٣ سيناريوهات محتملة لمجابهة النظام الإقليمي الإسرائيلي الزاحف

من غزة ولبنان وسوريا واليمن، إلى إيران مروراً بتهديد تركيا في سوريا والعراق، ومصر في سيناء وأفريقيا، وعطفاً على مشروع "إسرائيل الكبرى" في الضفة والأردن وجنوبي سوريا ولبنان (كمرحلة أولى)، والآن ضرب قطر، أي رسالة يمكن أن نقرأ هنا؟

بنيامين نتنياهو لم يكن يُلمّح أو يُشفّر ما بين السطور، حين أعلن منذ اليوم الأول للحرب على غزة عام ٢٠٢٣ أن هدفه هو ” تغيير كل الشرق الأوسط”. وقد أوضح المحللون الاستراتيجيون الإسرائيليون مضمون هذا التغيير، حين أعلنوا بجلاء عبر أهم منبر تخطيطي استراتيجي أميركي (“فورين أفيرز”)، أنه يعني “اقامة نظام إقليمي إسرائيلي في الشرق الأوسط بدعم من الولايات المتحدة”.
وجاء قصف قطر، أمس الأول (الثلاثاء)، التي وصفها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنها “دولة ذات سيادة وحليف وثيق للولايات المتحدة عملت معنا وخاضت معنا بشجاعة مخاطرات من أجل السلام”، ليلقي مزيداً من الأضواء الكاشفة على تطور “مفهوم السلام” بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة معاً:
– بعد هزيمة ١٩٦٧، طرح مفهوم “الأرض مقابل السلام” في قرار مجلس الأمن الرقم ٢٤٢.
– بعد زوال الاتحاد السوفياتي عام ١٩٩١، أصبح الشعار مع نتنياهو هو “السلام مقابل السلام” بدل مقايضة السلام بالأرض.
– الآن، تطوّر الشعار عملياً ليصبح “السلام مقابل الاستسلام” لنظام إقليمي إسرائيلي يستند بفظاظة إلى الهراوة العسكرية الإسرائيلية، والتوسّع الجغرافي والجيو سياسي، والأحادية الإسرائيلية فيه، أي رفض أي مشاركة ذات معنى من دول المثلث الذهبي والسعودية في هذا النظام إلا بصفة هامشية أو تابعة.

سيناريو ينتظر الولادة ويتمثل في استفادة قوى المقاومة من الدروس الكبرى التي أفرزتها حروب ٢٠٢٣، ومن ثم الانتقال إلى تنظيم “المقاومة الإلكترونية-السيبرانية”، جنباً إلى جنب مع أنواع المقاومة الاخرى، بهدف ضرب نقاط القوة الإسرائيلية في عقر دارها وفي نقاط ضعفها الكبرى

***

السؤال الآن بعد الاتضاح الكامل لهذا المشروع الإسرائيلي الطموح والكبير هو: هل سيكون بمقدور دول مثل مصر والاردن والمغرب والإمارات والسعودية، وكلها حليفة لأميركا، أن تقبل بتحوّل “الباكس (السلام) أمريكانا” إلى “باكس إسرائيلانا” مع كل مخاطره الجيو استراتيجية والايديولوجية عليها؟
وإذا ما رفضت هذه الدول القبول، هل ستكون في وارد الوقوف في وجه الولايات المتحدة التي بات واضحاً (حتى الآن على الأقل) أنها تدعم هذا التحوّل في مفهوم الباكس؟
الرد على السؤال الثاني هو من أسف: كلا، على الأقل بالنسبة لمعظم هذه الدول.
حسناً. إذا كان الأمر على هذا النحو، فما هي السيناريوهات المحتملة هنا؟
قبل الإجابة على هذا السؤال، يجب الاعتراف أولاً بأن إسرائيل حقّقت انتصارات وانجازات ضخمة (بدعم من الغرب)، قبل أن تميط اللثام علناً عن وجه مشروعها الاقليمي- الإمبراطوري الكبير.
فهي ساهمت وواشنطن، ولا تزالان، في تدمير سوريا (قلب العروبة النابض) وتشتيت شعبها إلى طوائف وإثنيات متناحرة. قبل سوريا نال العراق حصته من التفتيت الطائفي والإثني، ثم لحقت بهما ليبيا واليمن والسودان، وسبقتها الجزائر (الحرب الأهلية في حقبة التسعينيات).
والآن، طوق حزام النار هذا يلتف حول عنق دول المثلث الذهبي مصر وإيران وتركيا، وربما أيضاً السعودية، التي تنتصب في وجوهها جميعاً الآن خريطة الأميركي رالف بيترز المخيفة لتقسيمها إلى عشر دول وربما أكثر.

***

نعود الآن إلى سؤالنا:
أي سيناريوهات مضادة قد تبرز ضد هذا المشروع الإسرائيلي (الأميركي) الطموح للغاية والجامح للغاية؟
أولاً؛ سيناريو انتقال كتلة شنغهاي/البريكس (تضم نصف سكان العالم) من الدفاع إلى الهجوم على النظام الدولي الأميركي. وهذا سيوفّر الظروف الموضوعية والدولية الملائمة لاستيلاد الروح الاستقلالية المشرقية (العربية-الإسلامية) عن أميركا.
إيران بالطبع أكثر من جاهزة لتلقف هذا التحوّل. ويبقى انتظار مواقف مصر وتركيا والسعودية.
ثانياً؛ التطورات الانفجارية المفاجئة والمحتملة في الداخل الأميركي، بعد ان بلغ الاستقطاب الاجتماعي والاقتصادي والاديولوجي ذراه بين معسكر العولمة ومعسكر القومية الأميركية. (فوكوياما أوضح هذا الاحتمال في كتابه “التمزق الكبير” The great disruption).
ثالثاً؛ سيناريو ينتظر الولادة ويتمثل في استفادة قوى المقاومة من الدروس الكبرى التي أفرزتها حروب ٢٠٢٣، (والتي كشفت النقاب عن انتهاء دور المعارك العسكرية التقليدية)، ومن ثم الانتقال إلى تنظيم “المقاومة الإلكترونية-السيبرانية”، جنباً إلى جنب مع أنواع المقاومة الاخرى، بهدف ضرب نقاط القوة الإسرائيلية في عقر دارها وفي نقاط ضعفها الكبرى.

***

السيناريوهان الأولان واردان بقوة، لكن سيناريو المقاومة الجديدة الثالث لا يعتمد على التطورات الموضوعية بل على القرارات الذاتية. وهي القرارات التي سبق أن لخّصها منتدى التكامل الاقليمي في وقت مبكر:
انهض أيها الفينيق المشرقي، انهض.
إنك قادر على ذلك.
لكن، هذه المرة، يجب أن يكون النهوض تكنولوجياً بقدر ما هو أيديولوجي واستراتيجي.

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  لغتنا العربية جميلة.. إصلاحها بتبسيطها
سعد محيو

كاتب سياسي، مدير منتدى التكامل الإقليمي

Download WordPress Themes Free
Premium WordPress Themes Download
Premium WordPress Themes Download
Premium WordPress Themes Download
udemy course download free
إقرأ على موقع 180  يا ريت كنت أكبر من كده شوية