بعدما تناولت مقالات أربع سابقة تاريخ البحر الأحمر وموقعه في التاريخين القديم والحديث، يتناول الجزء الأخير من هذه السلسلة الخماسية مرحلة من التاريخ المعاصر، شكّل فيها البحر الأحمر أحد أهم عناوين الصراع العربي ـ الإسرائيلي.
بعدما تناولت مقالات أربع سابقة تاريخ البحر الأحمر وموقعه في التاريخين القديم والحديث، يتناول الجزء الأخير من هذه السلسلة الخماسية مرحلة من التاريخ المعاصر، شكّل فيها البحر الأحمر أحد أهم عناوين الصراع العربي ـ الإسرائيلي.
نشرت مجلة "فورين بوليسى" الأمريكية مقالا تضمن تقريراً صادراً عن وزارة الدفاع الأمريكية، الأسبوع الماضى، يشرح ما تحويه جعبة الحوثيين من أسلحة مطورة تكنولوجياً من قبل إيران، مؤكدا أن استمرار حربهم ضد السعودية فى اليمن منذ عام 2015 حتى 2021، وصمودهم طوال هذه السنوات، يعطينا إجابة عمّا يمكن أن يكون عليه المخزون الحوثى، مما يعنى استبعاد احتمال إنهاء التوتر بالبحر الأحمر فى الأجل القريب.
أكثر من مائة يوم مضت على العدوان الإسرائيلي على غزة، حاول بنيامين نتنياهو خلالها جرّ الولايات المتحدة إلى حرب شاملة ضد حلفاء حماس في المنطقة، بمن فيهم إيران، غير أن الرئيس الأمريكي جو بايدن ما زال يتحاشى خوض مثل هذه المغامرة المُكلفة لبلاده وإسرائيل في آن معاً.
لم يتأخر رد حركة "انصار الله" الحوثية على العدوان الأمريكي البريطاني على اليمن كما لم يتأخر الرد الإيراني على التفجيرات التي وقعت قرب ضريح الجنرال قاسم سليماني في مدينة كرمان الإيرانية.
زادت الضربات الجوية والبحرية الأميركية والبريطانية لمواقع حوثية في اليمن، من احتمالات الذهاب نحو تصعيد إقليمي واسع، وعزّزت الخشية من صدام أميركي-إيراني مباشر، في تناقض مع رغبتي واشنطن وطهران المعلنتين بتفادي تحول الحرب في غزة، التي مضى عليها مئة يوم، إلى حريق شامل في المنطقة.
مع شيء من المجازفة يمكن القول إنّ المجال الجيوسياسي الإيراني المفتوح على أوراسيا، يُمثّل العُمق الاستراتيجي لعمليّة "طوفان الأقصى"، وقد تجلّت أولى خطواتها بإعادة بناء إستراتيجيّة التحرير الفلسطينيّة في هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر وكشف الضعف القاتل للنظام الأمني الإسرائيلي. ولنا الدليل في العلاقات الوثيقة لإيران مع حركات المقاومة الفلسطينيّة، وما تقدّمه طهران لهذه المقاومة من إسناد بالسلاح والمال والعتاد، فضلاً عن حلول لتوسيع هامش الحركة وتجاوز الحصار والموانع الإسرائيليّة والأميركيّة.
تشهد منطقة باب المندب والبحر الأحمر تطورات متسارعة علی خلفية إعلان الحوثيين ملاحقة السفن المتجهة للموانیء الإسرائيلية؛ في الوقت الذي قرّرت الولايات سحب حاملة الطائرات جيرالد فورد من البحر المتوسط، وتزامن ذلك مع إعلان إيران عبور المدمرة "البرز" مضيق باب المندب متجهة نحو البحر الأحمر.
غالباً ما كان البحر الأحمر عنواناً للتاريخ، بل إنه كان وما يزال شاهداً على تحولات عظيمة وعميقة في مسار الأمم والشعوب منذ ما قبل أن يبدأ البشر بتدوين أحوالهم، وإلى حدود يقال فيها إن قراءة تاريخ السياسة والتجارة والحروب والأديان تبدو باهتة إذا لم تستمد حضورها من ضفاف هذا البحر.
في ١٥ كانون الأول/ديسمبر، أعلن الناطق العسكري الإسرائيلي أن ثلاثة أسرى إسرائيليين تمكنوا من مغادرة مكان الأسر ورفعوا قماشة بيضاء أمام جنود إسرائيليين، فبادر هؤلاء إلى إطلاق النار عليهم، فقتل إثنان ونجا الثالث وأضافت الرواية الإسرائيلية أن الثالث صرخ بالعبرية أنه جندي إسرائيلي لكنه ما لبث أن لقي مصير رفيقيه على يد الجنود أنفسهم!
أزمة باب المندب المتصاعدة على نار غزة، معضلة أخرى تنفجر في وجه الرئيس جو بايدن وتُعقّد سياسته الخارجية، وتضعه أمام خيارات صعبة: غض الطرف عن هجمات الحوثيين أو اللجوء إلى رد تكتيكي لا يثير صداماً مع طهران، أو الذهاب أبعد في الردع حتى ولو أدى إلى صدام مباشر مع إيران، وهذا الخيار الأخير سعى البيت الأبيض إلى تجنبه منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.