الإسرائيلية المجردة من أبسط القيم الإنسانية". حتمًا ما بعد هذه المجزرة ليس كما قبلها، فإذا لم يتحرك الشارع الدولي والإسلامي والعربي، فسيكون موت الشهداء.. إيذاناً بموت ما تبقى من ضمير عالمي وإنساني.