واشنطن بوست: توماس باراك يستدرج ترامب إلى “فخ المحمدين”

تشرح الكاتبة الأميركية كارين دي يونغ في مقالة نشرتها صحيفة "واشنطن بوست" كيف إستدرج ولي عهد الإمارات محمد بن زايد رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب إلى فخ إتهام قطر بدعم الإرهاب وما هو الدور الذي لعبه الأميركي توماس ج. باراك، صديق ترامب القديم وجامع التبرعات في تشكيل سياسات ترامب الخليجية. 

“في مقال كتبه ونشره في مجلة Fortune قبل أسبوعين فقط من انتخابات عام 2016، التي جاءت بدونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، وضع توماس ج. باراك، صديق ترامب القديم وجامع التبرعات له، ما يمكن إعتباره “خطوط عريضة لسياسة أميركية جديدة للشرق الأوسط”. وقال باراك في مقالته إن “أفضل أمل” لأميركا والعالم العربي هو دعم الولايات المتحدة لـ”القادة الشباب اللامعين” الجدد في أماكن مثل الإمارات والسعودية.

باراك، الذي سيصبح بعد ذلك بوقت قريب رئيس لجنة تنصيب الرئيس المُنتخب (ترامب)، كان بالفعل يتصرف نيابة عن أحد هؤلاء “القادة الشباب اللامعين الجُدد”، وهو ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، الحاكم الفعلي لدولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك وفقاً للائحة الاتهام الفيدرالية التي صدرت ضد باراك في ولاية كاليفورنيا وتم الكشف عنها الثلاثاء الماضي.

وباراك مُتهم بالفشل في التسجيل كعميل أجنبي، وبالكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي، ويُزعم أنه استخدم علاقته الوثيقة مع ترامب لدفع الإجراءات التي كانت تسعى إليها الإمارات، وذلك خلال الحملة الانتخابية لترامب وطوال فترة العامين الأولين من إدارة ترامب. وتزعم لائحة الاتهام أن ما جاء في المقال الذي نشره باراك في مجلة Fortune كان نتاج مداخلات مباشرة من المسؤولين الإماراتيين.

وفي حين أعلن محامي باراك إنه سيدفع بأن موكله غير مذنب، فإن لائحة الاتهام الفيدرالية تتضمن إشارات إلى وجود عشرات الرسائل الإلكترونية والنصوص التي تبادلها باراك مع متآمرين آخرين مزعومين – وهم ماثيو غرايمز (موظف في شركة باراك للإستثمار)، وكولوني كابيتال، وراشد المليك (مواطن إماراتي له صلات وثيقة بالعائلة الحاكمة في الإمارات).

وقد يكون هناك آخرون في فلك ترامب أثّروا على قرارات الأخير بشأن سياسته في الشرق الأوسط. لكن ما يتضح من لائحة الاتهام الفيدرالية هو أن باراك والمتهمين الآخرين الثلاثة (غرايمز وكابيتال والمليك) يدعون أن لهم “الفضل” في كل “إلتقاء” تقريباً بين ترامب ودولة الإمارات، التي سرعان ما أصبحت حكومتها هي المفضلة لدى ترامب.

بعض الانتصارات المزعومة كانت صغيرة. فعندما كان ترامب، كمرشح، يُحَضّر خطاباً في أوائل عام 2016 يُحدّد فيه سياسته في مجال الطاقة، يُزعم أن باراك أعد مسودَّة لهذه الحملة، بما في ذلك تضمينها “إشارة إيجابية” مباشرة إلى بن زايد.

ولكن الاقتراح بدا متناقضاً، لأن الخطاب كان يهدف إلى تحديد خطط ترامب لبناء إنتاج محلي للطاقة وإنهاء واردات النفط من دول مثل الإمارات والسعودية، وكلاهما عضو بارز في منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك”.

