على مر العقود الماضية، وباستثناء حرب العام 1948 التي شاركت فيها جيوش عربية عدة، تجنب لبنان الرسمي المشاركة المباشرة في الصراع العربي - الإسرائيلي في فصوله الممتدة من العام 1967 حتى يومنا هذا.
على مر العقود الماضية، وباستثناء حرب العام 1948 التي شاركت فيها جيوش عربية عدة، تجنب لبنان الرسمي المشاركة المباشرة في الصراع العربي - الإسرائيلي في فصوله الممتدة من العام 1967 حتى يومنا هذا.
عندما أنشئت "الوكالة اليهودية" عام 1922 تطبيقاً للمادة الرابعة من صك الإنتداب البريطاني على فلسطين التي تقول إن "وكالة يهودية سيتم الإعتراف بها بوصفها هيئة استشارية لإدارة فلسطين، وعلى حكومة فلسطين الإعتراف بها من أجل التعاون معها في المسائل الإقتصادية والإجتماعية"، لم تكن المجتمعات العربية، بما فيها جل نخبها وتياراتها، مدركة جيداً لما يعنيه ذلك الأمر. ما هو الدليل؟
عندما قرّر حزب الله فتح "جبهة إسناد" لبنانية في الثامن من تشرين الأول/أكتوبر 2023، لرفد المعركة التي أطلقها "طوفان الأقصى" على أرض فلسطين، كان ذلك حصيلة مناقشات دامت ساعات في "شورى القرار"، أمكن من بعدها تحديد وجهة تتطابق إلى حد كبير مع الرؤية التي حدّدها المرشد الإيراني علي خامنئي بعد ذلك بفترة في لقاء جمعه برئيس المكتب السياسي في حركة حماس إسماعيل هنية في طهران وأساسها أننا لسنا في خضم ما تسمى "الحرب الكبرى".
لم يكن الشرق الأوسط قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول في أفضل حال، إلا أنَّ انطباعاً، ربما كان زائفاً، أن مرحلة جديدة على وشك الانطلاق. سادت سردية تقول بأننا مقبلون على مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي مدخلاً للتعايش الإقليمي.. بعنوان الاتفاقات الابراهيمية، لكن مضمونها الأساس هو تنحية القضية الفلسطينية من مكانتها المحورية إقليمياً، رسمياً وشعبياً.
لم يتمكن الفلسطينيون، ولو لمرة واحدة، من إدارة قضيتهم ومتابعة شؤونهم بأنفسهم.. ولا "افتكاك" قضيتهم من تداخلاتها الإقليمية والدولية وتطلعات الآخرين للتأثير فيها. وكلما حاولوا ذلك أو شيئاً منه، كلما زاد تورط الآخرين في قضيتهم، وأحياناً تورطهم هم في قضايا وسياسات ورهانات الآخرين. مسألة مُلغّزة بالفعل!
تعقد الدورة الـ٣٣ للقمة العربية فى البحرين يوم السادس عشر من هذا الشهر. أمام القمة، كما درجت العادة فى تاريخ القمم العربية، العديد من القضايا والمسائل القديمة على الأقل بعناوينها ولو ليس دائمًا بمضامينها وتلك الجديدة أو المتغيرة أو الطارئة
أعادت عملية "طوفان الأقصى" البطولية في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 إحياء القضية الفلسطينية، بعدما كانت الولايات المتحدة الأميركية تعمل مع الكيان الإسرائيلي ودول عربية على إنهاء هذه القضية، وتحويل إسرائيل إلى "دولة" طبيعية في المنطقة ودمجها فيها على كل المستويات السياسية، الاقتصادية والأمنية، وتحويل الوعي العربي من رؤية الصراع مع الكيان، من صراع عربي إسرائيلي إلى مجرد صراع على مناطق جغرافية بين إسرائيل والفلسطينيين، وبالتالي إعادة رسم الوضعية الإسرائيلية في الشرق الأوسط وفق هذه الترتيبات.
أشهر أربعة مرت على «حرب غزة» وما زالت إسرائيل أسيرة الشعارات - الأهداف التى رفعتها كالتخلص كليا من حركة حماس. وما زال رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو يؤكد كل يوم أن الحرب لن تتوقف حتى «إبادة حركة حماس».
متى نلتقي بتفاؤل؟ الأحلام السياسية ماتت مراراً. كأننا بدائيون مزمنون. الحرية لعنة مباركة ومطاردة. الأوطان عاصية عن الوجود. "الدول" منصات تحكّم وتزلُّم. الحرية كفر سياسي. الشعب رعاع. التغيير عاقر والوراء أمامنا. الاستبداد عقيدة "دينو-سياسية" والسياسة قرصنة، أما السيادة فتوسّل وتسوُّل.
مثّلت حرب غزة حدثاً صادماً، وغير مسبوق، وغير متوقع، باعتبار الظروف الفلسطينية والإقليمية والدولية. وأثارت تقديرات متزايدة حول عودة الصراع مع إسرائيل ليشغل موقعاً مركزياً في اهتمامات وشواغل الفلسطينيين والعرب والعالم، أو قُلْ: عودة القضية الفلسطينية "قضية مركزية" للعرب.