إحياء الإتفاق النووي بات قريباً

برغم التقدم الكبير في مسار المفاوضات النووية خلال الأسابيع الأخيرة والتفاهم على حلحلة غالبية الأمور التقنية، ما جعل أطراف الإتفاق تبدو مفعمة بالأمل وأقرب إلى التوصل لتسوية، إلا أن الإحتمالات تبقى قائمة في ظل عقبات ثانوية قد تحول دون إحياء الاتفاق النووي أو تستلزم العودة مجدداً إلى فيينا لتذليلها.

وبالإضافة إلى موضوع الضمانات بعدم انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق المزمع إحياؤه، فإن الجمهورية الإسلامية طالبت في ردها على المسودة الأوروبية، بإعفاءات للشركات الغربية المستثمرة في إيران، ودفع تعويضات لها في حال إنسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي خلال فترة تقل عن خمس سنوات من تاريخ البدء بإعادة إحياء الإتفاق، وهذا ما قد أعلنه علي باقري كني، كبير المفاوضين الإيرانيين.

وشدّدت طهران خلال ردها على المقترح الأوروبي على الضمانة الذاتية بتخزين أجهزة الطرد المركزي داخل الأراضي الإيرانية وبقائها تحت مراقبة كاميرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية بدلاً من التخلص منها، كي تتسنى لإيران العودة السريعة إلى نشاطاتها النووية في تخصيب اليورانيوم بنسب عالية فور خروج واشنطن من الاتفاق مجدداً.

 وقد سرّبت صحف غربية أخباراً مفادها أن الإدارة الأمريكية أبلغت الاتحاد الأوروبي بوصفه منسقاً للمفاوضات، أن مدة إعفاء الشركات التي تنوي التعامل مع طهران، لا يمكن لها أن تستمر بعد انتهاء ولاية الرئيس جو بايدن الحالية، وأن فترة العامين ونصف المتبقية من ولاية بايدن، هي مهلة تستطيع خلالها الشركات التي ستعمل في إيران بعد إحياء الاتفاق، إنهاء شؤونها الإدارية والمالية واللوجستية لمغادرة البلاد في حال إنسحاب الطرف الأمريكي من الاتفاق، شريطة أن تبقى طهران خلال هذه المدة ملتزمة بتعهداتها النووية بموجب الإتفاق.

قد تشهد العلاقات الإيرانية الأمريكية مرحلة جديدة من التعاون لحلحلة الأزمات الإقليمية، خاصة مع وجود قناعة إيرانية بأن أمريكا ستكون مرغمة على مغادرة الشرق الأوسط والتفرغ لغريمها الرئيسي في بحر الصين

وقال مصدر مطلع إن طهران طالبت بضم مصرفين حكوميين إلى قائمة المصارف الخاصة التي ستُرفع عنها العقوبات، فيما اشترط الجانب الأميركي إنضمام إيران إلى مجموعة المراقبة المالية الدولية “fatf”.

أما فيما يخص العقدة الأهم بالنسبة لطهران، وهي معالجة قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضد إيران (الإشتباه بالبعد العسكري للبرنامج النووي الإيراني)، فقد وضعته طهران شرطاً لازماً قبل التوقيع على أي إتفاق بحسب مواقف الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وتصريحات مستشار الفريق الإيراني المفاوض محمد مرندي، ما جعل الأوروبیين يدخلون علی الخط ويتعهدون للإيرانيين بتقدیم لائحة خلال الإجتماع القادم لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة، تعتبر أن الرد الإيراني على أسئلة الوكالة بخصوص المواقع الثلاثة المشتبه بها، كافٍ لإغلاق الملف، وتشيد بتعاون الجانب الإيراني وإستئناف عمل مفتشي الوكالة.

بيد أن الذي يزيد تعقيد المفاوضات هو معارضة السعودية ودول عربية أخرى للامتيازات المتنوعة التي يمنحها الاتفاق المزمع لإيران من دون حل المواضيع الإقليمية، لا سيما في ظل تقديم الولايات المتحدة تنازلات بشأن قضايا حاسمة في المفاوضات، ما قد يُمهّد الطريق أمام تفاهم قريب بين طهران وواشنطن. أما نقاط الخلاف المتبقية فهي تقل درجة عما قد نوقش سابقا وفي حال إزالتها يمكن القول إن إحياء الاتفاق بات قريباً.

وبهذا قد تشهد العلاقات الإيرانية الأمريكية مرحلة جديدة من التعاون لحلحلة الأزمات الإقليمية، خاصة مع وجود قناعة إيرانية بأن أمريكا ستكون مرغمة على مغادرة الشرق الأوسط والتفرغ لغريمها الرئيسي في بحر الصين.

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  الإبادة الأرمنية نموذجًا.. قرار بايدن من صنع أردوغان!
مجتبى علي حيدري

باحث في الشؤون الإيرانية، إيران

Download Best WordPress Themes Free Download
Download WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
Download WordPress Themes Free
download udemy paid course for free
إقرأ على موقع 180  التحرير الـ 21.. عيدٌ بأي حال عُدتَ يا عيدُ!