جميل مطر Archives - 180Post

jamil.jpg

فى كل يوم جمعة تأتى إلى بيتى ما أطلق عليها قبيلتى الصغيرة.. الابنتان وزوجاهما والأحفاد والأطفال. أقضى بعض اليوم أمارس هوايتى المفضلة، وأقصد التأمل والمراقبة، وبخاصة مع الصغار. أراقب السلوكيات والتصرفات بحثًا عن مجالات الاهتمام عند كل طفل، ثم أقارن بينها وبين ما يمكن أن أتذكره عن نفسى فى المرحلة نفسها.

1.jpg

كانت تقع في حي جاردن سيتي على طريقي الموصل إلى مكاني المفضل في حدائق قصر النيل. أتوقف عندها في ذهابي لأقرأ ما لم أكن انتهيت منه في اليوم السابق وأتوقف عند العودة عسى أن تكون وصلت الدفعة الجديدة من الدوريات، أصعد مع ما اخترت منها إلى الطابق الثاني حيث مكتبة الموسيقى أقضي فيها وقتا نوعيا قبل أن أعود إلى بيتي. أتحدث هنا عن مكتبة مركز الاستعلامات الأمريكي.

0.jpg

يا الله يا كريم، ما أكثر العرب الذين أنعمت علي بهم في حياتي! كثيرون بالعدد والفعل والأثر. أعرف أن مقالاً بالحجم المقرر لي في هذه الصفحة لن يعرض لهؤلاء العرب الذين دخلوا حياتي أو مروا بها بما يناسب عددهم ويناسب الحكايات التي خاضوها أو نسجوها معي.

jamil.jpg

كثيرة فى حياتى الرحلات التى لا تُنسى، وإن حدث ونسيت تفاصيل بعضها تدافعت الصور تملأ ما خلا بالنسيان. أذكر من هذه الرحلات الرحلة إلى جنوب السودان. كنت فى السادسة عشرة من عمرى عندما قرر الرفقاء الأكبر سناً أن تكون رحلتنا، كفريق جوالة فى كلية التجارة، إلى السودان قبل أن يحصل على استقلاله. أذكر أن الرحلة ومدتها عشرون يوماً كانت ستكلف أهلى حوالى ثلاثة جنيهات قيمة الاشتراك فيها وتكلف الجامعة مبلغاً مماثلاً.

tanja.png

أفرغت المظروف الأصفر على سطح مكتبي. خرجت منه صور لمناسبات متفرقة. واحدة من الصور نجحت في لفت انتباهي. بدت لي أنها تتعمد أن تتباهى على رفاقها من الصور بنجاحها برغم عيب فيها أو ربما لعيب فيها. أما العيب فكان "البهتان" الذي أصاب ألوانها. بهتان حفّزها لتكون الأولى لتقع عيناي عليها قبل أن تقعا على غيرها من الصور خلال هذه المساحة من الوقت التي قد تكون ضيقة وفي ظرف منافسة حرة ظالمة مع صور أوضح وأقل بهتاناً؛ منافسة مصيرها محتوم لغير صالحها.

spiaggia-ostia-lido-2-800x500-1.jpg

وقعتُ على هذه الصورة بينما كنت أبحث بين أوراق حياتي عن صور يستفيد بها المحرّر المكلف بإعداد ونشر مخطوطة عن علاقتي بالصحافة يعدونها للنشر. لم تكن مهمتي في البحث بسيطة فالصور بالمئات وربما بالآلاف مبعثرة في أكوام من أوراق لا يربطها ببعضها عمر أو مرحلة أو مهنة بعينها.

cairo.jpg

اليوم أستطيع أن أعرب عن اعتقادي أنني عشت حياة سعيدة. حياة تخلّلتها ولا شك أيام تعيسة أو لحظات صعبة أو حزينة أو حرجة، ولكن في جملة المسيرة أو في حصيلة ما مررتُ به صعوداً وانحداراً، وبالمقارنة مع ما عرفته عن تجارب الأهل والأصدقاء ومن اطلعت على سيرهم من المشاهير والعامة، وطبقاً لمقاييس عديدة، يجب أن أسجل أنها كانت سعيدة.

ed1a26762528db40050a83cc0472a73f.jpg

كان يُقال إنني ولدت على يد جد الزميل والصديق وزير الخارجية الأسبق أحمد ماهر، طبيب العائلة الممتدة وعيادته في شارع فاروق، على المسافة الواقعة بين باب الشعرية والعباسية، وُلدت ومعي مرض حساسية قوية. كان بين من اكتشفوا هذا الأمر مبكراً الطبيب الأشهر الدكتور الظواهري في عيادته الكائنة وقتئذ قرب المبنى القديم لجريدة "الأهرام" وبقي معنا يُراقب حالتي ويُشخّص ويُعالجني على امتداد سنوات طفولتي ومراهقتي.