
يشكّل صعود الدّولة القوميّة والنّزعات الحمائيّة في الغرب تحوّلًا محوريًا في النظام العالميّ، يضع دول الجنوب أمام تحدياتٍ غير مسبوقةٍ.
يشكّل صعود الدّولة القوميّة والنّزعات الحمائيّة في الغرب تحوّلًا محوريًا في النظام العالميّ، يضع دول الجنوب أمام تحدياتٍ غير مسبوقةٍ.
الحرب التجارية الضارية بين الولايات المتحدة والصين، هي رأس جبل الجليد من صراع أعمق بين أقوى اقتصادين في العالم. إنها معركة السيادة بامتياز على القرن الحادي والعشرين مغلفة بعناوين الرسوم الجمركية، من دون ضمان عدم انزلاقها إلى ما هو أبعد من تبادل الزيادات الفلكية في التعريفات على الواردات من هذا البلد أو ذاك.
هل يجب تطبيق الحمائية في التجارة بين الدول أم اعتماد التجارة الحرّة وفتح الأسواق أمام السلع بحرية؟ النقاش والآراء ليست مبنية على الصراع التقليدي بين مُعسكرَي الرأسمالية والشيوعية، بل مصالح القوى المُهيمنة. يبقى أنّه من غير الموضوعي طرح الفكرة من دون الأخذ بالاعتبار مصالح الشعوب والنموّ المُجتمعي ككلّ.
قبل ثلاثة أرباع قرن تساءلت واشنطن «من تسبب فى خسارة الصين؟» واليوم يُعاد طرح السؤال فى إطار تاريخى مختلف بصورة كلية عما كان عليه الوضع العالمى عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية.
كان بلغ عدد العقوبات الغربية (لا سيما الأميركية منها) المفروضة على روسيا قبل 22 شباط/ فبراير الماضي 2754 عقوبة، ثم قفزت في أيام قليلة إلى نحو 5600. فتضاعفت بنسبة تزيد على 100%، وتفوقت بمراحل على العقوبات المفروضة على إيران وسوريا وكوريا الشمالية وفنزويلا وكوبا.. أما تطور الأعمال الحربية فينبئ بالأعظم في الاستراتيجيا والاقتصاد معاً.
يكره الأمريكيون المركز الثانى ولا يقبلون إلا بالمركز الأول، وتُغذّى الثقافة الأمريكية هذا المفهوم. وكان من الذكاء أن يستعير الرئيس دونالد ترامب عبارة «أمريكا أولا» ويمنحها رحيقا ترامبيا خاصا به، مما جعلها عنصرا مهما أسهم فى انتخابه قبل أكثر من 6 سنوات.
إن الأرقام التي تدور حول انجازات الصين مذهلة وتسبب نوعاً من الصداع. عدد السكان، يليها تعداد الانجازات الصناعية والاقتصادية، ثم بعد ذلك يأتي التحدي الذي تشكله الصين للولايات المتحدة. هذا الذهول والإعجاب ليس منحصراً فقط في العالم العربي والعالم الثالث حيث "كانت الصين" قبل أن يرتفع نجمها في سماء الإعلام، بل يطال أوروبا وأميركا أيضاً. نقول الإعلام لأن الميديا ساهمت بشكل مباشر في صقل صورة الصين وتلميع انجازاتها الاقتصادية. وقد ساهم الاسم السحري "طريق الحرير" الذي أطلق على مشروع الصين للوصول إلى أسواق العالم، في إضفاء بعد خيالي على هذا الواقع الإعلامي.