الاستبداد Archives - 180Post

3.jpg

الخلط بين الدولة والنظام هو من بقايا ما قبل الحداثة. ليست الحداثة خياراً. هي ما يفرضه علينا النظام العالمي. فإما أن نأخذ ما يُفرض علينا مع نظام سياسي مؤداه الدولة، أو نأخذ الحداثة مع استبداد يجعل المجتمع مهمشاً، ويعيد الدولة مجرد نظام، والمواطنين مجرد رعايا. والسياسة تقتصر على العمودية، أي التنافس على الزعامة والوجاهة، دون السياسة الأفقية بما تعنيه من تعاون، أو وهم التعاون.

usama.jpg

المجتمع المفتوح الذي يسود فيه النقاش والحوار هو مجتمع السياسة، وهو في آن معاً مجتمع الإرادة. دون هذه الإرادة يتفسّخ النظام السياسي ويصير مهلهلاً. تتفكك المرافق العامة، تتبلّد البيروقراطية، ويؤول الوضع الى دولة فاشلة كما هو الوضع في لبنان وكثير من البلدان العربية. ليس المجتمع فيها أقوى من الدولة.

DEMOCRACY_0.jpg

كأن الهزائم اختصاص. الانتصارات؟ ملأنا القرن أقوالاً وصراخاً وتهديداً. غريب! لم يُحاسب أحدٌ بعد. عُوقبت الشعوب العربية بالصمت. لم يتجرأ أحد على ابتكار الأسئلة. هذا ممنوع.. استطاعت قيادات الميادين أن تُعدِّل وجهة معاركها.. انتصرت على شعوبها. حوَّلت بلادها إلى سجون. عمّمت ثقافة الصمت، واستعانت بديموقراطية: "تبلّغوا وبلِّغوا". وقد تبلغنا على مدى عقود، كيف فازت القيادات العربية على شعوبها، بالصمت المبرم.

arsa.jpg

كل علاقة بين الفرد والدولة خارج إطار المواطنة هي مما يدعو إلى الخجل، كذلك كل حديث عن الطوائف وحقوق كل منها وما يسمى مظلومية الأقليات. لكن المدهش هو أنه كلما جاء وفد من الديبلوماسيين إلى بلادنا، وبخاصة إلى سوريا في هذه الأيام، فهو يعزف على وتيرة الأقليات وحمايتها. كأن المجتمع لا يتشكّل إلا من طوائف لكل منها هوية. لكأنهم يريدون التأسيس على الهويات لا على المواطنة، وعلى التحليل الهوياتي لا الطبقي.

c.jpg

يحارُ المرءُ في قدرة الأفراد والمجتمعات في الإقليم على "الحياة"، في ظل كل الدمار والموت، في صراعات لا بداية لها ولا نهاية، كما لو أن المنطقة مجبولة بالعنف والصراع، وكما لو أن الاستبداد والحرب والموت هو قدرها. أمر يعيد التذكير بمقولة باتت شبه مهجورة اليوم عن "الاستبداد الشرقي" أو بتعبير أقرب للأحوال اليوم "الموت الشرقي" أو "الموت في الشرق"، علماً أن النجاح في نقد وتفكيك تلك المقولة، ربما كان خطابياً وبلاغياً ونصياً في المقام الأول، ويبدو أن تجاوُزَها في واقع الإقليم ومعيوش الناس فيه ما يزال بعيداً!

slider-1.jpg

يُحدّد المرء هويته بالآخر (هو)، أي بالعلاقة به. مجموع العلاقات بين الآخرين هو المجتمع. الإطار الناظم للمجتمع هو الدولة. لا شرط على الدولة، فهي شرط لما عداها، كأن تكون قوية أو عادلة أو غير ذلك. لا تستقيم الهوية إلا بالدولة، وتحديداً الدولة الحديثة. فما قبل الحداثة لم يكن لهذا البحث صلة.

comments.jpg

في نظام السياسة تكفي أن تكون الأكثرية مع الزعيم كي يجعل برنامجه نافذاً. هناك دستور وقوانين وانضباط بها، مما يجعل آلية الأكثرية والأقلية فعّالة. في الاستبداد، حيث إلغاء السياسة، فإن عشوائية القرار الذي يتخذه الطاغية هي الأساس.

concepto-manipulacion-control-manual-maestros-smb-concepto-jefe_361816-4026.jpg

القيادة علاقة بين فرد أو نخبة وبين جمهور من الناس. فيها ما يشبه الفن الذي كان يقول فيه المفكر الانجليزي، ألدوس هكسلي، إن الذي يقوله الفنان هو ما يريد أن يقوله ويفكر به الآخرون دون أن يستطيع هؤلاء التعبير عنه، لسبب أو لآخر.

a.jpg

هنيئاً لفرنسا هذا الخراب السياسي. عاصمة "الحرية والمساواة والعدالة" تتراجع وتترهَّل. قريباً، تقترب من العالم الثالث. مبادئ الثورة الفرنسية، لم تعد صالحة لدولة رهنت وجودها، إلى قيم رائعة، ومارست بكل فصاحة، القتل، الاستعمار، الاستبداد والتمييز. كانت فرنسا الثورة، أمثولة تحتذى. حرام. أشفقوا عليها. ساعدوها كي لا تتطرف في عنصريتها وتفوقها اللاأخلاقي. صورة فرنسا الحريات، تهلهلت. من سرّع هذه الإنعطافة هو جلالة "الأمير الصغير" إيمانويل ماكرون وحاشيته المبتذلة.