
بسبب ما حدث في العام 2008، يقوم سكان نيويورك بانتخاب عمدة اشتراكي للمرة الأولى في تاريخ أمريكا الممتد لـ250 سنة. ولكن ما علاقة عام 2008 بهذا الأمر؟
بسبب ما حدث في العام 2008، يقوم سكان نيويورك بانتخاب عمدة اشتراكي للمرة الأولى في تاريخ أمريكا الممتد لـ250 سنة. ولكن ما علاقة عام 2008 بهذا الأمر؟
لستُ مع الرّأي القائل بعدم وجود "حضارة أميركيّة" مُحترَمة اليوم، وذات شأن في جوانب انسانيّة وثقافيّة واجتماعيّة وعلميّة - بل وفلسفيّة وروحيّة - متعدّدة. للعامل الأميركيّ في عالمنا اسهاماتٌ حضاريّة، عالميّة الطّابع، سابقة وحاليّة، وفي أكثر المجالات الانسانيّة واقعاً: من التّكنولوجيا البشريّة ومن الذّكاء الاصطناعيّ، مروراً بالعلوم الاجتماعيّة والاقتصاديّة.. وصولاً حتّى إلى فهم وتأويل بعض الظّواهر الرّوحانيّة واثبات وجود "الإله" من خلال أدوات العلوم الحديثة كما رأينا في مقالات سابقة. ليس نفيُ وجود الاسهام الحضاريّ الأميركيّ بالذّات، هو الحلّ المناسب لشعوبنا المقهورة من قبل السّياسات الخارجيّة للإدارات الأميركيّة المتعاقبة.
التكنولوجيا علاقة الإنسان بالأشياء؛ الهوية علاقة الإنسان بالآخر البشري. تستند التكنولوجيا على العلم الحديث الذي يُقدّم لنا أسباب ما يحدث ويُعلّل حدوثه، ويُقدّم لنا تفسير ما يحدث في الطبيعة والمجتمع. وتستنند الهوية إلى علاقات البشر بين بعضهم البعض. فهي قبل كل شيء أمر من أمور السياسة. لكن الإنسان يتوهم أن الهوية معطاة وحسب، فلا خيار له فيها.
على الرغم من هزيمته أمام الليبرالية، وكل حملات التشويه فائقة الإعداد والإصرار والتمويل، إلا أن اليسار ما يزال حاضراً، ويبدو أنه يكتسب حضوراً متزايداً نسبياً حول العالم، وكلمة "اليسار" لا تزال تمتلك قوة تعبيرية ومخيالية للدلالة على قوة الطبقات والشرائح الاجتماعية المهمشة والمستضعفة، والتطلع لحياة أكثر عدالة، وتوزيع أكثر توازناً للثروات داخل المتجمعات والدول من جهة، وفيما بين المجتمعات والدول من جهة أخرى.
هل يجب تطبيق الحمائية في التجارة بين الدول أم اعتماد التجارة الحرّة وفتح الأسواق أمام السلع بحرية؟ النقاش والآراء ليست مبنية على الصراع التقليدي بين مُعسكرَي الرأسمالية والشيوعية، بل مصالح القوى المُهيمنة. يبقى أنّه من غير الموضوعي طرح الفكرة من دون الأخذ بالاعتبار مصالح الشعوب والنموّ المُجتمعي ككلّ.
عند كلّ مُنعطف، تجد الرأسمالية طريقة لتحديث آليات عملها والتأقلم مع الأزمات التي تهزّ الأسواق وتؤثّر على نسبة الأرباح التي يجنيها الرأسماليون. مصارف الظلّ أو التمويل المُستند إلى السوق تُعدّ إحدى الأدوات الرأسمالية، الموجودة منذ سبعينيات القرن الماضي، التي تُوفّر المال لإنتاج المزيد من المال وتخطّي العوائق التي تفرضها المصارف التجارية. لماذا يُحذّر الخبراء الماليون من تعاظم دور مصارف الظلّ؟
في زمن الاستعمار (كولونيالية، إمبريالية، إلخ..) الذي ما زالت له اليد الكبرى في بلادنا، لا يحكم المركز مباشرة بل عن طريق حكومات محلية، إحداها في منطقتنا "دولة" إسرائيل.
هل المجتمع بحاجة إلى بطل مخلّص من أجل توحيد قواه وتسكين صراعاته ورأب انقساماته؟ ذلك أمر انقسمت فيه المذاهب الفكرية بمختلف أطيافها. منهم من ارتفع بالبطولة إلى درجة الضرورة التي لا غنى عنها لاتساق المجتمع وتوحد قواه، ومنهم من انخفض بها حتى اتهامها بأنها السبب الرئيسي لجموده وأنها ليست إلا تعبيراً عن تأزم ذلك المجتمع وعدم نضجه واتصالاً لعقدة الأبوبة فيه.
قاربت حرب الإبادة على فلسطينيي غزة التي تخوضها الولايات المتحدة من خلال "إسرائيل" بلوغ الشهر الخامس، في أطول حرب يخوضها "جيش" الكيان منذ 1948 عام النكبة.
يمرّ عالمنا في مرحلة مخاضٍ تاريخي تكثر فيه التناقضات داخل العديد من الدول، كما تتعدّد الصراعات بين الدول وتتفاقم اللامساواة داخل الدول وفيما بينها. ترتفع مستويات المديونية والفقر وتتزايد الحروب، وتُطرح حول ذلك كلِّه تساؤلاتٍ ومخاوف: هل يتّجه عالمنا اليوم نحو حربٍ عالميةٍ ثالثة، وإلى أين سيقودنا هذا التسلّح المتنامي للدول؟ هل ثمة رابطٌ بين الحروب المتناثرة حول العالم؟ في محاولة فهم ما يحدث، لا بد من رؤيةٍ شاملة للمتغيرات الأساسية في بنية النظام العالمي الآخذ في التأزّم.