خلال زيارة ترامب إلى السعودية في أيار (مايو) 2017 – وهي أول رحلة خارجية له كرئيس – “أمسك” حُكام الإمارات والسعودية بأذن الرئيس، “ووشوشوا فيها” بما معناه أنهما يتهمان قطر بأنها داعم أساسي للإرهاب العالمي وأنها تحرض على التمرد ضد حكومتيهما

فعندما ألقى الخطاب، اتبع ترامب، وبشكل مُربك، تعهده بأن “يصبح، ويبقى، مستقلاً تماماً عن أي حاجة لاستيراد الطاقة من كارتل أوبك”، قائلاً: “أعدكم، وأتعهد بالعمل مع حلفائنا الخليجيين من أجل تطوير تعاون إيجابي في مجال الطاقة وأن تكون علاقتنا في هذا المجال قائمة على الإيجابية”.

وتشير لائحة الاتهام إلى أحد الشهود بصفة “مسؤول إماراتي- رقم(1)” وتقول أن الأخير، وبعد سماعه لخطاب ترامب، أرسل – عن طريق وسيط – رسالة تهنئة إلى باراك عبر البريد الإلكتروني، يؤكد فيها أن “الجميع هنا سُعداء بالنتائج”. وهناك الكثير من الإشارات في لائحة الاتهام توضح أن هذا المسؤول الإماراتي “رقم (1)” ما هو إلا الشيخ محمد بن زايد.

وتزعم لائحة الاتهام كذلك، أنه خلال صيف عام 2016، ساعد باراك، “وبتوجيه من مسؤولي الإمارات العربية المتحدة”، في صياغة إستراتيجية للإمارات “لتعزيز مصالحها في السياسة الخارجية وزيادة نفوذها السياسي في الولايات المتحدة”.

ويُقال إن باراك استطاع أن يناقش “الخطة” مع المسؤولين الإماراتيين خلال اجتماع عُقد في المغرب في شهر آب (أغسطس)، أي بعد أسابيع فقط من حديثه في المؤتمر الوطني الجمهوري، حيث تم ترشيح ترامب للرئاسة.

يومها قال باراك للمندوبين في المؤتمر: “أنا هنا لأن دونالد ترامب هو أحد أصدقائي المقربين منذ 40 عاماً”.

كان لباراك، ولفترة طويلة من الزمن، استثمارات واتصالات في منطقة الشرق الأوسط، وتحديداً في دول الخليج. كان الغرض من اقتراح الإستراتيجية، وفقاً لرسالة بريد إلكتروني في ديسمبر 2016 مذكورة في لائحة الاتهام، “تحقيق عوائد مالية ضخمة”، وكذلك “اكتساب المصداقية السياسية لمساهمات [الإمارات] في سياسات” الرئيس الأميركي المُنتَخب حديثاً.

بعد أيام من تنصيب ترامب، تبادل المتهمون الثلاثة (غرايمز وكابيتال والمليك) رسائل حول ترتيب مكالمة هاتفية بين ترامب وبن زايد. في رسالة بريد إلكتروني بعد أن تحدث الزعيمان، أشار غرايمز إلى أن باراك كان له دورٌ فعَّال في إعداد المحادثة و”يمكننا أن ننسب الفضل” إليه.

إقرأ على موقع 180  الإتفاق النووي.. ومخاض النظام الأمني الإقليمي

بعدها، زار بن زايد ترامب في البيت الأبيض في شهر أيار (مايو)، حيث أخبر باراك الإماراتيين أنه ساعد في تنظيم الاجتماع وأطلعهم بعد ذلك على “الكثير من المعلومات” التي تم الحصول عليها خلال الاجتماع ، وفقاً للائحة الاتهام.

وعندما زار محمد بن سلمان، حليف بن زايد وولي العهد السعودي الجديد (آنذاك)، واشنطن أيضاً في ذلك الربيع، نصح باراك الإماراتيين بأنه “أجبر” البيت الأبيض على “رفع” ما كان مخططاً له على أنه مصافحة غير رسمية إلى غداء رسمي مع ترامب.

