ما بعد لقاء البابا والبطاركة.. طي خطاب الحياد والتدويل!

قام الحبر الاعظم البابا فرنسيس في الاول من تموز/يوليو بأكثر من واجب مع لبنان البلد المعلّق مصيره على اطماع الدول وفجور حكامه، والمتعطش الى استقرار يدوم الى عقود طوال وليس الى سنوات قليلة يشوبها خوف دائم على المستقبل.

هي رسالة التحفيز التي تكاد تكون الاخيرة في عملية استنهاض الارادات اللبنانية من اجل صناعة سلام داخلي يكون منبعه ومصبه لبنان، قبل ان تطوى صفحة الرهان على قوى الداخل الزمنية والروحية، ويتم الذهاب الى صوغ مبادرات خارجية تقودها الدبلوماسية الفاتيكانية لا سيما مع الادارة الاميركية الحالية، لاستنقاذ لبنان من قعر الازمات التي طالت كل مناحي الحياة اجتماعياً واقتصادياً ومالياً وسياسياً وهي تدق بعنف باب الاستقرار الامني، وسط تحذيرات متواصلة من فوضى اجتماعية تؤدي الى فوضى امنية لا أحد يدرك مآلاتها.

في “يوم الصلاة والتأمل من اجل لبنان” الذي استضافه البابا فرنسيس ودعا اليه رؤساء الكنائس المسيحية، في الأول من تموز/يوليو، وتخلله لقاء خلف الابواب المغلقة خصص لسماع ما لدى رؤساء الكنائس من طروحات ولإسماعهم ما لدى دوائر الفاتيكان من ملاحظات وربما اكثر، ومن ثم لقاء علني خصص للصلاة ولعظة البابا، فتحت نافذة امل يمكن التسلل عبرها الى مرحلة جديدة شرطها الاساس اتفاق اللبنانيين على وقف تدمير البنيان اللبناني والبدء في الاستجابة لمتطلبات الانقاذ وفق خطة الاصلاح المعروضة دولياً بعنوان المبادرة الفرنسية.

فما ابرز ما حصل في لقاء البابا فرنسيس مع رؤساء الكنائس؟

تقول شخصية لبنانية على تماس مع الفاتيكان إن “الكرسي الرسولي اصغى بانتباه كلي لما قاله البطاركة رؤساء الكنائس اللبنانية والمشرقية، وتأكد له المؤكد والذي يعرفه مسبقا والمثبت في التقارير الواردة اليه اما مباشرة عبر السفارة البابوية واما من خلال تقارير يرسلها دينيون وعلمانيون، وهو ان مسيحيي لبنان والشرق يجتازون معا أزمة وجودية حقيقية لا استمهال في محاولة درء مخاطرها، فإما يكونوا او لا يكونوا، فيما بطاركتهم مجتمعين ليسوا على اطلاع وتحسّب لما هو قائم من مخاطر، وبعيدين من ادراك خطورة الظرف الراهن وما يمكن ان يترتب عليه مستقبلاً”.

تضيف الشخصية اللبنانية أن البابا إستمع إلى البطاركة بتمعن وانتباه كبيرين، وتيقن ان لا نظرة استراتيجية لدى قادة الكنائس لمستقبل المسيحيين في المنطقة، وما من احد منهم استذكر ولو مجرد فكرة تطبيقية من إرشادين رسوليين التزم بهما الكرسي الرسولي لمصلحة لبنان والشرق، باستثناء استشهادين من قداسة البابا يوحنا بولس الثاني في كلمة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي. وكانت لافتة للإنتباه المقاربة الوجودية التي قدمها كاثوليكوس الأرمن أرام الأول الذي كانت له الاسبقية في تحفيز الكرسي الرسولي على القيام بمبادرة تجاه مسيحيي لبنان والشرق.

