الويل لدماغك إذا كنت مقيماً في لبنان، فهو عرضة لموجة تلو أخرى من الأحداث الصادمة، يليها سيل إعلامي متواصل، تتخلله سموم وتوترات وأحقاد متراكمة، ثم هدوء نسبي واجترار ممل، في انتظار صدمة جديدة.
الويل لدماغك إذا كنت مقيماً في لبنان، فهو عرضة لموجة تلو أخرى من الأحداث الصادمة، يليها سيل إعلامي متواصل، تتخلله سموم وتوترات وأحقاد متراكمة، ثم هدوء نسبي واجترار ممل، في انتظار صدمة جديدة.
طبقةُ السّلطةِ الظّالمة والمُفسدة لا تتعب من الاصطناع، اصطناعِ الواقع والحقيقة، منذ القدَم وفي كلّ الثّقافات. إنّه من وسائل استكبارها وطغيانها المفضّلة.
تنتشر بين المعارضين للوضع السائد في لبنان منذ 17 تشرين 2019، ناشطين في الحراك وباحثين فيه ومعلقين عليه، الدعوة الى برنامج لقوى الحراك وأحزابه والى تنسيق بينها، وقد إنبرت بعض هذه القوى، مجتمعة وفرادى، الى لائحة مطالب إعتبرتها برنامجاً لها، الأمر الذي أفرح من ينشد الخروج من الوضع الإنهياري الذي يعيشه اللبنانيون على أمل اكتمال التنسيق بين كل هذه القوى لإنتاج قوة/قوى قادرة على الدخول في حلبة الصراع مع القوى المتحكمة بالوضع.
في الثامن والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر 1994، نشرت صحيفة "الحياة" اللندنية، قصيدة رؤيوية مؤلمة للشاعر نزار قباني، عنوانها "متى يُعلنون وفاة العرب"؟
فلنتأمل أحوالنا في لبنان. ولنتأمل أحوال الاقليم. دولاً وانظمة وشعوباً. إننا في مدار السقوط. الكلمات والكتابات تتحدث عن القيادات والامراء والملوك والرؤساء. قلما نجد كلاماً صريحاً عن الشعوب.
الحكومة محكومة. وزراؤها محكومون. يعوّل عليها قليلاً جداً. مرجعياتها حاكمة، كلمة واحدة أو موقف واحد، كافٍ لزرع الشقاق بين أعضائها، وهذا ليس جديداً. السلطة الفعلية في مكان، والحكومة في مكان آخر. أوصياؤها يقظون جداً. ممنوع المس بمكانة ومصالح هؤلاء. لذا، لن نتوقع كثيراً كالعادة.
الخلاصة أولاً: تعبنا. فشلنا. يئسنا. خسرنا.. لبنان ليس لنا. ولن يكون أبداً. كان الظن أن لبنان ملك ملوك الطوائف الحقيرين. تبين لنا، بعد تأليف الحكومة الحالية، أن لبنان موطئ أقدام دول وممالك وإمارات وحكومات من كل القارات، وأن ملوك الطوائف عندنا مطيعون لأسيادهم. يسيرون حذو الجبهة بالنعل.
هل لبنان قابل للحياة، مرة أخرى؟ تجربة المائة عام الماضية أسفرت عن نتيجة مبرمة: "لبنان دولة فاشلة". البراهين كثيرة، متتالية، متراكمة، وأوضحها ما وصل اليه لبنان راهناً. انه موجود فقط على حافة موته.
في لبنان الراهن اتجاهان سياسيان لمعالجة الأوضاع. أحدهما ثوري انقلابي، والثاني إصلاحي تراكمي. الأول يلغي السياسة والثاني يأخذ بها. وقد تعودنا أن نرى الثورة خير والإصلاح شر.
علينا أن نفهم كي نقرأ. في لبنان يصعب الفهم برغم كثرة اللغو. أصبحت اللغة لغواً! حلت التعمية والعشوائية مكان التواصل، واللغو مكان اللغة. لا عجب أن تعبيري "لغة" و"لغو" لهما جذر واحد، أو كل منهما مصدر لفعل واحد. مثال حول أن الفعل الواحد يمكن أو يقود لمعنيين مختلفين. الأضداد في العربية كثيرة. وهي في لبنان مؤذية وكثيرة. المعنى الذي يقصدونه غير ما يضمرون. أو أنهم يقصدون أن لا يفهم الناس.