ومن أبرز التأثيرات السياسية لمجموعات الضغط المزعومة التي ارتكبها باراك، كانت الأحداث التي سبقت وتلت قرار السعودية والإمارات بقطع العلاقات مع قطر، أيضاً في عام 2017.

فخلال زيارة ترامب إلى السعودية في أيار (مايو) 2017 – وهي أول رحلة خارجية له كرئيس – “أمسك” حُكام الإمارات والسعودية بأذن الرئيس، “ووشوشوا فيها” بما معناه أنهما يتهمان قطر بأنها داعم أساسي للإرهاب العالمي وأنها تحرض على التمرد ضد حكومتيهما.

يُذكر أن الشرارة التي أدت إلى قطع العلاقات (بين السعودية والإمارات من جهة وقطر من جهة ثانية)، بعد أيام قليلة من مغادرة ترامب للسعودية، كانت اقتباساً مثيراً، من المفترض أنه من أمير قطر، يشيد بإيران وحماس. البيان الذي تضمن “الإقتباس” نُشر على الموقع الإخباري الرسمي لدولة قطر (وكالة الأنباء القطرية)، وفي وقت لاحق، قرر عملاء الاستخبارات الأميركية أن البيان هو نتاج اختراق كمبيوتر مدبر من قبل دولة الإمارات.

لكن ترامب قفز على الفور إلى التهم باعتبارها مبررة، وقال إنه يعرف كل شيء عن تورط قطر بالإرهاب!

شعر وزير خارجيته آنذاك، ريكس تيلرسون، ووزير الدفاع آنذاك جيم ماتيس بالرعب من أن ترامب سيهاجم حليفاً مهماً بشكل مباشر.

فقطر هي موطن لمقر القيادة المركزية الأميركية في المنطقة، وتستضيف قاعدة “العيديد” الجوية وآلاف الجنود الأميركيين. أما فيما يتعلق بدعم الإرهاب “فلا تُعتبر أيدي قطر قذرة أكثر من أيدي الآخرين”، بحسب (تيلرسون وماتيس).

وبحسب لائحة الاتهام، نقل غرايمز نقاط حوار إماراتية إلى باراك ليستخدمها مع البيت الأبيض في دعم انتقاد الإمارات لقطر.

ولكن بحلول أوائل أيلول (سبتمبر)، كان مسؤولو ترامب أنفسهم قد أقنعوه بتغيير موقفه، ودفعوه ليقول علناً إنه قد يضطر إلى جلب الطرفين إلى البيت الأبيض والتفاوض لإنهاء خلافاتهما.

وبحسب لائحة الاتهام الفيدرالية، فان باراك هو من أبلغ الإماراتيين أن الرئيس (ترامب) يفكر في استدعاء القادة المتنازعين إلى “كامب ديفيد”، وهو حدث لم يرغب فيه أي منهم، فتم إسقاط الفكرة لاحقاً.

في 13 تشرين الأول (أكتوبر) 2017 أو نحو ذلك، بعث راشد المليك (المواطن الإماراتي) مذكرة هاتفية مع مسودة رسالة إلى المسؤولين الإماراتيين بعد محادثة مع باراك، كما جاء في لائحة الاتهام. كتب باراك أن العديد من كبار المسؤولين الأميركيين كانوا يحاولون إقناع ترامب بأن قطر ضحية! وأن جميع الدول الأخرى (السعودية والإماراتية) تمول أيضًا الجماعات (الإرهابية)”.

(*) المصدر: “واشنطن بوست

Print Friendly, PDF & Email
Download Premium WordPress Themes Free
Download Premium WordPress Themes Free
Download WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
free download udemy paid course
إقرأ على موقع 180  "إنهم بيض، يشبهوننا".. نماذج من نفاق الإعلام الغربي