إستمع البابا فرنسيس إلى البطاركة بتمعن وانتباه كبيرين، وتيقن ان لا نظرة استراتيجية لدى قادة الكنائس لمستقبل المسيحيين في المنطقة، وما من احد منهم استذكر ولو مجرد فكرة تطبيقية من ارشادين رسوليين التزم بهما الكرسي الرسولي لمصلحة لبنان والشرق

وقد طالب عدد من البطاركة بمساعدات مالية للمدارس والجامعات والمستشفيات، وقد سارعت دوائر الفاتيكان إلى إرسال معونات دوائية يفترض ان تصل الى مستحقيها، أما المساعدات للمدارس فاساقفة الولايات المتحدة تعهدوا بإرسالها للسفارة البابوية، بينما اساقفة ألمانيا امتنعوا عن تقديم المساعدة بذريعة ان الأراضي المقدسة بحاجة اكثر من لبنان الغارقة دولته ومؤسساته الزمنية والروحية بالفساد”.

ما خلص اليه الاجتماع المغلق، حسب المصدر، هو “قناعة فاتيكانية راسخة أكثر من اي وقت مضى بأن لا سبيل لإخراج لبنان من أزمته الوطنية الكبرى الا بمبادرة خارجية تستنسخ ولو بصورة معدّلة ومنقحة ما حصل مع انتهاء الحرب اللبنانية (إتفاق الطائف). ولعل “صورة البطريركين” العائدين في ترف طائرة خاصة إلى بيروت، فيما شعبهم ينزف، كان لها ابشع الأثر في أمانة سر الدولة حيث استذكر أمين سر الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين امرين؛

الاول، زيارته الاخيرة إلى لبنان في اعقاب انفجار مرفأ بيروت، و”اختفاء” الكنيسة عن مساعدة أبنائها.

الثاني، تنعّم الأساقفة الموارنة تحديدا ورهبانهم ووكلائهم المعتمدين في روما بكافة أشكال الترف والبذخ، واستبدال صلبانهم المذهبة بصلبان تشبه صليب البابا عند حضورهم الى الكرسي الرسولي.

وماذا عن الرسالة الرئاسية الخطية التي سلمها الرئيس اللبناني ميشال عون الى القائم بأعمال السفارة البابوية في لبنان المونسنيور جيوسيبي فرانكوني والموجهة الى​ الحبر الأعظم ويشكره فيها على دعوته القيادات الروحية المسيحية إلى الفاتيكان وعرض فيها رؤيته لدور لبنان واللبنانيين في محيطهم والعالم؟

تقول الشخصية اللبنانية ذاتها إن الدوائر المختصة في الفاتيكان تنظر بإهتمام كبير إلى ما اشتملت عليه الرسالة من طروحات ومن عرض تفصيلي للواقع اللبناني، ويتوقع ان يرد الى رئاسة الجمهورية جواب رسمي عليها، يحمله عادة السفير البابوي لدى لبنان”.

في الخلاصة، طوى لقاء الاول من تموز/يوليو الفاتيكاني كل محاولات تدوير الزوايا التي يعمل عليها البطاركة مع الفاتيكان. قام البابا فرنسيس بما عليه، “ولا يمكن خداعه كما فعل السياسيون اللبنانيون مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون”، وحتماً لن يدخل الراعي التاريخ بلقب “بطريرك الحياد الكبير”.. و”كل حياد وانتم بخير”، تختم الشخصية المقربة من الفاتيكان.

إقرأ على موقع 180  أسطورة "الصهيونية العالمية".. ومفاتيح سلم العالم وحروبه!

الجدير ذكره أن كل عظات البطريرك الماروني بعد عودته من الفاتيكان، ولا سيما خلال إطلاق كتاب «علاقة البطريركية المارونية بالمملكة العربية السعودية» لأنطوان ضو، لم يتطرق إلى قضايا الحياد والمؤتمر الدولي!

Print Friendly, PDF & Email
داود رمال

صحافي لبناني

Premium WordPress Themes Download
Premium WordPress Themes Download
Premium WordPress Themes Download
Download Best WordPress Themes Free Download
online free course
إقرأ على موقع 180  يا ويلنا بلا طوائفنا المقفلة.. مجرد طُفّار!