بين الإنسانى والسياسى تبدت مفارقات فادحة بعد الزلزال المروع، الذى ضرب مناطق شاسعة فى تركيا وسوريا، وأعلنت تحديات وجودية عن نفسها مجدداً.
بين الإنسانى والسياسى تبدت مفارقات فادحة بعد الزلزال المروع، الذى ضرب مناطق شاسعة فى تركيا وسوريا، وأعلنت تحديات وجودية عن نفسها مجدداً.
بعد الإتصالات الهاتفية من ملوك ورؤساء عرب ولا سيما الإتصال الهاتفي الأول بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس السوري بشار الأسد غداة الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، ساد لوهلة الإعتقاد بأن المنطقة قد تكون على عتبة زلزال سياسي أملته الكارثة الطبيعية من شأنه أن يخرج دمشق من عزلتها العربية والدولية، لكن برغم هول النكبة، فإن "ديبلوماسية الزلازل" بقيت محدودة الأثر.
يحلو ضرب الأمثال وسرد قصصها في الجلسات الشتوية مع العائلة والأهل حول المدفأة، وهو تقليد عائلي في الدول العربية تتوارثه الأجيال، ولو نسبيًّا. بيد أنه حق مسلوب من سوريا كالكثير من حقوقها الأخرى التي حرمها إياها "قانون قيصر" باسم قوانين أحادية؛ أباح أصحابها تجاوز الأعراف والمواثيق الدولية والاستئثار بقرار المنظمات الدولية، وإخضاعها لسلطة نظام الاقتصاد السياسي الذي تتحكّم به وتهيمِن به على العالم.
الصحافي السوري علي علي وطالبة الدكتوراه في الأنثروبولوجيا السياسية بجامعة لوفان لانوف ببلجيكا اينديا ليديغانك يقاربان الحصار الذي فرضته الحكومة السورية على مدينة تل رفعت في شمال غرب سوريا، من خلال هذا التقرير الذي نشره موقع "أوريان 21" بالفرنسية وترجمته إلى العربية الزميلة دينا علي وهذا أبرز ما تضمنه:
يتقلّب السوريون بين الأمل والإحباط، مع كل توجه سياسي جديد، بين القوى الإقليمية والدولية تجاه بلدهم، فيرتفع مستوى التفاؤل مع كل خطوة تركية إيجابية بغطاء روسي واضح، وفعالية إيرانية من خلف الستار، وصمت سعودي إماراتي، بعلامة الرضا في ظل غياب الاعتراض، ثم يعودون إلى القلق من اشتداد أحوالهم سوءاً، مع كل سياسة أميركية تصعيدية تجاه بلدهم، والمزيد من الخطط الممتلئة بالتهديدات الوجودية لهم، فهل يمكن لفلسطين أن تؤدّي دوراً في دفع مستقبل السوريين نحو مسار مغاير؟
كتب الزميلان زيدون الزعبي وسمير عيطة مقالاً في 180post بعنوان: "كسر الاستعصاء المكسيكي في سوريا" بتاريخ التاسع من كانون الثاني/يناير 2023، أثارا فيه جملة من القضايا الإشكالية بطريقة صريحة تصف الواقع كما هو دون رتوشٍ أو زينة تجمّله.
على الرغم من ارتفاع حدة التصريحات الأميركية، المعارضة لتقارب الدول الإقليمية المحيطة والمُؤثرة في الحرب السورية من دمشق، فإن جملة المؤشرات تتلاحق من أغلب الأطراف، عدا "إسرائيل"، بالانفتاح على دمشق، والبدء بتشكل بيئة إقليمية لتهدئة منطقة غرب آسيا، بعد أن استنزفتها الكارثة السورية، فهل نشهد تحوّلاً لمصلحة الحل السياسي أم نشهد استمرارها؟
التطبيع الاقليميّ شرط بديهيٌّ لنقل سوريا من وضعها المأزوم والسيّء حاليًا، على مختلف المستويات، إلى وضعٍ أقلَّ سوءًا. وبمعزل عن شروط تحقّق هذا الأمر بعبارته المقلقة، هذا ما يسمعه المسؤولون السياسيون في سوريا، وما تقوله جهرًا وإخفاتًا، فئة وازنة من السوريين.
على الرغم من اكتشاف الرئيس بشار الأسد مخاطر هشاشة الجغرافيا السورية، قبل بدء الحرب عام 2011، ودعوته إلى إقامة مشروع "البحار الخمسة" للدول المتشاطئة على بحار قزوين والأسود والأبيض المتوسط والأحمر والخليج، فإن هذا المشروع جاء متأخراً، إذ لم يستطع السوريون اكتشاف فضائهم الحقيقي، وخاصةً بعد عام 1963، وسيطرة أصحاب الدعوة إلى الهوية القومية العربية على السلطة السياسية منذ ذلك التاريخ، ممثلين بـ"حزب البعث العربي الاشتراكي"، الذي عجز حينها عن فهم طبيعة الجغرافيا السورية، ونتائجها التاريخية والديموغرافية.
لم يكن مفاجئاً وصول وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد إلى دمشق واجتماعه بالرئيس بشار الأسد، الذي حرص على إظهار الجو الودي في هذا اللقاء وإضفاء الحميمية عليه كرسالة واضحة للخصوم، فما الذي تخفيه هذه الزيارة؟