
لم يكن صدفة وصول وفدي صندوق النقد الدولي برئاسة ارنيستو ريغو راميريز والخزانة الاميركية برئاسة النائب الاول لمساعد وزير الخزانة الاميركية والمسؤول عن مكافحة تمويل الارهاب والجرائم المالية بول اهرن إلى العاصمة اللبنانية.
لم يكن صدفة وصول وفدي صندوق النقد الدولي برئاسة ارنيستو ريغو راميريز والخزانة الاميركية برئاسة النائب الاول لمساعد وزير الخزانة الاميركية والمسؤول عن مكافحة تمويل الارهاب والجرائم المالية بول اهرن إلى العاصمة اللبنانية.
تشكلت حكومة جديدة في لبنان بين مهامها إطلاق مفاوضات مع صندوق النقد الدولي في سياق جهود وضع حد للإنهيار المالي والاقتصادي، وتطبيق إصلاحات يرجى منها تغيير النموذج الذي ساد طيلة 30 سنة. لكن دون ذلك دزينة عقبات، ما هي؟
يغرق لبنان في هوة أزمته السحيقة، وتتفاقم الخسائر يوماً بعد يوم، حتى صنّف البنك الدولي هذه الأزمة بين الأشد والأكثر حدةً في العالم منذ القرن التاسع عشر. أما السياسيون الفاسدون، ومن لفّ لفهم من مصرفيين وتجار، فتحولوا إلى عصابات ومافيات على مرأى ومسمع اللبنانيين والعالم. كيف؟ ولماذا؟
سيذكر اللبنانيون صيف هذه السنة لأجيال مقبلة. وستدون أحداثه المؤلمة للتاريخ بعدما وصلت وتصل، خلاله وتباعاً، الأزمات الاقتصادية والمالية والمصرفية والاجتماعية والمعيشية الى خواتيمها الدرامية.
إنتقل التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان من الحيز الفني إلى الفخ السياسي منذ لحظة إقرار البرلمان اللبناني القانون رقم 200 بتاريخ 29 كانون الأول/ ديسمبر 2020، القاضي بتعليق العمل بقانون السرية المصرفية لمدة عام، لزوم التدقيق، في البنك المركزي، وبالتوازي، في كل إدارات ومؤسسات الدولة اللبنانية!
كثر الحديث عن مبادرات، محلية وخارجية، لكسر الجمود السياسي الذي يمنع تأليف حكومة لبنانية جديدة برئاسة سعد الحريري، برغم مرور ما يزيد على مائة يوم على تكليفه، فما هي حقيقة هذه المبادرات وماذا تمخض عنها من نتائج حتى الآن؟
تتجاوز قضية اتهام حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بتبييض الأموال حدود الشخص لتطال البلد. يوحي المشهد باستحالة الحصول على قروض ومساعدات دولية للانقاذ المالي الشامل اذا بقي سلامة حاكماً.. لماذا؟
برغم القانون الذي أقره البرلمان اللبناني منذ شهر لإعطاء قوة دفع لقرار الحكومة اللبنانية بإجراء تدقيق جنائي في حسابات مصرف لبنان والوزارات والمصالح المستقلة والمجالس والصناديق والمؤسسات العامة، إلا أن هذه المهمة لا يبدو أنها ستوضع على السكة في المدى القريب.
إنتهت مع نهاية كانون الأول/ ديسمبر 2020 المهلة التي منحها مصرف لبنان للمصارف اللبنانية لتقديم الخطوط العريضة لخططها المستقبلية (5 سنوات) بشأن الحاجات الرأسمالية وتحديد الخسائر وكيفية تكوين المؤونات مقابل خسائر سندات الخزينة والقروض والتوظيفات لدى مصرف لبنان.
لا يبدو أن التدقيق الجنائي أكثر من شعار. من يريده ومن لا يريده يعرف سلفاً أنه لن يصل إلى مكان "على الطريقة اللبنانية". ثمة وظيفة سياسية لشعار التدقيق.. وعندما تنتفي يكون مصيره النسيان!