
عقدان على هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001 ولا تزال الولايات المتحدة تنفض عنها غبار ذلك اليوم الذي ضرب رمزي قوتيها العسكرية والإقتصادية وقادها إلى حربين مكلفتين جداً في أفغانستان والعراق، مدفوعة بكبرياء إمبراطورية جريحة.
عقدان على هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001 ولا تزال الولايات المتحدة تنفض عنها غبار ذلك اليوم الذي ضرب رمزي قوتيها العسكرية والإقتصادية وقادها إلى حربين مكلفتين جداً في أفغانستان والعراق، مدفوعة بكبرياء إمبراطورية جريحة.
أطلقت ما تسمّى وزارة الداخلية في حكومة الانقاذ التابعة لـ"هيئة تحرير الشام" مشروع تنظيم حمل السلاح في الشمال السوري، عبر بيان صدر عنها يوم الاثنين الماضي. وقد أثار المشروع فور الإعلان عنه موجة عارمة من اللغط والجدل حول اسبابه وخلفياته وتداعياته المستقبلية.
من اللحظات النادرة التي تجلّى فيها تقاطع المصالح بين هيئة تحرير الشام والولايات المتحدة بأوضح صوره، كانت تلك اللحظة التي اصطادت فيها طائرة أميركية من دون طيار أبا القسّام الأردني (خالد العاروري) القيادي في جماعة "حراس الدين" أواخر الشهر الماضي بينما كان الجولاني في خضمّ حملة متكاملة لقصقصة أجنحة الجماعة ومنعها من تشكيل أي قوة على الأرض من شأنها منافسة سلطته وزعامته واحتكاره لراية "الجهاد".
ما جرى في الشمال السوري، خلال الأسابيع الماضية، على صعيد التناحر بين الجماعات الجهاديّة، قد يكون عنوانه الأنسب هو صراعٌ على الزعامة بين أبي محمد الجولاني زعيم "هيئة تحرير الشام" من جهة وأيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة العالمي من جهة ثانية. ورغم تمكّن الأوّل من حسم الصراع لمصلحته بسرعة قياسية معلناً أفول عصر قيادة الظواهري، فإن دلالات هذا التطور لا تقتصر على العلاقة بين الرجلين وحسب، بل تتعداها إلى ما هو أبعد من ذلك تاركة تأثيرها على مجمل القواعد والمعادلات التي تتحكم بمصير منطقة خفض التصعيد في إدلب وعلاقتها بحسم الحرب السورية ككل.
وضعت استقالة أبي مالك التلّي من "هيئة تحرير الشام" حدّاً للعلاقة الجدليّة التي طالما جمعته مع أميره أبي محمد الجولاني. غير أن هذا البعد الشخصي في علاقة الرجلين لا ينبغي أن يطغى على قراءة خطوة الاستقالة ومدلولاتها فيما يتعلّق بالصراع الدائر داخل أجنحة الهيئة بخصوص عدد من القضايا. ويبقى الأهمّ هو لماذا غلب على الانشقاقات الأخيرة عن الهيئة طابع "السورنة" فيما المفترض أن المطلوب هو إبعاد المقاتلين الأجانب؟
هل يكون الشمال السوري على موعد مع مفاجآت سياسية وميدانية في الأسابيع المقبلة، برغم واقع الحذر الذي فرضه فيروس كورونا في جميع جبهات الصراع المشتعلة في المنطقة؟
يبدو أن الرسائل المتبادلة بين واشنطن من جهة وهيئة تحرير الشام من جهة ثانية وصلت إلى نقطة متقدمة على صعيد حسم طبيعة العلاقة بين الطرفين. ثمّة مرونة أميركية واضحة في توصيف "الهيئة" في حين يكثّف الجولاني جهوده لتلبية الشروط المطلوبة من أجل إعادة تلميعه ونزع صفة الارهاب عنه. فهل ينجح الأخير في استنساخ نموذج "طالبان" أم أن التطورات الميدانية ستفوّت عليه هذه الفرصة؟
مع التطورات المتسارعة في الشمال السوري، يبرز سؤال بديهي حول ظاهرة تنظيم "داعش" ومعها كل طفرة التطرّف الإسلامي السنّي الدموي. هل يمكن لهذه الظاهرة أن تتجدد بمسميات جديدة؟
ما يزال الميدان السوري محتدما، وتحديداً في محافظة إدلب في هذه الأيام. أسئلة كثيرة تطرح بشأن مصير مئات لا بل آلاف المجموعات الإرهابية من عشرات الجنسيات في الشمال السوري. لبنان يحبس أنفاسه في هذه الأيام مخافة أن تتسلل إليه أو تتحرك نحوه، خلايا إرهابية نائمة. قبل أقل من شهر، أوقفت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني أحد الإرهابيين، فتبين أنه صاحب سجل حافل.